عناقي الاول

4.9K 46 33
                                    


للمطر رونق خاص بداخلنا ،

قطراته العذبة ورائحته الفواحة تشعرنا بالأمل،

وتخبرنا بأن الخير أت .

****

كانت تقف في غرفتها المظلمة وقد تملكها الحنين للعودة إلى أحضان والدتها التي ابتعدت عنها مجبرة منذ بضعة أشهر ، لا تسمع سوى صوت قطرات المطر تنهمر وتطرق نافذتها بلطف.

ذهبت تتأملها عن قرب فتوقفت أمام النافذة لتراقب جمال المطر ، رسمت إبتسامة نقية على ثغرها علها تنسى همومها ولو للحظات بسيطة ، فعاد شعورها بالحنين إلى كل شيء خصوصا"طفولتها ، تلك السنوات التي مضمت من عمرها.

بالتأكيد في هذه اللحظات تحن إلى القلوب التي أفتقدتها وإلى احساس نسيته، لطالما المطر كان مخلصها من كل ما يكدر صفو حياتها .

*****

--أنسة ايلينا ، هل أنت جاهزة؟ سألها كبير الخدم

--أجل سيدي ، لحظة من فضلك ، أجابته

-- أرجوك أنستي هيا أخرجي لقد أوى السيد إلى فراشه منذ قليل.

فتحت باب غرفتها وقد بدا عليها الخوف كانت

ترتدي ثوباً قطنياً ناعماً وحذاء خفيفاً ، و على وشك ارتداء معطفها الواقي من المطر وحمل حقيبة ملابسها عندما سمعا سوياً صوت ذلك المجنون الذي لا ينفك عن إيذاء العاملين لديه ينادي:

--هنري ، هنري ، أين أنت .. أخبر تلك الفتاة اللعينة بأني أريدها الان بغرفة المكتب ..

-- يالهي سيد هنري كيف سأغادر الأن قالت وهي تقف خلفه تتمسك به وترتعد من الخوف

-- لا عليك أنستي ، لقد فتحت الباب الخلفي للقصر

وتركت البوابة الحديدية مغلقة بدون القفل، أجابها كبير الخدم الذي اشفق على تردي اوضاعها لذا قرر مساعدتها لتنجو بحياتها.

--هيا أتبعيني ولا تصدري أي صوتا.

هبطا معا للطابق الاسفل وقد اختبأت خلف السيد هنري الذي عمل طيلة أربعين عاما كبيرا" للخدم لهذه العائلة التي كانت يوما ما من أرقى العائلات في البلدة.

--ايلينا اخرجي بسرعة ، أجْرِ قدر ما تستطيعين

--أبتعدي من هنا ، لا تتوقفي لأي سبب كان، إلى أن تصلي الطريق العام ، أنتبهي جيدا" لنفسك صغيرتي ، وأنا بدوري سأراقبه، عندما تستقرين بمكان اتصلي بي لأطمئن ، قال ذلك وهو يغلق الباب

الرئيسي بهدؤ ، كي لا يتنبه لها السيد.

اتجهت للباب الخلفي للحديقة كما أخبرها هنري واخذت تخطو بحذر وتزيد سرعتها بين الاشجار لتصل بوابة القصر ، واخيرا أطلقت العنان لقدميها لتعدو كغزال شارد بأسرع ما يمكنها بخوف وهلع لا تعرف وجهتها بالضبط ، كل ما دار في عقلها هو الهروب ، سقطت مرارا بين تلك الحقول، لكنها لم تتوقف عن العدو رغم الظلام الحالك في هذه المنطقة التي لا تعرف احدا بها.

سلسلة حصون العشق  حقوق النشر محفوظة باسمي hala aljberحيث تعيش القصص. اكتشف الآن