لم تستطع شمس رفع عينيها إلى ذلك المُحملق بها وكأن ثمة مغناطيس قوى يجذبها للأسفل، فهي تشعر بعدستيه يتجولان بكُل تفصيلة بها من أعلاها إلى أخمص قدميها دون خجل أو مُراعاة لأبويها الجالسين برفقته، لذا سيطر عليها الارتباك وتلعثمت كلماتها بداخلها عِند وقوفه للترحيب بها، ففعتله تلك زادت الأمر صعوبة وتعقيدًا بعد أن كانت في طريقها لأقرب مقعد تتهاوى أعلاه، لذا اضطرت إلى التقدم إليه مُطأطأة الرأس تحت انظار والديها المُسلطة عليها ومدت يدها إليه بخجل قائلة دون أن ترفع نظرها إليه :
_ أهلًا ازيك يامصطفى ..
التقط هو راحتها بلُطف قائلًا أثناء تأمله ملامحها الخجلة في ذلك الزى الأرجواني الذى زاد بشرتها تخضبًا وتوهجًا وحُسنًا :
_ ازيك انتي ..
ثُم أضاف فور أن نظرت إليه بعد أن ضغط على أصابعها، قائلًا بشفاه مُتحركة لم يصدر منها أي صوت :
_ وحشتينى ..
ازداد احمرارها وانتفض جسدها فسحبت يدها بسرعة من بين خاصته بارتباك، وحاولت جاهدة إخفاء اضطرابها ذلك حتى لا يلاحظه أبواها فوجهت كلماتها لابنتها قائلة :
_ مش هتسلمي على عمو مصطفى يايارا ..
رفعت الطفلة رأسها الى الأعلى ببراءة في مُحاولة منها للتوصل إلى وجه ذلك الواقف أمامها بجسده الفارع، لذا انحنى هو إليها مادًا يده إليها قائلاً :
_ إيه البيت اللي كُله عرايس حلوة ده .. أنا اسمى مصطفى وانتي ؟
سلمته الصغيرة راحتها بابتسامة واسعة وهى تقول :
_ أنا اسمى يارا ياعمو .. أنت طويل أوي كدة ليه ..تعالت ضحكات الجالسين قبل أن يُمسك هو جسد الصغيرة رافعًا إياها إلى الأعلى حتى تُصبح بمستواه حين وقف باستقامة قائلًا :
_ انتي اللي لسة صغنونة يايارا .. بكرة تكبري وتبقى قدى ..
هزت الطفلة رأسها نافية وهى تقول :
_ لا أنا هبقى حلوة شبه ماما لما أكبر ..
في تلك اللحظة توجهت نظرات مصطفى العاشقة إلى تلك الجميلة التي تبعد عنه عدة خطوات قائلًا بابتسامة مُنبهرة :
_ بس ماما مفيش حد حلو زيها ..اتسعت عينا شمس بعدم تصديق، غير قادرة على استيعاب تلفظه بتلك الكلمات بصوت مسموع، فتمنت بداخلها لو انشقت الأرض من تحتها في تلك اللحظة لتلتهمها ببطنها فتتوارِ عن أنظار والديها المُحملقين بها وكأنهم يرونها لأول مرة، خاصه والدها الذى بدأ بالعبوس قائلًا بجدية وهو يُحرك إحدى ساقيه بعصبية :
_ مش تشوفي الأستاذ يحب يشرب شاي ولا قهوة ..
ازدردت شمس لُعابها بصعوبة وتنحنحت بقوة حتى خرج صوتها الواهن من بين شفتيها مُتسائلة :
_ تحب تشرب إيه ..
ابتسم مصطفى بحنو قبل أن يجلس أعلى مقعده من جديد قائلًا بجدية ممزوجة بالرجاء :
_ ولا أي حاجة .. ممكن تقعدي معانا ياشمس ..
اعترض الأب على ذلك قائلًا :
_ بس إحنا لسة متفقناش يابنى ..
وفى وسط حيرة العروس من أمرها، وجه مصطفى كلماته إلى محمود قائلاً بكلمات واثقة طغى عليها التأدب في الحديث :
_ أنا تحت أمر حضرتك في أي حاجة عاوز تعرفها وأي حاجة تطلبها .. صدقني أنا فعلًا شاري شمس وعاوزها زي ماهي كدة هي ويارا وبس ..
أنت تقرأ
(كلهم مصطفى أبو حجر؟) النسخة الورقية
General Fictionتدور أحداث الرواية حول فتاة في الثلاثين من عمرها تقع في حُب كاتبها المُفضل وتلتقيه للمرة الأولى خلال فعاليات معرض الكتاب عن طريق الصدفة لتتوطد العلاقة بينهما فيما بعد وتنتهي بالزواج .. ظنًا منها أنها قد أحسنت الاختيار تلك المرة ولكن فجأة تتعقد الأمو...