شابتر السادس والعشرين-ـ فقطّ إذّا كنتّ ملكاّ ليّ ـ

2.2K 111 16
                                    

تلكّ الأنوار المتلألئةّ بتأنقّ تّلمعّ فيّ الأفقّ منيّرة بـاريس عـّاصمة فرنساّ بأكملها قدّ جالتّ ماريّ بعينينّ واسـعتينّ
منّ شّرفتهاّ كلّ ماّ التقطتّه و كلّ ماّ جذبّ إنتباههاّ ، حينّ تّساقطتّ حبّات ثّلج على حضّنها لتّرفع يدّها للأعلى نـّاحية السماءّ
الشيءّ الوحيدّ الذيّ يذّكرها بلندنّ هوّ هـذّا الجـّو البّارد كّقلب نايت تماماّ أماّ الأمرّ الوحيدّ الذيّ يّقلصّ من وحدّتهاّ هوّ أنهماّ
تحتّ نفسّ السمـّاء لكنّ المنـّاظر تّختلفّ فقطّ ،
تقّدم فرانسواّ منهاّ بخـطّوات هـّادئة و وضـعّ غطاّءا على كتفيها لّيقيها منّ الإصّابة بالّرشح بينماّ لمّ تظهرّ أيّ ردّة فعلّ
بلّ إكتفتّ بّالنـظرّ صّامتةّ نـّاحية الأفّق ، ليتنهدّ فرانسواّ بّقلة حيلةّ إذّ أنهّ قدّ مر أسّبوع على وصّولهماّ لباريسّ و هماّ الآن
يقّطنانّ بهـذاّ المـّستشفى فيّ الجـّناح الخاصّ حيثّ يّعتبر فرانسوا مّرافقاّ لهاّ ، تّحدث بنبّرة عـّملية بّها قّليل من الحـّنان
ـ سيدتيّ يجدرّ بك الـدّخول للغـّرفة هـذاّ أفضّل لصّحتك
لمّ تتحركّ قيدّ أنملةّ فّعـّاد فرانسواّ لّيتنهد بّيأسّ أينّ تلكّ الفتاة التيّ كانتّ تودع نايتّ بإبتسامةّ و ضحكاّتها تّملأ المطّار ؟
لكنّه سّرعان ماّ تفهمّ حزنهاّ و قدّ إنهالتّ إلىّ مسامعه كلمّات البّروفيسورّ المعـّالج لماريّ ، لقدّ قّال بّوضوحّ تامّ أنّ أملهاّ فيّ
استعادة قّدرتها على السيّر ضئيل جدا أيضّا لقدّ أخبرتهاّ طّبيبة النفّسانيةّ أنّ صدّمة التيّ تلقتها إثرّ الحريقّ هوّ العـّامل الأسّاسيّ
فيّ جّعلها تفقدّ السيرّ لذلّك يجبّ عليها أن تبذلّ جهدّها لّتتخلى عنّ حزنهاّ هـذاّ ، حكّ جبينه بقّلة حيّلة إذّ أن الأمرّ يسترعي الكثيٍّر
من العـملّ الجـّاد و الكثيرّ من الوقت أيضّا لكنّ كلاهماّ لا يمتلكّان الاثنين معـّا فّفرانسوا بالـرغم منّ أن مهمته الأسّاسية هي
حرّاسة ماريّ لكنه قّلق علىّ نايتّ و ماريّ بالّرغم منّ أنّ الأمرّ كله لأجّلها لكنهاّ لا تستطيّع أنّ تعيشّ بدّونهمّ ، إنهّم المصدرّ
الذيّ تستمدّ منهّ قّوتهاّ ،
فتحتّ الممـّرضة بّاب غـّرفتها بكلّ هدوء ثمّ تّقدمت منهاّ بّخطّواتّ رشيّقة ، وضـعتّ حبّة الدواءّ أمامّ ماريّ و طـّلبت بّلهجةّ شديدةّ
التهـذيبّ فيّ غـّاية الحـذرّ أنّ تشّربها لكنّ ماريّ تجاّهلتها و هيّ تراقبّ الضّوضاء بّلا مبّالاة ، حينهاّ أخذّها فرانسواّ و شكرّها
ليّضع الدّواء أمامّ ماريّ قـّائلاّ بّتأنيبّ
ـ سيدّتي لقدّ احترمتّ الممرضةّ حزنكّ و لمّ تطلبّ منكّ العودةّ للغـّرفة لكنّ أنّ لا تأخذيّ الدواءّ هذّا أمرّ مبّالغّ فيه، أرجّوك كافحيّ
كّي نعـّود بّسرعة إلىّ لندن
تنهـدتّ ماريّ بأسىّ هذاّ ليسّ منصّفا بحقّ فرانسواّ أيضّا إذّ حتىّ هوّ لمّ يرغبّ فيّ أنّ يأتيّ إلىّ فرنساّ ، لذّلك أمسكتّ بكأسّ الماءّ
بكلّ غـّيض رافّضة أنّ يتمّ معّاملتها كالعـّاجزة و وضعتّ حبةّ الدواءّ بّفمها لترتشفّه فيّ ظرفّ ثّانية فجأةّ رنّ هاتفّ فرانسواّ كاسّرا
ذلكّ الصمتّ الموحشّ لتستديرّ ماريّ ناحيّته بّسرعةّ و قدّ ظهرت علىّ ملامحّها الحزينةّ ابتسّامة مشّرقة مليّئة بالشّوق و الحماسّ
بينماّ ترددّ فرانسواّ فيّ الردّ حالماّ رأىّ ردّة فعلهاّ المبالّغ بهاّ لذلّكّ مد الهاتفّ ناحيّتها قّائلاّ بّتردد
ـ سيدتيّ يمكنكّ الردّ إنّ أردتّ
اتسعتّ ابتسامتهاّ إشّراقاّ لماّ لمحتّ إسمّ نايتّ يّعلوا شّاشته فاستنشقتّ أكبرّ كميّة من الهّواء تستطيعّ رئتيها أخذّها و وضعتّ يدّها
علىّ قلبهاّ بّمحاولة فّاشّلة فيّ تخفيفّ دقّاته المسّرعة قدّ حدثّ كلّ هـذاّ أمامّ أنـظارّ فرانسواّ الذيّ كتمّ ضحـّكاته بينماّ أجّابت الأخيرّة بسّعادة
ـ نـّايت ، لقدّ اشتقتّ إليكّ ..
ثمّ صمتتّ بإحراجّ عندّما تذّكرت ماّ فّعلته آخر مّرة فيّ المطاّر و لمّ تستطعّ أنّ تتفوهّ بأكثرّ من هـذّه الكلّمات ، بينماّ وضـعّ نايت نّظاراته
جاّنباّ فّلعلمه بّشخصية ماريّ منّ المستحيلّ أنّ تصمتّ الآنّ لذّلك تّوقف عنّ التركيزّ فيّ أوراّقه الموجودّة أمامهّ بمكتّبه و أجـّابهاّ بنبرةّ هـّادئة
ـ حسناّ ، أعـلمّ .. ماّ الذيّ قـّاله الأخصّائيّ عنّ حالتكّ ؟
لدىّ سماّعها لّصوته الهـّادئ المخّمليّ شّعـّرت بّقطّرات حاّرة تّنهمر علىّ وجّنتيهاّ لقّد مرّ هذاّ الأسبوعّ عليهاّ كّدهر بدّونه ، مجردّ فكرّة
تّركه بّعد إنهائهاّ لدورهاّ تحطمّ قلبهاّ لأشلاءّ فّحبّها نـّحوه لاّ يستطيعّ أحدّ تّقديره لاّ حملّه بالّرغم منّ دموعهاّ إلاّ أنّ ابتسّامة رقيّقة علتّ
شفتيهاّ فقدّ سّألهاّ نايتّ و لأولّ مرةّ منذّ رحلّتهما معاّ عنّ حالّتها ألاّ يستحقّ الأمرّ الثّناء ؟ صّمتت لوهلةّ ثمّ أجـّابته بنبرةّ مرحةّ
ـ لقدّ أخبرنيّ أنّ سببّ عدمّ قدرتي على السيرّ لاّ يعود لّخلل بجسديّ بلّ لصّدمة أثرّ الحرقّ لذلّك سّوف لذّلك يجبّ علي الحصّول على استشارة
نفسيّة أو شيءّ من هذاّ القبيلّ ، يمكننيّ العودةّ إلى لندنّ
قطبّ نايت حاّجبيه غيرّ قّادر على استيعابّ كلامهاّ فأيّ علاجّ هذاّ يدوم لغاّية أسبوعّ و ماذاّ عن تلكّ الحّروق الخطيرّة التيّ أصيبت بّها ؟
فقدّ سقطّ الفولاذّ على قدّميها ، بينماّ ضحكّ فرانسوا بخفّوت فقدّ حرفتّ ماريّ جميعّ أقواّل الأخصائيّ قبلّ أن تحاولّ بثّ الأملّ فيّ نايت
يجدرّ بهاّ أن تبثّ الأمل فيّ قلبها فيّ حين تحدثّ نايت بّإستنكارّ
ـ ما هذاّ الذيّ تقولينه ؟ أعطيّ السّماعة لفرانسوا
زمتّ ماريّ شفتيهاّ بّإنزعاجّ منّ ردّه المفحمّ بّشتى أنواعّ البّرود كأنهاّ لّم تغّادر جاّنبه قطّ ، كأنّ هذاّ الأسبوعّ لمّ يّمضي عليه أبداّ
لذلّك علاّ ملامحّها عبوسّ و يأسّ منّ شخصّيته السّاكنة فتّرددتّ كثيراّ قبلّ أنّ تتحدثّ لكنهاّ قّاومت ضّعفها قـّائلة بنّبرة خجلة
ـ نـّايت أريدّ فقطّ أنّ أخبـّرك .. أنـّا أحـ
قّاطعهاّ نايتّ و هو يّعيدّ جّملته بكلّ برودّ طالبّا منهاّ إعطاءّ السّماعة لفرانسواّ فمدتّ الهاتفّ ناحيّة فرانسواّ بّهدوء حينّ سمعّ صّوت
ناّيت كادّ أنّ يسقطّ الهاتف من بينّ يدّيه لولاّ أنهّ تداّرك نفسهّ ، تحدثّ بنبرةّ مرتبكةّ
ـ أهـلاّ سيديّ ، .. أجـّل أناّ أسمـعكّ .. حسناّ
ثمّ سّار بخـطّوات سريعـةّ مغـّادراّ الغـّرفة بينماّ اتجّهت ماريّ إلىّ سريرّها و بـّعد محاّولات عـّديدةّ استطاعتّ أخيـراّ أنّ تضّع جسّدها عليهّ ،
أسندتّ رأسها على وسّادتها و أغّلقت عينيهاّ بّشدة رافّضة أنّ تسبحّ فيّ بحرّ دموعهاّ مجـدداّ ، بالّرغم منّ أنّ نايتّ لمّ يقلّ شيئاّ جّعلها تّبكيّ
لكنّ فقطّ الضّغط الذيّ تتعرضّ إليهّ يّضعها فيّ حزنّ دائّم ، إنهاّ تّرغبّ أنّ يّخبرهاّ نايتّ كلمةّ لطيّفة رقيقّة لعلهاّ تستعيدّ ثّقتها بنفسهاّ حتىّ فلورّا
أختهاّ لم تقمّ بمراسلتهاّ أو الاتصال بهاّ للاطمئنان عنهاّ ، ويّليامّ كذلّك و أيضّا السيدّة فرانسيسّ .. الوحيدّ الذيّ اتصلّ هو نايتّ بّعد مرور أسّبوع
علىّ وصولهاّ لفرنسّا ليسّ للاطمئنان على حالّتها و إنماّ مجردّ أعمالّ ، هـذاّ يجّعلها تعتقدّ أنهاّ لاّ تعنيّ شيئاّ لهمّ ،

لا يجب القول لا لفخامته(منـقولة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن