(من وجهة نظر أسيل)
قد تلتقي بإنسان لأول مرة في حياتك، وبعد دقائق تشعر بأنك عرفته العمر كله، وقد تعيش طوال حياتك مع انسان ثم تكتشف أنك لم تعرفه أبداً.
يحدث أن ترى إنساناً لأول مرة، وتشعر أن وجهه ليس غريب عنك، وصوته مألوف على أذنك. وتتوهم أنك رأيته في عالم قبل هذا العالم، ولا بدّ أنّ صداقة قوية نشأت بينكما في الحياة الأخرى، وأنه جاء ليستأنف هذه الصداقة. ولا عجب. فإنّ الأرواح تتصافح قبل الأيدي وقبل العيون!
هكذا كانت أرواحنا أنا وأيمن، قريبة لبعضها، متشابهة بكل شيء. مرّ شهر على كونه مرافق وصديق لي. كنت أشعر بالراحة كلما كان بجانبي، كان في أوقات عملي يزور أمّه المريضة ليطمأنّ عليها ويواسيها، ويجلس مع أخته الصغرى ويسمع شكواها ويهوّن عليها. كان أيمن الرجل المثالي في نظري.
لم أجرؤ أبداً أن أبوح له بمكنونات قلبي، ولم أقدر حتى أن أعرف شيئاً عن طبيعة شعوره تجاهي،
لأنّه كان دائماً يلبس قناعاً من البرود والحزم والجدية. تُرى هل يعتبرني صديقة؟ أو أكثر؟كنّا نذهب في المساء إلى البحيرة، ونجلس هناك حتى المغيب. كان يخبرني عن طفولته الجميلة بين أحضان والديه، وعن موت أبيه المفاجئ، وعن تعلمه القتال لكي يحمي عائلته، وعن "قمر" خطيبته السابقة وعن الغصة التي أحرقت قلبه بعد إصابة والدته بالمرض.
ذهبتُ اليوم باكراً إلى العمل، كان عليّ التأكد من الانتهاء من صنع الخاتم الذي صممته، فهذا الخاتم المصنوع من الفضة وحجر من العقيق الأحمر اليماني، سيكون هديتي لأيمن في عيد ميلاده غداً.
أتمنى أن يعجبه هذا الخاتم، ويقوم بوضعه دائمًا، فحجر العقيق الأحمر يمنح البركة ويمنع الحسد ويساعد على الاسترخاء والهدوء.
وضعته في علبة، وكتبت على الكرت المرفق بها :عيد ميلاد سعيد !
دُقّ الباب، ودخل علاء المكتب:
- مرحباً أسيل. عفواً على الإزعاج. أريد أن أكلمك قليلاً إن كنت غير مشغولة.
- أهلاً علاء. تفضل. أنا انتهيت من عملي للتو.
-جئت فقط كي أدعوكِ لخطبتي، أنا وغنوة، هذا الأحد.
- حقاً! ألف مبروك!
أنت تقرأ
أسيل (مكتملة)
Romanceيحدث أن ترى إنساناً لأول مرة،وتشعر أن وجهه ليس غريب عنك،وصوته مألوف على أذنك.وتتوهم أنك رأيته في عالم قبل هذا العالم،ولا بدّ أنّ صداقة قوية نشأت بينكما في الحياة الأخرى، وأنه جاء ليستأنف هذه الصداقة. ولا عجب ! فإنّ الأرواح تتصافح قبل الأيدي وقبل الع...