على البسيطة ما يستحق أن نقف عليه، ونتأمله، بذلك فقط تزداد مداركنا وحكمتنا، وإن هذا الذي أكتبه ما هو بضعف، أو هوان، أو خوف، وإني لم أكن لأخطّه لولا أنكم أعييتم من سبقكم إلي في شرّكم.
أما بعد فإني كنت قد نفضت يدي منكم، وترفعت عن الرجوع إليكم ومراجعتكم، وجلست وحيداً أعالج الشرخ الذي أحدثته ذكرياتي معكم في داخلي، وبرأت منه، وليس بي نيّة الرجوع إلى أمر قد قضي واستحال العدول عنه.
وأما تهافتكم الأول، فإني جلت مدنا، ودخلت أسواقا، وزرت ديارا، ولم أر التهافت إلا على ما غلت قيمته، وندر وجوده، وقل مثيله.
وأما تكالبكم على طاولة الشنق والقرارات فإني لم أر غير مجالس النسوة يغتبن غائباً، وإنكم كنتم لتطلبوا في أثري لتجلسوني بينكم لو وجد بينكم رجل رشيد، لكنه مناخكم هكذا، يميت الرجال ويحيي أشباههم.
وأما نباحكم اليوم فإنه يأتي خافتاً لسامعه، يتراءى لي من بعيد كشبحٍ هائمٍ على وجهه منذ بدء الخليقة، لأنه فعلاً كذلك، أو لأنني في قصري أعلو موضعه.
وأما ردي فإنني هذيت في سجودٍ أن يبعد الله عني كل ظالم، ويظهر الحق، ويجزي كلاً جزاءه الذي يستحق، وإني -قبل أن أغادركم- كنت قد دسست سمّي بينكم، وجعلتكم تتلقفونه وأنتم سعداء، وإني لو عددت كل ما أملكه من قيئكم وسعالكم لوجدته كافياً لأجعل كل كلب منكم يكمل حياته في أبعد نقطة بهذا البلد، وإنكم إن كنتم قد اجتمعتم على ألا تتركوا مسألتي فإني لست بمغادرٍ حياتكم، وحياة أزواجكم، وأولادكم، وجيرانكم.
يوسف،
أنت تقرأ
رسائل يوسف
Ficção Geralحسنا، لنهدأ جميعنا قليلا ولنتفق على أنني رجل مريض! لا تكن وقحا، ألا يمكنك أن تتوقف عن النظر إلى السواد تحت عيني، وعلب السجائر التي تملأ المكان، معظمها فارغ في الحقيقة، نعم لقد استهلكتها كلها، لكن هذا لن يغيّر شيئا حول ما سأقوله، فتوقف عن التحديق هكذ...