الفصل السادس والعشرون (الجزء الثانى)

254 22 4
                                    

وقفت "سامرين" تنظر الي المرآة تتحسس الكدمة التي خلفتها صفعة والدها علي خدها الأيسر .. سمعت طرقات علي الباب فارتدت اسدالها وفتحته ليخفق قلبها بقوة ويسقط أرضا وهي تري "مهند" أمامها .. لم يكن حاله مختلفا .. تعالت ضربات قلبه الذي ارتوي لرؤيتها وتألم لما أصابها .. ود لو مد أصابعه يتحسس تلك الكدمة ويقبلها برقة محاولا تخفيف آلامها .. انتبه لنفسه فغض بصره وقال بصوت مضطرب فضح مشاعره الجياشه :
- "سامرين" اطلعي لماما عايزاكي
غادر بسرعة فحملت "سامرين" المفتاح وصعدت الي الأعلي .. قصت علي أم "فريدة" ما حدث من رفضها شراء الدبل رغم اصرارهم الشديد الذي وصل الي حد تعنيفها .. ظنوا في بداية الأمر بأنه تمنع العروس الخجول .. لكن ثارت ثائرتهم بعدما أيقنوا من أن رفضها قاطع لن تتزحزح عنه .. ربتت علي ظهرها قائله :
- معلش يا بنتي .. أنا مش عارفه هما بيفكروا ازاي .. هو في حد بيتجوز بالغصب .. ربنا يهديهم
ابتسمت "سامرين" رغم ألم وجهها وهي تقول :
- الحمد لله اني خلصت منه .. أصلا اضايق مني جدا وكان متنرفز يعني خلاص مش هيبص في وشي تاني
ابتسمت أم "فريدة" بحنان وهي تقول :
- للدرجة دي مكنتيش عايزه "رامي"
أومأت برأسها بقوة .. فقالت أم "فريدة" بلؤم :
- طيب في حد تاني حطه عينك عليه
اضطربت "سامرين" وأجابت بسرعة :
- لا طبعا يا طنط
قالت أم "فريدة" مبتسمة بخبث وعيناها تلمع بمرح :
- يعني مش حسه بأي حاجه كده ولا كده نحية "مهند" ابني
توقفت "سامرين" عن التنفس وقد شعرت بالفزع .. عادت لتلهث وكأنها تبذل مجهودا شاقا .. احتقنت وجنتاها بالدماء الساخنة .. بل امتدت لوجهها كله وهي تطرق برأسها .. ربتت أم "فريدة" علي كفها بحنان وهي تقول :
- أنا كنت حابه استني شويه لحد ما الموضوع يهدي بس "مهند" أصر اني اكلمك دلوقتي وأعرف رأيك
شعرت بأنها لحظات وتفقد وعيها .. ضحكت أم "فريدة" وقالت :
- مالك متبرجله كده ليه .. أول مرة أشوفك مكسوفة كدة
ثم قالت :
- ها قوليلي .. يكلم أبوكي ولا ياخدها من قاصرها وميحرجش نفسه معاه
أطرقت "سامرين" برأسها لا تقوي علي النظر اليها فحثتها أم "فريدة" ضاحكة :
- طيب هزي راسك وأنا هفهم
ببطء أومأت "سامرين" برأسها ايجابا .. وقبل أن ترد عليها أم "فريدة" سمعتا طرقات علي الباب ثم صوت المفتاح يجول فيه .. توترت "سامرين" واضطربت بشدة وهي تري "مهند" يدخل البيت .. ودت لو نهضت هاربه لكنه وقف أمام المنفذ الوحيد للهرب .. نهضت والدته ووقفت أمامه قائله :
- كنت واثقه انك مش هتصبر .. وانك مستعجل تعرف ردها
بلغ من "سامرين" الحياء مبلغه ودت لو انشقت الأرض وابتلعتها .. شعرت بأن نبضات قلبها العاليه تكاد تصل الي أذنيه .. ان لم تكن قد وصلت بالفعل .. نظرت "مهند" الي أمه مستفهما .. فتنهدت قائله وهي تتصنع الحزن :
- كل شئ نصيب يا ابني .. ربنا يوفقك مع واحدة تانيه
خفق قلب "مهند" بحسرة وألم .. التفت بحدة يتطلع الي "سامرين" بعتاب و التي رفعت رأسها وتطلعت الي عيناه وعيناها تصرخ قائله بلوعة :
- كلا .. لم أرفضك .. كيف أرفضك .. كيف أرفض من سكن فؤادي وملء كياني بحبه وعشقه .. كيف أرفض من علمني أولي كلماتي وأولي خطواتي .. كيف أرفض من تفتحت عيناي علي رؤية وجهه ومن احتواني صدره فكان ملجأي وأمني وأماني .. كيف أرفض من ذابت كلمات الهوي علي شفتاي كلما رأيته .. كيف أرفض من اعتلي قلبي حتي جلس متربعا علي عرشه لا ينازعه فيه أحد .. أحبك يا من تقطعت أنفاسي لقربه .. وودت لو تتوقف في بعده .. أحبك يا من سقيتني حنانك رشفه بعد رشفه فما كان من قلبي الضعيف الا أن سار ثملا فوقع أسيرا لعينيك .. متعطشا لأن ينهل المزيد من بحر حنانك .. تحركني أمواجك كيفما شئت ووقتما شئت .. كيف تسألني ان كنت أقبل بأن أكون وليفتك .. هذا لا يحتاج الي سؤالي .. فنظره الي عيناي تخبرك بحالي
قرأت عيناه كلمات عينيها .. فعلت البسمة ثغره وخفق قلبه يرقص طربا بين ضلوعه .. التفت ينظر الي أمه بتحدي .. فنقلت بصرها بينهما وهي تقول بمرح :
- آه يعني أطلع منها أنا
اقترب "مهند" منها وقبل رأسها فربتت علي صدره قائله :
- ربنا يهنيكوا ببعض يا ابني

العشق الممنوعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن