الموافقة... ولكن!

489 25 4
                                    

(يروي الآن أيمن غانم القصة من وجهة نظره)

إلى حد اليوم، يكون قد مضى إسبوعان على توقفي عن العمل. إسبوعان ملؤهما القلق والتوتر والضياع. أنتظر بفارغ الصبر أن أحصل على عمل جديد.

يحق لي القلق والخوف، لأنني أنا المعيل الوحيد لأسرتي. فأبي قد توفي منذ سنتين في حادث سير، وأمي مريضة بالسرطان، أمّا أختي فما زالت صغيرة، تدرس في الثانوية.

زفرت زفرة حارة، وقطبت جبيني حينما تذكرت تكاليف العلاج الكيميائي لأمي، وقسط التعليم الثانوي لأختي. فأنا أحب أن أؤمّن كل إحتياجاتهما دون أن ينقصهما شيء.

قررت اليوم أن أمرّ على المكتب الذي أنتسب إليه، فأنا أريد إخبار "علي" عن حاجتي الملحّة للعمل، علّهُ يساعدني وينتشلني من هذا المأزق.

وأنا في طريقي إلى المكتب ،رأيت إمرأة شابة سمراء البشرة، طويلة القامة، تخرج منه للتوّ. كان يبدو عليها علامات الترف والغنى. ربما كانت ممثلة أو مغنية أو مديرة أعمال. لا أدري، فأنا لا أذكر إن كنت قد رأيتها من قبل. عبقت في أنفي رائحة العطر الذي تضعه،ربما كان خليطا من الياسمين والفانيليا. كانت تلبس جاكيتا أبيض طويلا، وبنطالا أسود وتضع نظارة سوداء.

دخلت المكتب حيث كان "علي" جالساًخلف مكتبه، وهو يدخن سيجارة، وعلامات الضيق بادية عليه. عندما رآني ذُعر، ثم هبّ واقفاً وكأنه لمح شبح ما.

قال فجأة :أنت؟

سألته :ما بك؟ هل هناك خطب ما؟

أجابني: كنت سأتصل بك الآن. فهناك أمر عليّ إخبارك به.

أجبت: حقا! ما هذا الخبر؟ هل حصلت على عمل جديد؟

أجابني في حيرة: في الواقع، نعم. لكن لا أعلم إن كنت ستوافق عليه. فالمرأة التي خرجت منذ قليل من هنا، قد وقع اختيارها عليك من أجل أن تعمل كسائق ومرافق خاص لها. حاولت جاهداً أن أشرح لها أنك لا تريد العمل عند سيدة، لكنها رفضت أن تختار رجلا آخر .

أخذت نفساً عميقاً، وأنا أحاول استيعاب الكلام الذي قاله علي. ثم سألته:

-لماذا اختارتني أنا دون الجميع؟ لماذا لا تريد أحداً غيري؟ من هي؟ ما مهنتها؟ هل هي حقاً في خطر؟

- اسمها أسيل هلال، ابنة النائب جواد هلال، تعمل مصممة مجوهرات. تعرضت البارحة لمحاولة قتل على يد الحزب المعارض. وكان ذلك بسبب الانتقام من والدها، لكنها نجت بأعجوبة، لكني لا أعرف لماذا اختارتك أنت دون الجميع. فهي قالت إنك حقاً جدير بهذا المنصب، وأضافت أنها سوف تعطيك ضعف راتبك الشهري.

- حقًّا! عرض مغري! لكن صعب عليّ بأن أثق بامرأة بعد الآن. فالمغنية "بيلا" قد جعلتني أنفر من النساء جميعاً، لأنها كانت امرأة سيئة للغاية، فهي كاذبة، مغرورة و عصبية. فقد حاولت كثيرا أن توقعني بشركها، لكنها لم تستطع، فتركت العمل لكي أرتاح منها.

- ليست كل النساء مثل "بيلا"، ربما سترتاح بالعمل مع أسيل. جرب حظك هذه المرة. حسناً، ماذا قلت؟ هل أنت موافق؟

- حسناً. موافق، لكن بشرط!

أسيل (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن