ارتفع رنين باب المنزل مُنتشلًا إياها من بين أفكارها فاستقامت جالسة لتضع حجابها حول رأسها قبل أن تغادر الأريكة متوجهة إلى باب المنزل وتقوم بفتحه بابتسامة عريضة مرسومة على وجهها بعنايه وهى تقول :
_ حمد الله على السلامة ياحبيبي نورت بيتك ..
تنحنح أيمن المُصاحب لزوجها قبل أن يُلقى التحية عقب قيامه بمهمته وإيصاله لمصطفى فقال بأدب وهو يهم بالمغادرة :
_ حمد الله على سلامتك ياأستاذ مصطفى، هستأذن أنا ..
إلا أن شمس دعته للدخول قائلة بترحاب :
_ أتفضل شوية يامتر مستعجل ليه ..
هز أيمن رأسه رافضاً وهو يقول :
_ معلش مرة تانية، لما الأستاذ مصطفى يرتاح .
اومأ مصطفى إليه بضعف قائلاً بصدق :
_ شكراً ياأستاذ أيمن مش عارف أشكرك ازاى ..بعد عدة دقائق كان مصطفى يستلقي أعلى فراشه بتعب وإنهاك واضحين، فكان جسده متراخي وعينيه مبحلقتين إلى الأعلى بذهول واضح مُحاولًا استيعاب ما مر به، فعقله يرفض تصديق أو تقبل ماحدث على إنه واقع أليم مر به بل إنه فضل اعتباره مجرد حلم بل كابوس طويل نجح أخيرًا في التخلص والاستيقاظ منه ..
سُرعان ما التقطت أُذناه صوت خرير المياه المُريح بداخل حمامه الخاص، فانشرح قلبه وشعر بآدميته تعود إليه من جديد، فكم اشتاق إلى كل تفصيلة بداخل بيته، وخاصة حمامه الذى تعده له زوجته بتلك الطريقة المحببة إلى قلبه التي تُنعش كل خلية من خلاياه ..
كانت تجلس أرضًا جاثية على رُكبتيها بجوار حوض الاستحمام الكبير، تُراقب الماء الجار يتتابع أمام عينيها بينما عقلها يسترجع ذكريات ذلك اليوم عندما التقطت منه منديله لتُربت به على جانب فمه به برفق مُتعللة بوجود بقايا أحمر الشفاه خاصتها ..
في نفس الوقت الذي تعالى فيه صوت طرقات باب المنزل بعنف فتوجه هو إليه بغضب مُتناسيًا منديله بين أصابعها قبل أن يفاجئ بقدوم آلاء ويغادر بصحبتها سريعًا ...قبل ما يزيد عن الثلاث أسابيع ...
أوقفته شمس مُمسكة أطراف أصابعه بيدها برقة، ثم قامت بإخراج ذلك المنديل القماشي خاصته من داخل الجيب العُلوى لسترته وربتت به بلُطف على جانب شفتيه مُعلقة :
_ استنى في هِنا روج ..
انتظر هو عدة ثوان يتأمل ملامح زوجته المُهتمة حتى تقوم بالانتهاء من مهمتها، لكن تتابع الرنين بشكل مُزعج مما أجبره على مقاومة تأمله و التوجه إلى الخارج قائلًا بنبرة أقرب للصياح :
_ أيوة .. أيوة ..
لم يكد يُتِم كلماته حتى قام بفتح الباب بانزعاج واضح، لكن علامات الانزعاج تلك سُرعان ما كللتها الدهشة عندما طالعه ذلك الوجه الذى نجح في تناسيه طوال أشهر الرخاء الفائتة عقب تخلصه منه أو هذا ما ظنه ...
استندت شمس بظهرها على الحائط من ورائها تُتابع همهمات زوجها الغير مفهومة، يظهر شبح ابتسامة على طرف شفتيها بعد أن تطلعت إلى الساعة المُعلقة أمامها قائلة بانتصار :
_ برافو ..في ميعادها بالظبط ..
انتظرت قليلًا حتى تعالى صوت آلاء فظهرت هي على أطراف غرفتها متسائلة بمكر :
_ مين يامصطفى ؟
أتتها إجابته المُتلعثمة وهو يقول :
_ الحارس ياحبيبتي، أنا نازل بقى عشان اتأخرت ..
وقبل أن تتفوه هي بكلمة رأته يلتقط معطفه الصوفي المُعلق بجوار الباب ثم أغلقه من ورائه بهدوء..
أنت تقرأ
(كلهم مصطفى أبو حجر؟) النسخة الورقية
General Fictionتدور أحداث الرواية حول فتاة في الثلاثين من عمرها تقع في حُب كاتبها المُفضل وتلتقيه للمرة الأولى خلال فعاليات معرض الكتاب عن طريق الصدفة لتتوطد العلاقة بينهما فيما بعد وتنتهي بالزواج .. ظنًا منها أنها قد أحسنت الاختيار تلك المرة ولكن فجأة تتعقد الأمو...