تسارع الأحداث

19.7K 117 1
                                    

كلمات ، نظرات او مواقف بسيطة كفيلة بتغيير مسار حياتنا، تلك المواقف عبارة عن منعرجات خطيرة ان احسننا ضبط سرعة محركاتنا فيها سنصل للطريق المستقيم بأمان أما إن اخفقنا فسنصل للهاوية بدون تاكيد و سيحطم هيكلنا كليا ان لم يتعدى الامر للروح و حطمت هي الاخرى ، المهم بل الاهم هو كيفية تخطي هاته المرحلة لأن ما بعدها سيكون سهلا نسبيا ، لا يجب علينا التسرع ولا التريث كثيرا كل ما علينا هو استخدام عقلنا قبل اي شيئ اخر و بكل تأكيد قلبنا سيوصلنا لا اراديا للطريق الصحيح مشتركا مع العقل ...

فتح الباب لتدخل سلوى ، ما إن رأت فريدة حتى تعكر مزاجها و ضاعت احاسيس الليلة الماضية ، لم تفكر حتى في سبب قدومها فقد تاهت في عالم من الغضب جعلها لا تلقي التحية ، لم تهتم فريدة بهذا بل غادرت مباشرة لتترك سلوى في المكتب مع اكرم ، نظرت إليه و فجأة تحولت ملامحها إلى ملامح تشع بالسعادة المصطنعة و ألقت التحية على أكرم الذي لن يهتم بها و ما ان كانت ستنطق مجددا حتى فاجئها بحركة سريعة حيث وقف و شدها من شعرها لزاوية الغرفة و أوقفها لتواجه الزاوية بوجهها و يداها فوق رأسها ليغلق باب المكتب و يعود إلى عمله ، واصل العمل لساعتين دون أن يهتم بأمرها قبل أن يخاطبها قائلا :

أظنني أعطيتك راحة اليوم ، ما الذي أتى بك ؟

سيدي ، أردت فقط أن أعمل لأنني لم أحس أنني بحاجة للراحة

حسنا ، لكن لما قلة الأدب و الدخول دون استئذان ؟ و عدم إلقاء التحية أيضا؟ بامكانك أن لا تحترمي تلك الفتاة لكنني موجود هنا و لم تحترميني

انا آسفة يا سيدي لكنني لم اقصد

حسابك بعدين ياجزمة ، يلا لشغلك

تحت أمرك سيدي ، شكرا شكرا

همت سلوى بالمغادرة مسرعة خشية أن يطالها المزيد من غضبه ، واصل أكرم عمله و هو في قمة السعادة ، لكن لما يا ترى؟ هل هي صفقة مربحة؟ أم أن رائحة زهرة الياسمين لا تزال عالقة بأنفه ؟ ربما تكون كذلك و من الممكن أن لا تغادر أنفه مطلقا ، أنهى عمله و عاد إلى بيته و هو في قمة السعادة بعد أن أمر سلوى أن تمر على البيت و تضع الملفات عند الخادمات عندما تنهي العمل
جلس يتفقد صفحته على عالمه الخاص و يتبادل أطراف الحديث مع القلة اللذين يرتاح لهم ، يكلم هذا و يضحك مع الثاني و يكلم تلك و يوجهها و يقوم الأخرى و يؤدبها ، نعم إنها المتعة و الراحة التي لا يجدها في أي مكان آخر سوى في عالمه الخاص الذي عشقه و يعشقه كل ما مر الزمن رغم اكتظاظه بالذئاب مفترسة لحوم البشر
دقات القلب نتسارع ، الوجه يتصبب عرقا ، اليدان ترتجفان ، فترة قصيرة على هذا النحو قبل أن يعود الهدوء مجددا ليسيطر على جسد فريدة ، بدات بالتفكير و التركيز جيدا و استرجاع قوتها ، لكن لما كل هاته الأحاسيس؟ هل رأت فلم رعب مثلا؟
تبا لتلك اللعينة ، إنها تريد افساد خطتي ! ما الذي كانت تفعله في المكتب؟ ربما هي قضية عمل فقط و لا تستدعي كل هذا الغضب مني ، لكن ما الذي أحضرها في أحب الأيام على قلبي ؟ و التي أنوي الاستمتاع بها مع سيدي فهو لن يعطيني فرصة ثانية إلا بعد مدة طويلة ، تبا لها ! اللعنة عليها !

و كأن هاته الدعوات قد وصلت إلى مسامع فريدة و بدأ تأثيرها عليها ، لهذا فقد احست بكل تلك المشاعر و الأحاسيس، كانت تغرق لكن لحسن الحظ أن هناك سباحا ماهرا قد انقذها ، نعم إنه عقلها ، فبمجرد دخولها للبيت لم تكلم أي شخص فقد كانت تشطاط غضبا من تصرفات ذلك المغرور معها و الذي وصفته بالمعتوه ! لقد أذلني و جعلني أبدو دون أي قيمة أمامه ، لم يسبق لأي شخص أن تعامل معي بنفس الطريقة، ألا يعرف من أكون؟ تبا سألقنه درسا قاسيا ، لكن تمهلي فريدة، لو أخطئتي سيسحب منك المشروع و تنتهي الشراكة و ستأكدين لوالدك أنك لا تزالين صغيرة على تقلد مثل هاته المسؤوليات و تضيعين أحلامك ، عليك بتحمل هذا الذل و الإهانه ريثما تنتهي هاته الشراكة لينجح المشروع بينكما و بعدها ستأخذين بثأرك منه ، هذا هو ما دار بين فريدة و نفسها قبل أن تفتح تلك الورقة ...
انهت سلوى عملها و غادرت الشركة متجهة صوب بيت أكرم الذي كان غارقا لكن ليس في افكاره هاته المرة بل كان فاقدا للوعي بعد ما شرب بعض النبيذ الذي اعتاد عليه ، طرقت سلوى الباب لتفتح لها احدى الخادمات لتلج للداخل حاملة الأوراق و الملفات لتعطيها لها لكن لوهلة خطرت ببالها فكرة ، لتخاطب الخادمة قائلة :

هل السيد هنا؟

نعم ، إنه في غرفته سيدتي

حسنا سأذهب إليه لأن لدي كلاما مهما معه بخصوص بعض الأوراق المتعلقة بالعمل

لم تعارض الخادمة طبعا لأنها تعلم أن سلوى هي سكرتيرة السيد أكرم ، طرقت باب غرفته و ولجت بالدخول و قد حدث ما تمنته و خططا له بالفعل ، أكرم ليس في وعيه ، نعم إنها فرصتي لأخذ وقتي و الاستمتاع بسيدي قبل أن تسرقه مني تلك اللعينة فريدة ، وقفت خلفه و مسحت على شعره لكنها صدمها بقوله :" هل جهز العشاء حبيبتي فريدة " ، تمنت سلوى لو أن الأرض قد فتحت و ابتلعتها ، لكنها استجمعت قوتها مجددا و أرادت مواصلة خطتها فهذا هو آخر أمل لديها بعدما فوجئت بحب سيدها للمدعوة فريدة
ما هي إلا لحظات حتى رن هاتف أكرم ، و خاصية التطبيق كاشف الاسماء جعلت إسم المتصل ظاهرا أعلى الشاشة، إسم ما إن قرأته سلوى حتى أرادت تحطيم الهاتف لولا خشيتها من أن يحطم ذلك الوحش عظامها و يكسر رأسها ، و بينما هي غاضبة نسيت ما كانت تفعله مع سيدها الذي فاجئها بأن اعتصر عنقها قاطعا أنفاسها قائلا :" ألم أحذرك مرارا و تكرارا من محاولة التقرب مني بهاته الطريقة ؟"
لم تستطع الرد فهي تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة بين يديه ، نعم حظ سلوى عاثر بالفعل ، فقد تأخرت في القدوم و قد بدأ سيدها يستعيد وعيه فهو يأخذ حبوبا قبل أن يشرب الخمر تجعله يفيق بسرعة لكي لا يرتكب أي حماقة نظرا لمكانته الإجتماعية المرموقة
تركها تتنفس و تسترجع حياتها مجددا ليلتفت لهاتفه لتتسع عيناه عندما قرأ إسم المتصل !

10 ضربات على يديك بالعصا ستكون نتيجة أخطائك و تأخيرك للمشروع ! هذا هو ما كتب على تلك الورقة مرفوقا بجملة :" الموعد غدا صباحا في المكتب " ، هذا هو ما جعل فريدة تتصبب عرقا كيف أضرب في هذا السن؟ و ممن ؟ من شخص لا حق له في ضربي فهو ليس معلمي و أنا لست بتلميذة في مدرسته ! من أين له بهاته الجرأة ؟ تبا ، لا حل لدي سوى تقبل هذا العقاب و المزيد من الذل ! أظنني سأجن قبل أن أنهي هذا المشروع ، ما الذي سأفعله الآن و كيف سأتمكن من النوم و أنا مقبلة على تلقي ضربات بالعصا على يدي كأي طفلة صغيرة نسيت إحضار كتبها للمدرسة ! و الأسوأ أنني سأتجه بقدمي لمكان تلقي العقاب و أسلم نفسي !

تسارعت الأحداث بالنسبة لأبطال قصتنا و بدأنا نصل للحظات حاسمة في مسار هاته القصة ، ما الذي سيحصل في قادم الأجزاء يا ترى ؟ سنعرف كل هذا في قادم الأجزاء

#الماستر_الغامض

#مولودتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن