الشابتر الرابع والخمسين -المصير2 -

1.8K 89 1
                                    

ماكاروف هذاّ اللقبّ كانّ لتوماس قيصرّ روسيا من دمّ عـّريق نقيّ تلاهّ أسلالهّ إلىّ غـّاية وصولّه إلى نيكولاس بـّالرغم من أنهّ عـرفّ بّدهائهّ
خبـّثه و مـّكره الشديدّ أيضاّ حـّبه للمالّ عـّرف عبرّ الـّزمن بوسامتهّ الغير اعـتياديةّ التيّ جعلت معظمّ نساءّ عـّائلات العـّريقة تقعّ فيّ شباكّ
غـراّمه اللواتيّ كن هـّدفه منذّ البـّداية و لمّ تكن سكارليتّ لبير سوىّ واحدّة من هؤلاء النـّساء كانتّ فتـّاة سّاذّجـّة غـّريبة ذاتّ ابتسامةّ دافّئة تسرّ
الناظرينّ لقـّائهماّ كان فيّ إحدىّ الحفـّلات العـّديدةّ التيّ حضرهاّ نيكولاسّ لترفيه على نفسّه ، يقفّ بـّحلته السوداءّ فيّ إحدىّ الزواياّ راسماّ على
شفـتّه ابتسـّامة جـذّابة بينماّ عينيه تـّحومانّ فيّ القـّاعة لانتقاء الأجملّ من أجلّ الليلةّ ، شعـّره الأسودّ الذيّ تساقطّ على جبهتهّ معطياّ إياهّ منـظراّ
غامضاّ جـذاباّ أنفه المسّلول و قّامته الطـّويلة إلىّ غـّاية جسدّه العـّضلي .. وحيـّدا كيّ يعطيّ فرصةّ لأي فريسة بالتـّحدث معهّ أياّ بإعطاءّ منـظر
الـّرجل الوسيمّ الهـّادئ اللا مباليّ تململّ قدّ سئمّ الانتظارّ عندّما فجّأة شعرّ بشيء يرتطمّ به من الخـّلف بكلّ قوةّ جعـّلته يتمايلّ محاولا الحفاظّ على
توازنهّ قدّ فلت من بين لسانه شتيمةّ سريـّعة .. استـّدار رامقاّ ذلكّ الشخصّ بعينين حـّادتين قدّ فقدّ هدوءهّ لما سقطتّ أنظاره على تـّلك الفتاةّ الوقحـّة
ربما ّكانت تـرتديّ فستاناّ أزرقّ اللونّ غامضّ واسعّ منّ نهايةّ خصرهاّ و شعرهاّ مـّرفوع للأعلىّ على شكلّ وردّة بسيطـةّ نـظرتّ إليه بعينيهاّ
الزرقاوتين ثمّ ابتسمتّ بارتباك شديدّ و هي تنحنيّ قائلةّ بّوجه محمرّ
ـ أنـّا آسفة سيديّ .. لمّ أقصدّ أن أرتطمّ بكّ أعذرّ وقاحتي من فـّضلك
نـظرّ إليهاّ لوهلة من الزمنّ إذّ لم تثرّ اهتمامه لم تكنّ روسيةّ بلاّ شكّ لكنتهاّ انجليزية بحتـّة أيضاّ منـظرهاّ الشـّاحب و عينيهاّ الزرقاوتين زم شفتيه
بعبوسّ و هو يستديرّ لمراقبةّ الحـّفل قدّ بدى عليهاّ الضجرّ فوقفت بجانبهّ و هي تـّقول بفضولّ
ـ أنـا أدعى سكارليت لبير ماذا عنك سيدي ؟
رمـّقها ببرودّ قبلّ أنّ يتجاهلها و هوّ يرتشفّ القليلّ من كأسهّ ليست نوعه المفضلّ بالرغم منّ أنها جميلةّ لكنهاّ لا ترتقيّ لمستوىّ نوعه على
الإطلاقّ لمّ يحبذّ يوماّ الإنجليز و لا يريدّ أي عـّلاقة معهم حتىّ لو كان الأمرّ مجردّ عبثّ لكنّها استمرت بالحـّديث و هي ترسمّ ابتسامةّ خفيفة
على شفتيهاّ
ـ أتعلم سيديّ بأنه ليسّ لائقاّ ان لا تخبرني بإسمكّ ؟ ذلكّ لؤم
أرادّ أن يبتعد عنهاّ لكن موقع الذيّ هو فيهّ أفضلّ مكانّ لمراقبةّ مكثفةّ للحفلّ فهو لم يأتي من أجل علاقة عابثة فقطّ بل لمراقبةّ التحالفات التيّ
تجريّ وسطّ الضجيجّ وّ قائمة الحضور الذيّ كلفه والده بهاّ ، أجابه بنبرةّ لا مبالية لعلهاّ تصمتّ
ـ أدعى نيكولاس ..
أصدرتّ آهة تدلّ على سماعهاّ له ثمّ جالت بعينيهاّ هيّ الأخرى بين أوجه الحضور كانتّ ملامحهاّ رقيقةّ تعـّلو شفتيها ابتسـّامة لطيفةّ فجأةّ أمالت
رأسهاّ قليلاّ ناحيتـّه قدّ كانت وجنتيهاّ محمرتين بشدةّ لقدّ كان واضحاّ إعجابهاّ به و لمّ تستطع إخفائهّ بينماّ كان أمرّ عدم مبالاة نيكولاسّ واضحاّ
أيضاّ ، لقائهماّ الأولّ بتلكّ الحفـّلة وقوعهاّ بغـّرامه تركّ كل شيءّ من أجلهّ التفات نيكولاسّ إليهاّ ابتسامته المميزةّ لهاّ نـظرته الخاصةّ كانّ بدايةّ
لرحـّلة مليئةّ بشتى أنواعّ الانتقـّام ..
بـدايةّ تـعارفهما مـعرفـةّ آنسـة سكارليت وريثـةّ ثروةّ لبيير و الـفتـاةّ المـدللةّ لأخيهاّ و والدها لسيد نـيكولاس ماكاروف الـرجل الذي لا يـعرف
المستحيلّ و تـلكّ الـعلاقةّ التي جمعتهما حب من طرف واحد تـركتّ حبـه يتسلل إلى كيـانها كذلك هو تـركها تـحبه مثلما تشـاءّ وّ القدر لم يعد
هنـاكّ أيّ كلام أكثر ..
ابتسـمّ ديميتري ببرود على تلكّ الذكرى الذي لطالما سردها نيكولاس على مسامعه ساخـراّ من فتاة بلهاءّ مثلها ، تنهـدّ بقلةّ حيلة لما يتـذكرّ ذلك
الآن ؟ لطالما شـعرّ بالشفقةّ لا الأصحّ قولا بالسعادةّ لأن سكارليت قدّ أنجبت نايتّ أخيه الذيّ عانى نفسّ معاناته لكنّ كل شيء تغير لما قرر نيكولاسّ
وضع تلكّ اللعبة الصغيرةّ لإرضاء غـروره و كبريائه فجعلهماّ يتنافسان من سيحطم الآخر أولا ..
ـ أنـا لن أخسـرّ ديميتري ..
ضحكّ بـخفةّ حينما تـذكرّ كلماتّ نايت الـجادةّ للغايةّ كان حينها يبلغّ من العـمرّ التـاسعةّ بينما كان هو فيّ الـثالثة عشر من العمر لما نايت هربّ
من مسكنّ والدته و أتىّ لنيكولاسّ طلبّ منه إعطائه فرصةّ لإثباتّ نفسهّ و لجـعل نيكولاسّ يعترفّ به كابن له أمام المـجتمعّ ، يقفّ أمام هـذّه الغـرفةّ
ممسكاّ بقميصه المبللّ من المطر نـظراته الـحادةّ الداكنةّ و بنبرتهّ المليئةّ بالتـحديّ و الـغضبّ
تلكّ الكلماتّ كانت موجهة لنيكولاسّ لجعله يتخلى عن استبداده قدّ شعر ديميتري حينها بالسعادةّ ربما لأن و بوجود شخصّ آخر سيستطيع أن يقفّ
على قدميه أمام نيكولاسّ يضعه عندّ حده و يقولّ كفى لأوامره المستبدةّ لألعابه الـمريضـةّ ، لمّ يكن أحد يرغب فيّ وجود نايت أكثرّ منه هوّ و اهـتمّ
به طوالّ فترةّ بقائه بالرغم من أنه لم يظهر ذلكّ قط ..
الـذكرىّ الأولّى ربماّ تلكّ التي جعلتهّ يغير من نـظرتهّ للعالمّ قدّ تـركتّ أثرا كبيـراّ على كل من عـقله و قلبهّ لمـاّ رأىّ سيرينا المـرأةّ التي أحببها بأقصى
درجاتّ العشقّ قدّ كانتّ المصدرّ الأولّ الذيّ يستمدّ منه قوتهّ و شجـاعتهّ حينماّ رأىّ خيانتها معّ والده لا شخص آخر بلّ والده تـلكّ المرةّ تـمردّ على
كلّ شيءّ فقدّ كل شيءّ و سئمّ من كل شيءّ فـقررّ الـرحيلّ بلا عـودةّ لم يعد يأبه بأوامرّ نيكولاسّ قدّ كانّ يحملّ حقيبته متجها إلى مكـتبهّ ، كـادّ أن
يطرقّ البابّ عندما انتقل إلى مسامعه صوتّ نيكولاسّ الحادّ الهادرّ
ـ أيهـا الـلقيطّ كيفّ تتجـرأ على مخـالفةّ أوامري ؟ أنـا نيكولاسّ ماكاروف تقفّ فيّ وجهي ؟ أنا الذيّ جعـلتكّ تقفّ على قدميكّ بعدما كنتّ من حثالةّ
المجتمعّ تـعيشّ على تلكّ الدنانيرّ التيّ تكسبهاّ سافلتكّ منّ عشاقهاّ تأتيّ و تـقولّ ليّ أنا .. لا ؟
دوىّ صوتّ ضـربةّ قويةّ جعلتّ قلبهّ يتوقفّ عن العملّ من الصدمةّ فمدّ يده لكيّ يفتحّ البابّ قليلاّ لكن يده المرتجفةّ لم تساعدّه على الإطلاقّ فوقفّ
فيّ مكانه يرتجفّ كورقةّ فيّ الخريف و هو ينظر ّإلى أخيه الذيّ سقطّ أرضاّ قدّ كانتّ هناكّ دماءّ على وجهه الشاحبّ فيّ حين كانّ نيكولاسّ يمسكّ
ما كان يسميه بسوطّ التأديبّ عـندما تـحدثّ نايت بنبرةّ هادئةّ
ـ ضربكّ لن يغير من رأييّ فلا تـزال الإجابةّ نفسها
كانتّ نـظراته الـباردةّ أكثرّ ما يثيرّ غـضب نيكولاسّ يجعله يفقدّ أعصابه فيّ كثيرّ من الأحيانّ فـرفع ذلكّ السوطّ مجددا و ضـربه بقوةّ على ظهرهّ
بينما لمّ ينبس الأخيرّ بأيّ حرفّ و اكتفى فقطّ بالنظرّ إليه و الابتسامّ بكلّ سخريةّ و تـهكمّ قدّ كان و عوضّ البكاءّ يضحكّ بنبرةّ صوته الـمبحوحةّ
فيزيدهّ غضباّ حينماّ كان يقفّ ديميتري خلفّ البابّ ، أعـاد حـقيبته تلكّ إلى غـرفتهّ و وضعّ يده علىّ جبينه قبلّ أن يبكيّ بصوتّ مكـتومّ لأنه يـعلمّ
بدوره يـعلمّ أن لا مفرّ ..
دمـاء ماكاروف الملوثـةّ تجري فيّ عـروقه مجرى قلبه و عـقلهّ كيـانه بأكمله اسمه مرتبـطّ به كذلك مصيره ، بقيّ على حالته تلكّ يجلس فيّ الأرضّ
ساكنا بجانبه الأيسر مسدسه الصغيرّ و على جانبه الأيمنّ حقيبته رفعّ ركبته و أسند رأسه عليهاّ حينما فتحّ الباب فجـأةّ فيّ ذلك الصمتّ و السكونّ
مصدراّ صوتاّ خافتاّ نـظرّ إلى القـادمّ لكي يرى نايت يتقدمّ بخـطواتّ بطيئةّ لما اقترب مسافةّ كافيةّ منه جلسّ على الأرضّ مثله ثم تـحدث بنبرةّ باردةّ
ـ عـقّم لي جرح ظهري لم أستطيعّ أن أعقمه بنفسيّ..
نـظرّ إليه ديميتري بهدوءّ قبل أن ينفذّ ما طلبه منه رفع قميص نايت للأعلىّ و ركز عينيه علىّ ظهره كانتّ الجروح تـملئهّ عمـيقة مليئةّ بالدماءّ
فـتنهدّ بقلة حيلةّ ثمّ وقفّ اتجه إلى الحمام و جذبّ دلوا معّ منشفةّ صغيرةّ و أخـذّ يمسحّ جروحه ببطء لما تـحدث نايت ببرود
ـ لما لم تـرحل ؟
ضحكّ ديميتريّ ببحةّ إلى أينّ ؟ حتى و إن استطاعّ اجتـيازّ جدران هذا المنزلّ و غادرّ فأين المفرّ من قبضةّ نيكولاسّ ؟ هو سيجده أينما كانّ سيقتلهّ
لاّ بل سيعذبهّ تماما مثلما كان يفعل حينما يخطـأّ ، فيّ حين نـظرّ إليه نايتّ بهدوءّ و قالّ بنبرةّ جادةّ
ـ أنـا سـأبقى هنا ، سآخذ كل ما يملك ..
توقفّ ديميتريّ عن مسحّ جرحه و لم يقل شيئا لطالما كانت هذه كلمات نايتّ لطالما ألقاها فيّ وجه نيكولاسّ سآخذ كل ما تملكّ سأجعلكّ تتمنى المـوتّ
على المصيرّ الذيّ ستقع فيهّ و لطالماّ تلقى والدهما كلماتهّ بضحكةّ متهكمةّ و هوّ يبتعدّ عنهماّ بخطـواتّه الواثقةّ الـسريعةّ ، نـظر إليه نايتّ بحدةّ و رفعّ
يده وضعها على كتفّ ديميتريّ ثمّ قالّ بنبرةّ هادئةّ مبحوحةّ
ـ كن معي ..
نـظرّ إليه ديميتريّ لوهلةّ من الزمنّ قبلّ أن يـبتعدّ عنه وقفّ ثمّ اتجـه بخطـواتّ بطيئةّ ناحيةّ شرفتهّ كانتّ نـظراتهّ لاّ تعبر عن أيّ شيءّ بالكاد استطاعّ
نايت أن يفهمّ ما يجول بباله لكنه فوراّ تنهدّ بقلةّ حيلةّ و هوّ يقفّ حينما تـحدثّ ديميتريّ بنبرةّ باردةّ
ـ سأنتقمّ من كل شخص يحمل دم ماكاروف و أنـت معنيّ بكلامي هـذا ناي ..
تـوقف ديميتري عندّ هذّه اللحظةّ و تـنهدّ ببرودّ لو أنه وافقّ لوّ أنه ضمّ يده بيدّ أخيه لربما اختلفت الأوضاعّ الآن لكنّ ليس بيده حيلةّ هو يريدّ القضاءّ
على كلّ فردّ من أفرادّ ماكاروفّ يريدّ جعلهمّ يذوقون الألمّ نفسهّ و يـريدّ الانتقامّ من نيكولاسّ أجلّ هو يريدّ فعلا ذلكّ لكنّ .. قطبّ حاجبيهّ و نـظرّ إلى
التلفازّ حيثّ كانتّ هناكّ صورةّ لنايتّ و كايلّ أيضا قدّ تناولّ المذيع الحديثّ حول من الأحقّ بالمنصبّ
ـ رجـال ماكاروف لا يخسرون لأيّ أحد ..
قالّ ذلك متهكماّ قبل أن يقفّ مغادرا تـلكّ الغرفةّ حاملاّ هاتفه المحمولّ بين يديهّ و هوّ يقوم بعدةّ اتصالاتّ قبل أن يرسم ابتسامةّ خفيفةّ متهكمـةّ على شفتيه ،

لا يجب القول لا لفخامته(منـقولة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن