كان يبتسم بصمت، وجهه الباسم ذاك لا يمكنك أن تنساه بسهولة، إنه يخترقك، يتسلل إلى داخلك، يترسب هناك في العمق الأخير مثل ركام السكر في آخر الفنجان.
صدقني عندما أقول أني لم أعتقد في حياتي أنني قد أبدو بهذا العري أمام أشخاص لا أعرفهم، ولكنه حبك، أو ربما حماقتي.
أكاد أجزم ألا أحد في الكون يمكنه أن يفهم تفاصيل حبنا، وشكل حاجتنا لبعضنا، فأنا أحبك قولاً وفعلاً، وأنت تظهر لي حبك من حين لآخر.. فعلاً فقط!
إنهم لا يلحظون تلك التفاصيل الصغيرة، يمرون عليها كما يمر شاب ما على مسجد الحي، أما أنا فأتأمل، وأدخل، وأصلي، وأؤدي طقوسا لم يعهدها إمام قبلاً.
لذلك فإنك، على صغر سنك، قد لاحظتني وأنا أتناول نفس الكأس الذي شربتَ منه، ونهيتني، وأخبرتني أن مرضك قد ينتقل إليّ بفعل شربي.
وأنت لا تعلم أنني بعد رحيلك شربت به قنينة كاملة، أحب أن يعلق بي شيء منك ولو كان مرضاً.
أود أن أصف كم أنني دخنت بعدك كثيراً، حاولت عبثاً أن أبدو بمظهر الرجل العادي، ولما لم أستطع أغلقت كل شيء ورحت أبكي وأضرب الطاولة القابعة أمامي بساديةٍ مرضية.
كنت فيما مضى أقص أحاديث كهذه لأشخاص أعرفهم.. أحبهم، ولما لم تفهم عقولهم القاصرة شكل علاقتي بك اخترت البوح الأحمق لآخرين يعتقدونني كاتباً ينافس على منزلةٍ زائفةٍ من نوعٍ ما.
فلأمرض إذا! ليتسرب مرضك إلي، وليمتزج مع النيكوتين القابع هناك داخل رئتي، ولأشنق أمام صورتك الباسمة، ولأمت شهيداً في سبيل حبك.
يوسف،
أنت تقرأ
رسائل يوسف
General Fictionحسنا، لنهدأ جميعنا قليلا ولنتفق على أنني رجل مريض! لا تكن وقحا، ألا يمكنك أن تتوقف عن النظر إلى السواد تحت عيني، وعلب السجائر التي تملأ المكان، معظمها فارغ في الحقيقة، نعم لقد استهلكتها كلها، لكن هذا لن يغيّر شيئا حول ما سأقوله، فتوقف عن التحديق هكذ...