بداخل إحدى المطاعم الراقية والتي تحتل مكانها في الطابق الأخير لفُندق من فئة السبع نجوم والمُطل على النيل مُباشرة، ظهر انعكاس واضح لقسمات رجولية وسيمة؛ أعتلت اللوح الزجاجي الشفاف للواجهة اللامعة للمطعم، فاختلطت تفاصيل وجهه بالمنظر الخارجي حيثُ صفحات المياه الواسعة الهادئة التي تلألأت باللون الفضي تحت ضوء القمر الوّضاء ..
كان يجلس بهدوء حول مائدته المُفضلة التي تحتل رُكن من الأركان ذات الإضاءة الخافتة، ورغمًا عن برودة الطقس إلا إنه استمتع بنسمات الهواء الباردة التي تسللت إليه من الفتحة الصغيرة بجانب طاولته والتي اعتاد نادلي المطعم إعدادها له خصيصاً كُلما تردد على المكان، داعبت الريح اللينة وجهه بلُطف قبل أن يبدأ في تناول وجبته المُفضلة احتفالًا بنفاذ الطبعة الأولى كاملة لروايته الجديدة مع بداية اليوم الثاني للمعرض ..
ارتشف رشفته الثانية من كأس المياه الموضوع أمامه في نفس الوقت الذى التقطت فيه أُذناه تلك الموسيقى الكلاسيكية الخاصة بموتزارت والتي بدأت سمفونياتها الرائعة تملأ المكان وكأنها عُزفت خصيصًا له تكريمًا لنجاحه المُتوَقع ...
أقتطع بسكين طعامه اللامعة قطعة صغيرة من صدور الفراخ الموضوعة بداخل صحنه الرئيسي والمُغطاة بكمية وفيرة من الصوص الفرنسي الخاص بها والمُعَد له خصيصًا بواسطة الشيف الرئيسي للفُندق ..
قضم قضمته الأولى بتلذذ شديد مُحركًا أصابعه التي تحمل السكين بانسيابية وبصورة تتماشى مع الموسيقى التي تملأ الأرجاء وكأنه مايسترو مُتمرس يقف وسط مسرح كبير عارضًا فَنُه على قطعة الدجاج اللذيذة الماثلة أمامه قبل أن يبتلعها وتختفى بداخل جوفه ..
بالنهاية ومع الدقائق الأخيرة في لحن الختام كان هو الآخر قد انتهى من وجبته التي أجهز عليها حتى آخرها باستمتاع شديد، وعِند شعوره بالامتلاء أشار للنادل إشارة صغيرة فهم منها ذلك الأخير رغبة الأول في تناول قهوته فأومأ له مُتفهمًا بابتسامة ..
نفث مُصطفى دُخان سيجارته للأعلى باستمتاع مُتأملًا النجمات الصغيرة المُرصَعة للسماء المُظلِمة التي تفشى فيها السواد إلا في بقعة كبيرة جذبت إليها الأنظار بقوة بعد أن أضاءها قُرص القمر الشبه مُكتمل ..
ظل على ذلك الحال لعدة دقائق حتى أنتهى من سيجارته في نفس الوقت الذى تقدم فيه النادل إليه بفنجان القهوة والذى ارتشف منه مصطفى رشفة صغيرة قبل أن يتطلع إلى شاشة هاتفه التي امتلأت بالإشعارات وضمت العديد من رسائل المُعجبين والمُعجبات ..
ذلك هو وقته المُفضل .. عندما يقرأ كلمات الإطراء عليه وعلى كِتاباته ..
التهمت عيناه مُحتوى تلك الرسائل بنهم شديد أقترن به إلتماعة عينيه وابتسامة ظفر ملأت شفتيه، وبالأخير لم يكُلف نفسه عناء الرد على أحدهم، فهُناك من يُديرون صفحته الشخصية ومن صميم عملهم الرد على تلك النوعية من الرسائل ..
أنت تقرأ
(كلهم مصطفى أبو حجر؟) النسخة الورقية
General Fictionتدور أحداث الرواية حول فتاة في الثلاثين من عمرها تقع في حُب كاتبها المُفضل وتلتقيه للمرة الأولى خلال فعاليات معرض الكتاب عن طريق الصدفة لتتوطد العلاقة بينهما فيما بعد وتنتهي بالزواج .. ظنًا منها أنها قد أحسنت الاختيار تلك المرة ولكن فجأة تتعقد الأمو...