شابتر الثامن والعشرين- النـدآء الآخيّر -

2.2K 104 39
                                    

يرّتدي سترةّ حمراءّ اللونّ بّمربعاتّ سوداءّ تصلّ إلى ركبّتيه بلاّ أكمـّام معّ قّميصّ أسودّ اللونّ كذلّك كانّ السّروالّ أيضاّ حـذاّء
ذوّ أربطـّة يـّضع وشاحاّ يبدوّا كالكّمامة حمراءّ ، بينماّ شعرهّ الأشقرّ قدّ قّصه لّيصبحّ يصلّ إلىّ نهايةّ رقّبتهّ ، تنهـدّ و أخـّذ يفّرك
جبّينه بّغير رضى مراقّبا ملاّبسه عّندماّ رنّ جرسّ المنزلّ كاّن يّعلم أنّ و منّ خلفّ البابّ لن يكونّ سوى شّخص واحدّ فقطّ ،
فّمن غيرهاّ يهتمّ به حتىّ لو أنهاّ نفت ذلكّ بشدةّ
تـّقدم بخـطّوات مترددةّ ثمّ فّتح البّاب لتـظهرّ فلوراّ ترتديّ فستاناّ على غيرّ عـّادتها أبيضّا و وشّاحا معّ معطفّ بنيّ كّانت تّقوم
بّترتيبّ ثناياّ فستانهاّ حالماّ سقطتّ عينيهاّ علىّ ويّليام الذيّ تغيّر جذّرياّ ، شّهقت بّعدم تصديقّ ثمّ رفعـّت أناملهاّ و وضّعتهاّ على
خصّلات شعرهّ القّصيرة من الأسفّل ، قـّالت بّدهشة
ـ ويّليام ماّ الذيّ حدثّ لّشعركّ الجميّل ؟
زمّ شّفتيه بّتعـّاسة لّيضع رأسهّ على كتّفها متـّظاهراّ بّذرف الدّموعّ ، كاّن مختلفّا لأقصىّ درجـّة بلّ بالكادّ استطاعت أن تّعرفه
فقـّال ويّليام بنبرةّ تّكاد أنّ تكونّ باّكية
ـ لقدّ أخذّني مديّر أعماليّ و أوسكارّ على غّفلة منيّ لإجراءّ تغييرّ كاملّ علىّ شكليّ فّلورا ، لقدّ قاّموا بتثبيتيّ على الكـّرسيّ
بينماّ تلكّ الآلةّ تّأخذّ خصّلاتيّ الثمينةّ أتصدّقينّ هذاّ ؟
كاّنت تّرمقّه بنظراتّ غيرّ مصدّقة فّكيفّ لويليّام أنّ يتغيرّ هكذا فيّ غمضة عينّ بلّ حتىّ أنهّ يبدواّ الآنّ أكثرّ شّبها للمشّاهيرّ ،
طّريقته فيّ ارتداء الملابسّ و حتىّ تّسريحةّ شّعرهّ كلّها تنمّ عنّ تغيرّه الجذريّ أيعقلّ أنّ كلّ هذاّ يّعود لأوسكارّ ؟ فتراجعتّ بّضعة
خطّوات للخلفّ ، فجـأّة قفّزت نحوهّ و بحركّة صّبيانيةّ وضّعت ذّراعها حولّ رأسهّ و جذّبته للأسفلّ كيّ تّفرك عليه بّقبضتهاّ قّائلة بحماسّ
ـ ياّ رجلّ أنتّ تّبدوا.. رائعاّ
وضـعّ يدّه خلفّ رأسهّ بّإحراجّ إذّ أنهّ لم يكنّ ليتوقعّ أبداّ أنّ فيّ يومّ ماّ سّتمدحّه فّلور ، و بهذّه اللحظّة تماماّ شعرّ أنّ المسّافة
التيّ بينهماّ تّستمرّ بالتّقلص تّدريجياّ حينماّ ظهرتّ سيدةّ فرانسيسّ حاملّة أكياسّ عدةّ بعدّ أنّ صعدتّ السّلالم، نظرتّ إلىّ فلوراّ و
حركتّها الصّبيانية ثمّ هزتّ رأسهاّ بكل أسىّ قّائلة
ـ كيفّ سيّكون لكّ حبيبّ و أنتّ تتصّرفين كّالرجاّل تماماّ ؟
شّحب وجّه فلورّا أكثرّ لماّ لمحتّ عينيّ فرانسيسّ التيّ تّطلبانّ منهاّ تركهّ فّابتعدتّ عنّ ويلياّم مسّرعة ، تلعثمت محّاولة أنّ تجدّ الكلماتّ
المناسبةّ لمثّل هذّا الموقفّ لكنهاّ لمّ تستطعّ أنّ تنطقّ حرفّين متتاليينّ لتشّكل جملّة فكيفّ لهاّ أنّ تّبرر نفسهاّ ؟ لذّلك انسحبتّ للخلفّ
رافّعة ذراعيهاّ للأعلىّ دلالّة على الاستسلام ، فّرمقّتها فرانسيسّ بّنظرةّ حادّة و اقتربتّ من ويّليامّ محركةّ خصّلات شعرّه الذّهبيّ بّكل
عّشوائية قّائلة بّحب
ـ تّبدوا وسيماّ كّعادتكّ ويّليامّ
ابتسمّ بّكل جـّاذبية شّاكراّ سيّدة فرانسيسّ على كلماتها اللطيّفة ثمّ عـّاد ينظرّ إلىّ نفسه مقطبّ الحاجّبين ، بالّرغم منّ أنهماّ قدّ يمدحانه
إلاّ أنهّ لاّ يزالّ غيرّ مقّتنع بّمظهره ، تحدثّت فلورّ بّتساؤل
ـ ماّ سببّ هذاّ التغيرّ ؟
أفاّق منّ صدّمتهّ بمظهرهّ ليظّهر علىّ وجّهه تعبيرّ الحزّن فّهو لمّ يكنّ يريدّ أنّ يرحلّ الآنّ لكنّ لاّبد منّ ذلكّ ، أصدّر آهةّ متألمةّ ثمّ
قـّال بنبرةّ تعيسةّ
ـ لديّ مهرجاّن و حفّلة لأقيمهاّ لذّلك سّوف أغّادر اليّوم و ربماّ لن أعودّ إلاّ بّعدّ مرورّ شهرّ ، كمّ هذاّ مّؤسفّ سوفّ أفتقدكمّ جميّعا
شّعرت فّلوراّ بالصدّمة و لمّ تستطعّ أنّ تستوعّب رحيلّ ويّليامّ فّأولاّ ماريّ أختهاّ و الآنّ ويّليام الرجلّ الذيّ تحبّ و منّ سيتبقىّ لهاّ
هناّ فيّ لندن إنّ لم يكنّ هذينّ الإثنين معّها ؟ كانتّ الدّهشة واضحّة عّليهاّ بينماّ اقتربت السيدّة فرانسيسّ و الدموعّ فيّ مقلتيهاّ احتضنته
بكلّ حنانّ متمنيةّ لهّ السّلامة ، لماذّا همّ يّفقدون أحبّائهم واحداّ تلوّ الآخرّ ؟ لماذاّ همّ يّغادرون هكذاّ ؟
لماّ لمستّ دمعةّ شّفتي فلورّ أفاقتّ منّ حزنهاّ فّرمشتّ بّكثرة مّحاولة التماسكّ لكنهاّ لم تستطعّ ، نـظرتّ إلىّ ويليامّ الذيّ يطمئّن فرانسيسّ
بّكل حنانّ لفّا ذّراعيه حولهاّ فّبدأتّ دموعهاّ بالإنسّيابّ علىّ خديّها حينهاّ استدار ناحيّتها اتسعتّ عينيهّ غيرّ قادرّ على استيعاب أنّ فلورّا
المرأةّ الفولاذيّة تبكيّ منّ أجلّه هوّ ، لطاّلما ظنّ أنهاّ تكرههّ ، همستّ بشيءّ ماّ و استدارتّ راحّلة .. فّأمسكّها ويليامّ منّ ذّراعها قّائلاّ بّصدمة
ـ فّلوراّ ماّذا بكّ ؟ هلّ تبكينّ ؟ لقدّ ظّننتّك تكرهيننيّ ..
كالّسهم إخترقّ قّلبهاّ أكلّ محاولاتّها المستميتةّ تلكّ فيّ كسّب حبّه لمّ تّلفت إنتباهه و لوّ للحظّة ؟ كمّ هوّ مؤّلم أنّ ترى محاولاتهاّ الجاّهدةّ
تّبوء بالفشّل لكنّ و ماّ الذيّ توقعته ؟ ويّليام مغّني مشهورّ يملكّ كلّ ماّ تتمناه الفتيّات ، لدّيه المظّهر و الطّيبة و المالّ إنهّ فارسّ أحلامّ
الكلّ فّلماذاّ قدّ ينظرّ شّخص بّمثل هذّه المّواصفات إليهاّ هي ؟ الفتاة الصّبيانية ؟ ، دّفعتّه جاّنباّ رامقّة إيّاه بكلّ حدةّ هذاّ ماّ فّسره لكّن فيّ
الحّقيقة تلكّ النظرّات لمّ تكنّ سوّى ألمّ فتاةّ عّاشقة، قـّالت بّنبرةّ بّاردة
ـ أنـّت محقّ فيّ ذلكّ ،
أغلقّت بّابّ شقتهاّ بعنفّ بينماّ أخذتّ فرانسيسّ تهزّ رأسهاّ يميناّ و شماّلا علىّ عدمّ صراحةّ فلوراّ ، تنهـدتّ بّقلة حيّلة ثمّ وضّعت يدّها
على كتفّ ويّليام المصدّوم بّشدة قّائلة بّلطفّ
ـ أنّها لاّ تعنيّ ماّ قالتهّ فّهي فقطّ تّشعر بّالألمّ لأنكّ أنتّ أيضّا ستتركّها،
رفّع ويّليام حّاجبه بّإستنكارّ إنهّ لاّ يظنّ ذلّك على الإطلاّق ، شّعر بالإحباطّ يتسّلل إلىّ قّلبه فّلم يّسبقّ لفتاة أنّ كرّهتهّ هكذّا كماّ تفعل فلوراّ
، أحيّانا يتسّاءل ماّ الذيّ فعلهّ لينالّ كلّ هذاّ الحقّد و البّغضّ ؟ إنتقلّ إلى مسّامعه صّوت بّوق السّيارة لاّبد أنّ أوسكاّر قدّ أتىّ لإصطّحابه
بالّرغم منّ أنه لمّ يكن داّع لذلّك و بالّرغم منّ أنهّ طلبّ منه مرّارا و تكرّاراّ أن ينتظرّه فيّ المطاّر كيّ يتسنى له توديعّ جميعّ أصدّقائه
لكنّ هاهوّ هناّ يّستعجله فيّ الرحيلّ ، صّاح بّصّوت عـّاليّ
ـ أنـّا قّادم ، تّبا ..
نـظرّ إلىّ شّقة فّلورا ثمّ تنهدّ بأسىّ ليّركضّ للأسفلّ ، لّيسّ بيدّه شيءّ ليفعلهّ كيّ يجّعلها تحبّه .. بينماّ زمتّ فرانسيسّ شّفتيهاّ بّغيّر رضى
هكذاّ همّ الرجالّ لاّ يفهمونّ أبداّ قّلب المرأةّ فّتلكّ الشّابة تحبّه حتىّ النخاعّ و هو يّصيحّ طّوالّ الوقتّ بّأنهاّ تكرههّ ، ألاّ يّعلمّ أنهاّ خاّئفة
منّ رّفضه لهاّ ؟ إتجّهت إلىّ مطبّخها كيّ تحضرّ بّضعة حلوىّ لتأخدّها إلىّ فلوراّ منّ أجلّ سهرةّ طّويلة مشّبعة بّالبكاّء

لا يجب القول لا لفخامته(منـقولة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن