العناق الحادي عشر

676 11 9
                                    

           

العناق الحادي عشر

أن كان الحب قدراً فأنت قدري، وأن كان الحب اختياراً فأنت إختياري، أيتها الفتاة التي مَلكت قلبي وأسرت فؤادي وتحكّمت في أحاسيسي ومشاعري، لقد عَرفت أن للحب لذة وللحياة مَعنى، وذلك عندما نبض قلبي و نما حبك بداخلي حتى تملّكني فصرت أسيراً له.

****

في الاربع وعشرين ساعة التالية استعادت إيلينا في ذهنها كل ما حدث منذ تركت المنزل وغادرت ، وسبب ابتعادها

--لم اتوقع عودتك أعتقد بأنني فقدتك للأبد ، قال ذلك اليكس وهو ويقف أمامها بعد أن فتح الباب الذي لم يكن مغلقا باحكام
--هل الامر ازعجك ؟ سألته بمرح وهي تقترب منه بعد أن تركت سريرها لتقف أمامه مباشرة
-- هل تسأليني إيلينا فعلا؟ أه حبيبتي كم اسعدتني عودتك ، شعرت بأن روحي قد ردت لي  ،اسند جسده للحائط وسألها
-- لمّ لم تأتي معك فيكي ؟
استغرقها بضعة ثوأن تنظر اليه بعمق أبتسمت وهي تمد يدها لتلامس شعره البني وقالت:
-- لا تعلم بأنني هنا ، لم أخبرها بمجيئي ، وتابعت
هل تعلم اليكس لقد  شعرت أن  عالمي أنهارعندما سمعتك تقول  زوجتي السابقة ، لم أتحمل أو أستوعب بأنك يوما ما كنت لامرأة غيري ، رغم أنه كان علىّ أن أتوقع ،
وقبل أن تكمل  أحتضن كتفها ونزلا درجات السلم إلى المطبخ
-- قررت بأن تعدي لي فنجأن قهوة ، أنت تعلمي لا يحلو لي شرب القهوة الا من بين يديك ، قال ذلك وهو يبتسم ، و بينما  جلس على المقعد لمواجتها  تابعت حديثها وهو يصغي لها تماما
--لأول مرة في حياتي تتملكني  الغيرة ، لقد نهشت بسهامها  روحي  كدت أسقط أرضا عندما رأيتها تحتضنك وأنت تستسلم لعناقها وقبلاتها ، تابعت وهي تسكب  القهوة ، انتبهت أن تلك العينان الدافئتان تحدقان بها ، فأخذ قلبها يدق واحمرت وجنتيها فحول نظراته عنها بسرعة ، أدرك خجلها وتوترها ، واحب صراحتها وتعبيرها عما أحست به تلك اللحظات .
في لحظة جنونية تناول قهوته وغادر المكان  وهي بدروها لم تقوم  بالقاء نظرة عليه ، بقيت مكانها وقد شردت بتفكيرها وصوبت نظرها للارض ،وقد ساد الصمت الارجاء.التفت للخلف  على وقع خطوات فتجمدت مكانها ،
-- هل نسيت شيئا ؟ سألته وهو  ينظر لعينيها بعمق ،فأجابها بهدوء،
-- يبدو أنني ألمتك كثيرا ، أنا أعتذر ولكنك غادرت قبل أن تعلمي الحقيقة ، لم تمنحيني الفرصة لأشرح لك الموقف بقليل من المرح محاولة تغير دفة الحديث أجابته
-- ما هو شعورك لو أنك كنت بنفس الموقف وعندما دخلت المنزل وكان  عليك أن تصافح ضيفا وسيما ومن ثم يقدم  لك على أنه  زوجي السابق؟
بحزن وألم بدى على محياه قال  :
--  هل أزعجك الامرلهذه الدرجة ؟
أومأت برأسها بحزن واضح، فتابع قائلا
--  صحيح كانت زوجتي ولكن أمام الجميع فقط
-- هذا شأنك أنت ، أرادت منعه من متابعة الحديث لكنه ومرة اخرى تفحصها جيدا بالحاح شديد قال
-- أنتي متأكده أنك لا تريدين معرفة الحقيقة.
-- ليس مهما الأن اليكس ، تفوهت بذلك وخرجت من المطبخ وقد تبعها للصالة وجلسا أمام التلفاز
-- إيلينا اسمعيني جيدا" ولا تقاطعيني ، بدا جديا ومصرا على توضيح الامور وللمرة الاخيرة ، تنهد بعمق وقال:
-- ليديا الابنة الوحيدة للورد ادوراد هاملتون  الذي كان صديقا" مقربا من والدي ، في مرحلتها الجامعية تعرفت على شاب مهذب يدعي ستيف وكان من عائلة محترمة لكنها ليست من طبقتهم ولا مستواهم الاجتماعي من وجهة نظر والدها ، رغم ذلك وقعها بالحب لدرجة أنها كانت على استعداد للتضحية بكل شي من اجله ، ولكن والدها
بالطبع رفض ذلك بل هددها بأيذاءه أن لم تبتعد عنه ، وعندما علم بذلك والدي ولأنه كان يحبها ويعتبرها كأبنة له ، وبما أنني لم أكن مرتبطا" ولا حتى بقصة حب عرض على الزواج بها ليحمي الشاب ويبعد أذى اللورد عنه ، بالطبع رفضت وتشاجرت معه،  فما لي أنا ومشاكل صديقة .
بتلك الفترة عرض على مكتب التدقيق خاصتي القيام بالتدقيق على مجموعة شركات تدار من جوهأنسبرغ بجنوب افريقيا فوافقت على الفور.
كانت تنصت له بأهتمام بالغ وهي تكاد لا تصدق ما يحدث ، هل هناك ظلم أكثر من ذلك ، فتابع سرد قصته قائلا"
-- ما صعقني  بعد عدة ايام كان طلبها شخصيا" الزواج مني  فقد حضرت لمكتبي لتتحدث معي، كانت هادئة وزرينة جدا" وقد أقنعتني فعلا، فوافقت.
-- ولم أنفصلت عنها لاحقا ، سألته إيلينا فجأة.
نظر لها وأبتسم لمعرفته ما يدور بخلدها فأجابها
-- علمت أن موافقتها ما هي الا طريقة من خلالها تسعى لحماية حبيبها ، فأتفقنا أن يكون زواجا صوريا" ، وتم ذلك وأنتقلت بعد اسبوع  لجنوب افريقيا للعمل هناك لمدة تقارب التسعة أشهر ، وعدت إلى هنا بعد أن توفي اللورد ، بعد ثلاثة أشهر أنفصلنا وتزوجت من تحب وقد منحهما الله طفلة جميلة اطلقت عليها أسم شارلوت ولكن القدر لم يمهله كثيرا فتوفي منذ ثلاثة سنوات بعد أصابته بتليف الكبد.
نظر لإيلينا التي كانت تتابع حديثه بتركيز ، فوضع يده على رأسها قائلا"
-- ليديا سيدة رائعة وجميلة ومن عائلة مرموقة وأبنة لورد ولكنني لم أحبها كما أنه لم يسبق لي أن أحببت، إلى أن التقيتك تلك الليلة.
-- يا الهي اليكس كم كنت  غبية قالت وهي تقترب منه لتحتضنه وتمنحه قبلة رقيقة على وجنته وتابعت
--هلا سامحتني من فضلك!!.
شدد من أحتضانه لها وهو يهمس بأذنها بصوته الشجي
-- منذ اللحظة التي رأيتك بها تلك الليلة علمت بأنك المرأة التي اريد ، المرأة التي أحب ، المرأة التي ستمنحني الابناء ، لا أدري لما عدت ، ولكن هنالك ما دفعني للعودة ومساعدتك
ضحك بصوت عال وهو يمسك وجهها بين كفيه ويتابع
-- ذلك العناق عندما أحتضنتك  وللمرة الاولى  كان شعورا" لم أألفه من قبل بينما كنت ترتعيشين من المطر قلبي كان يهدأ بين أضلعي ، كم وددت لو لامست شفتاي شفتيك لأمنحك القبلة الاولى التي تعيدك للحياة ، لحياتي ،  وبينما  وجنتيك  لامست كتفي شعرت بنبض قلبي يزداد ليمنحك الدفىء الذي تنشدينه ، تلك اللحظة شعرت بأنني في الجنة أنعم بها وحبيبتي تشاركني سعادتي.
سالت دموعها التي تجمعت بمقلتيها رغما عنها وهي تستمع له ولكن هذا هو
الوقت الملائم لتعترف هي الاخرى بما تحمله من مشاعر ،
-- كنت الدفىء الاول ، والفرحة الاولى ، كنت النعيم الاول والخفقان الاول ، كنت الامان الاول وهبط القلب الاول ، كنت الاحتيال الاول على الحزن والوحدة ، لو تعلم أن ذلك العناق اعادني لوعي تماما اليكس، واعاد ثقتي بنفسي وببعض البشر  ،كنت  اعتقد  بأننا مخيرون بالحب ولكنك اثبت لي أن الحب عطاء عميق وشعور صادق ودافىء وتوافق بين شخصين وجدا ليكونا معا" ، ضحكت وهي تمسك بيده دون النظر اليه وتتابع حديثها بخجل
-- أتعلم بأنني كنت أنتظر زيارتك هناك وعندما تتأخر ينتابني احباط  واشعر بألم في قلبي،  لا ادري لماذا ولكنني كنت أتمنى قدومك وتحضير فنجان القهوة وأنت تقف معي بالمطبخ .
--أنا أعلم أبدو لك كمراهقة اليس كذلك ؟ ضحكت
وتابعت  وهي  تنظر لعينيه ، كأي  فتاة أعجبت برجل وتمنت قربه هذا فعلا ما حدث معي ، ذلك العناق اليكس هو اغلى عناق حصلت عليه في حياتي ولن أنساه طالما حييت ، صحيح كنت بوضع  مزر ولكنني شعرت بكل خلجة بصدرك قد وجدت توأمها بصدري ، بكل نبضة بعروقك قابلتها نبضاتي مرحبة بها
لقد أحببتك دون أن اشعر أو أعي ماهية الحب ، كل ما شعرت به كان صادقا ،نابعا من قلبي لذا لم اعي ما سمعته ولم ارغب بتصديقة ، رحيلي كان هروبا ، أنا اعترف بأنني ضعيفة في هذا المجال، ولكن رفض قلبي بجنون أن يقبل المنطق المتزن، لا يعقل ابدا،  لا يمكن أن يعني ما...
لم يتحمل شعورها بالاحباط والاسى ذلك فما كان منه الا أن عانقها بشدة وهو يعتذر بصوت خافت لما سببه لها من آذى نفسي
لكنها أثرت أكمال حديثها كي يغلقا باب الحديث بهذا الموضوع ثأنية .
-- يكفي إيلينا ليس الأن حبيبتي قال ذلك محاولا ثنيها عن سرد تلك التفاصيل الموجعة لكنها بأبتسامتها المشرقة تابعت
-- عندما أستيقظت صبيحة ذلك اليوم شعرت بأنني  اكتفيت من توقعاتي وافكاري الجنونية  ، تنهدت وهي ترفع  فنجان قهوتها لشفتيها ترتشف بعضا" منه ، لم اخطط إلى أين سأذهب ، ولكني استجمعت قواي وذهبت لنزل قريب من الجامعة ، وكان من حظي السعيد بأنني  وجدت أحدى الطالبات تود الأنتقال من جامعة ليدز إلى هنا ، فقمنا سويا بنقل اوراقنا كل إلى الجامعة المعنية وخلال اسبوع كنت قد قدمت اوراقي وقبلت بالسكن الداخلي ، واغرقت نفسي بالدراسة والاستذكار كي أنسى ما حدث وما سمعته.
إلى أن جاء صباح ذلك اليوم الذي  أتصل به السيد ديفيد يود مقابلتي  لتوقيع بعض الاوراق، فالتقيت بفيكي التي كانت غاضبة وحاقدة علي، وعندما سمعت بمرضك لم أنتظر للصباح فذهبت لأراك ، هل تصدق اليكس؟ تلك اللحظة نسيت كل شيء ، كل ما فكرت به أنت ، اريدك أنت ، لأنني أكتشف بأن حياتي من دونك لا معنى لها.
لحظة صمت سادت بينهما على أثرها رفع رأسها واقترب منها مأنحا نفسه واياها أول قبلة حب عميقة أذابت الجمود الذي عاشاه ،وفتحت افاق جديدة بحياتهما معا ، قبلة جلت الحزن ، قبلة حب هي الحياة لهما .
لم يشعرا بمرور الوقت ، كل ما عاشه كلاهما في هذه اللحظات أنساهما الأسى والحزن وهذا كل ما يهم الأن.
ارخت برأسها على صدره وهي تمسح دموعها التي أنهمرت رغما عنها فسألها وهو يسمح لأنامله بمداعبة خصلات شعرها
-- هل يعني هذا أنك سامحتني حبيبتي؟
ابتسمت برقة وأجابته
-- طبعا صفحت عنك تماما وسامحتك  هل أنت راض الأن عزيزي؟
لكنه استمر في احتضانها وقد خرج صوته مرتعشا"
-- أنا أحبك إيلينا كما لم أحب في حياتي ، كدت أجن لأحساسي بفقدأنك  ، لن أسمح لك بمغاردة حياتي بعد الأن ، إيلينا هل .. صمت قليلا
وتابع دون تردد هل تقبلي أن تكوني زوجتي ؟
لم تستطع أن تنطق بكلمة  ساد الصمت للحظات وقد بدأت ترتجف بين يديه ودموعها تغرق وجهها
-- إيلينا ماذا حدث؟ مالذي يحدث معك اخبريني؟ الح كثيرا عليها.
اعتقدت أنها تتخيل ذلك ، لكن صوته بدا جديا وكان الارض ستنهار، هل هي  مجرد تخيلات ، لا بد أن تخبره بما تشعر به ، بل بما تحمله من حب له  ، تمالكت قليلا وقالت
--اليكس أنا أحبك أيضا"ولا يمكن أن أتخيل حياتي بدونك.
ساد صمت قصير أجابها بسعادة بالغة
-- اعلم ذلك حبيبتي ،أنت غبية يا إيلينا لتهربي من هذا الحب الذي أشعلتي قلبي به ، قبل جبينها وتابع ، سنناقش هذا اثناء عودتنا للمدينة.
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تضحك لأول مرة من فرط السعادة التي تشعر بها .
--أنتظرتك قرون وقرون مئوية ، بحثت عنك الاف السنين القمرية  اخترتك من بين الجموع البشرية ،لا تستائي كثيرا حبيبتي   فأنا رجل   في حالة عشق  ازهو بنور فيك   والعفوية ردد على مسامعها تلك الكلمات التي زادت من تعلقها به فأجابته وهي تشدد من عناقها له
--منذ احببتك وأنا اعيش بين عقارب الوقت،أنتظر لقاءك فبدون قصد مني ، احببتك.
-- ما أجملكما من ثنائي عاشق حد النخاع، هل وصلت بوقت خاطئ؟  قالت ذلك فيكي وهي تبتسم بخبث وقد قبلت شقيقها مبتسمه، وتابعت من الجميل أن اراكما معا نظرت لإيلينا وهي توجه لها الكلام رغم أنني ما زالت غاضبة منك، ولكنني لن اطيل البقاء يجب أن أعود الليلة ، اردت الاطمئنان الا يحق لي اخي؟
ابتسمت إيلينا لها وبقرارة نفسها هي سعيدة أكثر من الجميع بعودتها.
دخلا المنزل في المدينة و أيديهما متشابكه سويا بينما شقيقته  تبتسم خلفهما سعيدة جدا لسعادة شقيقها.
لاحظت بشاشة إيلينا  وكم أصبحت ثقتها بنفسها أكبر ولم تعد بحاجة لسؤالها هل فعلا أحبت شقيقها ؟
-- هيا يا صديقتي  تعالي لنعد القهوة قالت فيكي كي تختلي بها قليلا بعيدا عن أعين شقيقها
-- بعد أن أوصل اليكس لغرفته سأعود على الفور أجابتها إيلينا التي كانت تصعد درجات السلم متأبطة ذراع حبيبها.
-- أجل فيكي أنا ما زلت متعبا" قال ذلك وهو يغمز شقيقته هزت رأسها فيكي وهي تقول لنفسها كم هو عابث شقيقها لكنه يستحق الحب والحياة ويستحق فتاة مثلها تحبه وتخاف عليه .
بعد صعودهما للاعلى أدركت كم أنها تشعر بالسرور لهذا الجو من الهدوء والسلام، وتمنت لو أنها تشعر مثلهما أو تحظى برفيق على الاقل ، فبدأت بأعداد القهوة وتحضير ما يلزم للعشاء ولا تدري كيف خطر ببالها ذلك الشاب قبل بضعة سنوات فضحكت بصوت عال لتتفاجئ بيد على كتفها وصوت خافت
-- أخبريني من هو صاحب الحظ السعيد؟
أنتفضت مبتعدة عنها وهي تضع يدها على قلبها مدهية الخوف والرعب
-- يا الهي اخفتني إيلينا؟ وما لك أنت بي؟ يكفي أنك سرقتي شقيقي مني ، وبمرحها المعتاد تابعت لهذه اكرهك .
-- هيا اعترفي هل تشتاقين له اعادة سؤالها إيلينا ، فنظرت للخارج لتتأكد من خلو المكان وأمسكت بيد إيلينا لتجلسا على المقاعد قائلة
-- اسمعيني جيداً ،  ما سأقوله سر بين وبينك مفهوم؟
اومأت برأسها إيلينا موافقه وكلها فضول لتكتشف هذا السر الخطير
-- قبل سنوات عديدة وعندما كنت بالعاشرة من عمري اقام والدي حفلا لعيد مولدي وقد دعى اصدقائي واقربائي وكان اليكس قد تخرج من الجامعة حديثا ، فحضر ومعه صديق له يدعى دانيال كان وسيما جدا وجميلا كأبطال الروايات الرومانسية ، ذو قوام ممشوق ، وشعر ذهبي ناعم وطويل وعيونه كزرقة السماء ، ياالهي إيلينا كم كان جميلا ، ضحكت بغباء فيكي وتابعت لقد اعجبت به وأخذت التقط الصور معه وهو يبتسم لي ويعطيني قطع الكيك وقد أحضر لي هدية أحتفظ به إلى الأن.
-- ماذا ؟ كنت طفلة فيكي يالهي ، قاطعتها إيلينا وهي تضحك من طريقة سرد فيكي لمشاعرها وقصتها الغريبة.
-- لم أنتهي بعد أنتظري  اجابت فيكي وما زالت تضحك على طفولتها وطريقة تفكيرها أنذاك
-- مضت بنا السنين عزيزتي وهذا الدانيال يزورنا من حين لاخر إلى أن وصلت المرحلة الثانوية وقد بدأت سن النضوج عقلا وجسدا" بدأت أشعر بأنني أميل له كثيرا ، لكنه بعمر اليكس يكبرني بخمسة عشرة عاما" فكيف له أن ينظر لطفلة ؟
تنهدت بعمق واكملت وإيلينا ترمقها بنظرات الاستفهام
-- فجأة أختفى لم أعد أراه فتجرأت وسألت اليكس عنه وأحزنني ما عرفته
-- ماذا؟ هل تزوج وأضاع حلمك سألتها إيلينا بمرح
-- سخيفة ، دعيني أكمل ، اجابتها ، لا لقد سافر إلى الولايات المتحدة ليتابع تخصصه في جراحة الاعصاب ،
واستقر هناك رغم أن عائلته تعرضت لمصائب كثيرة ، لكنه لم يعد .
اما بالنسبة لي فقد  تابعت حياتي ولم أجد وسيما أخرا أعجب به .
عضت شفتها بسخرية إيلينا وقالت
-- يا لسخرية الاقدار، هل يحتمل بأن تكوني وقعت بالحب في ذلك الوقت
-- هيا قومي بتحضير العشاء ردت فيكي وهي تقف ، واكملت حديثها ، وهل لأنك وجدت وسيما كأخي تعتقدي بأنني لن أجد واحد لي ؟
أحتضنتها إيلينا وهي تشعر بقربها منها وكانها شقيقتها وليست صديقة .
****
صعدت إلى غرفته لتخبرة بأن العشاء جاهز فسمعته يتحدث هاتفيا مع شخص لم تتعرف عليه  ولكنها علمت بأنه يدعوه للعشاء غدا"و قبل أن تتحول افكارها إلى شيء غير موجود قرعت الباب ودخلت قبل أن يأذن لها.
-- هيا عزيزي حبيبتك اعدت لك وجبة دسمة قالت مبتسمة
-- على الفور ا جابها اليكس وهو يترك هاتفه من يده ويقول
لها أنه دعى صديقا" لم يراه منذ زمن لتناول العشاء وأنها يجب أن تحضر مبكرا للقاءه ، فأستغربت اصراره على تواجدها
****
بعد أنتهاء العشاء جلس اليكس وإيلينا بالصالة  بينما تطوعت فيكي بتقديم طبق الحلويات والقهوة كي تمنحهما وقتا للحديث
-- اليكس ، حبيبي  قبل أن تتم جملتها أمسك يديها وقال
-- أعيدي ما قلت إيلينا ، أعيدها لو سمحت
-- نعم اليكس أنت حبيبي أجابته بخجل وتوتر فأحتضنها بقوة أستكانت على اثرها  بين ذراعيه .
-- الم تكتفيان ؟
التفتا معا لفيكي التي وضعت الاطباق على المنضدة وعادت للمطبخ تتمتم بما لم يسمعاه ولكنهما لم يأبها بها ، أمالت برأسها إيلينا على كتفه وقالت
-- أنا واقعة بحبه حد الخدر ،
-- وأنا متيم بها حد الهيام  ،
اجاب وهو يمنحها قبلة على رأسها وشقيقته تقف وتهز رأسها تتعجب من هذا الحب الذي جعلمها يتحليان بهذا القدر من الجراءة
****
قبل أن يودعها وهو يقف على باب غرفتها ممسكا يدها ويده الثانية تعبث بشعرها الاسود الذي اشتاق لملمسه قال لها:

-- بما أنك الأن سيدة المنزل الجديدة أذن غدا ستشرفي على العشاء احتفاءا" بعودة صديق الطفولة
-- سيدة المنزل ، لا اليكس ارجوك لا اريد لعلاقتي مع فيكي أن تتأثر بشيء ردت عليه وهي تستدير لفتح باب غرفتها فأوقفها وادارها
لتواجهه
-- سيدة المنزل طبعا، قال بحدة وتابع إيلينا أنت هي السيدة فأنت من ستصبح زوجتي وأما" لأبنائي وفيكي يوما ما ستكون سيدة لمنزلها مع زوجها الذي ستختاره
-- كما تريد سيد اليكس قالت مبتسمة المهم الا تغضب حبيبي ، سأنفذ أوامرك ، والأن تصبح على خير.
التفت حوله وفجاذأة طبع قبلة رقيقة على شفتيها وقال
-- الأن تصبحين على خير حلوتي إيلينا .
***
استلقت على فراشها بعد أن بدلت ملابسها وأندست اسفل الغطاء الدافىء ، أغمضت عينيها بفرح وسعادة لم تعشها منذ وفاة والدها  وهي تقول لنفسها
-- أن الحب الذي تشعر به نحوه حقيقي ، فمنذ اللحظة التي رأته فيها رأته حبيبا" ، رفيقا لحياتها القادمة ، تذكر نظراته التي كانت تتركز على وجهها بثبات كلما أجتمعا بمكان واحد  .
صحيح تألمت بسببه ،لكنه خطأها بالدرجة الاولى ، لم تظهر ما تشعر به بل وبدون تفسير صريح طالبته  بكبح جماح رغباته  أيضا تجاهها ، ولكن القدر انصفها وأعاد الامور لنصابها.

كانت تعلم بأن الحياة لن تقف بوجهها ثانية ، فما أكتشفته وما حصلت عليه من والدها كفيل بأن تفتح ذراعيها للحياة وتحتضن الامل والحبيب معا، والعودة مجددا لأحضناه بالتأكيد يستحق العناء والصبر.

سلسلة حصون العشق  حقوق النشر محفوظة باسمي hala aljberحيث تعيش القصص. اكتشف الآن