Ch13 ⇜

260 30 114
                                    

بِروحــي فَــــتاة...
...
...
...

-١٣-

الشجرة الراسخة ماهي إلا وهمُ قوّة، هي ليست سوى نباتٌ بحجمٍ كبير،
و ثباتها هذا! ليس إلا بفعلِ استعانتها بأفرعٍ قوية جبّارة مًتسللة تحت الأرض، أمسَكَت تلكَ الشجرة بإحكام، كي لا تميل مع الرياح

ليس ما يظهر أمام الأعين هو ما تراهُ حقيقةً، بل ما خُفي أصدق وأعظم..

...

يُلبِسُني قميصي الأسودَ الحريري وهدوئه يبعثُ على الريبةَ في قلبي، يرَتبهُ لي فوق جسدي بعناية، يقتربُ أكثر إلي، ويُغلق لي أزراره بإحكام،
كفّهُ تتوسد كتفيِ، يُملِّسهُ لي براحةِ يده، يبعدُ عنه أي تجعدٍ كان، يلتقطُ ربطة عنقي السوداء من جانبه، ويَلُفّها حول عنقي أسفلَ الياقة، ثمّ يعقِدُها بترتيب مُتقن،

استكانةُ ملامحهِ المُبتسمة بسكينةٍ حول تفاصيلي جعلتني أهدأ بدوري تلبيةً لأوامره، استدار لورائه وحملَ سترتي الرسمية السوداء النائمة على طرفِ السرير، رفعها قليلًا لمستواي ونظر إلي مُشيرًا أن أدخلَ ذراعي فيها

أخفضتُ نظراتي مُرتبكًا، وفعلتُ ما أُمرتُ به، ألبسني إياها، ونفضَ بيده الغبار الوهمي عن صدري وكتفي، والتَفّ حولي يمَسَحُ لي ظهري ليتأكد من عدم وجود أي خللٍ في هيئتي، ثم يعودُ ويقفُ أمامي ويداهُ مازالت تتلمَّس لي أكمامي وتُملّسها أيضًا، هو يمنعني من التحرك ضد رغبته، وأنا أطيعهُ مَجبورًا..

"ها قد انتهينا"
هذا ما قالهُ لي أخي هويا!... ولكن أعتقد أنه لم ينتهي، قبضَ على كتفَيّ بخفّة ودفعني بهدوء للأسفل لأجلُس على الكرسي، وفعَلت..

أغمضتُ عينيّ قهرًا وخجلًا، وأنا أراقِبُهُ ينخفض إلى مستوى قدميّ أشحتُ وجهي رافضًا النظر إليه وهو يلمُسُ قدميّ ويُدخلها بالحذاء، حتى أنه عقدَ لي أشرطته بأنامله تلك، كنتُ سأمنعه فأنا لا أرضى له ذلك، ولكن يده تجمّدت على حذائي، رافضًا التوقف عمّا يفعله، وكأنه ينهرني عن التكلم أو المُعارضة بشيء... وجهي قد ذاب ولم أعد أعلم كيف سأنظر إليه بعد الآن

استقام، وجعلني أستقيمُ معه، أمسك زجاجة العطر خاصتي ورشّ القليل منها على عنقي من الجانبين، وضعها جانبًا، ونظر إلى هندامي بنظرةٍ فاحصة، ثم ابتسمَ برضا،

بادلته الابتسامة تلك، أخفي توتري أمامه، لم أعلم لمَ رغبته تلك بتجهيزي عن أكملي قد ظهرت اليوم!، لقد كان كوالدةٍ لي، لا... بل هو أحنُّ عليّ منها..

يداهُ المُباركةِ تلك، ألبستني جميعَ ملابسي، جميعها، وكأني طفلٌ صغير،... لقد شعرتُ بالحياء منه، بيدَ أنه لم يدع لكلمةِ رفضٍ تصدُر عن فَمي..

الشيء المفقود 3 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن