الفصل التاسِع عشـر – مِنْ رواية على مـر الزمـان { الجُزِء الأول }.
****
جِلس أمام والديها بخجلِ منهُ، الآن علِما لما تحجز نفسها في غُرفتها ولاتُريد أن تخرِجُ منها لتناول الطِعام، قالت زينب بعتـاب :
- يعني أنتَ بزِمتك مِش خجلان من نفسك؟
- أسف واللهِ و..
قاطِعهُ مُصطفى قائِلاً وهُو يربت على ظهرهُ:
- ولا يهمـك يابني، قُوم أنتَ كلمِها.
- بجد؟
إبتسـم لهُ:
- أتكلم معها وفهمها وجهه نِظرك، لعل وعِسى تسمعلك!
نهضِ من مقعدهُ، أشارت زينب إلي غُرفة مريـم، ليصعد على الدِرج بُخطى هادِئة ومُتوترة، لايعـلم بماذا سيقُول، ولكـنهُ يُوسف عمـران سيقول ما بداخلهُ، سيعتذِر ولن يهديء حتى تشفع لهُ وتغفر لهُ مِنْ كُل قلبها.
طِرق البابِ مـرة ولم يستمـع لصوتها، وطرقهُ مرة آخُرى ولكن لامُجيب لطرقاتهُ، طرقهُ للمرة الثالثة فأستمـع إلى صوتها المُتحشرج :
- مِش قُولت مِش عايزة حدِ؟
- أنا يُوسـف يـا مريم!
رأى ظِلها خـلف البابِ، ليبتسـم بهـدوءِ ليُكمل كلماتهُ:
- لمـا ماما قررت تِسيبنا، مُكناشِ عارفين هنعمل أيه من غيرها، بِس أول مرة أشوف جميـلة ترجُوها تبقى، أول مرة أشوفها مُنهارة علشان هي بعدتِ وأنا كنت واقف بتفرج على رِحيلها، يومها كُنت نفسي أعيطِ، بس مقدِرتشِ، عارفة ليه يامريم، البُعد بيعلم أن نتخلي عن أحلى الناس في حياتنا بِس للأسف كارِه البُعد مابينا، مريـم في وجودِك أتعلمت الحُبِّ، أتعلمت أزاي أعيِش .. وأتعلمت أني مِحتاج حدِ معايا ..ولأول مرة أعرف محتاجاكِ إنتِ، محتاجك لإنك الإنسانة اللي حبتني علشان حبت يُوسف، محبِتش شكلهُ ولا فلوسهُ ولا مكانتهُ، إنتِ الوحيدة اللي حسيت لوُ حصلي أي حاجة، هتكوني أول واحدة تبقى معايا ..
- مريم أنا بحبك، وبقولهالك بصدِق يوسف بيجبك إنتِ يامريم. بيحبك أنتِ..
كانْ مُنتظِر إجابة تُطيب قلبهُ .. ولكنْ أختفى ظِلها من أسفل البابِ..
شعر بالخِيبة وكادِ يلتفت ورحل قبل أن يستمع لصُوت إنفتاح البابِ لتِقُول مريم وقد إمتلأت عينيها بالدِموع:
- ومريم وإن بعد الناسِ عنكَ، وإن غاب كل اللي محتاجينها، مريم هتفضل معاكَ وتحبك .. علشان مريم طول عمرها كانت عايزاك يايُوسف..
" وقد يأتي يوم ويفي الواعد بعهدهُ".
***
كانت مريـم تتجهـزِ لإجل عقـد خُطبتها بـ يوسف، كانت تُفكر بالذيِّ جرا لـمن حُولهم، علمت بإن دارين وأحمد إنفصلا، لإنها أعترفت لذاتها بإنها لن تستطيع المضى قدمًا مع شخِص جبـان كـ "أحمد"، سـامِح أسُامة ناردين وعلى أفعالها، ولكنهُ تفاجأ حين علـم بإنها على علم بإمر العقد المُزيف وأن الأسهـم لهُ ولم يكتبها لها، ولكن على مايبدُو بإن مُحاميها كان خائِف عليها لذلك أخبرها قبل الزفاف..
ولأن ناردين تعلـم مدِى الحُب الذيِّ يكّنهُ أسامة لها، كانت ستكِسبهُ ليكِتب الأسهم لها، ولكنْهُ ترك لها حُرية العمل في الشركة الخاصِة بهِ، ومـازِن كانت تشِعر بإنهُ حزين هذهِ الأيـام ليس لعودةِ ذاكرتهُ لفقدان كارمن ولكن كان يبدُو الأمر أكِثر من ذلك، كان مُرهق العقل قبل الجِسد..
عدلتَ من خُصلات شعرها السوداءِ لتسدلها على ظهرها بنِعُومة، تذكِرت قُول ناردين لها حين أخبرتها بِخُطتبها هي ويُوسف:
- كُنت متوقعة الجبـان، مجاشِ وقالي ليهِ؟، هُو أنا مكنتش أختهُ برضُوا!
يومهـا قضت اليوم بأكملهُ معها لتشتري لنفسها فُستان، كانت ناردين مُفعمـة بالحياة ونضرة المظِهر، كانت تعلـم بإن الأمُور التيِّ بينها وبين أسامة ستتحِسن، تلمِست العقدِ الفِضي الذيِّ أشتراهَ لها يُوسف، كان يعلم بحُبها للفضة، لذلك حين أعجبهـا أشتراه على الفُور .. كان عقد بهِ قلب بهِ خريطة العالم، أخبرها يومها بإنهُ عالمها، ولم يعلم بإنها تعلـم بإنهُ روحهـا.
دِخـلت ناردين غُرفة مريم، هاتِفة لها:
- يالا ياعُروسة، عايزين نلبِس الدِبل.
قالتها بنبرة مُبهجـة، إبتسمت لها مريم، كانت تشِعر بالخجل، هل حقًا هى ويُوسف أصبحـا معاً، هل حِقاً يُوسف سيصبح خطِيبها ثُم سيتزوجـا، كانت تشعر وكأنها بُحلـم ، نظِرت للسماءَ المُظلمة، لترى نِجمتها مُضيئة على غير العادِة .. الآن علمت لمن كانت تشِع بضيائها..
جِلست بالمِقعـد المُجاور لـ مقعـد يُوسف، الذيِّ زادِت إبتسامتهُ حين رأها، كانت ترتديِّ فُستـان أزِرق اللونْ، بأكمام مُنقرِشة، كان على الطابع الباكِستاني كانت مُبهرة بهِ .. أرتدِى الخواتـم، ليقُول المُصور الذيِّ جلبهُ يُوسف :
- يلا أجمعُوا حوالين يوسف ومريم ونصِور صورة جماعية بالمُناسبة السعيدة.
نِظرت لـ مريم عدِة مرات، لتُصدِق نفسها، ليقُول يُوسف بهمِس:
- مالك؟
- مِش مصدقة؟، أنتَ بجد يوسف اللي دِلوقتي بقى خطِيبي.
- وكمان شهرين وهبقى جُوزكِ.
ضمت شفتيها بسعادِة، تودِّ لو تبكي، ولكنها لن تفعل لن تفسد هذهِ اللحظة، أجتمعُوا حولهـم بِإبتسـامة عِريضة على وجوههـم، ليلتقطِ المُصور الصورة
يتـبـع..
أنت تقرأ
على مر الزمان ج١
Romanceوعن حباً أهدرهُ الزمان. --- كانت تَظُن بأنها لن تقع فِي الحب، وأنها لن تنال شرف المحاولة، وإن حاولت تجنب ذلكَ إلا بأن قلبها إنصاع جاثِياً لعيناه الآسيرتان لنفسها، هـيَّ أحبتهُ حتى وإن حاولت الكذب فعينيها تفصحان عن مابدَاخِلها ..