الخامس

7.9K 321 30
                                    

  الخامس

استيقظ هاشم وقد اكتست الدنيا بلباسها الاسود ليجد نفسه وحيدا بالغرفة ارتدى ملابسه وتوجه للبحث عنها ليجدها تجلس مع طفليها وهما يستذكران دروسهما لكنها ليست شاردة بل تبتسم بسعادة
اغتبط قلبه واستكان فقد تمكن من اخراجها من لعنة الصمت لكن لم ينتهي الامر بعد عليه متابعة العمل الابقاء على هذة الابتسامة بل عليه جعلها اكثر اشراقا
يجب أن تعود له حبيبته بكل حبيبته بدلالها ورقتها وحبها ومرحها يجب أن يستعيدها بكل ما فيها
اقترب هاشم منهم وقال: ها بتذاكروا لسه؟؟
مودة: ازعجناك؟؟
هاشم: لا ابدا انا صحيت لوحدى كنت عاوز اتكلم معاكى فى موضوع
مودة : خير إن شاء الله
امسك بكفها لتنهض معه للخارج اجلسها بالصالون وجلس امامها
هاشم بجدية : مودة انا عاوز اعرض عليكى تشتغلى معايا
مودة بتعجب: اشتغل!! اشتغل ايه يا هاشم
هاشم : شغلانة بسيطة وسهلة عليكى هتكتبى المذكرات والاستئنافات على الكمبيوتر وتطبعيهم وتحتفظى بنسخة على سى دى
مودة : طب والبيت والولاد
هاشم: الولاد كبروا خلاص يعتمدو على نفسهم وشغلك هيبقى فترة الصبح بس تيجى معايا وترجعى معايا
زاغت نظرات مودة فقال هاشم : انا حرمتك من شغلك من زمان صراحة مش تقصير منك ولا حاجة بس غيرة منى وعارف انك بتزهقى من قعدة البيت كدة تشتغلى زى ما انتى عاوزة وانا هبقى مطمن عليكى محدش يقدر يبص لك
مودة: وايه فكرك بشغلى دلوقتي؟
هاشم : اللى كان بيشتغل معايا ساب الشغل النهارده ففكرت انك تشتغلى معايا علشان تبقى معايا علطول هنا وفى الشغل
ابتسمت مودة فقال بجدية مصطنعة: بس اهم حاجه مش هزود لك عن مرتب سامى أنى معنديش واسطة فى الشغل
مودة بتعجب: انت هتدينى مرتب كمان ؟؟
هاشم بصدمة: امال هشغلك ببلاش
مودة: بس انا مراتك
هاشم: مراتى ونور عيني بس الشغل شغل
بدأت مودة عملها فى اليوم التالى وقد كانت سعيدة للغاية فرغم بساطة العمل الا انه يفرغ طاقتها ويشغل وقتها كما انها تستمد منه خبرات جديدة عليها
بدأت عملها بنشاط ملحوظ واعادت هيكله ارشيف المكتب لتحتفظ بكل هام وتتخلص من الباقى
طرقت الباب برقة فسمح هاشم لها بالدخول وهو يعلم انها الطارقة فيديها الرقيقتين لا تطرقا بقوة مثل باقى العاملين بل رقتها واضحة فى كل حركاتها وسكناتها
هاشم بإبتسامة: اتفضلى يا أستاذة مودة
اغلقت الباب فهو زوجها وتقدمت لتجلس امامه وقالت : انا جاية اعرض عليك خطة ارشفة جديدة هتوفر علينا وقت كتير وكمان تساعدك في القضايا الجديدة انك تلاقى كل الاحكام القديمة بسهولة
قار هاشم مرحبا : ياريت قولى لى فكرتك لو مناسب هننفذها
جلست تشرح له فكرتها لنصف ساعة كاملة دون أن يقاطعها حتى قالت : هاشم انت معايا؟؟
هاشم بإبتسامة مشرقة: معاكى وفكرتك هايلة وانا موافق عليها السكرتارية هيساعدوكى
وقفت مبتسمة وقالت : متشكرة جدا
هاشم: طول عمرى افكارك بتعجبنى لانك مبدعة فعلا
همت بالانصراف لينهض ويسرع إليها قائلا: انتى قدامك شغل كتير
مودة: لسة بدرى الساعة ماجتش اتناشر
هاشم بلهفة وهو يقترب: ماتيجى نروح بدرى
مودة: بس كدة الشغل يتعطل
هاشم: لا انا متأكد انك هتيجى بكرة الصبح تظبطى الدنيا فى ساعة زمن
ابتسمت بسعادة: يعنى واثق فيا وف شغلى
هاشم: اكتر من ثقتى بنفسى كمان
مد ذراعه يقربها إليه هامسا : مش يلا بينا أنا مضمنش نفسى اكتر من كده
ازاحت ذراعه بخجل: هاشم انت جرى لك ايه!! حد يدخل علينا
هاشم: ما بقولك يلا نروح احسن
عادا مبكرين ليتمتع هاشم بقربها الذى اصبح يجن شوقا إليه لقد اصبح يتعجب من نفسه وكأنه مراهق يحب للمرة الاولى
آه حبيبتي لو تقبلين اعتذارى وندمى لقد اهملت زهور ربيعك المتفتح لم اكن اراها كانت عيناى فى غفوة ليتك تغفرى لى خطأى لقد كادت ازهارك أن تذبل بسبب اهمالى وعقدتى الذكورية التى تحكمت بحياتى
نجاحك لا ينقص منى شيئا بل هو اضافة لصورتنا الجميلة امام اطفالنا
سعادتك واجب على وحق لك لكن للاسف لم اكن ابحث عن واجباتى لاقوم بها ،كنت فقط افتش عن حقوقى لاحصل عليها
سامحيني حبيبتي
عاد هاشم من عمله ليلا ليجد مودة تنتظرة بإشراقة تضئ عتمة الليل كانت بالفراش وبيدها كتاب تقرأه فأنهى تبديل ملابسه وجلس بجوارها
هاشم: بتقرأى ايه ؟؟
مودة وهى تضع الكتاب جانبا: رواية رومانسية
هاشم : احكيها لى
تعجبت من طلبه لكن اسرعت تلبيه وتقص عليه احداث الرواية حتى انتهت فقالت: انت ساكت ليه؟!
هاشم: بسمعك ..واحشنى صوتك ..كلامك وهزارك وضحكك
نظر لها بحنان وشوق لحظات ثم قال: اوعى تسكتى تانى ..اوعى تحرمينى من كلامك
اقتربت ليضمها بحنان بينما قالت: انت كنت فين يا هاشم من زمان ؟؟
هاشم وهو يقبل رأسها: عارف أنى قصرت كتير بس اوعدك خلاص عمرنا ما نرجع خطوة ورا
المهم انتى ماتسكتيش ابدا صمتك كان لعنة عذبتنى وحرقت قلبى بس لعنة حبتها وكرهتها
مودة: يعنى ايه !!!!
هاشم : حبتها علشان فوقتنى قبل فوات الأوان وعرفتنى قيمتك اللى كنت عارفها بس رافض اعترف بيها وكرهتها لانها بعدتنى عنك ولانك اتوجعتى وجعى انا استحقه لكن انتى لا
شدت ذراعيها حوله وهى تبتسم براحة وعقلها ذاخر بذكريات سعيدة استعادتها جميعا حين استاعدت قدرتها على الحديث معه مرة اخرى
تمت
اتمنى تعجبكم
عزيزى الزوج اياك أن تضجر من كثرة حديث زوجتك فحديثها معك دليل حبها وصفاء قلبها كن مستمعا جدا حتى لتوافه الامور كما تعتقد فإن لم تستمع انت لها فمن سيفعل؟!
لا تدفعها للبحث عن مستمع غيرك ..ولا تدعها تصمت
ولا تطلب منها أن تكف عن الحديث معك ،فحين تكف عن حديثها معك ستكون بداية لعنة الصمت تلك اللعنة التى تعانى منها الكثير من بيوتنا وتمتص حياتنا فى غفلة منا
الحياة رائعة فلا تتركها تمر دون أن تنعم بكل لحظة فيها 

اسعدكم الله
لعنة الصمت
بقلم قسمة الشبينى

تجميع نوفيلا..... قصة قصيرة...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن