لمّا زار السفير البريطاني آية الله الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (قدس) بمكتبه في النجف الأشرف بتاريخ: 20 جمادي الأولى سنة 1373 هـ (1953 م) صارحه بالأعمال المنكرة الّتي قام بها البريطانيون في شرق الأرض و غربها، و جابهه بدور الإنجليز في ضياع فلسطين، و معاونتهم للصهاينة على فتح معاقل تلك الأرض المقدّسة و استعمار أرضها و استعباد أهلها، و أخيرا تشريدهم في كلّ صقع و ربع.
ثمّ اجتمع به السفير الأمريكي، فلم تكن صراحته بأقل من صراحته مع السفير البريطاني، و قد عنّفه كثيرا على مساهمة الولايات المتحدة الأمريكيّة في تثبيت أقدام الصهاينة بأرض فلسطين، و ما نجم عن جرّاء ذلك من الأعمال الوحشيّة المنكرة.
و كان يقول للسفير في هذا الخصوص: (إنّ قلوبنا دامية منكم معاشر الأمريكيين؛ لأنّكم طعنتمونا بالصميم طعنة نجلاء لا يمكن السكوت عنها و الصبر عليها) .
ثمّ يقول: (إنّ القلوب كلّها ضدّكم، و تقطر دما من فضاعة ضربتكم الّتي قصمتم بها ظهر العرب) . و كان يعني بذلك مأساة فلسطين و ضياعها من أيدي العرب و المسلمين.
و أخيرا توّج حياته الكريمة الحافلة بجلائل الأعمال و المواقف السياسيّة الإصلاحيّة برفضه حضور مؤتمر بحمدون الّذي عقد في بحمدون لبنان بتاريخ الثاني و العشرين من نيسان عام 1954 م، و الّذي روّجت له محافل الاستعمار الأمريكي، حيث وجّهت دعوة له من قبل كارلند إيفانز هوبنكز نائب رئيس جمعية أصدقاء الشرق الأوسط الأمريكية، فكان ردّه على دعوة الحضور حاسما بليغا جدا.
و ما اكتفى قدّس سرّه بذلك، بل شفعه بإصدار كتابه الّذي أسماه: (المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون) .
و قد جاء الكتاب آية في الجرأة و الغيرة على المصلحة العامّة و السعي لخدمة البلاد و تنوير أبنائها بما يحوطهم من أخطار الاستعمار و ما ينتابهم من شرور أذنابه.