(2)
بدأ الأمر يعتاد علي، أو أنني بدأت أعتاد عليه! لا يهم، المهم أنه أصبح جالباً للرتابة حقاً.
أحس أن البانجو وحده لم يعد يكفي حاجتي، أو أن كمّ المشاكل في حياتي أكبر من أن تحتويه سيجارة محشوة.
لنشعل واحدة..
أنت تعلم بعض ما سيقال هنا سلفاً، وتعلم ألا مكان للحياة الوردية في بوحي. تراهم كلهم يقولون كم أنهم عظماء، سعداء، قريرون بما وصلوا إليه، ثم تأتي إليّ ليلاً لتقف على أطلال رجل مضطرب.
أنا لست مثل الآخرين، لست مثالياً، أنا شخص سيء، سيء جدا، سيء لدرجة أنك ستكرهني عندما تعلم من أكون حقيقة، حينها لن يشفع لي كل قربان قدمته حتى أبدو رجلاً عادياً مثلكم.
هنا تتبدد كل الأسئلة، تصبح كل مشكلة في الكون سخيفة للغاية، ولا يبقى غير السؤال الوحيد الخالد: من أنت يا يوسف!
إنني ضيف الليل، ألعب الشطرنج بأحجار بشرية خالصة، وقبل أن أحترف اللعبة قتلت شخصاً وقتل أمامي آخر، وقبل كل شيء كنت أرتدي كوفية، وبعد كل شيء سأنتحر.
وأنا أكرهكم جميعاً عداه هو، لأنه نشأ مثلي، وكبر معي، فإن غدرني فهو معذور، وإن أحبني فهو مجبول، أما أنتم فمجرد كاذبين، مدعين، ينهض الواحد منكم صباحا ليختار أي لون زائف يصبغ به يومه، ثم يتذكر أنه في النهاية محاط بآخرين مثله، مزيفون لا نفع يرتجى منهم، فيرجع إلى هؤلاء المسخوطين، أمثالي، يستجديهم معروفا ما.
تسألني عن الحب فأجيبك ألا امرأة في الكون يمكنها الصبر على رجل سيء مثلي، وانتهت السيجارة..
أنت تقرأ
رسائل يوسف
General Fictionحسنا، لنهدأ جميعنا قليلا ولنتفق على أنني رجل مريض! لا تكن وقحا، ألا يمكنك أن تتوقف عن النظر إلى السواد تحت عيني، وعلب السجائر التي تملأ المكان، معظمها فارغ في الحقيقة، نعم لقد استهلكتها كلها، لكن هذا لن يغيّر شيئا حول ما سأقوله، فتوقف عن التحديق هكذ...