Ch24 ⇜

350 27 316
                                    

بِروحــي فَــــتاة...
...
...
...

-٢٤-

ارتَدِي دُموعي سِوارًا
و تقلَّدي حُزني عِقدًا
ولا تنسي أنكِ غَرستي في قلبي وعدًا
بأن أظلّ لعينيكِ عاشقًا
حتى ولو كان الزمنُ عَقدًا

في جُعبتي تَكمُن الأشواق، لتلكَ التي أعانقُ أثرها ولا أنالُ ثَمرها
أكتفي باقتناء أشيائها ومن احتضانها لا أكتفي
أملأ فراغَ رؤيتي بميراثها ومن عَبقِها لا أمتلئ
بل أُفرغُ من صبري رويدًا رويدًا ويختلجُ صدري هُنيهًا هُنيهًا، أشهقُ اختناقًا واستنشقُ غازًا أوكسجينًا استلفتُهُ خلسةً عن الأعينِ من صيدليةٍ قال لي طبيبها أني أعاني ضيقًا في التنفس بسبب ضعفٍ في الجسد أو حالةٍ نفسيةٍ مستعصية..

أنا لم أعد قادرًا على استنشاقِ إلّاها، ولا أوكسجينًا يُحييني سواها..

سَرقتُ عطرها، وملابسها، سترتها، مشطَ شعرها، وأحمرُ شفاهها، ذاكَ الذي كنتُ أَدَّعي بأني أمقته فقط لأشاكسها، ولكني الآن بُتُّ أهيمُ به وبلونه القاني، أتأملهُ مُسدِلًا أجفاني، أحركه وأُدَوّرُهُ بأناملي، ليبرز من تجويفه بخفة ويظهرُ لمعانه الأخّاذ، كم كان يسلُبني إليها، فما كان مُبهرًا إلا بكونه مُحتلًّا شفتيها، ساكنًا زَمنًا طويلًا بطغيانه عليها حتى أغورَ عليه بسطوةِ شفاهي وأتلقَّفُه عن آخرهِ، آسِرًا مَسكَنَه، وكم كنتُ به أهوى لذّتي معها....

لقد أولعتني بها، طفلًا كنتُ أم فَتِيًّا، صديقًا لها أم نَزيلًا
فُطمتُ عليها، وكم مِن طفلٍ بكى تعلّقًا بما فُطِم

ما كان ينقصني حُبًّا إلا بثَّ مُخدّرها في جسدي، جعلتني أُدمنها بالتصاقها بي هوسًا، فبُتُّ المهووسَ الأكبر ها هنا..

يتآكلُ فؤادي شوقًا، يُنهَشُ جسدي تَوقًا، يزيغُ عقلي عن الواقع لأقع في مَطَبِّ الخيال والشرود، ويحينُ الموعدَ للجنون، فيبدأ نواحي الذي لا أعلم كيف سيكون، أكسر وأحطم وأرمي وأشتمُ نفسي آلاف المرات على غبائي وضعفي، فما أرى إلا أني مَن كُسرت، وآمالي هي مَن تَحطّمَت..

أقعُ ليالٍ في تِيهي إليها، أضحكُ كَالمخبول وحيدًا في غرفتي، وأتبعُ يأسي سيلًا من دموعٍ تنجرف بغزارة لُتغرقني في بحر الحِيرَة
أتخيّلُ أشياءَ سوداوية لا صحة لها تجعلني أغضبُ وأُجَن، فأتّصلُ بووهيون في منتصف الليل، أُزعجه وأهدده صارخًا، بألا يقترب منها ولا حتى بأن يلمسها بمواساة... أنا أحمق، ووغد، أعلم هذا، ولكنّ دوامتي كثيرة الحلقات وما زلتُ أجهلُ طريقَ الخروج من أولى حلقاتها

وما هي إلا مدة زمنية قصيرة من سَكْبِ حنقي على مسمعِ صديقي ووهيون، إلا وأجده قد صفقَ باب غرفتي فاتحًا إياه وقد أتاني غاضبًا، لِمَ كُلّ مَن حولي يمتلكُ مفاتيح منزلي وكأنه خانٌ يقصده مَن يشاء!..

الشيء المفقود 3 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن