شـآبتـّر السابع عشر-الا ينتهي بحر دموعها يومياً؟-

2.1K 122 50
                                    

خـطوة تليها خـطوات سريـعة قـبل أن يصدر صوت سقوط عميق، استندت على تلك الشجرة القريبة منها و هي تلهث باحثة
عن قليل من الطـاقة ثم وقفت تعلوها نظرة تصميم و عزم لتعود إلى الركض مجددا ..
كانت ضعيفة و بلهاء لكن جرى هذا قبل أن تستيقظ حياتها من سبات الحداثة العميق و قبل أن ترتفع جناحيها إلى السمـاء و قبل أن
توقظ في قلبها شعلة المحبة و الحب ، لديها الآن سبب أقوى في المضي .. في الـركض لآنقاذ الشخص الذي اختاره قلبها شريكا له
أيام دنّياها المتبقية و سوف لن تستسلم لليـأس
أنيرت عينيها بضوء الأمل عندما وصلت آخيرا إلى الطريق العام فرفعت يديها شاكرة الله ، حينما ارتجفت قدميها فجـأة و سقطت على
ركبتيها أرضا بكل إمتنان ، إنها نهاية مـأساتهم و سوف تجد المساعدة ليهبوا بإنقاذهما فانتـظرت
مقاومة جفاف رمقها ، ألآلام جسدها و رغبتها في النوم لسبيل الخلاص ، انتظرت و قلبها يدق عنفا بينما أمالها تختفي تدريجيا من
شدة خوفا عليه و قد قـارب الظلام على الرحيل و الشمس على الـشروق
حين رأت سيارة قادمة من بعيد فتحاملت على نفسها بعزم و ركضت لتقف مجددا وسط الـطريق مغلقة عينيها الواسعتين، انحرفت
السيارة من طريقها بقوة فلم تفصل عنها سوى أنشا أو اثنين ،
خـرجت إمرأة بجزع متـأملة حال ماري و قد ظنت أنها قد أصابتها يرافقها رجل في منتصف الثلاثينات ، دماء تلطخ ثوبها و شعرها
الأشعث كمـا لو كـأنها شبح ما ، بينما تقدمت ماري منها و قـالت بغصة متوجعة تقطع أنفاسها
ـ أرجوك سـاعديني يـا آنسة ، خطيبي بين الحيـاة و الموت أرجوك أنا أتوسل إليك
تنهدت المـرأة براحة و قد اختفت فكرة كونها مجنونة أو شبحـا من رأسها قـليلا ثم أمسكت بذراع ماري لتجعلها تستند عليها كي
تستقيم في وقوفها ، تحدثت بنبرة قلقة و هي ترمق زوجها بنظرات محذرة
ـ ما الأمر ؟
نـظّرتّ إليها مـّاريّ بـأملّ لتنـّزل دّمعة استقصرتها الرحمـّة و الألمّ منّ أجّفانهاّ السّوداءّ ، لتتحدّث بـّنبرة مـّبحوحّة خـّافتة
ـ لقد تعرضنا لحادث و سقطت السيارة من أعلى المنحدر فأصيب خطيبي و لا يستطيع الـحركة أرجـوك سـاعدينا، سـأكون ممتنـة لك للأبد
أومـأت المرأة بالإيجاب و عـادت تنظر إلى زوجها ، ركنا السيارة جانبا و أسرعا خلف ماري التي كانت تركض بخفة كما لو كـأن
قدميها لم تلامسا الأرض قط و بكل رشـاقة قد آثارت الرعب في أنفسهما ، فكيف لشخص بكاحل ملتوي و جروح لا زالت تنزف أن
يركض هكذا كما لو كـأن هناك قوة خفية تحركه و تحثه على الاستمرار ؟ استغرق الأمر وقتا حينها بدأت الريبة تنتقل شيئا فشيـئا إلى
قلبي المـرأة و الرجل ظنا أنها مجنونة أو ربما قـاتلة لكن أنينها المتـألم المنـاجي باسم حبيبها كـان بمثـابة الأمل الوحيد لهما بـأنها
ربما ذات عقل سليم
حين وصلا إلى حيث تلك البقعة الخالية ، كانت هناك آثار لحطام سيارة في نهاية المنحدر فكيف استطاع هـذين الآثنين أن ينجوا من
السقوط في الهاوية ؟ .. اتجهت ماري مسرعة إلى ذلك الشاب المستلقي على الأرض و يبدوا كما لو كـأن روحه في آي ثانية ستفـارق
جسده ، أمسكته من معصمه و احتضنته بخفة لتسمع دقات قلبه المتبـاطئة
شفتيه المـائلتين لزرقة و شحوب وجـهه الفـظيع بينما عـينيه مصـوبتان نـاحيتها ببرود قد اختفى منهما شعلة الحياة ، يهمس متـألما
بكلمـات عدة حيث تضاءلت مقاومته لتعادل الصفر تقريبا ، همست بنبرة خافتة بـأنين متـألم
ـ نايت لقد أحضرت المسـاعدة ، أرجوك لا تتركني حسنا ؟ لقد وعدتني
تقدم الرجل واضعـا نايت بكل بطء و حذر على ظهره بمسـاعدة كلا من زوجته و ماري كي لا يصيب جروحه بإلتهاب أو يزيدهم سـوءا
في حين أمسكت ماري بيده البـاردة بكل لطف و خوف في آن واحد ، إنها خـائفة من أن تفقده بـعد أن وجدته .. السبب الذي يدفعها بالاستمرار
في العيش ، بينما بدأت تلك المـرأة بمواساتها و هي لا تعلم فعلا ما الذي قد تقوله لتخفف من وطئه الفـاجعة التي حدثت لهما ،
عـادت تهمس مجددا بـرجاء أخير
ـ نـايت أصـغ إلي ، أنت كل مـا أهتم له .. و أنـا أحبك فلا تمت رجـاءا
فتح نايت عينيه الزرقاوتين و قد بهت لونهما المميز بكل تعب ، رفع جفونه ليحدق بها لفترة لست بطويلة ، فلمح دموعها التي غـزّت كل
وجههاّ و صوتهاّ المنتحب بكلمات لم يّفهمها حينها فـأغلق عينيه بتعب مفكراّ ، ألا ينتهي بحرّ دموعها يوماّ ؟

لا يجب القول لا لفخامته(منـقولة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن