-٢٣- صفقة رابحة

4.7K 431 40
                                    

بعد عدة أيام ...

عمت حالة من الطمأنينة والسكينة أرجاء تلك السيارة الأنيقة التي شقت طريقها بانسيابية وهدوء في وقت تلطخت فيه السماء الصافية بألوان الشمس الغاربة على خجل واستحياء فانعكست درجات الشفق على تلك الصفحة الواسعة لترتسم خطوط حمراء مُتدرجة الألوان سُرعان ما انعكست هي الأُخرى على زجاج السيارة اللامع عِدة دقائق قبل أن يذوب ذلك القُرص الصغير نهائيًا ويحل محله الظلام، كان نسيم المغرب طريًا نديًا كأنه عائد من معركة مع الشمس الغاربة هُزم فيها، فسرى ضعيفًا مُتهافتًا تُبلله الدموع، إلا أن تلك الجالسة بارتياح داخل السيارة كانت مُستمتعة به إلى أقصى حد، خاصةً وهو مُحمل بروائح الربيع الرطبة وماتبق من هَبات الشتاء الباردة ..

وذلك بعكس زوجها الذى اعتلى مقعد القيادة بصمت تام ووجه عابس، حاولت هي إخراجه منه قائلة بلُطف :

_ حبيبي ساكت ليه ..

خرج صوته مُترددًا وهو يقول راغبًا في الإفصاح عما يدور بداخله :

_ شمس انتي مُتأكدة من اللي عاوزه تعمليه ده !

أجابته بابتسامة واثقة دون تفكير :

_ مش متأخر السؤال ده ..

ثُم أضافت وهى تحتضن ساعده الحُر :

_ بس للمرة العاشرة بقولك آه متأكدة جدا جدا جدا ..

أجابها ولازال العبوس يملأ وجهه بل ازداد حتى أصبح وجهه مُكفهرًا وهو يقول بتصميم :

_ بصراحة أنا بقى مش موافق ومش متطمن كمان للموضوع ده كله، أنا بقول نلف ونرجع ..

تنهدت شمس بضعف قبل أن تعتدل في جلستها من جديد مُحاولة إقناعه بجدية تلك المرة قائلة :

_ مصطفى حبيبي قلقان ليه بس .. لو عليا أنا بجد كُل اللي يهمني تحقق حلمك .. وبعدين هو أنا وانت إيه بقى مش واحد !! ولو فكرنا في الموضوع بالعقل .. أنهى احسن !! الرواية تتنشر باسم أي حد فينا ولا تفضل مرميه في الدرج !

بدأ العبوس بالتلاشِ تدريجيًا وبدا أنه على مشارف الاقتناع إلا إنه لم يستطع سوى قول :

_ أنا عارف إن ده الحل الأحسن بس ضميري مش مطاوعني ..أنا كدة ببقى بغش الناس وبخدعهم .

صمتت شمس قليلًا مُتأملة ملامح زوجها الأمين الصالح والذى يندر تواجده في ذلك الزمن، ثُم قالت بعد تفكير دام لعدة دقائق :

_ طيب أنا عندي اقتراح حلو أوى ..

نظر مصطفى إلى ساعته قبل أن يُجيبها بآلية كمن لا يستمع :

_ قولي ..

شعرت هي من عدم تحمسه أنه ليس على استعداد لتقبل أي طرق ملتوية لإقناعه بتلك الفعلة، لذا حاولت أن تُظهر بعض الحماس علها تُجذب انتباهه، قائلة بنبرة عالية :

(كلهم مصطفى أبو حجر؟) النسخة الورقية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن