الفصل الثاني

120 7 2
                                    

ألقت بهاتفها من بين يديها و هى غير مستوعبة لما يحدث من حولها ..ظلت تدور فى كل أنحاء الغرفة وهى تفكر بأسئلة عديدة تبدأ فقط بكيف..كيف؟

عادت لتلتقط هاتفها لتتصل بسلمى التى غادرت منذ أقل من ساعة ..تستنجد بها ..
-ماذا لورا؟
"وصلها صوتها الناعم القلق"
لم تُعطها سلمى فرصة للتحدث فقالت بعبث:
-اشتقتِ لى صحيح؟

ردت لورا وهى محتفظة بثباتِها:
-تعالى الآن...حالاً سلمى..أتسمعين؟!
ردت سلمى بقلق و توتر:
-ماذا دهاكِ لورا؟
هل جُننتي او شيء من هذا القبيل؟
بقى فقط دقائق وادخل للمقابلة!
ماذا حدث؟..هل ما حدث يمكن تأجيله او..

-تعالى حالًا سلمى!
لم تعطيها فرصة للرفض فأغلقت الخط وجلست تنتظرها رغم عدم موافقة سلمى الا أنها تعلم انها ستأتى..فهى ..صديقتها الوحيده في النهاية..
بعد حوالى عشرة دقائق سمعت لورا صوت رنين جرس الباب فعلمت أنها هى..سلمى!

لم تتحرك من مكانِها و ظلت منتظراها ففُتِحَ الباب ودخلت سلمى وقد بان عليها القلق ..تتبعها أسئلة ام لورا المندهشة.
لم تجيب و اغلقت سلمى الباب خلفها .
استدارت واستندت عليه بظهرها وهى تضع يدها على قلبها لتلتقط أنفاسها بتعبٍ بعدما رأتها جالسة بخير..
انطلق صوت سلمى المتعب لتسأل لورا قائلة:

ماذا حدث لورا ..ظننتك انه حدث معك شيء خطير او ماشابه؟

لم تهتم لورا بما قالته سلمى فقالت وهى تُغمض عينيها كى لا ترى ردة فعل سلمى:
-سأسافر.

نظرت إليها سلمى وهى مصعوقة وظلت تقترب منها ببطء قائلة:
- لورا؟
لقد جعلتيني أخسر وظيفة احلامى بعدما جلست سنوات اترقب تلك اللحظة بفارغ الصبر وأكاد أموت يوميًا بسببها لتقولي لى هذا الخبر السخيف...هل كنتِ ستموتين إن أخبرتيني به فى الهاتف؟

ظلت لورا تنظر إليها وهى لا تسمعها أصلًا فقط تُراقب هذا الكائن الذي أحمر غضبًا ..
كادت أن تتدمر خلايا عقلها من كثرة التفكير فى كل شيء.
قطعتها سلمى بجملة صدمتها عندما أكملت صراخها قائلة:
-يبدو أن هذا الحلم أثر على قواكِ العقلية لورا...ماذا أصابكِ؟
كادت أن تبكي لورا حتى وجدت سلمى تبتعد وهى تأخذ حقيبتها وتخرج من الغرفة وهى مازالت تتكلم وتصرخ بعصبية حتى قابلت وجه أم لورا فقالت:
-لقد جُنت بالكامل...كلكم عائلة مجنونة!

خرجت من المنزل وهى تغلق الباب خلفها بقوة هزت المنزل.

دخلت أم لورا الى غرفة لورا وهى لا تدرى شيئًا.
وجدتها تجلس بكل هدوء وكأنها تُحاط بهالة تمنعها من التواصل مع العالم من حولها..بات شكلها مخيفًا كجثة هامدة ..قطعت أمها تفكيرها قائلة :
-لقد غادرت سلمى..هل حدث شيءٌ ما؟

رمقتها لورا بنظرة غامضة ثم نظرت إلى اللاشيء مرة أخرى.
كادت أم لورا أن تخرج من الغرفة حتى استوقفها صوت لورا الهاديء قائلة : سأسافر.

قهقهت أم لورا عاليًا ثم قالت وهى تُغلق الباب خلفها: يبدو أنها جُنت بالفعل!
سمعت صوت لورا الذي ارتفع قليلًا لتقول:
-سأسافر الى فيينا..حيثُ تعيش إحدى صديقاتي ..
فتحت الأم الباب قليلًا ونظرت إليها فأكملت بشجاعة:
-رحبت بي بشدة ووعدتنى بأنها ستجعلنى أعيش فى منزلها المغلق القديم بعدما استأذنتها ...ستساعدنى فى كل شيء فى المدينة ..ولن تتركني بها!

فكرت أمها قليلًا ثم سألت ببرود مختلط بسخرية:
-وهل ستسافرين وحدك؟...كيف؟

سرعان ما قامت لورا وأمسكت بيد أمها قائلة بنبرة تُهدد بالكباء:
-كل ركن من أركان تلك المدينة يحمل ذكرى مؤلمة من طفولتى البائسة أو شبابي الغريب..كل مكان يُذكرني بما لا أُريد أن أتذكره ...أود ترميم نفسي وتكوين حياة جديدة..بذكريات جديدة ملونة!
دعيني أمى لعلى أجد نفسى..

نظرت أمها إليها قليلًا وقد لمعت عيناها ثم أومئت بعلامة الموافقة فتركت لورا يدها وهى تجري ناحية الدولاب لتُنزل شنطة السفر من أعلاه..

ظلت تُجمع كل أشيائها فى الحقيبة تردد كلمات عدة متفرقة ك"أستراليا ..و فيينا ..و الطائرة ..وأربع ساعات"

ضربت على جبهتها بنفاذ صبر وقد تذكرت أنها لم تضع أهم شيء ...السماعات الخاصة بها..فهى أهم من كل شيء بالنسبة لها..فهى تستطيع العيش بدون أكل أو ماء أو حتى قهوة...أما الموسيقى لا!
وفى الناحية الأخرى كانت تنتظر أم لورا رد سلمى على الهاتف فقالت حينما سمعت صوت الهاتف يُرفع:
-ستُسافر وحدها يا سلمى..هى ضعيفة قد تضيع..كونِ معها يا سلمى..سافرى معها..
كادت أن تتحدث سلمى وترفض حتى وصلها صوت أم لورا المتوسل قائلة: أرجوك!
ولم تترك لسلمى فرصة الرد فأغلقت الهاتف سريعًا.
نظرت سلمى الى الهاتف وهى تقول متعجبة:
-عائلة أغرب من الغرابة!

نزلت لورا على السلم تجرى وهى تحمل شنطة سفرها الثقيلة فوجدتها تقف مبتسمة لها..
سألت لورا قائلة: هل ستأتين معي؟
قالت سلمى وهى تبتسم :
-لدى صديقة مجنونة قرارتها سريعة فيجب أن أكون مثلها!

ضحكتا سويًا واستقلتا سيارة سلمى متجهين الى المطار..
نظرت سلمى الى لورا وكأنها نسيت شيئًا فنظرت إليها لورا وهى تُومئ وكأنها فهمتها فاقتربت من أُذنها قائلة:
كل شيء تمّ من الهاتف عزيزتى!

ضحكت سلمى من جنونِها وصعدا الى الطائرة حتى وصلهما صوت المُضيفة الناعم قائلة:
"أقلعت طائرة لندن مُتجهة لأستراليا الى مدينة ڤيينا"

The Black Dress In December.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن