الفَصِـل العاشِر من روايـة "عـلي مـَرِ الزمـان"- بعد التعديـل .
***
" كَونِ الماضيِ هُو العَائِق للمُحاربةَ، فَ هذا أسوءَ أمِر، أن تروادكَ الذكرياتِ بهيئة أسلحها فتاكةَ".
فَتحتِ أنـِوارَ غُرفتها، لتهبطِ على الفراشِ بتعبِ، شاعِرة بمفاصيلها التيّ تؤلمها من العمل الذيّ كان مُتراكِمًا عليها، أغمضتِ عينيها بإرهاق لِتتذَكِر رُغمًا عنها، حِكـايـة "يـوسـف".
" حِكايتهُ، أن والدتهُ المدامِ "دينـا الشِربيني"، كانِت بتكرههَ أخُتهُ جدًا لما كِبرتَ، زادتِ الأقاويـل أنها كِرهتِها لأنها حلِـوة وأن كُل الناس كانت بتزورهمِ تِثنى على جمالها، عـارِفة الأحسـاس اللى هُو أنا محبش حد يثني على حد غيري، كـانِت للأسِفَ بتغيـر من بنتها لدرجة أنها كانت بتعاملها بطريقة وحشـة".
تابعتِ كلماتها بعدِ صُدورِ تنهيدة خفيفة مِنْ بين شفتيها:
" كِتيـر أستغربوا منها، وكِتير كان بيتفاجئ مِن المُعاملة الجافة، وزادتِ لما ولدتِ "يوسف"، بدأت تهتمِ بهِ وبدأتِ تِطنشِ وجودها، وكانِتَ فعلا جميـلة بتحِس بالنقصَ، كان يوسف يـأخُد كل حاجة حلوة وهي لأ، لغاية لما كِبر ولما فهم وبقي واعي للدنُيـا، بدأ يكرهَ أمهُ، لأسبـاب محدشِ يعرفها الصراحـة، بس الليّ خلاهَ يكرهها جِدًا، يـوم وفاة والدهُ"." كانِ لوحدهُ معاهِ، ولما عرِف أنه أصابتهُ جلطة فِي الشرايين، كان الوقتِ فـاتِ وأبوهُ ماتِ، مكنتش موجودة للأسف أمِهُ، فـَ حاطِتَ الذَنِبَ عليهِ، خليتهُ يحسِ أنه قاتِـل، أنهُ السبب فِي موتِ والدهُ، لأنه لوكان معهَ، مكنش مات، ده اللى فهمتهُ ليهِ".
"عَارِفة كان عُمرهُ كام، كان عندهُ خمستـاشِر سنة، وأتهدِ ثقتهُ بكل حد حواليهِ، إلا جميـلة، كانتِ واقفة جمبهُ، كانِت الوحيدة اللى واقفة فِي ضهرهُ، بالرغمِ من كل القسوة اللي شافتها إلا أن ربنا زَرِع جواها التسامحُ، عاملة زي النبتة اللي مش بتتدبل، كُل يوم بتبقي أحلي وأحلي".
"أوقـاتِ اللحظاتِ القاسية، بتصِنع نـاسَ عُظماءَ".
---
فتحتِ عينيها، لتشِعُر بعبراتِ ساخِنة على وجنتيها، الأمِر أحزنها، أن تَكُون غير مُفَضَلِ لعائلتكَ بالرغِم منْ كُل جهودكَ، حَزِنتَ علي حـالِ "جميـلة"، فَ يبدو أنها حقًا لا تستحق كُل هذهِ المُعاملة، إتجهتِ صَوِب المِرَحاض، لتَقُومِ بغسـل وجهها بِعنايـة، لتَمحي آثـارِ البُكاءَ، إنتبهتِ لمظهرها، ظهرتِ إبتسامة طفيفة علي ثَغِرها، بشرةَ قمحاوية اللونِ، شفتيها المتوسطة، عينيها البُنية اللون الفاتحَة، شعرها الأسودِ القاتِم، هي ليستِ جميـلة، ولكنِ لديها إبتسامة تَسِرق كُل قلبِ مَر ورأها!
---
كَانِت الإبتسـامِة لا تُودّ الفرار من ثغرها، والتيّ إنتبهَ لها (أحمد) مُنِذ جُلوسهما معًا، لم يرغبِ بِسؤالها عن سبب الإبتسامة التيّ لم تهَرُب منِ بين ثنايا شفتيها، ولكنُ أحبّ النظِر لوجهها المُبتسمِ، الذيّ أحَبهُ ..
أردفتِ مُتسائلة:
- بِسَ أنتَ ليهِ مرتضشِ تقولِ إنك من عايلة غنية؟!
قـال بعد أن تناول كُوب الماءَ الباردِ من الطاولة:
- علشان مكنش هغير حاجة، أنـا زيّ ما أنـا.
- وميـن قـال أنهُ مكنش هيغير حاجة، كـان هيغير حاجاتِ كتيرة!
قَطِبَ حاجيبيهِ بإستغرابِ، ولكنِهُ لاحظِ ملامح الإنزعاج البادية عليها، قـال وهُو يمسِكَ بيديها:
- أنـا مِـش فاهمِ الليّ مخليكِ زعلانة، بسِ أسِف!
نَظرتِ لهُ، وقلبها يحترق، وكأن بداخلها حُطام بداخل إحـدي المدفئاتِ، لاتنتهي النارِ إلا بإنتهاءِ الحُطام، ولكنِ ماذا يحُدث إلا مابداخلها حُطامِ فقط!
أنت تقرأ
على مر الزمان ج١
Romanceوعن حباً أهدرهُ الزمان. --- كانت تَظُن بأنها لن تقع فِي الحب، وأنها لن تنال شرف المحاولة، وإن حاولت تجنب ذلكَ إلا بأن قلبها إنصاع جاثِياً لعيناه الآسيرتان لنفسها، هـيَّ أحبتهُ حتى وإن حاولت الكذب فعينيها تفصحان عن مابدَاخِلها ..