تسمرت قدماي على الأرض، وتجمدت فرائصي، وتوقفت أنفاسي، ولم أعد أسمع سوى نبضات قلبي المتلاحقة في عنف وخوف وترقب، كما لو أنها قرعات طبول الحرب!
بعد برهة، التفتّ خلفي، رأيت رجلا مقنعا داخل سيارة سوداء، وبيده رشاشٌ مصوبٌ إلي. ارتعد جسمي كله من هول المنظر، وقفزت بسرعة إلى سيارتي الكاديلاك، وانطلقت مسرعة إلى المنزل، وأنا أسابق الريح.
نظرت خلفي، على المرآة، لكن لم يعد له أيّ أثر. حاولت تفسير ما حدث، من كان هذا الرجل؟ هل كان حقاً يريد قتلي، أو كانت هذه فقط رسالة لتخويف أبي وتهديده.
فأنا لم يكن لدي أعداء، لكن أبي بطبيعة عمله، كان دائما في خطر.وصلت إلى المنزل، كان أبي وأمي في غرفة المعيشة، دخلت عليهما وأنا في حالة يرثى لها، كان وجهي شاحب اللون، وجسمي يرتجف كأنه ورقة في مهب الريح.
ارتميت على الأريكة، وأجهشت بالبكاء. كانت الدموع تنهمر على وجهي وتبلل خدّاي.نظرا إليّ بدهشة وصاحا: ما بك يا أسيل؟ هل أصابك مكروه ما؟
اختنقت العبارات داخل حلقي من هول الصدمة.
- قولي ما بك؟ هل نستدعي الطبيب؟
-حبيبتي، لا تشغلي بالي أكثر!بعد عدة دقائق، استجمعت قواي، وقلت لهم إني تعرضت إلى محاولة قتل.
ذُعرت أمي ذعرا شديدا، وأحسست أن الكلمات وقعت على أبي كأنها وقع رصاص. فهبّ واقفا وضرب الأرض برجله في عنف شديد ثم صاح: سأنتقم منهم، عاجلاً أم آجلاً.
بعد نصف ساعة، أتت الشرطة إلى المنزل، ثم توجهت إلى الشركة وباشرت التحقيقات في القضية، محاولة إيجاد مطلق الرصاص.ذلك المساء، تلقيت سيلاً من الاتصالات والرسائل والبرقيات المستنكرة للحدث، والمهنئة بالسلامة. وكان من بينهم مارك وعلاء وغنوة، وكلهم عبروا عن صدمتهم عند سماع الخبر.
توجهت إلى غرفتي كي أنام، بعد نهار طويل وشاق. لكن أبي استوقفني قائلاً: في الغد سيكون لك سائق ومرافق، شئتِ أم أبيتِ!
أنت تقرأ
أسيل (مكتملة)
Romanceيحدث أن ترى إنساناً لأول مرة،وتشعر أن وجهه ليس غريب عنك،وصوته مألوف على أذنك.وتتوهم أنك رأيته في عالم قبل هذا العالم،ولا بدّ أنّ صداقة قوية نشأت بينكما في الحياة الأخرى، وأنه جاء ليستأنف هذه الصداقة. ولا عجب ! فإنّ الأرواح تتصافح قبل الأيدي وقبل الع...