8

46.3K 1K 189
                                    


عند خروج فيكتور من المنزل، استولت الغرفة الفسيحة على السكون بسرعة متلاحقة. كانت أبواب الصمت تتسع والسكون يعلو، وهو يتوارى عن ناظري الساهرين على حركاته الصامتة. رصدت بعيون غير متأكدة مشهد هبوط طائرة الهليكوبتر، حيث انطلق صوتها في السماء كحنين غامض.

لم يكن لفيكتور وداعًا، فقد غادر دون أن يلتفت، وكأنما كان ظلًا يمر بسرعة في حياتي. لا شيء تركه وراءه إلا هدوء مقلق. تساؤلات ملحة تشغل ذهني، هل لي بالخروج من هذه الغرفة الضخمة؟ وفي الساعات القليلة الماضية، أفتقدت الطريق إلى المطبخ وأنا أعاني من ضيق الخيارات الغذائية.

أتردد في البحث عن مؤشرات عن وجود موظفين يعيشون في هذا الكون السحري. يشبه هذا المكان القصور الخيالية في مدريد، حيث كانت الأرواح العاملة تزيح طيات الزمان والمكان. لكن هنا، يبدو الأمر كما لو كان قلعة ساحرة في عالم هاري بوتر، حيث يتفاعل الواقع والخيال بشكل ساحر.

أعجبني المنظر الذي تقدمه النافذة الكبيرة في جدار الغرفة. أقف بعيدًا، غير قادرة على التقدم نحو الحافة، لكني أرى أمامي لوحة طبيعية تبعث على الدهشة. الرياح تعصف بأشجار النخيل بقوة، وأوراقها تتحدي هذه القوة بصمود ملحوظ. تظهر الأفقية الخضراء البهيجة جمالًا يفوق وصفه. وفي تلك اللحظة، يتجلى لي الاختيار الصعب بين المقاومة والانكسار، كما لو كنت ورقة في عاصفة حياتي.

أنا أرقب الصور المتحركة من حولي، تتجلى الحياة في تلك اللحظات بألوانها وأصواتها. أشعر بكل ملمس في هذا العالم السحري، وأتسائل إذا كانت تلك الحركات جزءًا من خدعة بصرية تهدف إلى إرباك عقلي. بينما يستمر الوقت في التدفق، أجد نفسي محاصرة بين غموض هذا البيئة والتحديات التي تنتظرني.

ومع كل نفس أتنفسه، تزداد علاقتي بالمناظر الطبيعية في الوادي. أستمتع بجمالها وأعيش في عالمي الصغير المحدود. أنا هنا، ولكنني لا أعلم إلى أين يقودني هذا الطريق المتشعب. يبدو وكأنني أحيانًا أصبح جزءًا من الأشياء المحيطة بي، مثل تلك الأوراق التي تصارع الرياح.

أدرك بصعوبة، وفي لحظات هدوءي، أن المرونة هي مفتاح بقائي. لا بد لي من التكيف مع قوانين هذا العالم الغامض. وفي النهاية، قد يكون عليّ أن أمتثل لقوة الزمن والظروف، مثلما تفعل أوراق النخيل في وجه الرياح. هل سأستسلم أم سأبقى صامدة وأقول للحياة: "إما أن تكون لي أو تكون ضدي"؟

أتنفس بعمق، يملأ الهواء رئتي بشكل ملحوظ، ولكن صدى ضوء الجوع يتردد في معدتي، داعيًا لتناول شيء يسد تلك الرغبة الملحة. قررت استكشاف المنزل، بحثًا عن مطبخ يمكنني فيه إشباع جوعي. لكن يتساءل عقلي، هل ستثير هذه المغامرة غضب فيكتور؟ الصمت الذي يحيط بي يفترض بأن يكون مطمئنًا، لكني أدرك أن عيونه الحادة ترصد حركاتي في كل زاوية.

على الرغم من أنني وحيدة في هذا المكان الهادئ، إلا أنني أدرك أن جنود فيكتور، المؤمنين به بشدة، يتواجدون في كل مكان في الخارج، جاهزين لتنفيذ أوامره بدقة. يشكلون نفسهم كحاجز للدفاع عنه ولكنهم يبقون في الظل وخارج المنزل. فيكتور لا يسمح لهؤلاء الرجال بدخول قلعته، ولكن يتمتع بسلطة غير منقوصة حول المحيط بها.

Dark emotionحيث تعيش القصص. اكتشف الآن