عمق

88 3 15
                                    


في تلك البحيرة .. تتدافع الامواج لتداعب اطراف الشاطئ في تحية خاصة بينهما تارة هادئة رقيقة .. واخرى غاضبة هادرة ..

وفوق العالم الازرق .. تحلق الطيور مغردة بحناجر مختلفة .. تفرد جناحيها متباهية بالوانها وبعلوها الشاهق .. تارة تنخفض لتلامس اطراف المياه وتعاود الارتفاع بعيدا ..

و الشمس مطلة من فوق ك نجمة العرض الساحرة تلقي بخيوطها الذهبية الدافئة .. لتضيء العالم الازرق والقمر يتسامر مع النجوم كشاب مغرور يلقي عليها بعبارت الغزل الرقيقة والحانه الشفافة ..

وتشاركه الاشجار الغناء متمايلة على الحانه تراقص نسمات الربيع بحركاتها المتقنة وقلوبها الهائمة ..

وعلى الصخور الكبيرة .. ابتلعت المياه صرخة ذلك العاشق المجروح .. يندب رفات حبا مات .. واضحى وجه قلبه ..مجرد ذكريات

تحزن السماء لالمه فتسود غيومها الما .. وتبكي بدموع غزيرة فيستقبلها صدر المحيط محتضا ..
يبتلع تنهيداتها المتألمة برحابة .. حتى تهدأ .. وتتتبسم خجلا فتهيم السماء بقوس ملون براق

يعلن عن بداية عرض اخر في المسرح الكبير الساحر.. تضهر فيه الشمس بطلة للعرض .

وانا وسط كل ذلك الجمال الخلاب .. سمكة صغيرة .. بالام كبيرة .. اتامل ذلك المنظر من زاوية صغيرة ابحث في ثناياه عن الهدوء الذي انشده في عقلي

اقف بعيدا عنه ..متمنيتا الشعور به والعيش داخله كما في الأساطيرالذي سمعتها .

ان المس الرمال الناعمة باقدامي العارية .. ان احلق فوق العالم باجنحة كبيرة ..

ان اتذوق طعم الهواء القاتل الذي يخبروني عنه ..

ان ارى السماء الذي فوق سمائي الشفافة ان تستمع لصوت العاشق الحزين ..

ان اعيش خارج عالمي الصامت ..

لكني مدركة اني مجرد سمكة وان الخروج يعني النهاية ..

وهي لا تريد ان تنتهي ! لا تريد ان تموت ببساطة !
.
في فم قرش ضائع
في شبكة صياد طامع
او منقار طير جائع
او في حوض اسماك لبائع

هل افعلها! اقفز خارجا !

وماذا ان مت ؟ مالفرق فانا اموت على قيد الحياة كل يوم ..

قفزت تلك السمكة بعيدا .. بعد ان اصطادوا احلامها ..

وقتلوا أيامها. وقضوا على احبتها ..

وهي مجرد سمكة صامته تشاهد بعين تنزف وجعا .

لم يكن لديها دموع لتبكيها
ولا صوت لتحكيها
ولا صرخات تطلقها وتشكيها
ولا امل لأيام تمضيها

قفزت خارجا .. ليكسر قلبها بخيبة ..
لم يحدث كما في تلك القصص لم ينمو لها قدمين .. ولا جناحين ولم تمتلك صوت العاشق الحزين لتصرخ به وتلك السماء زرقاء كما في سماء عالمها .. لكنها راكدة ..

انتفض جسدها .. يعلن العد التنازلي لحياتها
فابتسمت بالم هاهي تحقق حلمها وترى ذلك السحر عن كثب ..
. تشعر بملمس الرمال الناعمة ..

وترى خيوط الشمس الاخيرة وهي تودع جمهورها في نهاية ضهورها قبل ان تختفي قبل الستار متباهية بجمال اشعتها البديعة صانعة اجمل الوان .. تراهن القمر ان يتغلب عليها ..

ها هي تستمع لتغريد الطيور وترقد بجوار العاشق الذي ينفض اخر انفاس الامل مودعا .. تستطيع سماع همسات الاشجار المتراقصة ..

وتتذوق الهواء الخطير الذي اخبروها عنه هي سعيدة .. فقدت حققت جزء من حلمها ..

هي ماتت لكنها اختارت كيف تعيش .. جميعنا نموت .. لكننا نختار كيف نعيش .. ان نجعل الامواج تدفع بنا الى المجهول .. او ان نحاربها خلف مايخفق قلبنا لاجله ..

هي فعلت الصواب .. هي لمست حلمها المستحيل ..ربما لم يتذكرها احد .. ولم يسمع عنها احد ..

لكنها عاشت للابد .. فالابد ليس ببساطة ان تبقى حيا .. لكن ان تحيا لحظة خالدة
لحظة تجعلك تستحق ان تتذكرك الحياة نفسها

فتقول انك مررت من هنا ..

بعض الابديات ببساطة اكبر من ابديات اخرى ..

.. لانها عانقت الحلم عاشت ك سمكة وماتت خارج الشبكة ..

☆رغد☆

كلمات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن