الفصل الثاني

7.7K 235 2
                                    

الفصل الثاني

جلست بجوار طفليها وهما يذاكران دروسهما لكنها لا تتابعهما بل هى شاردة واجمة تبحث بين ذكرياتها على مايشفع ل هاشم ليصفو له قلبها فلا تجد ...احقا لم يفعل طول ثلاثة عشر عاما ما يشفع له!! ام انها لا تريد أن تتذكر له أمرا جيدا ؟
عودة للوراء
بعد زواجهما بشهرين وقد عادت من عملها توا لتجد هاشم كتلة مشتعلة من الغضب
هاشم: كنتى فين يا هانم؟؟
مودة : فى شغلى يا هاشم هكون فين ؟!
هاشم: أيوة انتى فى شغلك وانا اتفلق
اقتربت بود: ليه بس يا حبيبي بتقول كدة !!
هاشم: من الآخر كدة مايلزمنيش شغلك
ابتعدت عنه بحزم: يعنى ايه!!؛
هاشم: يعنى يا انا يا شغلك عاوزانى هشيلك فى عنيا وعمر ما ينقصك حاجة عاوزة شغلك يبقى كل واحد يروح لحاله
تسابقت دموعها ألهذة الدرجة لا تعنى له شيئاً !!!
ظلا يتشاجران وتوجهت لشقة والديه بغضب لتقص على والده ما حدث فيصعد معها تتبعه والدته
محمود: جرى ايه يا هاشم هى قصرت في حاجة علشان تسيبها شغلها
هاشم: أيوة مقصرة اخر اهمال ولا فى حاجة عدلة فى البيت
يتلفت محمود حوله ويقول: انا مش شايف إهمال الشقة نضيفة اهيه
هاشم: بابا انت مش هتعرف مراتى اكتر منى .انا اللى عندى قلته وهى حرة
نوال: ماتسمعى كلام جوزك بلاش وجع دماغ
محمود: جرى ايه يا نوال هى دى الكلمة الطيبة اللى طالعة تقوليها ؟ يعنى لو قلت لك مفيش شغل هتبقى مبسوطة ؟؟
نوال بغل: ليه هو انا زيها يا محمود ما تشوف انت بتتكلم ازاى؟؟
هاشم: امى محدش زيها ابدا وما تتقارنش بحد
مودة : يعنى ده اخر كلام عندك يا هاشم؟؟
هاشم: أيوة
مودة: ماشى وانا فى بيت بابا .عن اذنك يا عمى
وغادرت مودة دون أن يعترض طريقها حاول محمود اللحاق بها فمنعته نوال
أفاقت من شرودها على صوت مصطفى ويده التى تهزها
مصطفى: يا ماما انا مش فاهم القاعدة دى
شرحت له مودة بصبر وعاد يذاكر دروسه لتنظر له وتقول فى نفسها : انت اللى رجعتنى ليه ..لو ماكنتش حامل فيك ماكنتش رجعت
دلف هاشم للغرفة يبتسم بمودة : حبايبى انا نازل المكتب عاوزين حاجة
ريماس: بابا هات لى كريب بالجبنة وانت جاى
هاشم: حاضر يا حبيبتي وانت يا مصطفى؟
مصطفى: انا هات لى بالجمبرى
هاشم: حاضر من عنيا
نظر لها وقال: وانتى يا مودة مش عاوزة حاجة؟؟
أزاحت وجهها عنه وهى تقول بإقتضاب: شكرا
هز رأسه بأسف وانصرف صامتا
يقود سيارته والأفكار تنهش عقله ماذا يفعل لتعود لسابق عهدها؟؟ لقد اشتاق إليها كثيرا .
فهو يعشقها بجنون تستعر نيران الغيرة بين جنبات صدره كلما غادرت المنزل ابتسم بحزن وهو يتذكر المرة الأولى التى تواجد فيها بالمنزل وتوجهت لعملها
لقد استيقظ باكرا بمجرد أن غادرت وظل يدور فى الشقة كالاسد الحبيس قاوم بشدة التوجه إلى المدرسة التى تعمل بها وحملها للمنزل مرت عليه الساعات قاتلة ترى هل ضايقها احد؟؟
ترى من رأت؟؟
ومع من تحدثت؟؟
هل ابتسمت لاحدهم؟؟
ظل يصارع أفكاره حتى عادت ليخيرها بين زواجه منها والاستمرار بعملها
هاشم لنفسه: عارف يا حبيبتي انى كنت انانى ..وعارف انى جرحتك ..بس انا بعشقك غصب عني سامحينى
تذكر الليلة التى أعادها فيها والده للمنزل بعد أن مكثت أسبوعا كاملا فى منزل والديها ابتسم بسعادة وهو يتذكر لقد وضع قناعا زائفا من الصلابة وهى تدلف بصحبة والده
محمود: هاشم مودة وافقت تسيب شغلها علشانك .ياريت تقدر
هاشم ببرود : اكيد طبعا ولو نقصها حاجة يبقى لها بحق
محمود: ربنا يهدى سركم
وغادر والده لتندفع غاضبة نحو غرفة النوم وهو يتبعها بسرعة
هاشم بلهفة: حمد الله على سلامتك كدة اهون عليكى اسبوع بحاله تنامى بعيد عن حضنى
مودة بغضب: وانا ليه هنت عليك وعاوز تمحى شخصيتى وتحرمنى من شغلى
لم يعد يحتمل فأسرع يضمها لصدره بحنان: بغير عليكى ..مقدرتش استحمل فكرة إن ممكن حد يكلمك واو يشوفك حتى .. سامحيني انا بحبك اوى
تملصت من بين ذراعيه وهي تقول: على فكرة لو ماكنتش حامل لايمكن كنت هرجع لك ابدا
هاشم وكأنه لم يستمع إليها: حامل .. حقيقى يا مودة انتى حامل ..اتأكدتى ؟؟
طب عملتى تحاليل تطمنى؟؟
طب روحتى لدكتور ؟؟ لا لا دكتور لا روحى لدكتورة
تذكر حينها انها ابتسمت لتلعثمه وجنونه وحين ضمها مرة أخرى استكانت بين ذراعيه وبادلته ضمته
حبيبته رقيقة القلب شديدة الطيبة
وصل هاشم لمكتبه فغادر سيارته وصورتها لا تفارق خياله
***************
تأبى مودة العيش في عالم الواقع وتصر أن تحيا بين ذكرياتها الأليمة لقد انتهى طفليها من فروضهما لذا فقد غادرا الغرفة مصطفى يلعب على اللاب توب وريماس تتابع التلفاز وظلت مودة لتتذكر المزيد من الالم والمزيد من الجروح
انتفض جسدها كما انتفض ذلك اليوم وهو يصيح بغضب : انتى يا هانم
مودة بقلق: فى ايه يا هاشم ؟؟ حصل ايه؟؟
هاشم: انا عاوز اعرف ماحدش حمل غيرك امال لو كنتى بتشتغلى كنتى عملتى فيا ايه !!
مودة: فى ايه بس فهمنى!!
يلقى قميصه بوجهها ويقول: ياقة القميص زى الزفت انتى بتغسلى الهدوم علشان تنضف ولا تتوسخ
مودة وهى على وشك البكاء: اعمل ايه طيب والله غسلاه
هاشم: خلاص انا قرفت عايشين فى مزبلة واكل مايتاكلش وهدوم وسخة اجيب لحضرتك حد يشوفلك شغلك ما انتى زى قلتك
وتناول قميصا اخر ليرتديه فى عجالة ويغادر ساخطا لقد أصبح شديد الغضب يثور عليها لاتفه الأسباب تتذكر يومها إعدادها لصنف يحبه من الطعام وانتظار طويل لعودته لكن بلا فائدة وحين عاد تقدمت منه بإبتسامة : حبيبي احضر الغدا
هاشم ببرود: اكلت عند ماما
ابتلعت غضبها وحزنها وصمتت
****************
دلف هاشم لمكتبه طالبا من مساعده عدم الازعاج الا للضرورة القصوى وتوجه للمقاعد الجانبية فهو غير قادر على التركيز ولن يتمكن من العمل لقد غادر المنزل فقط حتى يبتعد عن مودة فقد أصبحت حالتها غير طبيعية بالمرة
جلس على الأريكة بإسترخاء يحاول أن يتذكر ما أخطأ به لتعامله بهذة الطريقة وتصل لهذة الحالة
لطالما كانت متسامحه معه فماذا جد لهذا التحول وعاد يتذكر المرات التي تشاجرا فيها يذكر ببداية حملها وقد اعتلاه الغضب بسبب بعدها عنه بأمر الطبيب فكان يفرغ شحنة غصبه فى المشاجرات الدائمة معها
كان يتشاجر لاتفه الأسباب فمرة يدعى عدم نظافة المنزل ومرة يدعى عدم ترتيب الفراش وأخرى يتهمها بالاهمال وتارة يصفها بالاستهتار
لقد كانت والدته داعمة له فى ايذاءها دائما وطالما كان سلبيا امام والدته فمنذ اول مشاجرة معها بسبب القميص الذى ادعى اتساخه وقد استمعت امه لصراخه عليها فإنتظرت عودته لتدعوه للطعام وقد رحب بذلك لكن حين صعد شعر بمدى تألمها ورغم ذلك فإن والدته تتفنن فى اختلاق الحجج ليتناول الطعام معها وهو لحرجه غالبا ما يوافقها خاصة أنه أصغر اولادها
لم يشرح الأمر ابدا لزوجته واكتفى بأنها لا تطالب تفسيرا لكن منذ عامين تقريبا
عودة للوراء
دلف لشقته متأخرا كالعادة بعد سهرة طويلة بصحبة والدته ليجد أن الهدوء يعم المكان فقد نامت زوجته وأولاده
خطا بخفة للغرفة فكانت تتمدد بإسترخاء مسبلة العينين فظنها نائمة بدل ملابسه وتمدد بجوارها مد ذراعه ليحيطها ففوجئ بها تدفع ذراعه بعيدا بغضب
هاشم بتعجب: الله انا فكرتك نايمة
مودة: صاحية ولا نايمة ولا ميتة حتى تفرق معاك ؟؟
هاشم بتأفف: اه دى طالبة معاكى نكد
مودة: تقدر تقولى انت طالع ليه دلوقتي
هاشم: هو ايه اللي طالع ليه؟؟ طالع بيتى
مودة: اه بيتك ...بيتك اللى قالبته لوكندة بتدخله بس علشان تغير أو تنام لا كتر خيرك والله
هاشم بغضب: عاوزانى اعمل لك ايه يعنى ؟ اسيب شغلى واقعد جمب جنابك
مودة: لا مش جمبى ..جمب ولادك اللى مش حاسيين بوجودك ..وهيحسوا ازاى وانت واكل قايم قاعد مع مامتك
هاشم بإنفعال: انتى عاوزة تقطعينى من امى ولا ايه؟؟
مودة: عمرك ما فهمتنى ولا هتفهمنى واقطعك من مامتك ليه راعيها زى ما انت عاوز بس راعى ولادك كمان مامتك ربنا يبارك فى اخواتك وباباك الكل حواليها لكن ولادك محتاجينك لوحدك ..انت ايه يا اخى ازاى بتقدر تبلع لقمة وانت مش عارف ولادك كلو ولا لسه
هاشم بتقهقر: ما أنا متأكد انك مش هتهملى فيهم
مودة: ليه مش انا واحدة مهملة ومستهترة ولا نسيت كلامك
هاشم: خلاص بقا بلاش نفتح فى القديم ومالوش لأزمة كلامك بعد كدة هاكل معاكم يلزم حاجة تانية
مودة: انت ليه مش فاهم الحكاية مش اكل وشرب لا الولاد محتاجين وجودك معاهم يحسوا بيك يخرجو معاك بتكلمو معاك كنت بتتجوز ليه لما انت مش قادر تسيب حصن مامتك
هاشم بغضب: انا مابقتش اخد منك غير طولة اللسان وقلة الادب
مودة بصدمة: انا قليلة الادب يا هاشم دى اخرتها
واستدارت فورا لتستلقى وتعطيه ظهرها واستمر غضبها منه لأكثر من أسبوعين ذاق فيهما مرارة الشوق لها وهى بجانبه فتلك المجنونة مهما كانت حالتها لا تتخلى عن رقة مظهرها ابدا وتحسن دائما اختيار ملابسها من بين قصير ومجسم لتزيده رغبة فيها مع كل نظرة ينظرها إليها
طرقات على الباب انتزعت هاشم من أفكاره ليعلن مساعده عن قدوم حسين أحد زملائه
دلف حسين وبعد السلام والاطمئنان على الأحوال
حسين: انا معايا فضية مش لاقى لها مخرج قلت اجى اتناقش معاك فيها
هاشم: انا كمان معايا قضية تعبانى اوى
حسين: هو فى قضية بردو تقف قصادك يا هاشم
هاشم: اهى وقفت يا حسين
حسين: لا لازم اعرف ايه القضية اللى وقفت قصادك دى!!

هاشم : قضية خلع
حسين: هههههه قضية خلع تقف قصاد هاشم ..لا انا مش مصدق..
هاشم: انت عارف لما بتيجى لى قضية زى كدة بحاول اصلح بنهم قبل ما ارفع القضية
حسين: طبعا معروفه عنك الحكاية دى
هاشم: الغريبة هنا إن الزوج متمسك بيها وبيحبها بس بيقول انها اتغيرت بقت ساكتة وسرحانة وفجاة عاوزة تسيبه مع انهم متجوزين من زمان وعندهم ولاد
حسين: دى قضية سهلة جدا ..اكيد هو مش محسسها بأهميتها فى حياته او مهمش دورها او بينتقدها عمال على بطال حاجات كتير تبان لينا احنا كرجالة صغيرة وتافهة لكن عند الستات مهمة جدا بس لو وصلت لمرحلة الصمت يبقى فعلا هتبيع
هاشم بإهتمام: ازاى يعنى يا حسين؟ فهمنى اكتر.
حسين: الست يا هاشم كلامها نعمة لانها طول ما بتتكلم معاه بتخرج الطاقة السلبية فى حياتهم وطول ما بتعاتبه تبقى باقية عليه لكن لما تسكت وتخزن كل الوجع والزعل وتبطل تتكلم يبقى اول حاجة هو مش فارق معاها خلاص تانى حاجة قربت تنفجر وانفجارها اول ما يدمر هيدمره هو وادى النتيجة عاوزة تخلعه
هاشم: بس هو ممكن بردو يصالحها او يراضيها لازم نحاول خراب البيوت مش بالساهل
حسين: مادامت وصلت للصمت اظن احسن ترفع لها القضية هى اصلا خلاص باعته
هاشم بشرود : معقول خلاص باعته
حسين: المهم دى قضية سهلة انا جايلك فى جريمة قتل
هاشم: سيب لى الملف وبكرة نتناقش فيها
غادر حسين بعد قليل تاركا خلفه هاشم يتجرع مرارة الالم نعم لقد فعل كل هذا لقد حرمها من عملها وتحكم بها بأنانية مطلقة لقد ساومها على زواجهما مقابل عملها
لقد ترك نفسه لضغوط والدته تتحكم به ..يأكل معها ويسهر معها ويقضى معها معظم اوقاته وهمش دور زوجته بحياته تماما
وايضا لا يكف عن انتقادها بكل ما تفعل وينتقدها إن لم تفعل
هو اوصلها لهذا بغباءه واستهتاره بها
هو اوصلها لهذا بأنانية مطلقة وجودها لا يعارض وجوده ..كيانها لا ينافس كيانه ..ولا ينافس مكانة امه فلم فعل هذا
ندم ....ندم...فهل يفيد ؟؟؟

لعنة الصمت
بقلم قسمة الشبينى

تجميع نوفيلا..... قصة قصيرة...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن