الفصل الثاني /11

4 1 0
                                    


لم يكن البحر يوما مكانا للهو والاستجمام فقط في تاريخه الطويل الذي لا يعرف أحد أن يبدأ أو أين سينتهي بالضبط، بالعكس من ذلك تماما، إن هذا المكان الجميل والجذاب والمغري هو أخطر مكان على سطح الكرة الأرضية، هو المكان الذي بدأت منه بدايات ونهايات حيوات كثيرة وعديدة لم يتمكن أحد لليوم من إحصائها، فقبل واحد وسبعين سنة من اليوم بدأت وانتهت الحرب الأقوى في تاريخ العالم في تلك المساحات الشاسعة من المياه الزرقاء التي تمتد على مرمى النظر، واليوم لن يكون استثناءا من ذلك التاريخ، فعلى هذه الصفحة الزرقاء الممتدة بهدوء لم يناسب اللقاء الذي سيبدأ وينهي حربا ستجعل من حرب تلك السنوات المظلمة رفيقة درب وانتصار، حرب ستجعل العالم يعتبر ما مر به 2008 مجرد نزهة في عالم لم يظن يوما أنه قد يتواجد على سطح الأرض.

تمكن لؤلؤة البحر أخيرا من التوقف بهدوء في عرض المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط معطيا صاحبته فرصة لاستنشاق الهواء الرطب المشبع برائحة الأعشاب البحرية والأسماك المتناثرة هنا وهناك، فتحت آشلي يديها على اتساعهما معرضة جسدها للسعات هواء البحر الذي لم يخلو من البرودة القارصة داخله ذراته فيما كان كريستيان جالسا على المقعد المجاور لها محدقا في اللون الأزرق الذي امتد في كل ناحية حوله ليقول

-أتعرفين شيئا، على الرغم من ان البحر مكان رائع للتنزه والاستجمام إلا أنني أخشى دائما ثورانه وغضبه

التفتت الفتاة نحو رئيس حرسها لتقول بابتسامة

-أعتقد أنني سأوافق على هذه الرؤية، فالبحر مكان خطر إن لم تتمكن من معرفة كيفية السيطرة عليه والتحكم به

-وهل هناك من يمكنه التحكم بالبحر؟

طرح هذا السؤال بفضول فيما استندت الشابة بظهرها على السياج خلفها لتنظر إلى الشاب قائلة

-ليس من الصعوبة أن تسيطر على البحر، ولكن الصعب أن تكتشف الطريقة التي يمكنك من خلالها فعل ذك

-وما هي هذه الطريقة؟

-هذا هو السؤال الذي لم يتمكن أحد من معرفة جوابه حتى اليوم

رمقها الشاب بلوم لتتابع هي بهدوء

-إنه مكان فريد ولا يشبه أي مكان آخر يمكنك أن تفكر به، فهو هادئ ولطيف وممتع ولكنه قد ينقلب بثانية واحدة إلى وحش مريع وخطر وقاتل، لا يمكنك أن تعرف متى سينقلب أو على من سينقلب، كل ما يمكنك أن تعرفه هو أنك عندما تكون برفقته فعليك أن تظهر الحب والخوف والاحترام، عليك أن تكون واثقا أنه سيحافظ عليك إن حافظت عليه

أجبرت هذه الكلمات كريستيان على النظر إليها بدهشة لم تخفها عينيه ليقول

-إنك تتحدثين عنه كما لو كان إنسانا

سلسلة الأسياد-الجزء السادس-سادة الأرضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن