بعدت لورا خصلتَها البنية عن أُذُنِها لترتدي القرط ذا الماسة السوداء و بالمثل فى الأذنِ الآُخرى و من ثم ارتدت الطوقَ الذي يتخذ نفس تصميم القرط.
خرجت من غرفتِها و هى تعدل ذيل الفستان الأسود الطويل و كعبها يُطقطق على الأرضِ بخفةٍ.
وقفت أمام طاهر الذي ما إن رآها حتى انتفض و ظل ينظر لها بصدمةٍ و هو يقول بداخلِه:
-فستانٌ أسودٌ كليلةٍ حالكةٍ و الجواهر تلمع كنجومِه.. إنها سمائي الجميلة.-طاهر،سنتأخر!
"قطعت به شرودَه"قام طاهر و اتجه نحوها و هو يقول بعبثٍ:
-آسفٌ و لكننى شعرتُ بتأثيرِ سحرٍ مُفاجئ.. لا أعلم من أين آتى!ضحكت لورا و قالت و قد إحمرت خجلًا:
-أود أن أقول لك أنك تبدو وسيمًا حد الجنون بتلك البدلةِ السوداءِ الرقيقة.إبتسم طاهر و أمسك بيدِ لورا وقبلها بحبٍ ثم اتجها خارجَ المنزلِ.
ركبا السيارةَ و شغل طاهر المُحرك و مرت قُرابة ساعةٍ حتى كانت السيارة تقف أمام مقرِ المعرضِ.
دخلت لورا القاعة مبتسمةً و هى تسيرُ بهدوءٍ و تُطقطق بكعبِها على الأرضِ و بجوارِها طاهر مُمسكًا بكفِها.
تُرحب و تمد يدها لتُسلم على الناسِ و هى تشعرِ بالفخرِ و هى تنظر حولها لتجد كل ما صورت مُعلق و مُغطى بإتقانٍ و بدأت فى مُراقبةِ نظرات الناسِ المُنتظرة بحرارةٍ.
صعد رجلٌ يظهر عليه الوقارُ على منصةٍ ضيقةٍ و وقف ليتحدث فى المايكروفون قائلًا:
-نشكركم على مجيئكم إلينا.
انتبه كل من فى القاعةِ إليه و صمتوا ليُكمل هو:
-و الجميعُ هنا يعلم لمن تنتمي تلك الأعمال المُتقنة.. إلى تلك السيدة التى ابهرتنا بتصويرِها و تلك الرسائل المخفية الموجودة بكلِ صورةٍ.. لورا أليكساندر.
بدأ الجميع فى التصفيقِ و إلقاءِ الكلماتِ المُشجعةِ فترك طاهر يدَ لورا و أشار لها لتتقدم.
سارت و هى تجر ذيلَ فستانِها الطويل خلفها و صعدت على المنصةِ بعدما ابتسمت شاكرةً للرجلِ و بدأت فى الحديثِ قائلة:
-مساء الخير جميعًا،
اليوم وددتُ فى عرضِ أعمالى.. تلك الأعمال التى أُبدع فيها من قلبِي و بكلِ حبٍ،
أخفيتُ بها رسائل و أظهرتُ فيها حبي للتسعيناتِ،
و الآن سأعرضها لكم بحبٍ كما التقطتُها أنا بكلِ حبٍ.
تركت لورا المنصة و نزلت و هى تحمل المايكروفون فى يدِها و راحت تنزع الغطاءَ عن كلِ اللوحاتِ على حدى و هى تسمع التصفيقاتِ و ردود الأفعالِ من خلفِها تدل على الإنبهارِ فتزدادُ ثقةً و تبتسم و هى تُزيح الغطاء فأظهرت جميعَ الصورِ عدا صورةً طويلةً موضوعة فى منتصفِ القاعةٍ.
وقفت أمام الصورةِ و قالت و بسعادةٍ:
-و تلك الصورة هى الرئيسية و الأهم،
تنتمي لشخصٍ واقفٍ الآن بيننا.
نظرت إلى طاهر و هو يضع يديه فى جيبيه مُستندًا على الحائطِ و فى عينيه نظرة الفخرِ.
عادت تنظر للصورةِ و أزاحت الغطاء عنها بخفةٍ فظهرت صورة لشخصٍ يلعب على الشاطئِ فى وقتِ الغروبِ مُحاطًا بالعديدِ من الأطفالِ و يركل الكرة و هو ينظر نحوها و يضحك.
لم تهتم بالتصفيقِ الحارِ الذي انفجر بين الجمهورِ من شدةِ جمالِ تلك الصورةِ بقدرِ ما اهتمت بصدمةِ طاهر و هو ينظر إليها مفتوحَ الثغرِ.
-التُقِطت تلك الصورة فى شاطئِ قريبٍ من ڤيينا،
توضح مدى فرحة رجلٍ بالغٍ بلعبِ كرة القدم مع الأطفالِ.. رغم بلاهة الفعلِ الا انه كان فى أسعدِ حالاتِه.
التقطتها بكلِ حبٍ لشخصٍ يستحق كل الحبِ.
صمتت قليلًا تتأملهم وهم ينظرون للصورةِ بإنبهارٍ فقالت مُختتمة خطبتَها القصيرة:
-و الآن لقد انتهيتُ و رُصّت أمامكم كل ما صورتُه من بدايةِ مهنتي.. أتمنى أن تستمتعوا بتأملكم ذلك و أن تصلكم رسائلى المُختبئة وراء كلِ صورةٍ.
صفقوا لها بحرارةٍ فنزلت من المنصةِ و انحنت تُحييهم بفخرٍ و اقتربت من طاهر الذي مازال يظهر على وجهِه علامات الصدمةِ و ظلت عيناه تتحركان معها حتى وقفت أمامه تمامًا مُبتسمةً.
-لورا، هيا بنا من هُنا!
"نطق طاهر و هو مازال ينظر لها بشرودٍ لم تفهمه"
-ونترك المعرض و الناس هنا؟
لا... أودُ أن أتأملهم و هم يُشاهدون اللوحات.