كان الليل قد حل عليه وهو لازال داخل شُرفته التي أعتاد العمل بداخلها من قبل غروب الشمس إلى أن تخور قواه ويتوقف عقله عن العمل في أي ساعة من ساعات الليل الطويل، عم الهدوء الأرجاء وهبت نسمات الليل العليلة على شُرفته التي انبعث منها ضوء جهاز الكمبيوتر المحمول خاصته بعكس الشُرفات من حوله والتي سيطر عليها الظلام والسكينة، فهو يقطن في الطابق العُلوى من منزل مُكون من طابقين بداخل إحدى المُجمعات السكنية الراقية المرموقة ..
تصاعدت أبخرة قهوته التي أعدها لنفسه مُنذُ عدة دقائق في نفس الوقت الذي قام فيه بتشغيل أسطوانة من أسطوانات الموسيقى كلاسيكية الطابع، هادئة الأنغام والتي تُساعده على تنمية خياله والغوص داخل أحداث قصته ..
أرتشف عدة رشفات من قهوته وتمطأ بجسده الطويل بتكاسل قبل أن يُقرر استكمال ما بدأه، فتوجه إلى جهازه الموضوع أعلى المنضدة البلاستيكية وجلس أمامه مُرتديًا نظارته الطبية الشفافة وارتفعت أصابعه للكتابة أعلى لوحة المفاتيح، إلا أن رنين هاتفه الذى أرتفع في تلك اللحظة أوقفه للحظات تطلع فيها هو إلى هوية المُتصل قبل أن يُجيب حين ظهر له الرقم الخاص بصاحب دار النشر الخاصة به، فغادر مقعده وتوجه إلى سور الشُرفة العريض ليتكأ عليه قبل أن يقول بصوته الدافئ الوقور :
_ أستاذ شفيق ...
أتاه صوت الطرف الآخر قائلًا بتردد :
_ أتمنى مكونش أزعجتك ..
نظر مصطفى إلى ساعته التي لم تتجاوز العاشرة مساءًا قبل أن يقول بترحيب :
_ لا أبدًا أتفضل أنا تحت أمرك ..
تشجع المُتصل للحديث فقال بتملق واضح :
_ أولاً أحب أباركلك على نجاح روايتك .. واللي قبل نهاية المعرض كانت الطبعات التلاتة ليها خلصوا وحاليًا بنطبع في الرابعة ..
أجابه مصطفى بامتنان :
_ مبروك علينا كلنا ..
خرجت ضحكات المُتصل بشكل مُتتابع قبل أن يقول مُشجعًا :
_ هنمضي امتى عقد الرواية الجديدة ..
أجابه مصطفى بذهول :
_ رواية إيه .. مش لما أجمع أفكاري الأول وأشوف إذا كنت هكتب حاجة جديدة ولا لا ..
أجابه شفيق بتملق زائد :
_ وهو أنت هتغلب ياأستاذ مصطفى .. وبعدين خلاص القُراء بقوا مستنين روايتك كل سنة مش هينفع متنزلش بحاجة جديدة ..
تأفف مصطفى من إلحاحه فأجاب بلهجة قاطعة :
_ والله أنا مقدرش أديك كلمة دلوقتي ..
ثُم أضاف عقب أن وردت فكرة ما على رأسه فالتمعت عيناه بدهاء :
_ علي الأقل لحد ما أدرس العروض اللي متقدمالي .. وأشوف أنهى أحسن بالنسبالي ...
أنت تقرأ
(كلهم مصطفى أبو حجر؟) النسخة الورقية
General Fictionتدور أحداث الرواية حول فتاة في الثلاثين من عمرها تقع في حُب كاتبها المُفضل وتلتقيه للمرة الأولى خلال فعاليات معرض الكتاب عن طريق الصدفة لتتوطد العلاقة بينهما فيما بعد وتنتهي بالزواج .. ظنًا منها أنها قد أحسنت الاختيار تلك المرة ولكن فجأة تتعقد الأمو...