الفصل التاسع عشر

4.2K 522 281
                                    


كانت تسير بالشارع المؤدي لمنزلها وهي تحدق بالأرض، عابسةٌ مكتئبة. العمل مُرهق؛ فقد مر أسبوع كامل على عملها كمذيعة ترفيهية بNRB.

وأيضاً مر أسبوع كامل على آخر مرة رأت بها بيون بيكهيون، مع لفظة حطمتها، ونظرة أشعرتها وكأن رياحاً عاصفةً هبت عليها بردها.

إعترض طريقها بملامح شاحبة، وبنظرات هادئة، نظرت له فور أن سمعت بحة صوته التي تلاشت بعد الكلام: "أين أخي؟"

"تاي ما خطبك؟ لم وجهك شاحب هكذا؟" إستشعر القلق بنبرتها، وكذلك الخوف بدا عليها ليجعلها تتقدم خطوة، أما هو فكايلها بواحدة بتراجعه.

إهتزت شفتيه ورفت رموشه بحزنٍ وكأنه كان ضحية للخذلان، وكرر ما سأله: "أين أخي؟"

وقبل أن تشرع بمحادثته، فجَّر عتابه بوجهها: "جميعكم كاذبون، ما كان عليَّ تصديقكم منذ البداية، لم أخبرتموني بأني يتيم؟"

"تاي، نحن..."

"لا أرغب بسماع المزيد من الكذبات! بارك سورا صاحبة أكبر سلسلة فنادق بكوريا، تكون أُمي؟ يا للسخرية"

لم يمنحها فرصة للتحدث والتحجج، وإنما همَّ بمغادرتها، لم توقفه، لكن لا يخفى إنها قلقة من أن يقوم بفعل متهور؛ فحالته مزرية وكأنه دخل بحالة إكتئاب، فالعالم قد خذله بالفعل.

رنَّ هاتفها، فأجابت على المكالمة، وبعد ذلك أغلقتها وأسرعت نحو تاي لتستوقفه.

"توقف! أمي ترغب بإخبارنا بموضوع مهم، دعنا نذهب لها ونستمع ومن ثم يمكنك المغادرة أينما ما شئت"

تنهد ثم أومئ موافقاً؛ فلن يخسر شيئاً إذا سمع الحقيقة. بلغا المنزل ودخلاه، فوجدا سول تجلس بجانب جيما التي تمسك بيدها وهي شاردة بالتحديق بالأرض.

"لقد وصلنا" أعلنت يورُم ذلك؛ لتنتشل والدتها من جفولها المريب.

رفعت جيما ناظريها وابتسمت لإبنتها الكبرى فتاي العابس، عيناها تسردان حكاية بلا نطق، فبمجرد النظر بهما ستشعر بمدى هم صاحبتهما.

طبطبت لتاي على الجزء الفارغ بجانبها، فتحرك من مكانه وصار جالسا على الأريكة بمحاذاتها.

"أتناولت طعامك جيدا؟" مسحت على رأسه بحنية فأومئ وهو بدور الساكت المرتبك.

"يورم إجلسي أنت أيضا" قالت لإبنتها بهدوء، فأومئت يورم وجلست مقابلهم.

"تاي، غدا هو عيد ميلادك الثامن عشر، لقد كبرت بسرعة وصرت رجلا قويا. في الحقيقة، عندما كنت بعمر الخمسة أشهر، والدك كان يعمل بشركة وهي ناهضة حتى الآن، بأحد أيام ديسمبر؛ نشب حريق بتلك الشركة ولم يستطع والدك النجاة، وبيوم الجنازة، غادرت والدتك سورا لتصبح من بعد ذلك زوجة صاحب الشركة. فضميتك أنت وبيكهيون إلى كنفي وعاملتكما كما أعامل إبنتي، وربيتك لمدة ثماني سنوات حتى غادرتني برفقة شقيقك، لكن ألم تتسائل عن سبب رحيلكما المفاجئ إلى أستراليا؟"

سيد فراولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن