الفصل السابع عشر

3.6K 65 0
                                    

الفصل السابع عشر
بحثنا عن الحبّ، ومشينا وراءه اشواطاً
أنسانا أنفسنا وعالمنا، ورسمنا طريقنا بالخيال والأساطير، لم نعلم أنّه مؤلم، ولم نتصوّر مقدار العذاب الذي قد يسبّبه، فعشنا لحظة فرح يملؤها العشق، لكنّنا وجدنا عذاباً وألماً لم يكن في الحسبان، فألمُ الحبّ يمزّق الجسد، وعذابه يدمّر القلب
تجلس على حافة فراشها تدفن وجهها بين كفيها تنتحبه وبشدة
لم تكن تدرى أن عشقه يسيطر على عقلها تماماً ....لم
تتحمل فكرة مرضه بسببها
قادها العشق صباحاً لزيارته ولكن هجوم والدتها الشرس أوقفها ومن وقتها تقبع حبيسة غرفتها تنتحبه ..... حياة خالية فارغة سوداء، ووحدة قاتلة، ولغة الصّمت تسود المكان، والألم جاثم على أنقاض الفؤاد، بل تلبس حتّى الجسد، أحسّ بالغربة ومرارة العيش، الوحدة تقتلني، والوجع يسكنني، وذكريات الماضي تشغلني، وأشعر أنّ همومي ستخنقني وأحزاني ستغرقني
..........................................
شاهندا ما زالت تهاتف حازم ....
حازم احنا رابطنا حب أخوات ....
تختنق الكلمات ويشتعل صدره ويشعر بغصه بحلقه ...ألم من تلك الجملة القصيرة الموجزة منها كانت كفيلة بذبح ما تبقى من روحه
صمت مطولاً يعتليه الغضب والأسى من جملتها ....أبعد ما صارحها كثيراً بعشقه ها هى الأن تعتبره أخيها لا أكثر .....
لينطق فاهه أخيراً : يعنى أنتِ شايفانى أخوكى يا شوشو
شاهندا بعين دامعة محاولة التماسك كى لا تفضحها كلماتها وتنطق الحقيقة فأسرعت بالإجابة : ايوا يا حازم حبنا حب أخوات مش أكتر
حازم لم يعلق بعد جملتها تلك فأغلق الهاتف وقبع مكانه ........ من أجل عينيها بالغت في الأحلام لكنّني فوجئت بالأوهام، أوهامٍ لم أصل إليها بعد، بالنّار والجمر أحرقتني، حكايتي معها أتعبتني، فنسيت أنّ الأماني تزول تحت أقدام القدر، سقيتها الحلو بيدي، وسقتني المرّ بأكمله، وكبرنا وكبرت معنا الحياة، وأشعلت نيران الجمر، وأبكت كلّ العيون
.......................................
لتنفجر باكيه بعد غلقه الهاتف ولا تدرى لبكاها داعٍ سوى ذلك المرض اللعين المسمى بالعشق ....لتشهق بكلماتها :أسفة كان لازم أجرحك علشان تنسانى أنتَ متستهلش واحدة زيي أنا مبقتش طبيعية هتكرهنى فى يوم لو ارتبطنا وأنا وقتها هموت فعلاً ...أسفة "شوشو تنتحب بمفردها تحدث ذاتها "لتنتبه لصورتها بالمرأة الكبيرة الموضوع أمام فراشها تطالع صورتها بالمرأة وقد تحركت قليلاً ناحية المرأة ووقفت بمواجهتها
مِن المؤلم أن تتظاهر بما ليس في داخلك كي تحافظ على بقاء صورتك جميلة...وأن تصافح بحرارة يداً تدرك تماماً مدى عشقها واشتياقها لتصافح وتحتضن كفك ....
من المؤلم أن تجرح من يحتل قلبك وعشقك لمجرد مخاوف وسواد يسيطر على عقلك وروحك ....
..........................................
كثير من العيون التي فرحت بالحب، لكن أبكاها النصيب. لا تندم على حب عشته حتى لو صارت ذكرى تؤلمك، فإن كانت الزهور قد جفت و ضاع عبيرها، ولم يبق منها غير الأشواك، فلا تنس أنها منحتك عطراً جميلاً أسعدك
لتتذكر كلمته الدائمة لها عندما كان يلاحظ الحزن بعينيها " يا رب وليد يسقط ويعيد السنة لو الفراشة فضلت حزينة ومكشرة كدا "
كانت تبتسم مهما كان مزاجها سئ كانت جملته كفيلة بإعادة الابتسامة لشفتيها ... هناك ذكرياتٌ جَميلة تخَطر في بالك فَجأة، وتجَبرك على الابتسام مهَما كان مزاجك سيئاً...... لتبتسم بدموع وتعود للبكاء فينك دلوقتى ترجعلى بسمتى اللى اختفت ...فين ادفن نفسى بحضنك وأقولك اسحبنى من العالم دا لعالم نعيش فيه احنا بس انسى فيه كل الى شفته ....لو ...كلمة من حرفين بس لو بتتحق حياتى كلها هتبقى طبيعية
...................................
يستلقى بغضب على الفراش يطالع عاهرته ويعتريه الندم لأول مرة معها ولسان حاله يردد ...
وهى تحدث والدتها تخبرها بانها تبيت عند صديقتها ...
في ناس الكدب جواها اكتر من الطيبة
وناس ضمايرها سايباها مابيعرفوش عيبة
ويتذكر حوريته وعشقه لها
وناس بتحب وتسلم وتتعذب كتير
واهو الغلطان بيتعلم من الجرح الاخير
بقيت اخاف من نفسي من بكرا ومن الايام اللي جاية
بقيت اخاف من الماضي من الذكرى وانها تبعد يوم مش هقدرأ لومها لأنى فعلاً .....مستحقهاش هى بريئة ونضيفة مينفعش تتلوث بواحد زيى
بقيت مش عايز تاني اضعف انا لازم اتغير علشان استحقها فهب من مكانه يبحث بولهٍ عن ملابسه فوجدها ملقاة باهمال بركن ما بالغرفة فارتداها مسرعاً وهو يحدث ذاته
هاحاول ايوه انا وهاعرف وهنسيها بعشقى ليها كل ماضيا الأسود
انا اللي تملي بستعجل على الحب الكبير وادينى لقيته ومستحيل اضيعه
الحب الكبير بيجى بالصبر هروح وابوس ايدها وهطلب منها تسامحنى على الماضى وهنفذ اللى تطلبه بس تسامحنى ليقاطع شروده صوت عاهرته وهى تنظر له بتعجب : مالك فى إيه ليه اتنفضت كدا من عالسرير
سليم ونظر لها بغضب : أنتِ شيطان يا جيجى شيطانة بجد
جيجى وتزم شفتيها ضيقاً : طب وليه الغلط تانى مكنا كويسين من دقايق بس
ليكمل ارتداء ملابس ويجرى خارج الشقة ويصعد بسيارته وينطلق مسرعاً
.................................................
يصل منزله بعدفترة وجيزة
يصعد سلام منزله بهروله ثم يتوقف فجأة متذكراً عطر عاهرته النفاذ الذى يملأ ملابسه وبقوة فمن المؤكد ستنتبه رنا من رائحة العطر النسائى بملابسه فغير اتجاهه لغرفته ودلفها ومنها للمغسلة فدلف وتحمم وأبدل ملابسه
دلف غرفتها بهدوء بعد طرقات خفيفة وما من مجيب
كملاك أبيض شاحب تغط فى نومٍ عميق محتضنه وسادتها وأثر البكاء يظهر جلى على ملامح وجهها الشاحب
اقترب ببطء وجلس على حافة فراشها يتلمس السلاسل الناعمة المنسدلة على ظهرها .........
ليقرب أنفه يستنشق عبير رائحتها العبقة ....يسرح شعرها بأصابعها يتأملها ويتأمل هدوئها .... كيف طاوعه قلبه القاسى عليها وقت خطبتهما ...
يا الهى كيف أكون زوج لتلك الحورية .... كيف أستطع أن اقترب منها لا أستطع أن أؤذيها ولو بكلمة ....كيف أمسكت زمام عقلى بخفة ورقة
تمقتنى أعلم تحتقرنى أعلم تتقزز منى أعلم ولكنها ستعشقنى يوماً ما ....لن أدع البرائة تتركنى وترحل ...سأتمسك بها لأخر وهلة بحياتى ..إما هى أو الموت ...
..........................................
تفتح الشمس بوابتها معلنة عن بداية يوم جديد يخفى أنين وحزن قابع خلف الأبواب الموصدة .....
داعبت الشمس وجهها فوضعت يدها بتكاسل فوق وجهها لا تستطع فتح عيناها فتتزحزحت قليلاً على وسادتها لتفتح عينيها فى ظلٍ خفيف على طرف الوسادة ....
فتحت رنا عينيها ببطء وجالت سقف الغرفة بعينيها "حقاً لقد كان النقاش فناناً " رنا تحدث ذاتها بعد انبهارها بجمال نقاشة سقف غرفة نومها
نهضت من فراشها بتكاسل ودلفت المغسلة .... متناسية الهم والحزن مؤقتاً ....
..........................................
لم تكن تستطع التركيز بعملها فهى شاردة دائماً لا تدرى بأى تيه أصبحت فقررت إعطاء ذاتها عطلة وطلبت من مديرها إجازة لعدة أيام وبالكاد وافق لها على يومين
عادت ناردين لمنزلها ...دلفت فوجدت والدتها تطالعها بوجوم ..
السلام عليكم
والدة رنا باستنكار : ليه هما لغوا الدراسة لما حضرتك راجعة البيت على الساعة عشرة
ناردين : لا أنا أخدت إجازة يومين
والدتها بغضب : طبعاً من الزعل على البيه مش عارفة حتى تشوفى شغلك
ناردين بغضب مكتوم : ماما من فضلك مش قادرة أجادل معاكى كفاية أرجوكى
والدتها : براحتك يا ناردين اعملى اللى أنتِ عايزاه أنا نبهتك لو عايزة تبقى خدامة بالنهار وجارية بالليل ارجعيله أنا مش همنعك
ليزداد ضيقها وتدلف غرفتها وتوصد الباب خلفها ....
.......................................
لم تكلف نفسها حتى بطرق الباب ودلفت كبركان ثائر لمكتبه
وقفت أمام مكتبه تطرق الأرض بقدمها وتضع يدها على خصرها
يرفع عينيه عن الأوراق التى كان يطالعها ويرفع نظره إليها باستنكار : ....ازاى تدخلى من غيرغير ما تخبطى الباب ؟
ياسمين بغضب عارم وهى تحول يدها من على خصرها لتطرق بها فوق مكتبه : ممكن أعرف مبتردش على تليفوناتى ليه ؟
وليد وهو يعيد ظهره للخلف بارتياح وينظر لها : براحتى أرد مردش أنا حر
ياسمين : نعم ؟
وليد : وبعدين أنتِ ازاى تتجرأى تدخلى مكتبى بدون استئذان
ياسمين : وليد أنتَ بتكلمنى أنا ؟
وليد بسخرية : ليه أنتِ شايفة حد غيرك فى الأوضة
ياسمين : كل دا من مرة واحدة شفتها ..لحقت تلخبط كيانك بالسرعة دى
وليد ويقطب جبينه : تقصدى مين ؟
ياسمين : الطاهرة البريئة رنا هانم
وليد : احترمى نفسك ومتجبيش سيرتها بالطريقة دى
ياسمين وهى تجز على أسنانها : وكمان بتدافع عنها
وليد وفز من مكانه غضباً : أه بدافع عنها هى كانت فى يوم زميلتى وإنسانة محترمة ومقبلش تتكلمى عنها كدا
ياسمين : كانت حبيبتك مش كدا
وليد : بطلى تخريف ويالا روحى شوفى وراكى إيه أنا عندى شغل مش فاضى لتخريفك دا
ياسمين بغضب : همشى يا دكتور وليد بس الموضوع مش هينتهى هنا أنا ياسمين الألفى ولسه متخلقش اللى ياخد الحاجة بتاعتى ... وخرجت من غرفة مكتبه بالجامعة وشياطينها تسبقها تتوعده وتتوعد رنا بخلجات نفسها بعدما بدا من الجلى أن وليد يعشقها حتى وإن لم يعترف بذلك ...
..................................
قيل قديماً كيد النساء يهدم ممالك ....ولكن غيرتهن وكيدهن إن اجتمعن فعلى الدنيا السلام .....
دبرت ومكدت للانتقام فهى من سلالة الألفى تشبه شقيقها فى حب التملك وتعتبر وليد احدى ممتلكاتها كيف له أن يتجرأ ويدافع عن أنثى أمامها وضدها لم يسبق أن فعلها غيره إذا فعقابه سيكون بإيذاء تلك التى دافع عنها حتى وإن لم يكن يضمر بقلبه لتلك المسكينة أى مشاعر
هكذا كانت تدبر ياسمين للانتقام من كلمات وليد القاسية معها
..........................................
كانت تتمدد على فراشها بقلبٍ مفطور تتمنى لو تمكنت من زيارته بالمشفى والاطمئنان على حالته ....
طرقات خفيفة بالباب فاعتدلت ناردين قائلة :اتفضل
كان والدها محمد بابتسامته المعهودة دلف الغرفة قائلاً : بنوتى الحلوة ممكن اتكلم معاها شوية
ناردين بابتسامة حزينة : اكيد يا بابا
محمد طب يالا غيرى هدومك هستناكى فى الصالون هنخرج أنا وبنتى سوا
ناردين : حاضر هغير وأحصلك ....
...........................................
ذهب محمد وابنته ناردين لاحدى المطاعم ....
جلس محمد وجلست ناردين بمقابله
محمد بابتسامة : حبيبة بابا تحب تتغدى إى ؟
ناردين ساخرة : دى ماما لو عرفت اننا اتغدينا برا وهى هتقعد وحدها تتغدى مع حودة هتعملنا مشكله
محمد مقهقهاً : ههههههههههه ما أنا قاصد أغيظها
طلبا الغداء كانت شهية ناردين شبه مسدودة تعبث بطبقها ولم تتناول شيئاً
شاردة حزينة
فداعبها محمد بكلماته : قلقانه عليه مش كدا يا بنت منى
ناردين :تنحنحنت قائلة : احماحم مين ؟ حضرتك تقصد مين ؟
محمد : أنا أصلاً جايبك علشان أكلمك فى الموضوع دا
ناردين : بابا أنا ....
محمد : لا أنا ولا أنتِ يا بنت منى أنتِ بقيتى زى أمك بتكابرى كتير طب مش حرام عليكى اللى بيحصله بسببك
ناردين : بابا حضرتك عارف كويس هو جرحنى ازاى زمان
محمد : عارف كويس وعارف كمان أنه بقاله سنتين بيعض صوابعه من الندم وبيطلب السماح قدامنا ومن ورانا ولا فكرانى نايم على ودنى ومش عارف حاجة
ناردين :...........
محمد : على فكرة أنا كنت عنده من شوية
ناردين وفزعت : إى عامل إى هو كويس طمنى يا بابا
محمد بلؤم مقصود : عايزة تطمنى ليه عليه مش قلتى مش هرجعله تانى
زعلانة ليه عليه
ناردين وطأطأت رأسها خجلاً
محمد : خلصى غداكى وهاخدك تزوريه فى المستشفى
..........................................
يقبع على سرير المرضى بغرفته بالمشفى قلق متوجس بعد حديثه منذ قليل مع والدها ......
منذ عدة ساعات عقب خروجه من الحميات ونقله لغرفه بالمشفى
كان محمد والد ناردين ما زال معهم بالمشفى من الأمس لم يبرح مكانه يراقب
حالة عمرو الصحية ولم يرد الذهاب إلا بعد الاطمئنان على صحة عمرو
تحسنت صحته تدريجياً فى الصباح وأفاق من غيبوبته المؤقته بسبب حرارة جسده التى كادت تودى بحياته
أراد محمد الاطمئنان على عمرو فطلب الدلوف لغرفة عمرو فسمح له والد عمرو وتركهما يتحدثان سوياً
سحب محمد مقعداً ووضعه بجانب فراش عمرو وجلس عليه قائلاً : حمد الله على سلامتك يا بنى
عمرو : الله يسلمك يا عم محمد
محمد : مش هتبطل شغل المجانين دا
عمرو :.............
محمد : حد يقعد فى الشوارع للصبح كدا يا بنى إى عايز تنتحر !!!
ابتسم عمرو ابتسامة باهتة ولم يعلق
ليكمل محمد ساخراً : بس أنا مش هسمحلك تموت مش مستغنى عن بنتى أنا
لم يصل مغزى كلام محمد لعمرو فقال : ناردين مالها يا عمى ؟!!!!
محمد : ما هو لو حضرتك بعد الشر مت بنتى هتحصلك مجنونة زيك بالظبط كدا
عمرو بابتسامة حزينة : دا كان زمان أنا مبقتش أفرق مع ناردين دلوقتى اعيش ولا أموت
محمد : أه والمناحة اللى عملاها عندى فى البيت دى إى واضح أنك مش فارق معاها خالص
عمرو وفرغ فاهه بفرحة وقال : يعنى هى زعلانة أنى تعبان وفى المستشفى
ليهز محمد رأسه بالإيجاب
عمرو : عمى أنا هعيدهالك للمرة المليون ناردين خطيبتى وبحبها ومش هتجوز غيرها ساعدنى أنى اقنعها ترجعلى أنا بجد معدتش مستحمل أنا كنت غبى بس والله ندمان واعتذرتلها كتير وهى عجبها دور المتمردة ومش حاسة أنا بتعذب قد إى فى بعادها
محمد : طب اهدى أنتَ لسه مريض مش وقته دلوقتى
عمرو : لا وقته يا عمى أنا بجد عايز أرجعلها كفاية بقى لعب العيال اللى بقاله سنتين دا
محمد : أنتَ وهى اللى بتلعبوا لا أنا ادخلت ولا أهلك
عمرو : عارف يا عمى بس أرجوك اقنعها بقى تبطل نشفان الدماغ دا أنا بحبها وهى كمان يبقى ليه دا كله
محمد : ارتاح دلوقتى وبعدين نشوف موضوعكم
............................
الواقع
فى المطعم
محمد مبتسماً : كملى أكلك وهاخد نزوره سوا
ناردين بابتسامة : لا أنا شبعت خلاص يالا نروح دلوقتى
محمد مازحاً : بنت كلى طبقك إى هدفع فلوس على حاجة مأكلنهاش
ناردين ضاحكة : ولا يهمك يا أبو ناردين أنا اللى عزماك
محمد : والله وكبرتى يا نيمو وبقيتى بتبقشيشى على أبوكى
ناردين : كله من خيرك يا أبو ناردين
........................................
فى شركة الألفى
يقبع خلف مكتبه يمسك باطار خشبى بداخله صورتها ...
يتأملها ويتذكرها ليلة أمس كيف كانت هادئة بنومها بالكاد تتقلب
حوريتى هادئة حتى بأحلامها " هكذا علق سليم على رؤيته لزوجته ليلاً وهى تغط بنومٍ عميق
ليقاطعه طرقاً بالباب فأذن بالدخول فكان زوج أخته
يخبره بجاهزية الجميع فى غرفة الاجتماعات بانتظاره
فاعاد الاطار الخشبى لموضعه فوق مكتبه ونهض واتجه لغرفة الاجتماعات
..........................................
فى المشفى
طرق محمد الباب ودلف
حيى عمرو ووالديه وردو التحيه له ...
ابتسم محمد وهو ينظر لعمرو قائلاً : عمرو معايا ناس جايه تطمن عليك
خفق قلب عمرو وبقوة أيعقل هى ...أيعقل جاءته ؟
لتقاطع شروده بدلوفها الغرفة
فرغ عمرو فاهه بمجرد رؤيتها وخفق قلبه فرحاً ووالديه أيضاً
نهضت والدة عمرو من مكانها محيية ناردين : ناردى حبيبتى عاملة إى واحتضنتها وناردين عيونها لا تفارق وجه عمرو رغم ضمها لوالدته
حبيبتى متزعليش منى على الكلام البايخ اللى قلتهولك أنا أسفة والله ما أعرف قلته ازاى وكنت ناوية أجى اعتذرلك
ناردين بصوت متحشرج : عادى يا طنط أنتِ زى ماما مش بزعل منك
وصافحت والده أيضاً واقتربت من فراشه وصمتت
تبادلا النظرات طويلاً حتى قطع هو الصمت : يعنى أنا المريض ونازلة سلامات عليهم هما
ناردين ابتسمت ولم تعلق
لينحنح والد عمرو قائلاً : ما تيجى يا أبو حودة نروح الكافيتريا نشرب شاى ونادية هتفضل هنا معاهم أصلى دماغى وجعتنى أوى
من امبارح فى القلق دا ومنمتش ونفسى اشرب شاى
محمد : تمام يالا بينا
بعد خروجهم بدقائق معدودة نظر عمرو لوالدته نظرة ذات مغزى فتنحنحنت قائلة : ناردين حبيبتى هستأذنك خمس دقايق هروح التواليت وارجع
ناردين لم تعلق واكتفت بابتسامة
قبل أن تغادر والدته غمزت له بطرف عينيها فرحاً وغادرت الغرفة
عمرو وكانت عينيه تأكلها تفحصاً واشتياقاً : هتفضلى واقفة كدا كتير
ناردين : إى زهقت منى تحب امشى
عمرو وحاول النهوض من سريره فألمته رأسه فهو ما زال تحت ثأثير العلاج
فتأوه وشعر بدوار فساعدته ليعود إلى استلقائه قائلة : عمرو أنتَ كويس تحب أنادى الدكتور
عمرو واضعاً يده على رأسه : متخافيش أنا كويس بس يمكن علشان قمت مرة واحدة حسيت بدوخة
جذبت ناردين المقعد وجلست عليه قائلة : بتوزع أمك ليه ؟
عمرو باستنكار زائف : بوزعها ليه دى الست رايحة بيت الأدب أنا دخلى إى
ناردين : على نيمو يا مورى
عمرو : الللللللللللللللللللللللللللللله قوليها كمان
ناردين : إى اللى أقولها كمان ؟
عمرو : مورى عديها كمان وحشتنى اسمعها من صوتك
ناردين : أتلم يا عمرو أحسنلك
عمرو : بحبك يا مجنونة
ناردين مازحة : وأنا مبحبكش
عمرو : ولما مبتحبنيش جاية تزورينى ليه ؟
ناردين : بعمل الواجب أنتَ جارنا بردو والنبى وصى على سابع جار
عمرو : طب بحبك يا جارتى
ناردين : هتبطل كلامك دا ولا أمشى
عمرو : بحبك وهتجوزك يا بنت منى ومش هترفضينى تانى
ناردين : يا سلام بالقوة يعنى بقولك مش موافقة اتجوزك
عمرو : بحبك يا عندية وبموت فيكى كمان
ناردين وتحولت للجدية فجأة : ولولا عمايلك زمان كان المفروض نبقى مخلفيين دلوقتى
لتتغير ملامح وجهه إلى العبوس والضيق عند ذكرها الماضى : فيحدثها بجدية وهو يطالع فى عينيها مباشرة : لو أقدر أمحى الماضى كنت محيته بس بجد مش عارف هقدر أنسيكى عاميلى فيكى زمان ازاى حتى الموت مش كافى
ناردين : عمرو لو فعلاً عايزنى أنسى وأحاول أصفالك متتكلمش عن الموت تانى بعد خالى أحمد الله يرحمه ومعاناتى فى موته معدتش قادرة اتحمل بعد حد عزيز تانى
عمرو : يعنى أفهم من كدا إنى عزيز على قلبك يا ناردينتى
اكتفت ناردين بابتسامة ولم تعلق على كلماته
عمرو بعد لحظات صمت بينهما : ناردين وافقى ترجعيلى واوعدك عمرو بتاع زمان مات خلاص معدتش هضغط عليكى فى شيئ وهحترم رأيك
ناردين : طب ودراساتى العليا اللى بعملها
عمرو : كمليها وهساعدك فيها كمان
ناردين : طب والشغل ؟
عمرو بعد تردد: مسألة الشغل دى نبقى نشوفها بعدين
لتضحك ساخرة : شفت أهو عمرو القديم ظهر من تانى
عمرو : بصى مسألة شغلك لو مش هتأثر على البيت أنا موافق عليها
..........................................
عادت والدة عمرو لتراهما يبتسمان لبعضهما فما إن رأها عمرو حتى عبس قائلاً : إى اللى جابك يا ندووش دلوقتى
نادية مازحة : اتلم يا ولا ونظرت لناردين منورانا يا نيمو وغمزت ناحية ابنها فرأها وابتسم ففهمت بأنهما تصالحا أخيراً .....
..............

رواية "على قيد عشقك" للكاتبة بسمة محمود أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن