عندما دخلتُ المطبخَ، وجدتُ أبي وأمي يشربان فنجان القهوة الصباحي، كعادتهما في كل يوم، وأبي ممسكٌ بالجريدةِ ويقرأُ العناوينَ بصوتٍ مرتفع .
"عون يمهل الحريري.حلحلةٌ في التأليفِ ولا حل "
"تفويضٌ لمرسومِ تجنيسٍ جديد"
"٣٠ قتيلا في إنهيار جسر في إيطاليا"...
وأمي تستمع باهتمام ملحوظ، وتحاول تجميع الأخبار وتركيبها لتأخذ خلاصةً مقنعةً من هذه الأحداث.
قلت :صباح الخير .كيف حالكم اليوم؟
أبي :أهلاً يا ابنتي، بخير . هل سمعت الأخبار اليوم؟ إنّ المعارضة في هذا البلد، أصبحت قوية جداً، ولا ترغب باستقرار هذا البلد. بات لزام علينا الوقوف بوجهها ومحاربتها. أعددت لليوم خطاباً مزلزلاً بخصوصِ هذا الموضوع.
أجبته: أبي ..انتبه!
أنت تحارب مجموعات قوية ومسلحة!
كن حذرًا!
أبي، هو جواد هلال من بيروت، نائبٌ في البرلمان اللبناني منذ تسع سنوات، وهو قد خلف أبيه -سلمان هلال- في النيابة، ففي لبنان التوريث السّياسي بات أمراً عاديّا بل ضروريّا بحسب اعتقادهم، ولكن كان لي رأيٌ معاكس لهذا الموضوع. بالرغم من هذا، لا أنكر أنّ أبي أحب السياسة وهي كذلك أحبته.
تناولتُ فطوري على عجلٍ، وشربت فنجان شاي أخضر صيني المفضل لدي،ثم هممت بالذهاب إلى العمل حين أوقفني أبي قائلاً: نحن أمام امتحان صعب وعلينا تجاوزه. انتبهي لنفسك جيداً، يلزمك مرافق شخصي قوي وقادر على حمايتك. لا ترفضي طلبي في كل مرة. أرجوكِ وافقي على ذلك.
أجبته: أنت تعلم مدى حبي للإستقلالية والعيش بحرية، إنّ وجودَ مرافقٍ لي يقيدني ويكبلني بقلائد من حديد.
إسمحْ لي الآن، عليّ الذهاب.
أنت تقرأ
أسيل (مكتملة)
Romanceيحدث أن ترى إنساناً لأول مرة،وتشعر أن وجهه ليس غريب عنك،وصوته مألوف على أذنك.وتتوهم أنك رأيته في عالم قبل هذا العالم،ولا بدّ أنّ صداقة قوية نشأت بينكما في الحياة الأخرى، وأنه جاء ليستأنف هذه الصداقة. ولا عجب ! فإنّ الأرواح تتصافح قبل الأيدي وقبل الع...
