الفصل الثالث

2.8K 109 2
                                    

الثالث

الزمان فجر٨ مارس عام٧٢..المكان محافظة القاهرة قاعة افراح ليالى الشوق
اخيرا وبعد سهرة طويلة دقت طبول الزفة معلنة عن انتهاء الفرح ليقف حاتم ..الملازم جوى حاتم احمد صفوان وتقف بجواره عروسه الحسناء هدى لتعلق ذراعها بذراعه وكل منهما قد اشرق وجهه بإبتسامة سعيدة تعبر عن مدى سعادتهما ويبدأ كل منهما يخطو نحو بداية جديدة بكل احلام الصبا والمراهقة والشباب
هدى الجارة الحسناء التي تعلق قلب حاتم بها منذ اكتشف قلبه دقة العشق والشوق وهى كذلك لطالما نظرت له بإعجاب الا أن كلاهما لم يتجرأ ليبوح بمشاعره للاخر حتى تخرج حاتم من كليته واسرع بعدها يلبى نداء قلبه ويتقدم لخطبتها وها هو بعد عام يحقق حلمه وما هى إلا دقائق حتى تكون له للابد
وصلا لشقتهما برفقة الاحباب ليفتح حاتم باب الشقة وينظر لامه وامها قائلا بود ومرح: اتفضلوا معانا
علت الضحكات بينما قالت والدته هيام: من قلبك يا حاتم
حاتم: طبعا يا قلبي دا انتى حبيبتى يا ماما
هدى: طبعا يا طنط مالناش بركة غيركوا تعالى انتى وماما اقعدو شوية
سلوى والدة هدى: هههههه لا يا حبيبتي أنا هاخد صاحبتى ونروح وانتو ربنا يهنيكو .يلا يا هيام
وتشابكت ايديهما وانصرفتا بينما نظر حاتم ل هدى بلهفة وهو يقول: اتفضلى يا قلبى
هدى بمراوغة: مين فينا بالظبط قلبك انا ولا طنط
اقترب منها كثيرا وهو يقول: انتو الاتنين هو انا ليا غيركم
تلفت حوله واردف: احنا هنفضل على السلم ولا ايه ؟؟
ابتسمت وهى تخطو للامام ليحملها حاتم وهو يقول بحنان: انتى هتدخلى وتسبينى ولا ايه لازم اول خطوة لينا تكون مع بعض وهنفضل مع بعض
تعلقت برقبته ليخطو حاملا اياها برقة
مرت عدة ايام وها هو حاتم يستعد للعودة الى فرقته بينما تجلس هدى على مقعد بالصالون تبكى يخرج حاتم من الغرفة: هدى فين ال...
يسرع خطواته نحوها ويجثو امامها: حبيبتي انتى بتعيطى
نظرت له من خلف دموعها لتعلو شهقاتها تمزق قلبه ليفتح ذراعيه ويسرع بضمها : هشششش اهدى خلااااص حبيبتي
هدى: اهون عليك يا حاتم تسبنى
حاتم: حبيبتي انا ظابط فى الجيش دى حياتى
هدى: وانا ..انا مش حياتك
حاتم: انتى حبيبتى وروحى ونور عيني بس الجيش مش بس واجب وشغل لا الجيش حياة الوطن ودرعه .
رفع وجهها وقال: وانتى مش متجوزة اى حد دا أنا نسر السما
مسح دموعها بأصابعه وهو يقول: احنا هنضيع الساعتين اللى فاضلين دراما
ابتسمت وهى تكفف مزيدا من الدموع المتدفقة فأخفض رأسه يقبلها وهو يقول: خلاص..وحياتى ماتخلينيش امشى وانا قلبى واجعنى عليكى
شدت ذراعيها حوله وهى تقول: سلامة قلبك يا قلبي
كان حاتم بعد ساعتين يقف امام المرآة يهندم زيه العسكري لتقترب هدى وتضمه بحب هامسة:ماتتأخرش عليا ..انا هستناك
قبل جبينها وهو يقول: مااقدرش اتأخر ابدا عليكى معلش ممكن بعد فترة اتنقل من قاعدة المنصورة واجى قاعدة قريبة ..استحملى علشان خاطرى
امسكت الكاب لتضعه فوق رأسه وهى تغالب دموعها ثم احاطت وجهه بكفيها لتتسع ابتسامته حتى ظهرت غمازتيه ليمسك كفيها ويقبلهما بلهفة لتعلو طرقات الباب فيقول: باقى قلبى وصلت
اسرعت هدى تستقبل هيام التى أتت لتوديع ابنها والذى ما لبث أن كل عليها بكامل زيه يحمل حقيبته ليقف ويضرب قدمه بالارض قائلا بمرح: تمام يا فندم
تبتسم هيام وهدى وتسرع هيام نحوه ليقبل رأسها وكفها ويقول: ادعى لى يا قلبى انتى عارفة بحلم بإيه
لتعترض هدى: انت بتحلم من ورايا ؟؟
اسرع يضمها لصدره بذراع ويحيط امه بذراعه الاخر: هتوحشونى اوى
نظر لامه وقال: ماما خلى بالك من قلبى
هيام: فى عنيا يا حبيبي
ابتعد خطوة للخلف وهو يقول: استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
ابتعد خطوة اخرى فقلبه يتمزق لفراقهما واسرع يستدير ويتجه نحو الباب بخطوات سريعة وما أن دلف خارجا حتى اسرعت هدى تعدو خلفه .وصلت للباب وكان قد هبط درجتين نادت اسمه ليلقى حقيبته ويسرع إليها يضمها بقوة ويقبل كل انش بوجهها بلهفة مبتلعا دموعها بين شفتيه ثم احاط وجهها وقال: مش هتأخر عليكى
واسرع يحمل حقيبته هاربا من امامها بينما قالت بضعف: حاتم
إلتفت لها بألم واضح بكل قسمات وجهه حبيبته تحتاج إليه لكن وطنه بحاجة اكبر فسيناء الغالية تنتظره هو ورفاقه منذ سنوات وهو يصبو لليوم الذى يرتمى فيه بين احضان الارض الغالية بعد أن يعيد لها حريتها ويحررها من هذا الدنس الذى تعانيه
تمر الايام ويعود حاتم لمنزله محمل بأشواق ترهق قلبه ليسكن الى حبيبته يبثها ما يعانى فى بعدها وتبثه ما يماثل معاناته
فتحت هدى عينيها لتجد مكانه خاليا فتنتفض جالسة ترتدى ثيابها وتخرج باحثة عنه لتجده يجلس شاردا تقترب منه بهدوء
هدى: حاتم حبيبي مالك؟؟
يتظر لها بإبتسامة زائفة: سلامتك يا قلبي أنا كويس
هدى: هتضحك عليا يا حاتم ؟؟ هو انا مش حاسة بيك!!
ينظر لها بألم ويقول: قلبى يا قلبي موجوع عليكى وخايف يجى الاجل وانتى
وضعت كفها على فمه تمنع استرسال حديثه وقالت: لكل اجل كتاب يا حاتم ربنا يكتب لك طول العمر حبيبي
يرفع حاتم كفها ويقول بألم: يارتنى ما اتجوزتك انا انانى ... انانى
اتسعت عينا هدى بصدمة: انت ندمان علشان اتجوزتنى يا حاتم ؟؟
يجثو ارضا محيطا وجهها الحبيب بين كفيه ويقول: انا ظابط فى الجيش واحنا فى حرب ليه ظلمتك كدة !! سامحيني يا هدى ..انا حبيتك اوى ...غصب عني ماقدرتش .. سامحيني
ضمته هدى بحب وقالت: أنا اسعد ست فى الدنيا علشان اتجوزتك ..انا كمان بحبك اوى يا حاتم
يبدأ حاتم يقبل كتفيها ورقبتها لتقول: اللحظة فى حضنك بعمر تانى بعيشه فى عالم تانى مش موجود غير فى حضنك
يضع كفه بظهرها لتستلقى وهو ينظر لها بشوق ويقول: أول مرة اخاف من الموت بس غصب عني دم الرجالة اللى راحوا بيصرخ علشان التار والارض المسلوبة بتصرخ علشان الحرية وانا قلبى مقسوم وبيصرخ علشانك
يهبط بشفتيه عل شوقه منها يرتوى لتمنحه كل الحب وكل الدفء فحبيبها يتألم بصمت وهى
ملاذه الوحيد
يناير ٧٣
تمر الايام سريعا وها هو حاتم عائد لمنزله تسابق ساقيه الريح يفتح الباب بلهفة لتقابله سلوى : حاتم حمدالله على سلامتك يا حبيبي
حاتم: هدى يا طنط ..هدى عاملة ايه؟؟
سلوى: الحمد لله ربنا جبرها نايمة جوة وهيام قاعدة جنبها
يسرع للغرفة بلهفة اكبر يفتح الباب لينادى بإسمها : هدى ...هدى يا قلبي
يسرع للفراش ليجدها شاحبة ترقد بإرهاق وامه تجلس بجوارها اشرق وجه كلتيهما لدى رؤيته
هدى: حاتم انت جيت ؟اتأخرت اوى بنتك زعلانة علشان ماكنتش فى استقبالها
هيام: لا ماتخافيش أنا اتكلمت مع حفيدتى وهى مش زعلانه
اقتربت هيام تحمل طفلته لينزر لها بشوق كبير: سمى الله يا حاتم وشيل بنتك
حاتم وهو يمد كفيه : بسم الله الرحمن الرحيم.... الله يا هدى دى حلوة اوى دى بنتى انا !!!
هدى بوهن: هتسميها ايه ؟؟ ايه رأيك عالية ولا وفاء ولا ايه ؟؟
يتظر حاتم لها ويقول: تسمحى لى اختار اسمها ؟؟
هدى: طبعا حبيبي
حاتم: تحرير هأسميها تحرير
هيام وهدى: تحرير
هيام: غريب اوى الاسم ده يا حاتم انت عاوز تعقد البنت ؟؟شوف لها اسم تانى
هدى وهى تنظر له بحب: لا يا طنط خلاص اسمها تحرير
يبتسم حاتم ويجلس بجوارها ينحنى يقبل رأسها ويتمتم: حمدالله على سلامتك يا قلبي
ينظر لابنته التى تغفو بوداعه على ذراعه وتتسع ابتسامته ويقول كأنه لا يصدق: شوفى بنتنا
هدى: واخدة الغمازات ..طالعة حلوة زى ابوها
حاتم: انا !! أنا حلو كدة
يرفع ابنته يقربها من وجهه يقبلها ويضمها برقة ثم يضحك ويقول: انا خايف احضنها اوى
غادرت هيام الحجرة تاركة ابنها ينعم بصحبة زوجته وابنته فلا تدرى الى متى تطول هذة الصحبة تغلق الباب وصوت حاتم يتردد بأذنيها بجملته التى يرددها منذ تخرجه : ادعى لى يا امى اموت شهيد ..ده حلمى
تغمض عينيها بألم وقلبها يعتصر ألما وتنظر للسماء وتقول: يارب اكتب له الخير

تجميع نوفيلا..... قصة قصيرة...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن