اعتدلت جالسة متأملة الغرفة الواسعة من حولها التي تفوح منها رائحة عطرة بأثاثها الانيق الذي يعتبر تحف عريقة. اعجبتها المرآة الطويلة المزينة بنقوش. السجاد المزخرف يغطي الأرضية الحجرية. السرير ضخم جدا مغطا بمفرش مطرز ذو الوان هادئه. مررت يدها عليه تتحسس نعومته.
حين رفعت بصرها لسيف و جدته يراقب تأملها للمكان مما جعلها تنصهر خجلا لتقول تغطي ذلك
" أعجبني المكان فهو يمتاز بطابع غريب "
قال و هو يسير متجها نحو الباب
"أجل فهو منزل متوراث عبر أجيال عديدة "
اضاف
" سوف أخبرهم بان يحضرو بعض الطعام فانتي لم تتناولي شيئا "
ليخرج مغادرا.
سارت نحو المرآه تتأمل نفسها بحسرة ثم تنظر الى الخاتم ذو الالماسة في اصبعها لتزفر نفسا طويلا شعرت به يملأ صدرها. دخلت لتستحم لعل الماء الدافئ يريح أعصابها. فتحت الخزانه تبحث عن شيء تلبسه فهم كما أخبروها قد جهزو لها كل شيء. لم تتوقع بأنها ستجد صعوبة في اختيار شيء مناسب. لتختار قميصا حريريا طويلا ينسدل على جسدها مبرزا دقة خصرها بلون النبيذ بحمالات رقيقة لتغطيه بروب محتشم و ساتر تاركة شعرها حرا ينسدل خاف ظهرها و على كتفيها.
طرقت الخادمة الباب لتدخل و هي تحمل صينية ممتلئة بالطعام قائلة ياعتذار
" حاولت ان أعد لك شيئا بسرعة "
شكرتها ممتنة
" شكرا لك هذا يكفيني و يزيد "
ترددت قبل ان تسأل عن سيف لكنها قالت أخيرا قبل ان تغادر
اين سيف ؟ "
اجابتها
" رأيته يصعد الى السطح "
تسائلت ما الذي يفعله على السطح في مثل هذا الوقت؟
اضافت الخادمة مبتسمة " حين تفرغو من العشاء ضعي الصينية خارجا كي لا ازعجكم "لم تقاوم التهام الطعام فتناولت منه ما أشبعها فقد ارهقت كثيرا اليوم و تشعر بجوع شديد.
تأخر سيف كثيرا فكرت في ذلك و هي تنظر عبر زجاج الشرفة و تسائلت ما ان كان قد حصل شيء.
فكرت أن تتصل به لكنها تراجعت، فقد يذهب تفكيره بعيدا. اخذت تدعو الله أن يكون كل شيء على مايرام
اخيرا فتح الباب لتلتفت نحوه مجفلة و هي تقول حين ادركته
" لقد تأخرت كثيرا "
ابتسم لها بمكر
" هل كنتي تنتظريني ؟"
قالت مبررة
" خفت ان يكون حصل أمر ما "
قال و هو يخلع سترته و يبدأ بفتح ازرار قميصة
" أجريت عدة اتصالات فقط لا تقلقي "
اشاحت ببصرها هو يضع قميصه جانبا ليبتسم ساخرا و هو يتجه نحو الخزانه ثم يدخل دورة المياه.
اطفأت الأنوار لتندس تحت الغطاء و تشعر بضربات قلبها المضطربة. أغمضت عينيها تحاول أن تنام فهذا السرير ناعم بمقارنة بسريرها السابق في منزل العجوزين. كما ان الغطاء تفوح منه رائحة عطره ترخي أعصابها. أسدلت جفنيها متوقعة بأنها ستغط في نوم عميق مباشرة لكنها للأسف لم تفعل حتى خرج سيف من الحمام تسبقه رائحة الصابون و تملأ ارجاء الغرفة. بقيت متظاهرة بالنوم حتى شعرت بطرف السرير من الجانب الآخر ينخفض و يمتلأ دفئا. همس لها " تصبحين على خير جلنار"
ابتلعت ريقها و هي تدرك بأنه كان يعلم بأنها تتظاهر بالنوم. بعد أن نامت أخيرا استيقظت مجفلة على كابوس مرعب. رأت والدها يجلس على كرسي لتعذيب و هي تركض نحوه دون أن تستطيع الوصول اليه.
جلست منتصبة على السرير وهي تلهث و العرق يتصبب منها. التفتت الى سيف لكنها لم تجده. نهضت من مكانها فزعة تحاول منع نفسها من البكاء. فتحت باب الغرفة المكان هادئ جدا و على مايبدو الجميع يغط في نوم عميق. و ضعت كفها على قلبها متمتة لنفسها " علي أن أهدأ"
خلعت الروب الذي كانت تلبسه فهي تشعر بحر شديد و سكبت لنفسها كوب ماء تشربه.
دخل سيف الغرفة متفاجئا من رؤيتها مستيقظة
" ما الأمر يا جلنار ؟"
قالت و هي تلتفت نحوه
" أين ذهبت استيقظت و لم أجدك "
قال و هو يقترب منها
" تبدين شاحبة جدا"
نظرت اليه متسائلة و الخوف واضح في عينيها الخضراوين
" لقد رأيت كابوسا أخبرني الصدق هل حدث سوء لأبي "
لامس كتفيها العاريين ليقول مبتسما " لم يحدث شيء "
ليمسكها من كفها قائلا و هو يجذبها لتخرج معه
" تعالي سؤريكي شيئا "
خرجت معه تصعد السلالم ليدخلو غرفة في نهايتها كانت صغيرة و معتمه أشعل المصباح الوحيد ليكشف عن عدة اجهزة . استنتجت بأن احدها جهاز اتصال و الآخر حاسوب.
قال لها و هو يقرب الكرسي نحوها
" اجلسي "
و كذلك فعلت ليشغل لها الحاسوب و يريها صور لوالدها و فيديو و كأنه أخذ خفية له
هتفت حين رأته و الدموعها تنساب على و جنتيها
" انه ابي "
قال موضحا
" كنت اسعا للاطمئنان عليه و توصلت الى شخص استطاع ان يزودني ببعض المعلومات "
اضاف لا تقلقي
" انه بخير و في سجن خاص تحت حراسة مشددة "
قالت ممتنه
" شكرا لك يا سيف "
اردفت بحزن
" هل سيبقا طويلا في السجن "
تغيرت نبرة صوته
" ليس حتى يمسكو بتلك الجماعة "
الا انه تابع
" الأهم انه في أمان و بصحة جيدة "
سألته منزعجة
" لم لم تطمئني عليه من قبل ؟ "
رد مبررا و هو يطفئ الجهاز
" كنت سأفعل ذلك في الصباح لقد وصلتني هذه المعلومات للتو "
اعتدل في وقفته ينظر اليها
" هيا لنعود ستبردين هكذا "
لتو انتبهت الى نفسها و ماتلبسه لتشعر بنفسها تشتعل خجلا.
بينما هو كان يرتدي قميصا داخليا ضيقا و بنطال منامة داكن.
تظاهرت بعدم الاكتراث و سارت تنزل خلفه حتى و صلت الغرفة
" هيا الآن تستطيعين أن تنامي و انتي مرتاحة "
ابتسمت له ممتنه.
أنت تقرأ
في انتظار المستحيل ... مكتملة
Romansaهذه الرواية مكتملة بينما هناك من يحاول السعي خلف حياة شريفة أقصى أولوياته تأمين مسكن و لقمة عيش أو مهنة. هناك من يسعى خلف المناصب و الركض خلف السلطة و السيطرة، حتى لو كلفه ذلك العودة إلى زمن العبودية و امتلاك الشعوب. هذه الرواية ليست محددة لا بزمان...