مرت ثلاث سنوات

11 1 0
                                    


ثلاث سنوات وأربعة أيام وخمس ساعات..

يقول محمد أن ذنب البوح الأحمق يساوي ذنب إحراق رئتي بجنون، وأنا أود أن أفعلها بأعلى صوت ممكن... صوت الكتابة. لذلك فإن محمداً ستريعه صورة رئتاي لو رأى كيف ابتسمتا في الأيام الأربعة الأخيرة.

لأن محمد، مثل غالبية البشر، يحزن لأن هناك ما يدعو للحزن، ثم يعتمد ضماد الزمن ليشفى من نكتبه تدريجياً حتى يتكون على جلده جرح يابس يؤرخ تاريخ المصيبة وتاريخ الشفاء، جرح لا يلبث أن يزول هو الآخر.

أنا لست مثلكم يا محمد، أنا يوسف!

أنا شخص يختزن الأحزان ليقتات عليها في وقت لاحق. يمكنني أن أرقص السلاو أثناء أعظم جلل في حياتك ولا أتأثر بوجوه المعزين وشكل الكفن واستدارة الوجه المتصلب وغمضة العين الكسيرة.. كل هذا لا يؤثر بي!

عندما يحزن الآخرون، أنشغل أنا بالتحديق بهم وعصر أحزانهم مدة من الزمن، حتى يصبح المزيج مركزا كفاية، فأشربه جرعة واحدة، وتبتسم رئتاي للموت.

ثلاث سنوات وأربعة أيام وخمس ساعات..

هل سددت مقادير حزنك بوفاء يا محمد؟ وهل سددتها أنا؟ إن كنت كذلك فلماذا أستمتع الآن بجمرة روزا وهي تحرق شاربيّ بسادية، ولماذا تنتابني فكرة أن أنتظر دمعة ما لتطفئها.

رئتاي مجددا.. الحالة المعتادة، لا شيء يدعو للقلق أبداً.

أولا تبدأ أعراض الشقيقة في الجزء الأيسر من الوجه، ثم تتزايد لدرجة أن يسيل الدم من آخر ضرس في الفم، ستحمر العين قريبا جدا ثم تبدأ عضلات الجسد بالانقباض لا إرادياً وبعدها يأتيان معاً أو يليان بعضهما، لا أضمن لك... الصراخ والبكاء.

لا شيء يدعو للقلق أبداً...

الوحيد الذي كان ليقلق قد غادر المحطة قبل ثلاث سنوات وأربعة أيام وخمس ساعات، قبل أن ألتقيه للأسف، ومن بعده لم يعد قلقكم أنتم البشر مهماً، ولم يعد هناك داع للقلق، لأنني أصبحت أعلم الآن أي طريق أسلكها لألتقي رفيقي في المحطة الأخيرة.

يوسف،

رسائل يوسفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن