الشابترالثاني والخمسين نـظرةّ الـمجـنونّ للعـالم ْْ~

1.9K 85 8
                                    

إنهـا لم تـفعل شيئا هـذاّ ما استمـر بـترديده دونّ تـوقف و لو لأخذّ أنفاسه كان وجـهه شاحبا جدا إذ أنه لم ينل قسطـا من الـراحةّ ليومين و هو يـحاول أن
يقـنع كلّ من رفـعّ إصبـعه متهما إياها أنهـا بـريئةّ لم و لنّ تـرتكب أيّ جـريمةّ ففـلورا التي يعرفها بالـكاد تـقدر أن تـؤذيّ شخصا فـما بالهم بـتـزوير أوراق
ملكيةّ والدها العـزيز بـعد أن توفيّ منذ أشهرّ فقط ؟
تـقدمتّ منـه ماريّ و وضعت يدها علىّ كتـفه فـرفع أنـظاره ناحيتهاّ لكيّ يـجد ابتسـامةّ خفـيفةّ للغايةّ تعـلو شفتيها تحاول أن تبـثّ قليلّ من الأملّ إلى قـلبه قدّ
بقت بجـانبه طـوالّ هذه الفترةّ تسانده كذلكّ السيدةّ فرانسيس التيّ غـادرت تـواّ لتستريحّ قليلا بـعدما أجبرها زوجـها بول إذّ كادت أن تنهـارّ ،
الآن القضيـةّ التي اتهمتّ بها فـلوراّ مخـتلفةّ كثيـراّ فبالرغم من أنها كانتّ متـابعةّ قضائيا و محاميهاّ يبذل ما بـوسعه للوصولّ إلى حلّ ينقذها إلاّ أن آرثر قدّ
غـير موعد المحـكمة بدون علمهاّ فحوكمتّ و هـيّ لا تدرك ذلكّ حتىّ يبدوا أنها حتىّ الآن تغيبت عنّ محاكمتينّ و طـوال هذه الفترةّ استمال آرثرّ هيئة الحلفاء
إلى جـانبه ربما عنّ طريق رشـوتهمّ لا بل الأرجحّ هو هذه الفرضية و بالرغم من أن فلورا أخبرت القاضيّ أنها لم تصلها أيّ رسائلّ لا عن طريقّ البريد
الالكتروني أو عنّ طريقّ البريد العاديّ إذ بدى أن الأمر كله مدبر ..
ما يـحدثّ لا يصدق بل مستحيل فتأوه ويليامّ بألم و هو يحك جبينه عندماّ رن الجـرسّ كي يقفّ مسرعا على قدميه فتبعتـه ماريّ بخـطواتّ هادئةّ عنـدما وصلا
أخيـراّ إليهاّ حيثما كانتّ فـلوراّ تـجلس مرتديةّ ملابسّ برتقـاليةّ أو بالأحرى ملابسّ السجن الـرسميةّ حالما رأتهماّ أخذتّ الدموعّ تسقط من عينيهاّ دون توقفّ
لكيّ يسـارعّ ويليام لاحتـضانهاّ بينماّ وقفت ماريّ على مبعدة منهما مشيحـةّ وجهها بعيداّ حينما تـحدثتّ فلوراّ بنبرةّ باكيةّ
ـ ويليام أنا لا أريد بقـاءّ هناّ ، أنـا لم أفـعل شيئـاّ أرجوك أخبرهم .. لمـاذا أعـاقب و أنا بـريئةّ ؟ لماذا ؟
زادّ من شدةّ قبضته حول جسدها و هو يومئ إيـجابا فاقداّ كل قدرةّ على التعبيرّ بالفـعل لماذاّ هي فيّ السجنّ بينما آرثرّ الـرجلّ الذيّ من المفترضّ أن يعاقبّ
خارجّ جدرانه ؟ نـظرتّ نحوهما ماريّ بألم فبعد أن أتىّ ويليام مسرعاّ نحو نايتّ بدى كالمجنونّ حينهاّ و لمّ يكّن يعي ما يفعل فعلاّ قد طلبّ من نايتّ أن يـستخدم
سلطتـه لكيّ يخرج فلورا من السجنّ عنـدما رأى نايت حـالته طلبّ منها أن تـرافقه طوالّ فترة زياراتهّ لفلورا ريثما يجد هو حـلاّ لهذه الـمشكلةّ بينما
و فيّ الـجهة الأخرى أختهـاّ التي كانتّ تعـرفّ بالصبيانيةّ فيما مضى انهـارتّ بأكملها فقالت لهما ماريّ بنبرةّ هادئة
ـ فـلورا إن نايت يبذل ما بـوسعه و قد كلفّ ثـلاثةّ من أبرز المحامين من أجل إخراجكّ أرجوك تـحليّ بالصبر
لم تجبها فلورا بل اكتفت بـدفنّ وجهها أكثرّ في صدر ويليام إنها لاّ تستطيعّ أن تتحلى بالصبرّ و لاّ تريد كلماّ ما هي بحاجته أن تخرج من السجنّ و تـعود إلى
أينما كانتّ حياتها عليه سابقاّ بينماّ قطبتّ ماريّ جبينهاّ و تنهدت بأسى قائلةّ بـهدوء
ـ نـحن هـنا بـجـ ..
قـبل أن تـكمل كلماتها تـوقفتّ عن الحـديثّ فجأةّ قد شحبّ وجهها كلياّ فأخذتّ تـكحّ بخفةّ محاولةّ أن لا تجذبّ الانتباه نحوهاّ قبل أن تـغادرّ الغـرفةّ مسرعةّ
معتـذرة بينما و حالما صاراّ لوحدهما أمسكّ ويليامّ بوجنتيهاّ لكيّ يرفع رأسهاّ نحوه و كم كانتّ عـينيه لطيفـتينّ رقـيقتينّ و شديدتاّ الـهدوءّ قدّ تحدثّ
بنبرةّ مطـمئنة
ـ لا تـقلقيّ فـلوراّ سوف أدفـعّ كفالتكّ و أخرجك من هـناّ ..
أومـأتّ إيجابّا لكيّ يبتسمّ هو بـخفةّ محركاّ وجنتيهاّ في اتجاهين مختلفينّ فصاحتّ متـأوهة و قدّ صارّت ملامحها مضحكـةّ مما جعله يهدأ قـليلاّ و تسكّن
عواصفّ قلبه و لو لمهلةّ قصيرةّ من الزمنّ قـائلاّ بخفة
ـ فـلوراّ التي أعـرفها تلقن كل من يقف بطريقها درسـاّ لذا أريهمّ من أنت فـعلاّ و ابتسمي فأنتّ أجمل حينما تـبتسمينّ ..
لما قـالّ ذلك ضحكتّ و دفعتـهّ جانبا مبتسـمةّ كادت أن تقول شيئاّ حينها رن الجرسّ معلنا عن نهايةّ الزيـارةّ فعـادتّ ملامح الحزن تكسوا وجهها و لم تستطعّ
أن تجبرّ تلك الابتسامةّ فاستدارتّ مغادرةّ عندما أمسكها من ذراعهاّ فجأة فيّ نفسّ اللحظةّ التي فتحتّ ماريّ بابّ الغـرفةّ مسرعةّ قدّ كانّ الإرهاقّ بادياّ على
وجهها كذلكّ ندم لأنها لم تمضيّ الكثيرّ من الوقت برفقةّ أختها عنـدماّ رأتّ ويليامّ يجذبّ فلورا نحوهّ مقبـلاّ إيـاهاّ بـكلّ لطفّ فشهقتّ و أغـلقتّ البابّ فوراّ بينماّ
نـظرتّ فلوراّ بدهشةّ إليه عندماّ حرك خصلات شعرهاّ الأصهبّ بعشوائيةّ قـائلاّ بضحكةّ
ـ أراك غـدا ..
احمرت وجنتيهاّ بإحراجّ شديدّ و أخذتّ تشتمه بـنوع من الخجلّ مغـادرةّ الغـرفةّ بصحبةّ الشرطيّ بينماّ و حالما اختفت فلورا عنّ أنظاره عـادتّ ملامحّ الجمود
تعلوه إنهّ لا يصدقّ بعد أن وجد سـعادتهّ تـأخذّ منه بلمحةّ عينّ فتنهدّ بقلةّ حيلةّ مغـادراّ ، أغلقّ البابّ خلفه لكيّ يجد ماريّ بانتظاره أشـارتّ له عنّ بعد بابتسـامةّ
خفيفةّ فاتجـهّ نحوها قـالت له بـضحكةّ
ـ هلّ ودعتها جيـدا ؟
ضحكّ هو الآخر و ضربهاّ بخفةّ على ظهرهاّ متقدماّ للأمام بينماّ تـبعته ماريّ بـخطواتّ سريـعةّ ، وقفّ كلاهما خارجّ المبنى عـندماّ غـادرّ ويليامّ لكيّ يجلبّ
سيارته حينما جلست هي على أحد المقـاعدّ تنـظرّ بـهدوءّ إلى القـادمينّ ، لو أنها تستطيع فقطّ أن تـلكم وجه آرثر لربمـا لن تستطيعّ فآرثر أطول قامة حسناّ
ستحاول الحديثّ معه فيّ البداية ثمّ شتمه لاّ لن تستطيعّ سيكون قد أعمي من طرفّ حقده و بعضه لكلتاهما لذا إن أرادت شخصاّ يستمع لما تقوله فديميتري
هو الرجل المناسب لكنّ أتستطيعّ حقا أن تـقنعه ؟ هـزت رأسهاّ نفياّ تـطرد فيها هذّه الأفكار لا أحد يستمع للمنطقّ فـهؤلاءّ مليئين بالحقدّ و الكراهيةّ لا شيء
يشفيّ غليلهم غيرّ الانتقام فقطّ ،
وجهتّ عينيها نحوّ المارةّ بضجرّ حينماّ لمحتّ من بـعدّ كلّ من آرثرّ و شخصّ آخر بدا مشـهورّا فالكل يلتفت نـحوهّ و بعضّ الفتيات اللواتيّ تذكرن مـلامحهّ
سرعان إليه من أجل أخذّ توقيعه فـزمت ماريّ شفتيهاّ متجاهلة إياهما عنـدماّ توقف أمامها آرثر يبدوا أن أمنيتها تحققتّ فقد كانتّ تريد الحديثّ معه لكنهاّ
غـيرت رأيهاّ الآن إنه لن يستمعّ إلى أي شيء ستقوله فما فائدة النقاش إذن ؟
ـ أهـلا ، لدي طلب صغير منـك أريد أن تنفذيه لي ..
رمـقته ببرود ثمّ وقفت جـذبتّ حقيبتها مبـتعدةّ عندما أمسكّ ذراعهاّ بكل قوةّ فتـوقفت عن السيرّ بدا كما لو كـأنه يريد الشـجار معها فينما نـظرتّ هي بطرفّ
عينها إليه ثمّ قـالتّ له بنبرةّ حادةّ
ـ أتـرك يدي آرثر و إلا ستندم ..
قطب حاجبيه مبتسـماّ بكل سخرية أقـالتّ أنه سيندمّ بينما رمقـته ماريّ ببرود عنـدماّ فجـأةّ ربت شخصّ ما على كتفه و حالما استـدارّ للخلفّ وجهت له لكـمةّ
قويةّ جعلته يسقطّ أرضاّ رفعّ يده مرتجفاّ ناحية فمه قدّ كحّ بضعة دماءّ عـندما قـالتّ له ماري بنبرةّ هادئة و هي تقف بجانب ويليام
ـ لقدّ قلت لك ..
فيّ حين كان ويليام يـحاولّ جاهدا الحفاظ على أعصابه فهذه ليست بالبقعة المناسبة لهما لكي يفتعل شجاراّ لكنه يـرغيّ في أن يلكـمه مرارا و تـكرارّ فيجعله
غيرّ قادر على السير طوال حياتهّ هـذاّ السافل ، لم يسبق له أن رأى رجلاّ بمثل دناءته عندماّ تـحدثّ ويليامّ بنبرةّ حادةّ
ـ لقد عـبثت مع الشخصّ الخـطأ يـا عـزيزي سأجعلك ستتمنى لو أنك لم تولد قط
قـالّ ذلك بـكلّ كره ثمّ غـادر بـرفقةّ ماريّ التيّ رمقتـه بـهدوءّ قبل أن تـغادرّ مسرعةّ حينما وصلّ أوسكار أخيـراّ نـطر حوله بـنوعّ من الاستـغرابّ إذ لم يتسنى
له رؤية شيءّ إثر تـلك الفتيات اللواتيّ استدرن حولهّ فـقالّ محـدثاّ آرثرّ الذيّ يمسحّ دماءّ فمه بكمّ قميصه
ـ هل فوت شيئا ما ؟

لا يجب القول لا لفخامته(منـقولة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن