البارت الستون

1.5K 140 12
                                    

"يالك من شرهة"
نطق بينما يحدق بها تنتهي من التهام الكيس الاخير
"أصمت وإلا أكملت وجبتي بك"
"رائع والان بدأتي تهددينني ، الدلال يفسد المرء فعلاً"
"أين سنخفي آثار الجريمة"
تسائلت مشيرة نحو أكياس الدماء الفارغة تماماً
"لا تقلقي بشأنها والآن ما رأيك أن نخرج لزيارة بعض الأماكن السياحية ، ستكون خسارة إذا أضعنا هذة الفرصة"
"نعم ، نعم"
"لا تبدين مهتمة"
"لست من هواة الجولات السياحية ، لكنه أفضل من البقاء في هذا المكان"
"هل أنت مستعدة إذاً"
"الان ؟"
"بلى ، ولنخصص الغد لأمر هويتك"
"حقاً"
"إذا أعطيتني جولة ممتعة"
أردف جملته بابتسامته العابثة المعتادة
"مخادع"

"إلى أين نحن ذاهبون"
تسائلت شيزوكا بضجر بينما تحدق من نافذة السيارة التي قام باستئجارها خصيصا من أجل هذة الرحلة
"السلفادور ، يقام كرنڤال للسامبا هناك اليوم ستستمتعين كثيراً"
"لا أصدق هذا"
نطقت بينما تعابير الاستهزاء مرتسمة على وجهها ، وقرنت جملتها بتنهيدة قصيرة
"لا أكون أنا إن لم تنسي نفسك هناك"
"أنت لا تتوقع مني ارتداء تلك الأزياء المبهرجة و.....
.

.

بعد مرور ست ساعات
"لا تحلم بخروجي بمثل هذة الملابس"
صاحت شيزوكا التي تم إجبارها على ارتداء ملابس مبهرجة الالوان تظهر أكثر مما تخفي
"لست مضطرا لأحلم بذلك و سأشاهده واقعاً أمامي"
رد بابتسامة سخيفة لتردف بعد تنهيدة قصيرة
"أليس هناك ما هو أكثر حشمةً من هذا"
"صدقيني ستكونين أكثر الفتيات حشمة ، سترين هذا بنفسك"
"لكن هذة التنورة قصيرة جدا ، إنها لا تغطي ركبتاي حتى"
تحدثت ببعض الحرج بينما تقوم بشد تنورتها التي تصل لبداية ركبتاها إلى الأسفل
بدأ بجرها معه خارجا بينما يقول
"لا تقلقي بهذا الشأن"
"ماذا عن هذا القميص ، ألا يجب أن يقوم بتغطية بطني على الأقل ، ما فائدته إذا"
.
.
.
.
.

كانت تحدق فيما حولها بعينان جاحظتان لا تكاد تصدق ما تراه أمامها ليخرجها قليلا من ذهولها لكزة من روبرت يتسائل ساخراً
"كنت قلقة بشأن ركبتاك !؟ "
التزمت الصمت كجواب ليكمل الاخر
" ما يميز كرنڤال السامبا هو أزياءه المدهشة"
ألحق جملتة بصفرةً بينما يحدق بعيدا في فتاة تمر من أمامهما لتقوم شيزوكا بإعطاءه ضربة براحة يدها على جانب رأسه قائلة بحنق
"أيها المنحرف"
ابتعدت عنه وبدأت تتجول في المكان بعيدا عن صخب الكرنڤال وما ان شعرت أنها ابتعدت قليلا عن محل الضوضاء تنهدت براحة هامسة
"أخيرا بعض الهدوء"
استندت إلى الجدار خلفها
مرت عدة دقائق قبل أن تسمع صوت حركة قادم من جانبها
التفتت لترى عينان مشعتان تقتربان منها وعلى عكس المتوقع لم يهتز قلبها بتاتا ؛ ربما لكونها وحشا أكبر من كل الوحوش !
لو كانت شيزوكا السابقة لما استطاعت الحراك من فرط الرعب لكنها الان تقف تحدق فيما يقترب إليها بهدوء حتى يظهر لها ما يكون
حقا تلك الشهور كانت كفيلة بتغييرها كلياً ؛ من شيزوكا المتلعثمة الجبانة إلى هذة الفتاة أو الوحش كقول أوضح .
ما ان ظهر ذو العيون اللامعه حتى تعجبت عند رؤيته
لقد كان شاباً !
ظهرت ملامح العجب على وجهها لتسمع صوته الأجش الضخم يقول
"ممَ تتعجب الجميلة"
صمتت لبرهة تفكر يا له من صوت لا يتناسب مع هيئته الجميلة
"إن عيناك تلمعان كما القطط"
ضحك ضحكة قصيرة بصوته الضخم لتتأذى أُذناها الحساستان إثر هذا الصوت المزعج فأحنت رأسها إلى الجانب مغطية أذنها بكتفها بحركة تلقائية
ما ان تداركت حركتها الوقحة حتى أعادت رأسها مجددا
"لم أقصد أن..
"لا بأس ، إن صوتي مزعج جداً أنا أكثر من يعلم ؛ تخيلي أني اضطر إلى سماع نفسي أغني يوميا"
قالها بينما ترتسم على محياه ابتسامة لتردها له شيزوكا بالمقابل
لم تكن ابتسامتها مجَامِلة بل حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، لقد أعجبها كونه راض ومتفهم لما فيه ، على عكسها هي تماماٌ التي كانت تندب حظها لكونها بعين واحدة
"ما اسمك"
لأول مرة وجدت نفسها فضولية للتعرف إلى شخص ما
"دان"
"اسم جميل كعيناك"
قالتها بابتسامة واسعة لتنقلب تعابيره إلى الاندهاش
"تجدين عيناي جميلتان"
"بالطبع إنهما من أجمل ما رأيت"
"غريبة جدا كيف تجدينها جميلة ! ، يلقبونني بوحش الليل لكونهما تلمعان"
أكمل مزامناً كلماته مع حركة سريعة لرأسه في كلا الاتجاهين ليتطاير شعره الأحمر الذي يصل لنهاية رقبته حول رأسه "أو النار المستعره"
"أرى كلا التشبيهان مناسبان"
قالت مؤيدة بضحكه ، فبالفعل قد بدى شعره كلهيب أحمر يحيط وجهه
"نعم هما كذلك"
"لكني مع هذا أجدهما في غاية الجمال ، إنهما أكثر نقاءً من الزمرد ، يقولون أن العين هي مفتاح الشخص لذا أظنك شخصا جيدا"
اقترب إليها وأخفض رأسه إلى مستواها ليكون وجهه مقابلاً لها
"إذاً ماذا تعني العيون الفضيه"
"لا أدري"
قالتها بابتسامة أوسع مما سبقتها ، تصرفات هذا الشخص العفوية تكاد تبهرها ولوهلة ، ذكّرها بروي هو أول شخص عاملها بعفوية عندما كان كل من حولها يسخر منها ، لقد تعرفت إليه بعد موت ريمون مباشرة وساعدها في الخروج من حالة اكتئابها
"ظننتك بارعة في هذا بما أنك قمت بتحليل شخصيتي لمجرد رؤية عيني"
"حسناً أنا أخمن فقط"
"إذا ؛ً لم أتعرف إليكِ بعد"
"آه عذراً لهذا أنا ستيلا مسرورة بمعرفتك"
"لماذا أنت بعيدة عن الكرنڤال"
"لا أحب الأجواء الصاخبة ، ماذا عنك لا أظنك اختلطت بجو الكرنڤال"
قالت معلقة على زيّه الأسود تماما
"من المفترض أن هذا وقت راحتي من العمل"
قال مشيرا إلى باب صغير يقع على الجانب الايمن من نهاية الشارع لتدرك هي كونه الباب الخلفي لأحد المطاعم
"ماذا تعمل"
"أنا طاهِ ، ويستعملونني كنادل عند نقص الموظفين"
قال مازحاً لترد ببهجة
"لديك عمل مدهش ، لقد كان حلمي أن أصير طاهية عندما كنت بالصف السادس لكن الجميع سخروا مني لهذا"
"أترغبين في تحقيق حلمك الصغير إذاً"
قال بابتسامة جذابة غامزا بإحدى عينيه
"ماذا ؟"
قبل أن تنهي استفسارها كان قد سحبها معه بالفعل

"لقد تم سحبي كثيراً اليوم"
همست بينما تقف أمام أحد الغرف تنتظر خروج دان بعد أن أخبرها أن تفعل
ماهي إلا دقائق حتى خرج دان يرتدي زي الطهاه
"جهزت لك زياً بالداخل ، سأنتظرك هنا حالما تنتهين"
أومأت برأسها قبل أن تدخل الغرفة .
وجدت مئزراً ومعطفاً وقبعة الطهاة موضوعة على أحد الكراسي فقامت بارتداء المئزر أولا وتركت المعطف مفتوحا لكونه كبيرا جدا وانتهت بوضع القبعة على رأسها وخرجت راسمة وجها واثقا كرتونياً
ما ان شاهدها دان حتى قهقه  لتقوم بحركتها اللا إرادية مرة أخرى مميلة رأسها إلى كتفها
"تبدو أذناك حساستان للغاية"
شعرت بالحرج حقا هذة المرة وهمت بقول شئ لكن منعها إكماله لحديثه الضاحك
"ستتعذبين معي اليوم فأنا لا أهوى الطهو إلا وأنا أقوم بالغناء"
"إذا سيكون ثمن كشف طبيب الأذن على حسابك"
ردت مازحة بعد أن استشعرت رضاه كليا بطبيعة صوته ، ياله من شخص رائع لا تستطيع إنكار كونها معجبةً به .
توجها نحو الباب الاخر الموجود في الردهه والذي يصدر منه الكثير من الصخب وأصوات الضحكات ، أمسك بمقبض الباب وقبل أن يقوم بفتحه التفت إليها قائلاً بابتسامة
"مستعدة أيتها الطاهية ستيلا ؟ "
أومئت بفرح ليضغط المقبض فوراً ويفتح الباب كاشفا عن مطبخ المطعم
حيث كان ثلاثة من الشبان يمارسون عملهم بسعادة
هذا ما بدى لها وهي ترى ضحكاتهم وحديثهم الذي كان يصلها من خلف الباب والآن رأته حقيقةً
"دان كنا نتحدث الآن عن كون راحتك قد طالت كثيرا"
قالها الشاب الأطول من بينهم وخمنت كون طوله يصل إلى المترين بشعر أسود طويل ذكرها فوراً بميان .
لاحظت كونهم يحدقون بها قبل أن ينطق
"من تكون الجميلة"
كان بادياً كون السؤال موجهاً لدان ولكنها أحبت أن تعرف نفسها فتقدمت منهم قائلة بابتسامة واسعة
"الطاهية ستيلا ، ستغلبكم جميعا في الطهو اليوم"
"مدهش ، أحب ذلك"
قالها أقصرهم ذو الشعر الذهبي القصير وعينان بندقيتان مع أقراط بلون الزمرد في أذنيه والذي بدى لها مشاكساً وحيويا فأعجبها ذلك
اقترب منها دان واضعاً يده على كتفها موجها حديثه للجميع
"هذة الصغيرة حلمت ذات يوم أن تصير طاهية وسوف نحقق حلمها اليوم"
"فهمنا يا فارس الأمنيات والان هلا باشرت عملك فلدينا عجز في الطهاه"
كان هذا هو آخر الثلاثة يبدو شخصاً راشداً جدا ذا شعر بنيّ و...
نعم هي لا تتوهم لديه ذراع واحده
أخذت تحدق إلى ذراعه المفقوده دون أن تشعر ليخرجها من تحديقها قوله الساخر
"لقد جلبت فتاةً وقحة"
بعد إلقاء تعليقه التفت لمباشرة إلى عمله
ظلت متسمرة للحظات قبل أن تشعر بيد توضع على كتفها
كان الفتى ذو الأقراط الذي قال بهمس
"اعذريه ، إنه لا يقصد شيئا ، فقط إن أمر ذراعه حساس للغاية"
"لا بأس أعلم أنني كنت وقحة ، إنه خطأي"
"لا تقلقي سيتحسن سلوكه بعد قليل ، أنا إدموند يمكنك مناداتي إد"
"تشرفت بمعرفتك"
قال مشيراً لذو الشعر الأسود
"ذاك اللعوب هناك نيمار ناديه نيم ، أما ذاك البائس فهو كلارنس ونناديه كلار"
لم تستطع منع ابتسامتها لوصفه كلارنس بالبائس يبدو أنها لم تخطئ في تحليل شخصياتهم .
 

خلف الانظارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن