الشـآبتر الخامس عشر-موعد بين الاشواك-

2.6K 125 19
                                    

في تلكـ الحانة التي تعجّ بكل أولئكـ السكارى ..!
حيث وقف معظمهم يرقص بجنون على وقع أنغام تلك الأغنية الصاخبة .. التي تصدح في أرجاء المكان ,
طالبةً من الجميع أن ينسوا همومهم ويسلّموا أنفسهم فقط للإيقاع ..!
يترأس هذا - الشغب - ذلكـ الشاب صاحب تصفيفة الشعر المرفوعة لأعلى, وملامح وجهه المرتاحة التي
توحي لجميع من حوله بأنه يعيش أرغد عيش .. ويهنأ بحياته ويستلذ بها .. يستلذ بكل لحظة منها !!
لا يعلمون أنّ وراءه تلكـ الزوجة , التي تخطط وتنفذ بدلاً عنه !
فـ هاهو كايل .. يمرح ويفرح بدون ضجـر و لا كـلل , بعد أن أخبرته إليزابيث بما تنوي فعله للقضاء على نايت ,
وماري البريئة الوديعة أيضاً !
وما هي سوى إشارة من اصبعه حتى أتى ذلك النادل مسرعاً , كيف لا يفعل و كايل قد دفع للحانة ليكون هو
ملكـ الليلة وكل ليلة بدءاً من الآن ..فـ هاهو يأمر ذلك النادل , بصوتٍ عالٍ مفعمٍ بالحماس
- قدّم الشراب لجميع الموجودين هنا .. فهو على حسابي !
تصاعدت صيحات الفرح , وتهليل الموجودين باسم كايل من بين ضحكاتهم الثملة !
لتتراقص ابتسامة الانتصار تلك على شفتيه .. في كل ثانية يزيد فرحه , في كل ثانية يزيد سلطة ,
فـ كيف لا ؟ ونايت يخسر شيئاً يقترب شيئا فشيئا من خسارته أملاكه باسم شركة جونسون ,
التي تبين أنها ليست سوى درع لإليزابيث وأفكارها الشيطانية ! لم تدم ابتسامة الانتصار طويلاً ..
حتى حلت تلكـ الابتسامة الخبيثة والنظرة الشيطانية مكانها !
ليقول في نفسه , بخُبث
ـ قريباً يا نايت , قريباً , سأراكـ راكعاً أمامي حيث كل ملكك وسلطتك لي
إليزابيث .. شكراً على وجودكِ في حياتي , أنتي وأفكاركِ هذه !

~ . ~ . ~

كان فرانسوا ذلك الشاب ذو الملامح الفرنسيةّ الأنيقة و الشخصّية الصـّارمة الجادّة يجلس بكل ضجر في
واجهة المقهى يرتشف القليل من الشايّ ، و على غير عادته لم يكن يرتدي هذه المرة بذلة رسمية سوداء
و لمّ يضع أيضّا سماعات على أذنه و لمّ يحمل هاتفه بين يدّه في كل ثانية يترقب فيها اتصـّالا من طرفّ عملائه
لكنّ أنّ يجلّس بلاّ أيّ تخطيطّ مسّبق لهو أمرّ لمّ يّقم به قـّبلا لذّلك و بالرغم من أن رئيسه طلّب منه أخذّ عطلة
غيّر أنه لمّ ينصت لهّ فهاهو يـّراقبّ مبنى الذيّ دخل إلى نايت من واجهة المحل لأنهّ من المستحيل تّركه بـّعد
جنون رئيس جونسون فيّ الطائرة ، فجـأة لمحّ ذلّك الشـّاب ذو الشعر الأشقّر و الملامحّ المسترخيةّ يتـأبط ذراع
فتاة يبدوا واضحـّا عليها المّلل ، عـّرفه فرانسوا على الفورّ فهو صديقّ الوحيدّ الذي يثقّ به الرئيس ،
ابتسمّ بسخريّة إذنّ فالإشـّاعاتّ حقيقّية ، ويّليام بالفعل زيرّ نسـّاء لكنّ ما الذيّ يفعله خارجا من المبنى عندما
ذهب نايت لزيارته ؟ أيّ صديق هذا ؟ أكملّ ارتشافّ الشّاي بهدوءّ مفكرّا ، لماّ ليسّ لدى نايت سوى هـذا الأبله
كصديّق له بالرغم منّ أنه يستطيّع الحصّول على أيّ أحدّ ؟ حسنـّا قدّ يعودّ الأمرّ لشخصّيته السيئة ، و ماّ موضوع
هذه الخطبة المفاجئة ؟ كيفّ يعقل لنايت أن يمتلك وقتا للحب بينما هو لا يمتلك وقتا لنوم فيه حتى ؟ ثم أليس
هدفه هو كايل إذا لما إختار فتاة ريفية أن تكون خطيبته ؟ أحيانا من الصعب فهم شخص كنايت
فجـأة اتسعت عينيه من الصدمة و سارع بالنظر إلى حيث تقبع شقة ماري ، هل الفكرة التي طرقت رأسه الآن
معقولة ؟ بالطبع كيف لم يلحظ هذا سابقا .. فبعد أن قضى أسبوعا في فرنسا برفقته لقد اتضح القليل من طريقته
في العمل
لابد أن نايت يعتقد أن كايل قد يحاول قتله في أية لحظة من أجل الحصول على السلطة و تولي العرش من خلف
جدهم بيتر و إن حصل كايل على مبتغاه فوصية نايت مهما كان محتواها فهي ستبقى غير مهمة لأنه سيتخلص
منها بكل تأكيد لذا ربما نايت يحاول الزواج من ماري من أجل هذا ، فإن توفي هو ستنتقل أملاكه كلها إليها و لن
يهنـأ كايل بـأملاكه أبداّ إذ أن ماري سوف تظهر في الحلبة لتنافسه و برفقتها بالطبع ويليام ، لكن هل يثق نايت
بها لهاته الدرجة كي يجعلها اليد اليمنى من بعد موته ؟
قطبّ فرانسوا و اسند رأسه على ذراعه القوية بكل ضجرّ ، هذا نايت غريب جداّ لما الشركة مهمة كي يخـاطر
بحياته و حياة من حوله من أجلها ؟ فجـأة جلس أمامه ويليام و على شفتيه ابتسامته المشهورة الجذابة بينما
تساقطت خصلات من شعره الذهبي على جبينه لتعطيه مظهر الشاب اللا مبـالي ، وضع بيانو جانبا على الجدار
حين تقدمت فتاة التي كانت معه ، صهباء و ذات ملامح عدائية شرسة ،
رمش قليلا و قد بدأتّ المعلومات تنتقل بسرعة إلى ذهنه ، هذه الشابة إنها عاملة عادية لأحدى الصحف المحلية
تدعى فلور روبرت أخت ماري روبرت الكبرى التي تحرى عنها سابقّا ، ما الذي تفعله برفقة ويليام دويل ؟
هل وقعت هي أيضا بسحره يا ترى ؟
كانت كل هذه الأسئلة تدور في رأسه بينما وجهه لا يزالّ بـّاردا لا يكادّ يظهر أية ردّة فعل ، ابتسم ويليام
و أشـار على فرانسوا قائلا بمرح
ـ فرانسوا أعرفكّ بفلور روبرت ، فرانسوا اليد اليمنى لنايت
رمقته فلور بعينين حادتين تنبـآن بمدى عمق كرهها له ، بالرغم من أنها لم تقابله إلا توا لكن و بمجرد سماعها
لكونه أحد أتباع نايت هذا سبب كافي لجعلها تضعه في خانة لائحة أعدائها ، فمدت يدها بتصميم ليمسكها فرانسوا
و على شفتيه ابتسامة بسيطة إذ أنه ظن أن هذه مجرد مبادرة ودية منها لكن ما إن أمسك يدها حتى بدأت فلور
بالضغط على أصابعه بكل قوة تملكها كـأنها تقول أن ماري ليست لوحدها في حين جذبها ويليام ناحيته و هو يقول بإرتباك
ـ فلور أرجوك أتركي يده أنت تـؤلمينه ، كوني طفلة مطيعة
قطبت بعصبية و فعلت ما طلبه ويليام منها بغير رضى ، فبعد أن سحبها ويليام رغما عنها من شقة أختها فقط من
أجل أن يكون الاثنين لوحدهما و هي تشعر بغيض شديد و الأشد من هذا أنها مجبرة على البقاء معه ،
ابتسم فرانسوا بخفة مراقبا نظرات فلور المشبعة بالكراهية نحوهما ، فلم يكن ليظن يوما أن ويليام سوف يصبح
مكروها من قبل إمرأة بينما قال ويليام ببراءة
ـ لماذّا تكرهيننيّ ؟
فكرت فلور كم هو صبياني هذا الرجل فمن يراه الآن لن يصدق أبدا أنه يصبح شخصا آخر في الحانات ، يصطحب
برفقته العديد من النساء و يـأسرهن تارة بغمزاته و تـارة بكلامه المعسول المنمق اللبق ، فقـّالت بنبرة هادئة غاضبة
ـ أنت شخص منافق بلا ريب ، هذه الابتسامات الساذجة الدائمة تجعلني أشعر بالاشمئزاز
رمش عدة مرات محاولا أن يستوعب كلماتها ، أهذا يعني أن أختها ماري دائمة الابتسام منافقة أيضا ؟
نـظر مركزا إلى عينيها العسليتين غير قادر على ترجمة ما تخفيه من شعور من خلفهما مستمعا إلى بقية حديثها
ـ أنت تخفي شيئا خلف هذه السعادة أليس كذلك ؟
تنهد ويليام و وضع أسند رأسه بيده بينما رمقها فرانسوا بدهشة ، ربما قد حان الوقت للبوح بسّره ،
هذا السرّ الذي يّرهق كاهله و يجعله غير قادر عن التنفس حتى فقـال بنبرة هامسة و خافتة بعدما إقترب من فلور
ـ أنا يا فلور ، أنا قاتل مأجور
رمقته بعدم استيعاب فضحك بشدة على شحوب وجهها و الرعب الذي اكتسى ملامحها ، لتقف فـّلور بكل
عـّصبية و قدّ أمسكته من ياقته و هو من شدة ضحكـه لم يستـطّع الـمقـاومة ، كادت أن تلكمه بقوة لكنها تنهدت بيـأس
و كادت أن تسير مستعدة لرحيل بينما ويليام لا يزال متمسكا بذراعها و بنبرة كوميدية بحتة صاح قائلا مرددا كلمات من أغنيته
ـ لا تتركيني يـا حبيبتي لا تتركيني أعاني و حبك يسري كالدم في عـروقي
حاولت فلور إبعاد يده الملتفة حول ذراعها بكل وحشية و هي تشتمه بما كان في مقدمة لسانها تلك اللحظة
ليعم الضجيج في المحل ، مسببا الإزعاج
ـ أنا لا أمزح أيها الأبله ، من الآن فصاعدا أنت ممنوع من أن تطأ قدميك شقة أختي أيها اللعوب ، لن أسمح لك
بالاقتراب منها أبدا ، يا سادة هذا الرجل الذي هنا زير نساء لا تدعوه يقترب أبدا منكم
شهق ويليام و قد حطمت سمعته فقفز تاركا آلته خلفه و هو يركض مسرعا خلف فلور التي لاذت بالفرار ،
كيف تجرؤ على قول هذا عنه بعدما كان لطيفا معها ؟ بينما ابتسم فرانسوا ببرود ، أفعلا سيكون يد العون لنايت ؟
أفلا سينتقم من أجله إذا قام أفراد عـائلته بقتله ؟ هـذا الآن يبدوا مستحيلا ، نظر إلى فنجان الشاي قائلا بمتغاض
ـ أوه لا ،

لا يجب القول لا لفخامته(منـقولة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن