أنهت يارا أوراقها وأوراق الجدة قي مطار الملكة علياء الدولي في العاصمة الأردنيّة عمّان .. كانت تشعر بالتوتر وهي تقود الجدة في كرسيها الخاص كي لاتسير لمسافات طويلة ، دقائق قليلة تفصلها عن لقاء هاشم .. زوجها المزعوم . تأكدت من أناقتها في تنورتها البيضاء بالطراز الواسع الغجري وكنزتها الملائمة باللونين الأبيض والمشمي ، كانت تضع شالا أبيضوقد اهتمت بزينة وجهها الخفيفة التي لاتتعدى الماسكارا وقلم الكحل ومطري الشفاه!
بدت مختلفة كانت على يقين من ذلك ، لأن إقامتها في أمريكيا بين أفراد العائلة الشريفة علمتها كيف تهتم بنفسها وبأناقتها ، حتى علمتها كيف تتسوق وتجعل من نفسها إنسانة لها حضورها وتسرق الأنظار بتحركاتها وكلماتها .. وحتى بمجرد وجودها في مكان ما.
ماإن خرجت حتى بحثت عيناها عن القامة المميزة للشريف ، التقت نظراتهما للحظة قبل أن تبعدهما يارا بحنكة وهي تميل نحو الجدة كي تبتسم لها وهي تشير باتجاه هاشم الذي سار نحوهما ومال محتضناً جدته بدفء خالص .. وتبادل معها بضع كلمات قبل أن يستقيم بوقفته ويرسل نظرة تقييم نحو يارا جعلتها تبتسم برقة وهو يقول لها :- الحمدلله على السلامة ..
كانت لتحمر خجلاً وارتباكاً فيما سبق ، لكنها الآن تتمتع بشخصية أكثر قوة وثقة جعلتها تبادله النظرة بأخرى رقيقة وهي ترد عليه بلهجة عملية :
- الله يسلمك يارب .. شكراً!
لمحت للحظة نظرة حيرة أو حتى ارتباك وهو يستوعب الحدود التي وضعتها بينهما بجملة واحدة فقط ، شعر بها مختلفة جداً، أنيقة جداً، واثقة جداً، والأهم ... قوية جداً! لن تنكر شعور الرضى الذي انتابها وهي ترى الاختلاف في حضورها قد وصله وأدركه بوضوح ، في الواقع لم تتوقع أن تنجح بهذه السرعة!
خلال دقائق معدودة استقرت يارا في الكرسي الخلفي ، بينما الجدة جلست بجوار هاشم الذي يبدو بسحره قد أنساها جريمة زواجه بسوزان التي كان من الواضح أن الجدة لاتطيقها!
جلوسها في الخلف جعلها قادة على رؤية عينيه المختبة خلف نظارته السوداء ، لكنها لم تستطع كشف اتجاه نظراته التي كانت تظن للحظات أنها تنصب عليها ، لكن انعاس الشمس على عدسات النظارة الداكنة حعلتها غير قادرة أبداً على التأكد من ذلك ..
عند وصولهم للقصر وقفت الخادمات في الباب لاستقبال الجدة " سيدة القصر الكبيرة "ونقل حقائبها هي و ممرضتها إلى غرفهما السابقة ، أما سيدة القصر الشابة فلقد مرت دقائق طويلة أثناء جلوسهم في غرفة الجلوس وسألت الجدة عنها عدة مرات ، قبل أن تتكرم وتهبط من غرفتها كي تستقبل جدة زوجها.
ما إن دخلت سوزان الغرفة حتى شعرت يارا بنظراتها تخترقها وتقيّمها صعوداً وهبوطاً وقد بدا عليها الاستنكار لجلوس الممرضة في ذات الغرفة مع الجدة والحفيد ، وكأن وجودها كوجود إحدى الخادمات ! شعرت يارا بالاستفزاز فما توقتعته كان صحيحاً سوزان مازالت غير متفهمة لعقد قران هاشم عليها ومن الواضح أيضاً أنها قد احتلت جزءاً كبيراً من تفكيرها ..وتخطيطها ... هذه السوزان ليست مثل سارة أبداً ولا كالسيدة نسرين التي وضعت لها حدوداً دون أن تذلها!
أنت تقرأ
سلسلة النشامى /الجزء الأول / جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة /معدلة
Storie d'amoreالحقوق محفوظة لـ الكاتبة المتألقة لولا سويتي