شوق وهذيان

344 33 63
                                    


قد إقتنيت ما يكفيني
من علب سجائر لهذا المساء..
ف علبة واحدة
لم تعد تكفيني إلى أن أنام
ونصف الثانية
أمسى غير مجدٍ بتاتاً

أجلس هنا
في ظلمة الليل
ألتهم خيباتي
الواحدة تلوى الأخرى
أنتظر صوتا
لـ حبيبة توهَّمتُها وعدتني بالمجيئ
إلّا أنني سرعان ما علمتُ جازماً
أني لا أنتظر إلا سرابا
وأنها لا ولم
ولن تأتِي

إفتح لي أول علبة سجائر
وناولني قاتِلةً أولى
من بين سفَّاحاتها العشرين لو سمحت

فـ إني أشعر بـ ثقل مـا في رأسي
وي ک أنه قد مُلِـئَ بـ الصخور
وهاتفي هذا اللعين
بات محكوماً عليه بـ الصمت
وهئنذا أراقب شاشته بـإنتظام محير
وأقول كلاما غريبا
وألفاظ بذيئة أقرب إلى السّبّ
ک مجنون....

إتصلي الآن أيتها الغريبة
وحدثيني عن وحشة المساء
حدثيني أظافر الليل المدمية
وعن وجهه المظلم البشع المخيف
حدثيني عن قامته الطويلة
وعن بلادة ساعاته الثابثة التي لا تمر

إتصلي الآن كي أقول لك طاب مساؤك
وأسألك

كيف مرٌ يومك ؟!!
كيف حال قلبك ؟!!
كيف حال عينيك ؟!!

وأنتظر منك أن تصمتي
فـ لا أسمع منك
إلا ارتجافات صوتك وبعض النهجات
ثم تسأليني بلهفة

كيف حالك أنت ؟!!

إتصلي لآخر مرة
واعترفي لي ولو مرة
أنه ما عاد الليل يطيب لك بعدي
وأخبريني أنك وضعت كحلا
غير الكحل الذي سال من عينيك بـ الأمس

إتصلي
وأخبريني أن أمورك
لم تعد على ما يرام
كما كانت من قبل
وحدثيني عن أخر قطعة شوكولا
كنت قد أهديتها إليك

سيجارة أخرى
من بين آخر ثلاث
تبقّت في تلك العلبة الأولى
لو سمحت
فـ قلبي يكاد أن يتفطَّر
وغريبتي الآن
تشعر بالوحدة تماما كما أشعر
وهذا العالم السّافل
قد بات مقلوبا رأساً على عقب
وها أنا ذا
أنا أقف قبالة المجهول
أعقد صفقاتي الخاسره

إتصلي الآن وحدثيني
عن أي شيئ يطرأ على بالك

حدثيني عن قرط سقط منك
أو خاتم مثلا
و عن عقدك الذي انفرطت حلقاته
حين شدته يداك بقوة
من فرط تحملك لـ ضغط الفراق
وعن الجامعة
وعن فترة الإمتحانات المرهقة

حدثيني عن وجبة اليوم
وعن أوجاع تشعرين بها في غيابي
وعن ماحصل معك في بعدي
وما سيحصل بعده
وسـ أستمع إليك بنهمٍ
وأنا أهمّ بـ فتح علبة سجائر أخرى
و أتناول الأولى
من بين عشرينها
بعد العشرين السابقة
وأقبل رأسها
ثم أشعل طرفها الثاني وأتنفسها بشدة
وأحاول الإنتشاء من نفسها
كما كنت أنتشي من عطرك وأنفاسك

تكلمي لو سمحت
تحدثي عني قليلا

أما أنت يا صاحب أيها الثمل
فـ ناولني السيجارة العاشرة
التي تكمل عد الثلاثين لو سمحت
فقد إقتص الأرق مني
ومن جسدي المنهك
وصدري المحترق

إتصلي الآن
وحدثيني عن أمور تجري بما لا نشتهي
وعن نهاية الأسبوع المتعبه

حدثيني عن مشاعرنا الهشة
وأحاسيسنا التالفة

إتصلي لآخر مرة
وقولي لي أي شيئا أخيرا
وارحلي بعدها إن أردت الرحيل
وسلمي نفسك للنوم يضاجع جفنيك.

أما أنا فـ اتركيني وحيدا هنا
أمارس عادتي
وإذماني الثنائي
ما بين الكتابة والتدخين

أرسم حروف اسمك الأولى
وأضاجع ما تبقى لي
من سجائر لـ هذه الليله



(لا تصدقوا كلماتي)
(فهي محظ عذاب وتمرد حرف وزلة بوح)

هذيان كاتب ثمل

هَٓذَٓيَٓآنُٓ كَٓآتِٓبٍٓ ثَٓمِٓلْٓحيث تعيش القصص. اكتشف الآن