حبّي القديم

922 36 20
                                    

استقلّيت سيارتي" الكاديلاك" ذات اللون الأسود، متجهة بها إلى الشركة. تبعد المسافة من الحمرا (مكان القصر) إلى فردان (مكان عملي) حوالي ٢.٤ كم، أي أنها تتطلب حوالي التسع دقائق للوصول، إن كانت حركة المرور غير كثيفة.

وصلت إلى الشركة عند الساعة الثامنة والنصف صباحا، وكان قد سبقني إليها العمال والموظفون، وشرعوا في العمل بكل نشاط وحيوية. هذه الشركة التي أنشأتها بعد حصولي على شهادتي الجامعية في "تصميم المجوهرات" أي من حوالي الثلاث سنوات.

تتألف الشركة من طابقين إثنين. الطابق الأول فيه المتجر المخصص لبيع المجوهرات وإلى جانبه يوجد مصنع لتركيب الجواهر والأحجار الكريمة. أما الطابق الثاني فهو يضم ثلاثة مكاتب لتصميم المجوهرات التي نعمل بها؛ أنا، علاء وغنوة.وإلى جانب المكاتب، يوجد غرفة استقبال كبيرة.

صعدت الدرج إلى الأعلى حيث مكتبي،وفوجدت علاء وغنوة يشربان القهوة ويدردشان. ألقيت عليهما التحية وردوا بمثلها، ومن ثم دخلت مكتبي وشرعت في العمل. كان عليّ إتمام تصميم لعقد من الفضة مع اللؤلؤ وأحجار الزمرد قبل منتصف هذا الشهر .

ابتسمت ابتسامة رضا وفرح، لأن العمل يجري على أحسن حال في الشركة. هنا بيتي الثاني، فأنا أشعر بكثير من الراحة في التعامل مع زملائي ومع كافة الموظفين و الزبائن.

علاء عودة، شاب وسيم وذكي، ذو شعر أسود وعينان بنيتان ساحرتان. نشأ يتيم الأب،ضمن عائلة فقيرة جدا، لكن لم يكن الفقر يوما عائقا أمامه عن تحقيق ما يصبو إليه. درس بجد إلى أن أصبح مصمم مجوهرات ناجح ومبدع.

تعرفت على علاء حينما كنت في الجامعة، فقد كان صديقي المقرب، وسرعان ما تحولت علاقتنا إلى علاقة عاطفية. أحبَّ كل منا الآخر وبتنا لا نفترق إلا قليلا.

عندما علم أبي بهذه العلاقة الجدّية بيننا، جن جنونه. لم يتقبل فكرة ارتباطي بشاب فقير، ثم أبلغني أنه لن يساعدني ماديا في إنشاء الشركة اذا استمريت بعلاقتي به، وقد كنت حينها لا أملك مالاً يكفي لهذا المشروع، فاضطررت أن أقطع علاقتي مع علاء.

زفرت زفرة طويلة، لكي أمحو الألم الذي تكون في صدري جرّاء تذكري تلك الأيام، فقد مضى على هذا الأمر حوالي الأربع سنوات وأنا أحاول جاهدة تقبل علاء كصديق لي مجددا.

لاح لي طيف أبي في مخيلتي، وسألت نفسي من أين له كل هذه القسوة؟!

أسيل (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن