سيجارة حزينة

116 8 0
                                    


(1)

لم أكن أخاف يا صديقي، لقد كنت أنا مصدر الخوف!

لنشعل سيجارة...

لعلك توافقني عندما أقول أن هذا المجتمع لا يعترف بالأمراض عدا ما يظهر منها على البدن، وبذلك فإنه لن يفهم تقلبات قلبك إلا في غرفة العمليات!

ناولني فنجان القهوة...

أحب هذا الشعور، شعور التدخين الممزوج بالقهوة، وشعور المشي ليلا وسط الطريق والاقتراب من السيارات المارة.

لقد مكثت مدة ليلتين أفكر في طريقة انتحار تليق برجل مثلي، أنت تعلم أننا لازلنا نعيش وفق طبقات اجتماعية محددة، فلا يجوز مثلا لشخص مثقف مثلك أن ينتحر غرقا رغم أنها تبدو فكرة جيدة! لم أجد بعد طريقة ملائمة، وليلة الخميس غير مناسبة للانتحار أصلا، ففيها يتوسد العشاق زوجاتهم، والعزاب علب البيرة، لكنهم لا ينتحرون خلال ذلك.

أقول أني لم أجد طريقة، وها أنا إذا أجالسك، لأنك الوحيد الذي تفهم شكل مرضي، وهذا طبعا لأنك مجرد ورقة لا تملك سطوة نبذي كما يفعل البشر.

أن تكون ورقة يعني الكثير، بالنسبة لي على الأقل، إنه يعني أن لدي حق اللجوء إليك كلما تحطم داخلي المنهك، وأنك -بحكم طبيعتك الفيزيائية- تقف صامتا أمام كلامي الممزوج بالدموع ومشاعر الغضب... والندم.

في النهاية أنا لا أبحث عمن يقدم لي حلا، لأن المسخوطين أمثالي يفكرون في كل مشكلة على حدى، أولا نبحث عمن يسمعنا، ثم نستجديه حلا، وأنا لم أجد بعد من يسمعني إلا كتابةً.

سيدي الفاضل، وسامعي..

إن جهابذة اللغة سينكرون نصي، حيث أنك في قواميسهم ورقة تجيء مؤنثة، وأنا قد عز علي تأنيثك، فتبا لهم.

انتهت السيجارة.

رسائل يوسفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن