Ch19 ⇜

332 32 137
                                    

بِروحــي فَــــتاة...
...
...
...

-١٩-

أميلُ إلى المساحات الشاسعة وإلى فُسحةٍ تَهِبُني حرّيتي،.. ولكن عند الخوف، أهرعُ بكل جوارحي فزعًا، بحثًا عن مُربّعٍ يحتويني..

مُربّعٍ مُتربّعٍ، بذراعين طويلتَين تَصلُ إلى ظهري، وتشدُّني إليه..
حُضنًا دافئًا يحتويني ببرودتي، ليُذيبَ عنّي تجمُّدي، ويُهدّئ لي ارتعاشَ أطرافي المذعورة..

همسًا حنونًا يُخبرني أن كلّ شيء سيكون بخير، وأني سأكونُ بأمانٍ طالما أنه هنا....
بجانبي، ولأجلي

عائلةً تُزيلُ بؤسَ يُتمي، أبًا قويًا، اُمًّا حنون، أخًا صديقًا، وأُختًا عطوفة..

قلبًا صادقًا لا يعرفُ الكُره صاحبه، مُستعدًا لسماعي بكل حالاتي، أكونُ فيها كطفلٍ باكٍ يشتكي أتفه الأمور، ويكونَ لي كـ 'أحسنتَ صنيعًا'

أتُراهُ سيُخبرني أني كذلك؟!،..أم سيَترفّع عن تصديقي؟! أتُراهُ سيرى أن صدقي ليس كاذبًا!.. أم أنه سيَحكمُ عليّ بالصَّمتِ المؤبّد؟!

وهل يحقُّ للمذنب أن يطلبَ العفو والثناء لمُجرّد أنه صَدَقْ!....
ألا تُسمى هذه وقاحة!... لا!... بل هي الحقارة بعينها.

ظنّي يُخبرني أن ميونغسو غير راغبٍ بالعودة إلى المنزل ما دُمتُ أنا فيه، فقد طالَ انتظاري بعد رسالتي له، ولا أعلم إن تقبّل أعذاري الواهية أم لا، إن حاولَ استيعابَ ما أرغبُ بشرحه أم لا، إن قرأها أساسًا أم لا، أنا لا علمَ لي بشيء.

قهقهتي كانت بفوضى سكرانٍ مُتحسّرٍ على حاله، على حظّه النحس، الذي لم يُتِح له حتى مِن أن يُنقذَ نفسهُ قبل أن يُفتَضحَ أمره،
هذا أنا!... أعيشُ والشقاء قَريني، لا أرى غيرهُ مُستَميتًا ليحتويني، على الرغم مِن كُرهي له إلا أنه مِن نَفسهِ لا يُعفِيني!

ارتفعت اهتِزازات صوتي عاليًا ليُصبحَ أشبهُ بضَحكٍ هستيريٍّ، يَتقطَّعُ بشهقاتٍ ودموعٍ حارقة، استقمتُ أثنائهُ عن تلكَ الأريكةِ التي استَضافَتني لساعاتٍ طِوال، لأودّعها مُمتنًّا، وأستدير مُقرِّرًا هَجرَها والانفصالُ عن المنزلِ بأكمله، فما فائدتي هُنا إن كنتُ مَن أمنعُ صاحبه عن المَجيء، الأفضلُ أن أبحثَ عنه لأخبرهُ أني لن أريه وجهي كَي يبقى مرتاح، وأنّي خَلعتُ هويَّتي عنه، علَّ العواقبَ تَكونُ سليمة، وعلّهُ لا يحملُ لي ضغينة لاحقًا....
و ماهي إلا ساعتين ليشرقَ الصباح، وما أحتاجهُ الآن هو طَردُ نفسي من هنا بعد أن أجده،...

كنتُ قد بدأتُ بارتداء سُترتي، وشفتيّ أبتلِعُها لأغلقَ فمي عن النحيب،
ولكني توقفت، وتصنّمتُ مكاني حين سمعتُ ما جعلني أستديرُ رويــدًا رويـــدًا

الشيء المفقود 3 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن