الفصل الاول
...............دوى صوت طلق النار عالياً حتى كاد أن يصم الآذان .. نهضت فزعة وجلست على فراشها تحاول تنظيم ضربات قلبها التى تسارعت فى جنون .. مدت يدها الى المصباح بجانبها وبحركات عصبية حاولت اضاءته دون جدوى .. حاولت تلمس الطريق الى هاتفها الى أن وجدته .. لعبت فى أزراره بعصبيه وصوت تنفسها المتقطع يتسرب الى أذنيها ليزيدها رعباً .. أضاءت الكشاف الصغير بالهاتف فأنار وجهها ذو البشرة البيضاء وذلك الشعر الأشيب الذى الذى يظهر من مقدمة رأسها .. دوى صوت الطلق النارى مرة أخرى لتنتفض فى فراشها وهى تتمتم :
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. يارب استر يارب ........أزاحت الغطاء لتنهض .. فحدث ما لم يكن فى الحسبان .. انتهى شحن الهاتف لتُظلم الغرفة مرة أخرى بظلام دامس .. حاولت تلمس طريقها الى الباب بأيدى مرتعشة وقلب ينبض رعباً .. فتحت الباب لترى الظلام بالخارج .. نادت بصوت مضطرب :
- "عدنان" .. "عدنان"
لم تجد رداً على نداءاتها المتكررة .. تلمست طريقها ووضعت كفيها على الجدار لتسير بمحاذاته حتى وصلت الى باب مغلق .. طرقت عليه عدة طرقات بإضطراب .. ثم بعنف أكبر .. ثم أدارت المقبض وفتحت الباب .. كانت الغرفة مظلمة كما هو الحال خارجها .. عبر ضوء القمر المتسلل من الشرفة استطاعت تبين أن الفراش فارغاَ .. وفجـــأة .. سمعت وقع خطوات على السلم المؤدى الى المكان الذى تقف فيه .. شعرت بالهلع .. دخلت الغرفة ووقفت خلف الباب تنظر علها تتبين القادم .. رأت دائرة برتقاليه كبيرة تتحرك على الأرض يميناً ويساراً لتضئ المكان .. قفز قلبها فى حلقها .. أخفت نفسها خلف الباب المفتوح وصدرها يعلو ويهبط بسرعه شديدة .. ماذا لو كان لصاً .! .. لو صرخت مستنجده سيجدها قبل القاطنين فى المنزل .. كادت أن تغلق الباب لكنها خشت أن يصدر صوتاً يُنبئه بمكانها .. نظرت مرة أخرى من الباب المفتوح .. تبــــأً .. هذا اللص فى غرفتها .. ماذا يفعل فى غرفتها ؟ .. عادت مرة أخرى تقف خلف الباب المفتوح وهى تحاول كتم أنفاسها .. وفجـــأة .. رأت الدائرة البرتقالية تلعب فى محيط الغرفة التى تقف فيها .. كتمت أنفاسها بصعوبة .. اللص يقف بمحاذاتها لا يفصل بينه وبينها سوى الباب الذى تختبئ خلفه .. شعرت بالهلع والفزع .. تستطيع أن ترى ظله الملقى على الفراش وهو يحمل الكشاف يسبح به فى فضاء الغرفة .. فجأة وبدون تفكير أمسكت الباب جيداً ثــــــم .. دفعته بقوة كبيرة ليرتطم به اللص صارخاً :
- آآآآآآآآآه
حاولت أن تدفع الباب لتدفع اللص الى الخارج وتغلقه عليها .. لكن عيناها اتسعت دهشة وهى تنظر الى ذلك الجسد المنحنى واضعاً كفه فوق جبينه يتحسس موضع الألم .. وقد أوقع الكشاف منه .. أمسكت الكشاف وسلطته على وجهه لتتسع عيناها أكثر وهى تهتف :
- "لميس" !
وضعت "لميس" ذراعها فوق جبينها تحاول حماية عينها من ذلك الضوء المسلط عليها وهى تئن بألم .. قالت بصوت متألم :
- أيوة أنا يا "انعام" هانم
قالت لها "انعام" معتذرة :
- آسفة جداً يا "لميس" افتكرتك حرامى .. كنت مرعوبة
قالت "لميس" وهى تحاول فرك جبينها بقوة حتى لا تترك الكدمة أثراً ظاهراً :
- لما سمعتك بتنادى على "عدنان" بيه طلعت عشان أطمن عليكي
سألتها "انعام" بلهفة :
- ايه اللى حصل .. ايه صوت ضرب النار اللى تحت ده ؟
قالت "لميس" :
- اتصلت بالسيكيوريتي على البوابة قالولى حرامى كان بيحاول ينط عندنا فى الفيلا .. بس معرفش لأن السور عالى .. هما شافوه وجريوا وراه وضربوا نار فى الهوا عشان يخوفوه
قالت "انعام" بدهشة :
- ايه الجرأة دى
ثم قالت :
- ومسكوه ولا لأ
- مش عارفه .. أنا عرفت منهم كده وجيت عشان أطمن عليكي .. أعتقد هو اللى فصل النور عن البيت .. ممكن يكون لعب فى الكبلات اللى بره الفيلا .. عامة أكيد حد من السيكيوريتي هيجى يطمنا
فجأة أنار ضوء المصابيح المكان كله .. عادت الكهرباء مرة أخرى .. فوضعت "انعام" كفها على صدرها وهى تتنهد قائله :
- الحمد لله
ظهر الارتياح أيضاً على وجه "لميس" التى احتفظت بجمالها رغم سنوات عمرها التى تجاوزت الخامسة والأربعون .. خرجتا من الغرفة وأغلقتها خلفها .. التفتت اليها "انعام" مستفهمة :
- فين "عدنان" ؟ .. افتكرته نايم
قالت "لميس" بأدب :
- "عدنان" بيه لسه مجاش
هتفت "انعام" بدهشة :
- معقوله .. فى الشركة لحد دلوقتى .. هروح أكمله
قالت "لميس" وهى تنزل الدرج :
- وأنا هروح أعرف آخر الأخبار من السيكيوريتي
دخلت "انعام" غرفتها وأخرجت الشاحن وأوصلته بهاتفها .. اتصلت بـ "عدنان" وهى جالسه فوق فراشها تضع ساقاً فوق ساق .. أتاها صوت رجولى أجش يقول :
- ألو .. أيوة يا "انعام"
هتفت بإستنكار :
- انت فين يا "عدنان" ؟
- فى الشركة
- معقوله لحد دلوقتى
- عندى شغل كتير يا "انعام" .. انتى ايه اللى مصحيكي لحد دلوقتى
قالت وهى تتذكر حالة الفزع التى أصابتها منذ قليل :
- اسكت يا "عدنان" .. كان فى حرامى بيحاول ينط على الفيلا عندنا .. وقطع النور عن الفيلا كلها
هتف "عدنان" بحده :
- ايه .. حرامى .. وانتوا كويسين .. حد جراله حاجة
قالت بسرعة :
- لا لا متقلقش .. تقريباً السيكيوريتي مسكوه
- أنا جاى حالا
لم يعطيها فرصة للرد .. بل أنهى المكالمة على الفور