شابتر الخامس والثلاثون- حرّية المّؤقتة-

1.9K 95 34
                                    

وضعتّ بّاقة الأزهارّ أمامّ قـّبر والدّها بّهدوء ثمّ جّلست بينماّ عينيهاّ لاّ تفارقانّ إسمّه المنحوتّ علىّ الحجرّ ، لاّ تـّزال حتىّ الآنّ
غيرّ قادّرة علىّ تـّصديقّ أنّ والدّها فعلاّ قدّ توفيّ لكنّ و بالنـظرّ نحوّ هـذاّ القـّبر فّلا مفّر لهاّ من الهروبّ ، تّنهدتّ بّأسىّ مفـّكرة
كيّف كانتّ و كيفّ أصبحتّ إذّ أنه سابّقا أولويتهاّ الأولى هيّ أّفراد عـّائلتهاّ لاّ يهمّ أيّ طريقّة أوّ سبلّ تتّبعه إنّ كان ذّلك سيكون
حلاّ لّمشاكلهمّ لكنّ الآنّ ..
إنهاّ أنانـّية للغـّاية لاّ تـّفكر بشيءّ سوىّ كيفّ تّجعل ويليامّ يحبهاّ و لاّ غـّاية لهاّ إلاّ الفـّوز به فّلم تّعد تّريد الإهتمامّ بّماريّ فتاتهاّ
الصّغيرةّ أوّ أبسطّ الأشياءّ كزياّرة قّبرّ والدّها مّثلا ، فّعلا الحبّ قدّ يجّعل الناسّ أقوياءّ و فيّ أحيانّ ماّ ضّعفاءّ كماريّ بينماّ هناكّ
من يجعـّلهم الحبّ أنانيينّ محبينّ لّتملك ربماّ مثلهاّ هي ، قطبتّ حاجبيهاّ و هزتّ رأسهاّ نفياّ إذّ كونهاّ السببّ فيّ اختطاف ماريّ
يّثير أعـّصابهاّ ،
أخـذت تـنظرّ لّقبرّ والدّها بّألمّ لاّبد أنّ ظنه قدّ خابّ بهاّ فّهو لطالماّ أرادّ لفتـّياته أنّ تكن قّوياتّ لاّ يّهزهنّ مشّاكل الدّنياّ لكنّ هاهماّ
الأولىّ تّغار منّ أختهاّ و تـّبتعد عنهاّ خطّوة بخطّوة بينماّ الأخرىّ ألقتّ بكلّ شيءّ لتتزوجّ من أحدّ هي لاّ تـّعرفه مـّعرفة صحيحّة حتىّ
أنـظرّ إلىّ ماّ قّادها تهورهاّ أليستّ الآن بينّ يديّ ألدّ أعداّءه ديميتري ؟ فكـّرت بّتعّاسة يجدرّ بهاّ تركّ جنازة الجدّ تمرّ على خيرّ ثمّ
بـّعدها ربما بـّعد يومينّ ستخبرّه بّأمر اختطاف ماريّ كهذاّ أفضلّ حتىّ يظن ديميتري أنهاّ خاّئفة منهّ ..
فجـّأة سمعتّ صّوت خـّطواتّ خلفهاّ فّاستـدارت لكيّ ترى من القّادم بالٍّرغم منّ أنهاّ بالفعلّ تّعلم منّ يكونّ ، وجدتّ السيدّة سيليّا قـّادمة
مـّرتدية مـّعطفاّ أسودّا و شّعـّرها الأشـقرّ القصيرّ تـّلاعبّه نسّماتّ الـّرياح الخافتةّ كانتّ بّمثابةّ إمرّأة بّغايةّ الجمالّ و الأنـّاقة فّكشرت
فلوراّ باحتقار ثمّ وقفتّ تـّقدمت بّسرعة إليهاّ لتتوقفّ أمامهاّ حينهاّ رفعتّ سيليّا حاجبهاّ دلالة علىّ استنكارّ تصرفّ ابنتهاّ ، تـّحدثت بّهدوء
ـ لقدّ مرتّ فترة طـّويلة أليسّ كذلكّ ؟
منّ أعـّلى رأسهاّ إلىّ أسّفل قدّميها مـّكسوةّ بأغلى الحليّ مرتديّة ملابسّ لأشهرّ المصممينّ نـظرّاتهاّ الهـّادئةّ أوّ نبرةّ صوتهاّ الغـّريبة
كلّ شيءّ بهاّ يجّعل فلوراّ تـّرغبّ فيّ لكمهاّ لكنّ و لكونهاّ أمهاّ حتىّ ولوّ كان الأمرّ لفترةّ قصيرّة منّ حياتهاّ إلاّ أنهاّ حـّاولت تمالكّ
أعّصابها ، أجـّابتها بّنبرة بّاردة
ـ و يّا ليتهاّ كانتّ أطـّول ، لقدّ سمعتّ أنكّ قدّ تزوجتّ أهنئكّ
ابتسمتّ حينهاّ سيلياّ بّهدوء قدّ عـّلمت فّورا السببّ وراءّ تصرفاتّ فلوراّ بّالغة الثّوران فّأومّأت بالإيجابّ هيّ لم تستطعّ أن تّجعل حياتهاّ
تتوقفّ فقطّ لأن جوناثانّ رفضّها ، تـّحدثت بّلطفّ
ـ شكـّرا لكّ ، بّالمنـّاسبة أينّ أختكّ فّأنا لمّ أرهاّ طوالّ الّيوم ؟
نـظرتّ إليهاّ فلوراّ بّحدةّ ثمّ ابتعدّت قّليلاّ عنّها مّفسحة المجالّ لهاّ بالمـّرور لطالماّ كانّ لدىّ سيليا اهتمامّ كبيرّ بّماري و لعلّ هذاّ الاهتمامّ
هوّ ما دّفعها لاقتحام حّفلة الزفافّ من أجلّ إيقافهاّ أوّ ربماّ لأخذّها معهاّ إنّ تطلّب الأمرّ حاولتّ سابقاّ جّعل ماريّ تعيشّ معهاّ و فّعلا ذّهبت
لكنّ لتعودّ بعدّ فترة من الزمنّ فيّ حالةّ يرثى لهاّ مماّ أغضبّ جوناثاّن الأمرّ الذيّ كان السببّ فيّ قطّع كلّ صلتهمّ بوالدّتهما ، بالّرغم من
أنّ ماريّ رفضتّ الإفصاحّ عن ماّ حدثّ لّكن تلكّ الحادّثة تّركتّ جرحاّ واسّعا بداّخلهاّ حتىّ لوّ لمّ تّقل بالكلماتّ إلاّ أن ذلكّ الّجرح لديّها هيّ
أيضّا ، أجـّابتها بّحدة
ـ و لماذاّ تـٍّردين رّؤيتها ؟ يكفيهاّ ماّ لديّها فّقط أغـّربيّ عناّ أيتهاّ..
قطعتّ كلامهاّ قبلّ أنّ تتفوه بّأيّ شيءّ بذيء كعاّدتهاّ ثمّ استدارتّ لتنظرّ إلىّ الجـّهة الأخرىّ بغضبّ هيّ لن تسامحّها أبداّ على تّركهمّ بينماّ
قطبّت سيلياّ حاجبّيها بّإستنكارّ هيّ تعلمّ تماماّ ماّ يدورّ بّخلدّ بناتهاّ إذّ أنهنّ كوالدّهن لاّ يجدّن إخفاءّ مشاعرهمّ ، اتجـّهت إليهاّ و وضعتّ يدّها
على كتفها قّائلة بّتساؤل
ـ ماّ الذيّ حدثّ فلورا ؟ هـّل أنتماّ بخيرّ ؟
صمتتّ علىّ مضضّ لاّ تـّريد رّؤية ملامحّ والدّتهاّ لاّ تـّريد تّذكرّ الماضيّ، لا ّتـّريد تّذكر أنهاّ خذلتّ والدّها.. ضّربتّ يدّ سيلياّ بّخفة لكيّ تّبعدّها
عن كتفهاّ ، كمّ هـذاّ صعبّ لماّ لاّ تّستطيّع أنّ تّنفيّ كلامهاّ ؟ لماذاّ تّشعر بالضعفّ كلماّ رأتهاّ ؟ نـّزلت دّمعة وحيـّدة شّاقة طريّقها لكيّ تتحدثّ
فلورا بنبرةّ باّردة
ـ بالّطبع نحنّ بخيرّ مادّمت بّعيدّة عناّ ماّ دمناّ أصبحّنا أفضلّ و أفضّل
أخفضتّ سيلياّ رأسهاّ للأسفلّ بّقليل من الندّم هيّ تعلمّ كمّ كانتّ أمّا مرّيعة لهماّ تـّبكي طّوال الوقتّ لّفقدان حبّ زوجّها وّ تستمرّ بالنحيبّ كمّ
مرةّ نستّ ماريّ فيّ الحضانة ، كمّ مـّرة نستّ حضور حفـّلة تّكريم فلوراّ لّكن لمّ تكنّ لتتعمدّ ذلكّ أبداّ فّبدأتّ بذّرف دموعهاّ كعّادتهاّ لكيّ تنظرّ
إليهاّ فلوراّ بدهشةّ ارتبكتّ قليلاّ يبدواّ أن كلماتهاّ كانتّ قاسيّة هـذاّ غريبّ حيثّ أنهاّ لم تستعملّ أيّ ألفاظّ سوقية كماّ تصفها السيدة فرانسيس ،
حكتّ خصلات شعرهاّ بّتوتر ثمّ تنهدتّ لكي ّتجلسّ بجانبّ قبرّ والدّها قـّائلة بّنبرة صّادقة لمّ تهتمّ فيهاّ كمّ كانتّ كلماتها قّأسية علىّ مسامعّ سيليا
ـ لأخبركّ الحّقيقة أنـّا لاّ أحبكّ علىّ الإطلاقّ و لاّ أريدّ تـّذكركّ لأنك تشكلين ماضيا تعيسا من حياتناّ ، أردتّك أن تكونيّ معناّ عندّما علمّ والدي
بّمرضه أردتّك أن تكوني أول من يّواسيه ليخبره بّأنه هنا لجانبه ، عنـّدما هربت ماريّ من المنزلّ أردتّك أن تكوني هناّ لتوجيههاّ وّ للإمساكّ
بيدّها ، عـندّما علمتّ بّمرضّ والدّي أردتّك أنّ تكوني بجانبيّ تخبريننيّ بّأن كلّ شيءّ سيكون علىّ ماّ يرامّ و بأنكّ مهماّ حدثّ فّإن نظرت من
حولي حتما سّأجدّك لكنّ للأسفّ أنتّ و مهماّ بحثت عنكّ ، مهماّ أردتّ رؤيتكّ إلاّ أننيّ لم و لنّ أستطيعّ أبداّ إيجادكّ ..
سّقطت سيليا على ركبتيهاّ دّهشة منّ قـّوة وطأة كلماتّ فلوراّ على قلبها لطّالما أخبرهاّ رويّ بأن بناتهّا بحاجّتهاّ لكنّ ظّنت أنّه بتواجدّ جوناثان
حولهماّ فّلن يّفتقداهاّ أبداّ شـعرتّ بّقليلّ من السّعادة لكونّ فلورا تعترفّ بحاجتهاّ إليهمّ غيرّ أن نبرتهاّ البّاردة أوّ ملامحّها المتّألمة جّعلاها تّشعر
بّألم هيّ الأخرى ، كتمتّ شهقاتهاّ فّوقفت فلوراّ بهدوء لكيّ تتحدثّ مجدداّ
ـ لاّ تقلقيّ لأنهّ لاّ يحقّ لكّ ذلّك، أخبارناّ لم تّعدّ من شّأنكّ بعدّ أنّ تركتناّ أميّ لكنّ دعينيّ أخبركّ بهـذاّ.. لّأنك تّركتناّ التقيت بّأناس أصبحّوا مصدٍّر
أمل ليّ ، أناسّ يّسعون لّسعادتيّ .. لقدّ صارّ لديّ أمّ بالرغم منّ أنهاّ لم تّلدنيّ إلاّ أننيّ سّأضحيّ بحياتي منّ أجلهاّ ، لقدّ صـّار لديّ أصدقاءّ
بالّرغم من قّلتهمّ ، منّ بّرودة أعصابهمّ إلاّ أنهم يّهبون لمساعدتي دونّ أنّ أصرخّ طاّلبة النجدّة .. فّشكراّ لك
السيدّة فرانسيسّ و السيدّ بولّ ، ويليامّ و نايتّ حتىّ كليرّ كّلهمّ عـّائلتها لذّلك لنّ تشعرّ بالألم بعدّ الآن .. استـّدارت راحّلة تسيرّ بخطّوات هـّادئة
واضعّة كلتّا يدّيها فيّ جيبّ معطّفها مرددةّ ترانيمّ أغّنية شّعبية قـّديمة تّاركة الشّخص الذيّ لطالماّ بحثّت عنهّ و الذيّ لطالّما أرادتّ أن تجـّده خلفهاّ ،

لا يجب القول لا لفخامته(منـقولة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن