( الفصل الثالث )

1.1K 34 2
                                    

( الفصل الثالث )

أغلقت بتول عدسة الحاسوب .. وقد أنتهي وقت حدده لها عبد الرحمن بعد أن وصل إلى جيبه نصف المُتفق عليه .. بل واخبرها بأمانة من العجيب تمسكه بها .. أن النصف الآخر يأخذه بعد تقيم الزبون .. فثقة العميل وارضاءه .. هو شعار شبكتهم ال لا غبار عليها .

ارتمت على فراشها منهكة الجسد قبل الروح .. ترغب في إغلاق جفنيها للأبد .. لكن جسدها المتشقق من كثرة المحدقين به يرفض ويقاوم .. لا يريد ختام مُدنس كهذا

- بتول عزيزتي

وكأنها ترغب في سماع صوته الساخر على الدوام .. ظلت على ما هي عليه .. لم تخبئ جسدها العاري أسفل ما تقع عليه يدها كما فعلت في المرات السابقة .. لا .. فقد بات الأمر لا يعنيها .. وأي انتهاك من المحتمل أن تتعرض له الآن .. لن يؤثر عليها قط .. بل لن تشعر به من الأساس

- بتول

تكرر نداءه فأجابت من بين شهقاتها الصامتة :
- نعم

كان قد وصل إلى الغرفة التي جمعتهما في يومًا مشؤم .. فصاح معلنًا عن تفاجأ :
- لا أصدق .. بتول تقول نعم !!.. تقدم رائع .. استمري

نظرت له في خواء يناسب تساؤلها :
- ماذا تُريد ؟...

تلاعب بكتفية في حركة راقصة لم تفعلها هي على مدار تسعة عشر عام .. والعلكة في فمه أعطته مظهرًا يثير ما في الاجواف .. لكنه بالفعل يليق به ولا يجوز لسواه

- الطعام جاهز

اشارت له في عدم اهتمام :
- لا اريد تقاسم السم معك

أبتسم في لزوجه أنهت على المتبقي من تماسكها .. فالتفتت تخرج مخزون ثلاثة أيام في سلة القمامة المجاورة لفراش الموت .. راقبها عبد الرحمن في قلق .. انعكس على تساؤلاته حينما انتهت وارتمت على الأرض في اعياء :
- بتول ما بكِ ؟... هل اجلب لكِ الطبيب ؟... موعد مدام شهيرة بعد ساعتين وهي تطلبك بالاسم .. وتحتاجك بكامل صحتك

رغم اتساخ وجهها إلا أن البسمة تمكنت من رسم نفسها عليه .. ابتسامة تحمل مرار عالق في حلقها .. مدام شهيرة .. من الطبيعي اهتمامه بها وبموعدها وبكل تحركاتها .. يكفي أنها تدفع ثلاث أضعاف ما يتفقوا عليه لبقاء الأمر سرًا .. فهي امرأة تخفي التجاعيد قسمات وجهها .. سيدة مجتمع من الدرجة الأولي .. زوجة إحدى رجال الاعمال .. لديها ثلاثة أبناء اصغرهم في عقده الثالث .. مع ذلك تبقي في نظر نفسها قبل نظر المحيطين بها .. امرأة تركض خلف شهوة دنيئة

- قدم لها قربان آخر

صمتت لثوان منتظرة " عذر أقبح من ذنب " إلا أنه بقي صامتًا غير راغب في مناقشة أمر من وجهه نظرة لا عيب فيه .. نظرت له في محاولة استيعاب ما آلت إليه .. لكنها لم تفلح .. فوضعت ما يجول في خاطرها ويورقها في سؤال :
- عبد الرحمن هل هناك الكثيرات ؟...

هل تطلب سؤالاً ؟... إذًا لها الجواب :
- أكيد .. مواقع التواصل مليئة بالساذجات .. تعرفين صديقي تحدث مع فتاة منذ شهور وطلب منها عدة صور وذلك تحت بند " أنتِ زوجتي " .. وبعد ما اطاعت هددها وخضعت له ولشبكتنا وحاليًا تجلب له مبالغ لا يمكنك تخيلها .. انعدام الرقابة في البيوت بتول يسهل على أمثالي الفرصة

- من الجيد أنك تعرف قدر نفسك

تجاهلت سخريتها المحملة بإهانة مقصود :
- تعرفين يتكرر الأمر كل ساعة تقريبًا ورغم تحذير الكثيرات إلا أنهن يقعن بسهولة

وافقته لأول مرة :
- ندرك الخطأ بعد أن نقع به

- بالطبع لا أحد يتعلم بسهولة

" لا أحد يتعلم بسهولة "
لما تلبسه رداء الحكمة الآن .. الأمر مثير ويستحق النقاش لذا اعتمدت على مرفقيها وبقيت نصف جالسة .. كي تتمكن من إدراك حرف حرف :
- فعلا .. لا أحد يتعلم بسهولة .. عن نفسي تلقيتُ درس أنهي حياتي

قذفها بنظرة استخفاف صريحة .. ثم قذف كلماته المتذمرة :
- بتول لا تُبالغي

كررت خلفه في دهشة :
- لا أبالغ

- نعم تعطين الأمر أكثر من حجمه

والدهشة تلك المرة كانت أكبر :
- أعطي الأمر أكثر من حجمه .. هل تسمع ما تتفوه به ؟.. أم ببساطة جربت الأمر مسبقًا حتي بات أمر عادي كما تخبرني !...

انتفض كمن لدغه العقرب وكم تمنت .. يصرخ في غضب وكأنها ذكرت والدته بسوء :
- أأنتِ مجنونة أنا أفعل تلك القذارة

هزت رأسها بتفي ساخر مصحوب برقصة من خصلاتها :
- لا حشا لله كيف تفعلها عبد الرحمن .. أنت مثال رائع للرجل الديوث

تجاهل للمرة الثانية على التوالي وقد قاربت طاقته على الانتهاء .. لذا قام منصرفًا يقص عليها تكرار وإقرار :
- استعدي ،، اقترب موعد السيدة شهيرة

آتي الموعد وانتهي
وقد طال بها حتي بلغ الساعتين
وبالطبع لا مانع لدي الخنزير خاصتها فهو أخذ ما يبهج عيناه لأسابيع ... لكن النهاية تبدأ عند نقطة معينة .. نقطة إقراره

- السيدة شهيرة وقعت في حبك بتول
- ماذا تعني ؟..
- ترغب في توطيد العلاقة .. ولكِ حرية تحديد السعر
..............................
......................
...........

توقف يد أميرة وتشبثت جيدًا بالقلم حتي أصبح قطعتين .. والتساؤل المخيف في عينيها دفع بتول إلى التبرير :
- كانت النهاية هنا

تلجلجت اميرة في السؤال :
- ك كيف ؟..

وفي سرعة قريبة من سرعة البرق ألقت سؤالها وكأنها تخشي التدنيس :
- هل التوطيد المذكور يعني ما فكرتُ به ؟..

مع الايماءة الأولي آتي السؤال الثاني :
- قتلتيه هنااا

نفت بتول في سرعة شبيه :
- لا لم تكن لدي نيه القتل هذه أبدًا

- إذًا ماذا ؟!...

ابتسمت بتول بمكر ذئب لمح فريسة وبهدوء مبطن اردفت :
- استعملت عقل حواء

يتبع ....

بقلم = سمر محمد

تجميع نوفيلا..... قصة قصيرة...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن