بارت 9

29.1K 1K 93
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
رواية صغيرة الفهد
الجزء الثالث من
حور الشيطان
سلسلة عشق محرم
بقلمي دينا العدوي (ملاك)
بارت 9
🌺🌺🌺🌺
تململت الصغيرة رسيليا، التى سوف تبلغ خمسه أعوام اليوم تحديداً، عبست عندما وجدت أنها بفراشها وليست تكمن بأحضان والدها كليلة أمس ، أدركت أن حور هي من انتزعتها منه وأعادتها ألي هنا مثل كل ليله، امتعضت ملامح وجهها الطفولية، هبطت من فراشها ، متوجها نحو غرفتهما بخطوات راكضه حانقه ، ما أن وصلت؛ حتى فتحت باب الحجرة ، و ولجت ، خطت خطواتها اتجاه فراشهم ، اعتراها الغضب ما أن وجدت المشهد كالاتي: حور تتوسد صدره، يضمها بين يديه ، انتابها الحنق الشديد ، حتى تمخضت وجنتيها بالحمرة من شدة الغضب والغيرة ، زمت شفتيها بعبوس وغيظ لرؤيتها بمكانها التي دائماً ما تسلبه منها، احضان والدها، التى تعتبرها ملكية خاصة بها...
صعدت على الفراش، ثم أعتلته، تجلس فوق معدته قائله بينما تمسد بأناملها الصغيرة على وجنتيه، حتى توقظه :-
- جادو يا جادو، مس (مش) تاخد حوى (حور) في حضنك، خدني انا...
بينما هو ما أن شعر بتثاقل على صدره ، حتى أدرك ماهيته، فمن تكون غير مدللته الصغيرة!، عاشقة أبيها من تعتبره ملكيه خاصه بها فقط، ارتسمت ابتسامه حانيه على محياه، استعد لمقابلة غضبها مثل كل صباح...
فتح جفونه لتتقابل زرقاوتيه مع خضراوتيها التى وقع اسير لها ؛ ما أن رأها وحملها بين يديه أول مره، تلك العنيدة والشرسة شبيهة أمها، قائلاً:-
- صباح الخير يا قلب بابي..
رمقته بنظرة غاضبه، تجول حدقتيها بينه وبين حور الكامنة بين يديه بصمت رهيب، يروى غضباً دافين ، لحظات وأبعدت يديها ثم قامت بتكتيفها أمام صدرها، تذم شفتيها بطريقة محببه، ثم تنظر جانباً كناية عن الغضب والحزن التى تشعر به.....
كان هو ما يزال يحتضن حوره، التى أتت ليلة أمس مرهقة الجسد، فقد طالت محاولة جعل صغيرها يغفو، و ما ان دلفت ؛حتى وجدته قد غرق بالنوم وبجانبه مدللته الصغيرة، انحنت وحملتها رغم أرهقها، وأعادتها ألي غرفتها، ثم عادت ألي مكانها راغبه بالراحة، تطالب ان تستكين فى أحضانه، لتدثر ذاتها بقربه، تضع رأسه أعلى قلبه، تنصت لدقاته المنتظمة وکأنها معزوفة هادئة تغرقها بالنوم...
ما ان شعر بها، حتى حاوطها أكثر مقبلاً خصلاتها لغفوته مره أخرى، ألى ان فاق اليوم على مرأه ملامح صغيرته الممتعضة، مداركا تماما ماهية غضبها ، ازاح فورا أحد ذراعيه ورفعه يمسد بها على رأسها، كما فعلت معه، كأنها يطالبها بالابتسام والكف عن رسم العبوس ، لكنها لم تطالعه، ما تزال تتجاهله، انزلقت أناملة علي وجنتيها، كي تستدير له دون جدوى، يبدو أنها تلك المرة غاضبه للغاية، لذا سحب ذراعه الاخر من أسفل رأس حور بخفه حتى لا تستيقظ و حاوط به صغيرته المنزعجة قائلاً:-
- هو القمر زعلان من بابا ولا إيه!،
فين بوسة بابي !؟
استدارت نحوه قائله بنبرة حانقة مؤنبه له:-
- آه مخاصمه جادو ومس (مش) هكلمه خالص
عسان (عشان) جادو واخد حوى (حور) فى حضنه وأنا لا...
اتسعت ابتسامته قائلاً بصوتًا ناعس -
- وجادو ساب حور، وأخذ رسيلو فى حضنه
ومستني صباح الخير منها..
وضعت سبابتها على فاها؛ بطريقه طفوليه بجانب وجهها تفكر للحظات، ثم هتفت قائله وهي تشهر به فى وجهه بنبرة صوت غاضبة محببه له :-
- خلاص أصالحك بس انا هنام هنا من دوقتي ،
انت بابتي انا، وهي تنام عند بابتها مس مسكلتي
(مش مشكلتي) دي ، كل يوم تخدني على هناك وتنام هى في حضنك، وانت ما بتتكلمس (بيتكلمش) خالص وأجي ألاقيها وخدا مكاني .
اتسعت ابتسامته وقام بجذب كفها الصغير وقبله . شرد مستمتع بتمرد طفلته ثمرة عشقه من معشوقته
وعشقها له، وأعلانها عن أحقيتها به، هى مثل مجنونته الكبرى تماماً في كل تفاصيلها، حتى انها
اخذت منها عشقها المتملك له، والذي بات يؤرقه
حقاً، حيث أن كلاً منهما تعاند الأخرى؛ محاولة اثبات ملكيتها له، مجنونته الصغرى تغار من مجنونته الكبرى، وكذلك العكس، دائماً حور تتذمر من علاقته بصغيرته وتخبره انه بات يعشقها اكثر منها ، الا تدرى معدومة العقل كونه يعشق انها خلقت من رحمها هي، يعشق حقيقة أنها النسخة المصغرة منها، هو يعشقها لأنها طفلته منها هى حوره وجنونه....
منذ ان ولدت وهي تميل له، تصمت ما ان يحملها بين يديه، دائماً ما تلتصق به ولا تبتعد عنه، مضت ايام كان يجبر على أخذها معه الى الشركه رغماً عنه وإلا تبكى طوال الوقت ولا تصمت أبداً، كان يري الصدمة فى أعين موظفيه وعملائه، ان الشيطان يجلب طفلته معه الى العمل ويدللها هكذا..
أخرجه من شروده تململ حور، خشى ان تستيقظ، فقد تعبت الليلة الفائتة بالاهتمام بالصغير جسور ، لذا جذب رسيلو ونهض حاملاً أياها ألي الشرفة بينما يقبل وجنتيها وسط تذمرها،
إلا انه لم يبالى، استمر بتقبيلها ودغدغتها حتى تعالت استمتعًا، جلس حاملاً لها على أحدي مقاعد الشرفة قائلاً:- كل سنه وانتي طيبه يا قلب بابا، وعقبال ما اشوفك دكتورة ذي ماما...
عبست مجدداً تبدي اعتراضها قائلة:- بس انا مس (مش) عايزه ابقى دكتوية (دكتورة) ذي حوى (حور)
انا عايزه استغل (اشتغل) مديرة السيكه(الشركه) بتاعتك وأقعد على المكتب الكبي( الكبير) بتاعتك
قهقه عليها قائلاً بمرح:- هو في مديرة بنص لسان كده
تقولي للعامل لما يعصبك :-؛ امسي اطيع بيه
(امشي اطلع بره)
زمت شفتيها بعبوس قائلة:- ايه دا يا جادو انت بتتمسخي عليا (بتتمسخر عليا)
أجابها قائلاً :- بتمسخي طيب اتعلمي انطقيها الأول.
احتد عبوسها و رمقته بنظرات ناريه قائلة:-
- أنت بقيت سييي (شرير) يا جادو
قهقه بصخب قائلاً:- انا أيه!، مش فاهمك!، انتي مخارج الحروف عندك عايزه تتظبط وبعدين
ما هو أنا زعلان، يعني لما أنتي عايزه تشتغلى مديرة الشركه وتقعدي على مكتبي انا أشتغل إيه!؟
أجابته ببساطه قائلة:- السواق، توديني وتجبيني
عسان (عشان) جدو ابياهيم (ابراهيم ) تعب وكبى (كبر) ولازم يستييح (يستريح)
طالعها بصدمة مشدوهاً من حديثها، قائلاً:-
-السواق كتر خيرك والله
تابعت حديثها دون انتباه لحديثه الساخر قائلة:-
-آه وكمان ياسي ( ياسر) وسادى (شادى) هيكونوا معايا ...
احتدت ملامحه قائلاً بتهكن:-
-وهما يكونوا معاكِ ليه أن شاء الله
هتفت ببراءة قائلة:-
- الله مس ( مش) هتجوزهم
صدمه ألجمته وطالعها بنظرة مندهشة مشدوقاً قائلاً:-
- تتجوزي اتنين وكمان مختارهم بالحروف اللى انتي ضايعة فيهم، أنا تأكدت انك ورثتي الهبل كمان من امك وجدك، الظاهر كده أنك تكملة عقابي بالدنيا يا ام نص لسان انتي ...
انتهي من حديثه وتعالت قهقهته عليها، لترمقه هي بنظرة غضب بينما تذم شفتيها بضيق طفولي محبب، ارغمه على التوقف قائلاً بجدية مصطنعة:-
- ما هو يا قلب جادو ما ينفعش تتجوزي اتنين
البنت بتجوز واحد بس
وضعت سبابتها على فاها، ترمقه بنظرة حائرة
بدت وكأنها تجاهد لفك شفرة ما، تم قالت له:-
- ما هو يا جادو مس (مش) هينفع خالص اختاي واحد بس ، مس (مش) هينفع ازعل ياسي (ياسر) او سادى (شادي)
عسان (عشان) كده هتجوزهم الاتنين
كبت قهقهته عليها صغيرته تلك المجنونة الشبيه لوالدتها وهتف قائلاً:- طيب انا عندي حل تانى احسن من دا
طالعته باستفهام قائلة:-
- قول يا جادو بسيعه(بسرعة)
رمقها بنظرة مسليه وتابع قائلاً:-
- انتي تسيبك منهم هما الاثنين وتبقي مع جادو حبيبك وبس لأخر العمر، أيه رأيك مش انا احسن منهم!.
ارتسمت البسمة على ثغرها الصغير وقالت بسعادة: -
- وتخدني في حضنك على طوال وحوى (حور) لا..
قهقه عالياً قائلاً بتسأل :-
- طيب ولما حور ما تنامش في حضني هتنام فين؟.
أجابته بتلقائيه وببساطه:-
- عند بابتها عاصي ..
خفض صوته قائلاً باستعطاف لها: -
- طيب عاصى عنده حورية، كده بقي حور ما لهاش مكان، نخدها جانبنا حرام..
هتفت قائلة بتذمر:-
-لا يا جادو، انت قولت واحد بس، وانت كمان اختاى(اختار)وحده بس، انا او حوي(حور)..
فى تلك الاثناء تململت حور في الفراش حينما شعرت بفقدانها للدفيء ، فالفراش بارد، فتحت عينيها تبحث عنه بمقلتيها ، لم تجده بجانبها ، حتى انصتت لقهقاته الصادحة عالياً، لتدرك ماهيتها، فمن المؤكد أنه قد تركها من أجل صغيرته ورسيلو ، لذا نهضت من على الفراش متوجها نحوهم، توقفت ما ان انصتت لحديث ابنتها، ارتسمت ابتسامه على ثغرها، وانتظرت تستمع أجابته ، فقد أدركت ان ابنتها قد حصرته.
بينما هو تطلع بها مشدوهاً لوهلة، ثم هتف قائلاً:-
- حور تكون مامتك!، وكمان هي مراتي وانا مقدرش
استغني عن واحده منكم
رمقته بنظرة غاضبه ، ثم استطردت قائلة:-
- خلاث يا جادو، وانا كمان سادى (شادى) و ياسي (ياسر) بحبهم الاثنين ومقديش (مقدرش) ازعل حد فيهم
عسان (عشان) كده هتجوزهم الاثنين.....
تعالت قهقهات حور المختبئة جانباً، تنصت لحديثهم،
ما أن لاحظت صدمة بيجاد من حديث ابنته، ولجت للشرفة مسرعة تنتشله من حالته قائلة وكأنها لم تنصت لهم:-
- صباح الخير يا حلوين
فاق من صدمة حديث ابنته على صوت مجنونته
فرفع بصره يطالعها بحب غامر بنياطه، سرعان ما ارتسمت البسمة على محياه، بسمه هي وحدها تستطيع رسمها...
شرد بها سارقاً وهلة يتأملها بها، فتلك المرأة ما أن يراها حتى يشعر بتوتر وجيبه، مازالت تسرق انفاسه منه وتثير مشاعره ، يتوق لقربها كأنه لا يشبع منها ولا يكتفي، متوغل عشقها به ومقيداً قلبه بمشاعره لها....
العشق كلمة لا تكفي لوصف مكنوناته لها...
كان يطالعها و وهج عيناه ما ان يراها يكفي لوصف ما يعتلج قلبه لها، وهى تدرك ذلك وتفتخر به ، دوماً يرضي انوثتها بنظراته العاشقة لها وكأنها نساء العالم له، و مازالت لم تكتفي، تطلب المزيد من ذاك العشق والشغف بها وحدها، تعشق سماع كلمات الغزل الذي يغدقها به طوال سنوات زوجهم، لم يتناسى يوما ان يقول انه يعشقها فى كل وقت، يخبرها انها الحياة وهدى من الله له، وانه لا يستطيع تخيل كيف كانت ستؤول أليه حياته ان لم يلتقي بها....
توجهت نحوهما وهي تطالع ابنتها التى ترمقها بنظرات حانقه وهى تكبت قهقهتاها عليه بصعوبة،
ثم انحنت وقبلته على وجنتيه برقة بالغه اذابته ثم ابتعدت وما ان كادت تقبل صغيرتها، حتى هبطت من على قدميه، تطالعها بتذمر قائلة:-
- حوى (حور) انتي ما تكلمنيس خالث (تكلمنيش خالص) انا مخثماكى (مخصماكى) انتِ شيييه (شريرة) وبتخدى جادو مني...
ثم رمقتهم نظرة غاضبه حانقة وغادرت
بينما حور تطلعت اثرها بقهقه عالية
لم تنتبه لذاك الذي يهيم عشقاً بها، يتأمل ابتسامتها وتفاصيلها، وهله مضت حتى شعرت بيده تجذبها نحوه، لتسقط. جالسه على قدميه، يطالعها قائلاً بنظرة مشتاقه متطلبة لقربها :-
- وحشتيني يا حوري، امبارح استنيت كتير ونمت وانا بستني..
رفعت ذراعيها تحاوط بها عنقه قائلة بغنج :-
- اسفه يا حبيبي انت عارف جسور متعلق بيا أد ايه
وأنى بأقلمه ينام لوحده، كفاية علينا رسيليا هانم اللي مش عايزه تبعد عن حضنك والظاهر كده، ان انت كمان مش حابب تبعد عنها و نسيني خالص..
طالعها بنظرة مندهشة قائلاً بتعجب بينما يشير الى ذاته:-
- أنا!!
اومئت برأسها له مؤكده بدلال وغضب مصطنع
قائلة:- أنت الظاهر ما بقتشي تحبني ذي الأول
اجابها بذات التعجب: - انا!!
لتتحول نظراته ألي المكر والعبث ويهتف قائلاً بغمزه:- اذا كان دا رأيك، لازم لازم أغيرها لك
أنهي جملته وشفتاه تعرف وجهتها، من ثم يحملها عائدا بها الى غرفتهم، حتى يثبت لها خطأ حديثها
وسرد عشقه لها تفصيلاً ...
في تلك الاثناء كان عاصي قد غادر للتوه من غرفة صغيرته تقي متجهًا إلى غرفته مشتاق لجنيته
بعد ليلًا قضاها مسهدًا، مشتاق لها، فقد طردته ليلة امس الى غرفة تقي للاهتمام بها، بينما هي تهتم بذاك
الصبي الغليظ عدي، الذي يبدو أنه انجبه ليأخذ منها اهتمامها كله، كان يشعر بالحنق متوعد لها فهى طردته شر طرده واوصدت باب الغرفه عليها، تاركه إياه بالخارج، لذا كان شارد يخطط في عقاب لها
حتى اصطدم برسيليا، التى غادرت لتوها غرفة والديها حانقه، تيبس مكانه ما ان رأها وانحنى لها ، تبدلت ملامحه المتهجمة وطالعها بابتسامه حانية على ثغره ما ان لاحظ عبوسها... سألها قائلا:-
-رسيليا القمر مين مزعلها
استنشقت الهواء حتى امتلأت وجنتيها به،
فبدت شهية للالتهام من شدة جمالها
ثم زفرتهم قائلة بغيظ :-
- ومين غييها(غيرها) حوى (حور)
قبل رأسها واردف قائلاً متسائلاً:-
- وحور زعلت رسيليا القمر أزاي
اندفعت قائلة بحنق مشيرة بيديها بالأرجاء:-
- بث (بص) يا عاثى(عاصي) هو انت مس (مش) بابت حوي (حور) تبقي تخدها عندك و كل واحد ييوح (يروح) عند بابته .
ابتسم لها ابتسامه حانيه عندما شرد لوهلة في حور وطفولتها التى حرم من مرافقتها ورؤيتها تكبر أمام نظره، فمن المؤكد انها كانت شبيها لأبنتها لذيذة وشقيه، لكنه فاق من شروده على صوتها الغاضب قائلة:-
- ليه مش بتيد (بترد) يا عاصي، خد حوي(حور)
بنتك و انا اخد جادو بابايا..
كتم قهقته من الصدوح عاليًا واستطراد قائلاً:-
- حاضر بس لما ارجع عشان انا هسافر ومش هينفع اخد معايا حور، لأن مكانها معاكم..
تبدلت نظراتها للعبوس الشديد وهتفت قائلة:-
-انت هتسافر يا عاثى (عاصي)
اومئ لها برأسه مؤكداً، وما أن اوشك على المتابعة:-
حتى خرجت صغيرته تقى من الغرفه لتوها، ما أن فاقت ولمحته يغادر غرفتها ، لتراه يحادث رسيليا، توجهت إليهم قائلة بابتسامه على محياها:-
- رسيليا شفتي بابي كان نايمم معايا امبارح
زمت رسيليا شفتيها من حديث تقي العفوي، تجول ببصرها بينه وبينها بحنق طفولي، ثم استقرت على تقي تشعر بأنها قاصدة أغاظتها بذلك، لذا رمقتها بنظرة غاضبه، لم تخفى عن عاصى، لذا أسرع قائلاً:-
- طيب يا حلوين، النهاردة عيد ميلادكم ولازم تجهزوا فوراً، عشان اصحابكم شويه ويوصلوا
لتتناسى الطفلتان سريعاً ويقفزا فرحًا ويتوجها اتجاه غرفهم، فهكذا هم الاطفال لا يحملون ضغينة ، بينما هو
توجه الى غرفة جنيته وحاول فتح الباب لكن وجده مازال موصدًا، لذا طرقه عدة مرات حتى نهضت وقامت بفتحه لها ....
ما ان فعلت ورأت عبوس وجهه حتى كتمت قهقهتها علي امتعاضه وجهه، بينما هو دفعها الى الداخل واغلق الباب بقوه، مقتربًا منها بنظرات متوعده، تتراجع هي الى الخلف بأليه وبسمه دون إدارتها احتضنت محياها، لينتفض هو غاضبًا محاوطًا إياها بذراعيه محاصرًا بعد ان اصطدمت بالحائط خلفها قائلًا بنبرة غيظ:-
- بقى أنا تطرديني برا اوضتي امبارح بليل وتقفلي الباب عليكِ، بتبعيني يا حورية عشان ابنك..
اسبلت له جفنيها قائلة :-
- يا عاصي ما انت اللي اضطرتني لكده، حطط عدي في دماغك ومصمم ينام في اوضته وهو بيعيط وعايز ينام في حضني، هو لسه صغنن
رمقها بنظرة غضب قائلًا:-
- صغير!! دا معدي السنتين وبعدان ما اخته تقي كانت بعمره بتنام لوحدها عادي، لكن ابنك بيعاندني، دا من يوم ما اتولد وانا مش عارف اتلم عليكِ، كان مالي انا ومال خلفة الصبيان، مالهم البنات كيوت والله..
تخصرت بيديه أمامه قائلة:-
- اه ما انت عجباك خلفة البنات عشان بيتعلقوا ب باباهم زي تقى ورسيليا كده، لكن الولد بيبقي روحه مامته عشان كده مضايق منه عشان متعلق بيا اكتر منك
اومئ برأسه لها مؤيدًا حديثها قائلًا:-
- عليكِ نور اهو انا اللي مضايقني منك تعلقوا بيكِ.
دا كتم على نفسي، ووخد كل وقتك..
ثم تابع مستطردًا بنبرة حزن أجفلها:-
- ورجعتي تنسيني وتبعدي تاني يا حورية
هتفت قائلة سريعًا مبررة:-
- لا ابدًا والله يا حبيبي، بس هو صغير ومحتاجني
هتف قائلًا باستنكار:-
- وانا كمان محتاج لك يا حورية، تعرفي اني ببقي ضايع في بعدك..
اصابها الحزن والخزي من ذاتها، وهى تطالعه تقرأ نظرة الاحتياج بعينه، مما جعل شعور الذنب يتسلل إليها بندم، رفعت اناملها تضعها حول رقبتيه بينما تقترب بغنج قائلة:-
- اسفه يا قلب حورية، الظاهر اني فعلًا التهيت ب عدي واهملتك شويه، بس من دلوقت وعد اخصص لك وقت اكثر..
كادت البسمة ان ترتسم على محياه، لكنه كبتها، ثم هتف قائلًا بمكر:-
- يعني انتِ معترفة انك غلطتي
اومئت برأسها مؤيدا، لذا تابع قائلًا بنظرة عابثه:-
- واللي غلط يتعاقب، وانا لازم لازم اعاقبك يا حورية
ابتسمت قائلة بغنج بعدما انتبهت لنظراته العابثة قائلة:-
- وإيه هو عقابي بقي عاصي بك؟.
هتف قائلًا بنظرة متسليه:-
- لازم تجربي الخلخال الجديد يا حورية
قهقهت بصخب قائلة:-
- بس كده حضرتك تؤمر عاصي بك
اتسعت ابتسامته اكثر وقال:-
- والفستان الاحمر يا حورية
اومئت موافقه، ليقترب أكثر هامسًا لها بأذنيها ببعض الكلمات التى جعلت وجنتيها تشتعلا، لتجول حدقتيه عليهم، فيقترب مقبلًا لهم وبصره يتجه نحو شفتيها
لكن ما أن صدح بكاء الصغير عدي عاليًا، ازاحته حورية عنها متوجها الى صغيرها، ليطالعها هو بدهشه وحنق من فعلتها ، بينما هي التقطت الصغير، الذي صمت ما ان حملته وقهقهه بسعادة اثر مداعبتها له، لذا هتف عاصى قائلًا:-
- اذا كان كده بقى خليكِ مع ابنك وخليه ينفعك انا مسافر النهارده لأكرم وجوليا بعد عيد الميلاد وهريحكم مني اسبوعان
انهى حديثه واتجها إلى المرحاض يغلق الباب خلفه بضيق وحنق.....
**
مضى الوقت عليهم وخرج الجميع من غرفهم، يتجهزون من أجل الحفل المقام، فقد دعي بيجاد اولاد الميتم كالعادة لحضور الحفل واعد اليهم مجموعه من الالعاب المغلفة على شكل هدايا، كما تبرعوا بمبلغ مالي ضخم باتوا يخصصوا كل عام، بمناسبة عيد ميلاد الصغار
توجهت كل من حور وحورية الى المطبخ يشرفون على التحضيرات، بينما دلف كلا من بيجاد وعاصي يجهزون الاوراق اللازمة للاجتماع الذي سوف يعقد اليوم، ثم انطلقوا إلى الشركه...
وفى ذات الوقت أمام مشفى الامراض النفسية والعصبية، دلفت امرأه ترتدي زي الممرضات تخفي ملامح وجهها بأحدي الكمامات الى تلك السيارة المركونة جانبًا متوارية بطريقة لا تلفت الانظار إليها، لتسرع تلك الفتاه ذات الشعر القصير و التى تحتل مقعد السائق بالذهاب، بعد بضعة من الوقت، في مكان خالي من المارة، اوقفت السيارة تهتف بحده إلى تلك التى ترتدي ذي الممرضات:-
- اسمعي دي اخر مرة ممكن اساعدك فيها، لولا ان أنا كمان بتمني انتقم من اللي قتل عماد ماكنتش ساعدتك يا عليا ، اسمعي انا هسافر برا البلاد خالص مش عايزه مشاكل، بس عملت اللي عليا وهربتك وبكده خلصنا ومن دلوقت انتِ لوحدك،...
ثم تنظر إلى ساعة معصمها وتتابع قائلة:-
- ميعاد طيارتي كمان ساعتان، العربية دي تحت امرك، وفيها هدوم ليكِ.. انا اخترت النهارده لأن عندهم حفلة عيد ميلاد ودخولك هيكون سهل ، كده كله تمام يلا سلام..
انهت حديثها، لتومئ لها موافقه ويترجل كلًا منهما
لتترك المرأة ذات الشعر القصير السيارة وتصعد إلى سيارة اخرى تنتظرها، وتنطلق بها، بينما المرأة التى ترتدي ذي الممرضات تعاود الصعود الى السيارة وتنطلق حيث وجهتها قصر عائلة الحديدي...
بعد مرور الوقت كانت كلًا من حور وحوريه ما يزالا بالمطبخ والصغار بحديقة القصر يلهون بسعادة منتظرين بدأ الحفلة، لحظات وقامت تقي بأغماض عينيها تبدأ بنطق الارقام حتى العاشرة ، بينما هما يختبئون منها ، قهقهه ادهم عليهم فقد تمكن من خداعهم وتخلص منهم اخيرًا موهمًا لهم برغبته بلعب الغميضة معهم، ليصعد إلى غرفته كي يبتعد عنهم، بينما أختبئت رسيليا خلف احد الاشجار بالحديقة الخلفية..
بعد قليل دلفت تقى الى الداخل تبحث عنهم، لتجد حور تخرج من المطبخ وتقف امامها، قائلة بتسأل:-
- فين ادهم ورسيليا يا تقي
اجابتها تقي بطفوليه بينما تجول بعينيها في الانحاء بحثًا عنهما :-
- ادهم ورسيليا، استخبوا مني هنا بالقصر وانا بدور عليهم
اومئت حور لها وعاودت الدلوف الى الداخل بعدما صدح تنبيه انتهاء نضوج الكعك...
في ذات اللحظة ترجلت هي من السيارة امام
الحديقة الخلفية بعدما ابدلت ثيابها ، ملامحها بدت أقسى مخيفه مرعبه ، نظرات عيناها يشوبها الجنون، من غيرها علياء الحاقدة متوعد بالقصاص والانتقام،
متوهمة بأنه هو وزوجته من قتلا وليدها، تناست انها القاتلة بطمعها و جشعها، هي وحدها من قتلته وليست سواها، ولجت الفيلا من احد الابواب الخلفية المغطى بالأشجار متوارية والتي لا يعلم موقعها جيدًا الا ساكنيه، ولسوء الحظ يبدو انهم قد غفلوا عن تأمينها، كامت عيناها تنزر بالشر، تحمل سكينًا بين طيات ثيابها، ستقتل وليدهما كما قتلا وليدها، جالت عيناها بحثًا عن هدفها، تتذكر ملامح وجههم التى حفظتها جيدًا من خلال تلك الصور الملتقطة لهم والتي بعثتها لها ذات الشعر القصير
تعلم انه رزق بتؤامين ويليهم صبي، عيناها لمحت تلك الطفلة التى تتواري خلف الاشجار بثوبها الابيض، علمت هويتها جيدًا لذا احتضنت محياها البشع ابتسامة انتصار، واخرجت سكينها اللامع التواق للدماء وخطت خطواتها ك ذئب يترصد فريسته..
فى ذات الوقت كانت حور انتهت من تحضير وجبه للصغار، لذا جففت يديها وهي تنوي الذهاب لاستدعائهم ، لكن صدوح بكاء جسور الصغير اوقفها، لذا اخبرتها حورية بأنها سوف تذهب هي إليهم، وبالفعل صعدت الدرج تبحث عنهم بغرفتهم لتجد ادهم وحده الماكث بها، والذي اخبرها انهم بالحديقه، لذا هبطت تبحث عنهما ، لتصدم بتقي والتي اعلمتها بأنها تبحث عنهم ولم تجدهم فأخبرتها بوجود ادهم بغرفته، ثم تركتها و خرجت بحثًا عن رسيليا
بحثت وبحثت ولم تجد الصغيرة في الحديقة الأمامية، اخذتها قدميها الى الجهة الخلفية، وجدت رسيليا خلف احد الاشجار تختبئ بطفوليه، هتفت باسمها غافله عن تلك التى تترصدها وتقترب من خلفها بأتجاه أختها لكن صدوح صوت حورية اجفلها لتتواري سريعًا خلف احد الاشجار، وهله ولمعت عيناها، حينما داهمتها فكرة خبيثه في التخلص من كلتهما، لذا خرجت من مختبئها وخطت خطواتها إليهم وسكينها اللامع يزداد توقه للدماء، في ذات الوقت استدارت رسيليا لتلمحها بسكينها اللامع خلف حورية والتي شعرت بالرعب ما ان رأتها، ذكرتها هيئتها بالساحرات الشريرة التي سرد عنها كلًا من حور وبيجاد في حكاياتهم سابقًا، صرخة خافته صاحت بها رعبًا، انبأت حوريه، جعلتها تستدير تحملق بما أرعب اختها الصغيرة، لتتجمد أوصالها ما ان رأت محياها، لكن قبل أن تهم بالصراخ عاليًا، كان سكينها اللامع قد غرز بها وعيناها منتشيه بفعلتها، تطالعها بأبتسامة متشفيه قائلة بجنون يسيطر على كلًا من نبرتها ونظراتها :-
-اخيرًا هنتقم واقتل بناتك يا بيجاد انت وحور ذي ما قتلتوا ابني ، هقتل الاثنين الصغيرة والكبيرة...
وقامت بنزع سكينها وغرسته مجددًا ، طعنه يليها طعنه، فسقطت غريقة بدمائها لا تستعب انه قد آن وقت رحيلها، تدفقت العبرات من مقلتيها، تتسأل
هل هي النهاية!، هل حانت لحظة الفراق
آهات خافته آنت بها، ليس آلمًا من جراحها
آنما آلمًا على فراقهم، على لحظة اكتشافهم لجثمانها
هل ستموت دون ان يكون محياه آخر ما تطالعه،
دون أن يضمها بين ذراعيه، تعترف بعشقها
له مجددًا، تعوضه عن تلك السنوات التى احرقت قلبه بها، تطلب غفرانه عنها، وان مهما جاهدت بعدها لتنسيه آياها لم يكن كافيًا، توصيه بالاعتناء بصغيريها والتماسك من أجلهما، تدرك أنه يعشقها حد الانهيار لرحيلها...
لاحت ذكرياتهما معًا أمامها، عشقه الذي تبوح به عيناه خلالها، وهله وغامت الرؤية أمامها لا تستطع ان ترى ما يدور حولها حتى خُيل لها سماعها لصوته، فتنبه عقلها، تجاهد للبقاء حتى ترى عيناه وتمت بين يديه، لتراها تقهقه بجنون وهى تشاهد دمائها ملوثه كفيها
تقول:-
- هقتلهم واحرق قلبهم عليهم
ثم ابتعدت عنها بعدما انحنت تسحب السكين من جسد حورية الملقي، فيزداد نزيف الدماء من جرحها
من ثم تبتعد وتخطو خطواتها اتجاه شقيقتها المذعورة، ساحبة أياها معها بقوة، ودماءها تقطر من سكينها، جاهدت للصراخ لمنعها، لكن صراخها مكتوم،
حاولت النهوض رغم وهن جسدها، لكن لم تقوي، لكن لن تيأس عليها انقاذ شقيقتها، خطت خلفها والدماء تقطر من جسدها، كادت ان تقترب منها وتجذب شقيقتها، لكن لمحت الدماء تلوث ثوبها ولا من اي حركة تدل على انها على قيد الحياة، لم تستطع التحمل اكثر وسقطت بينما عيناها تطالعها تبتعد بها وهى لا تقوى على انقاذها من براثنها، تضاعف انسياب عبراتها شجنًا على والدها الذي يداهمه الحزن دومًا رافضً للسعادة ان تبهر بحياته، هل سيفقد أبنتيه الأثنان معًا! ....
كان كل ذاك يدور أمام عينه، وهو مختبئ خلف نافذة غرفتهما، يراقب اختيه وتلك المرأة تقتلهما وهو مصدوم مجمد، يطالع ما يحدث بعين مرتعبة، اخته الكبرى التى سقطت بعد طعناتها المتتالية، وتوءمه، نصفه الثاني وهى تحملها معها فاقدة للحركه والدماء تلوث ثوبها الابيض، اجتاح جسده انتفاضة ذعر وهو يراها تذهب بها بعيدًا، تاركه قلبه الصغير مهشمًا نازفًا، خارت قواه ولم تستطع قدمه حمله، فما يراه كثير جدًا على طفل بعمر الخامسه، سقط جالسًا يضم ركبتيه اليه، يرتجف بذعر، حتى ولجت الى الغرفة تقي والتي هتفت قائلة بسعادة غير منتبهه لحالته:-
-مسكتك يا أدهم...
بينما في تلك الاثناء كان كلًا من بيجاد وعاصى بغرفة الاجتماعات، حتى صدح هاتف عاصي عاليًا، شعر بانقباضه ما ان لمح رقم المشفى التى تمكث بها علياء، ليجيب سريعًا، لتنفرج كلًا من شفتيه وعيناه وشعر بذرات الهواء تسحب من حوله ما ان استمع للاتي
الدكتور:-
- استاذ عاصى علياء اخت حضرتك للأسف قدرت تهرب من المشفى ولقينا عندها كم صورة تخص عيلة حضرتك..
- انتفض من على المقعد بذعر، وسقط الهاتف من يده ارضًا، لتنتقل عدوى التوتر والقلق الى بيجاد الجالس امامه، يطالعه بذعر، ليتهدج صوت عاصى قائلًا بينما يخرج مسرعًا :-
- علياء هربت من المشفى وعندها صور للولاد
داهم الذعر قلبه بقوة متسلل حيث اعماقه، منتفض مسرعًا نحوه إلى الخارج، يلحق به، والجزع قد تمكن منه، الم حارق يتسلل بين حنايا كلًا منهما، صعدا الى السيارة وانطلقوا بها، قادها بيجاد بأقصى سرعه بينما عاصي اخذ هاتف بيجاد ، يحاول الوصول إلى البيت لأعلمهم، لكن صدوح مسجل الاغاني أحال عن ذلك، وايضًا هاتف حور وحورية البعيد عن مكان مكوثهم بالمطبخ، منار وزياد يعلم جيدًا انهما ما يزالا بالخارج لما يعودا بعد،
كان الطريق طويل لا ينتهي وهو يحاول ويحاول وكل مره تبيت بالفشل، لذا هاتف الحراس، ينبهم للأنتباه اكثر ومنع احد من الدلوف، لكن قبل ان يتخذوا اي اجراء
كانت تدلف السيارة من باب القصر، ليترجل منها الاثنان والوجل قد تمكن منهم حتى اقصى درجاته، واحتل الذعر عليهم مخيلاتهم، اجتمع بعض الحراس حولهم، يخبرونهم ان ما من احد دخل الى القصر في غيابهم، كلًا منهم لم يغادر موقعه، لذا طلب منهم ان يأمنوا مداخل ومخارج القصر جيدًا ، مقرر ان يأخذ كلًا منهم جوله حول القصر احدهم من الداخل والاخر من الخارج كي يأمن عليه، قبل ان يخبر الفتيات ويصابنا بالذعر، خرج كلًا منهم واخذوا يدورون حول القصر متفحصين له، حتى أنتبه عاصي لتلك البوابة الصغيرة المتوارية خلف الاشجار منفرجه، ليقترب نحوها، لتتجمد الدماء بأوصاله ما ان تقع عيناه على تلك الدماء الحمراء الملوثة للحائط، اقتحم البوابه وقلبه يكاد يحطم عظام صدره من شدة خفقانه قلقًا، ليلمح نقط الدماء ملوثه ارضية الحديقة، اتبع اثرها وقلبه يذوي المًا وقهرًا، رعب يتسلل بداخله، يكاد يشعر بالجزع يعصف به، ينهث كأن ما من هواء حوله يستنشق،
ليتيبس جسده ما ان وقعت عيناه على جسد ممدد غارق بالدماء، ادرك تمامًا هويته، عندها صرخ قلبه متأوهًا، شعر بالارض تميد من تحته، اقترب منها بخطوات مرتعبة يحدق فيها بمقلتين مرتعشتين وانفاس ملاحقه، حتى اقترب وتيقن من حقيقه مؤكده انها هي، وجهها شاحب، غريقة بدمائها ، و الالم يستشري بكل جسدها، شعر وكأن احدهم يقطع روحه اربًا، انهار وخارت قواه وجثي على عقبيه أمام جسدها الشاحب، عيناه ترفض تصديق ما يري، قلبه يصرخ متأوهًا، يرفض تلك الخاطرة
ان تكون فقدت الحياة وخسرها، سيموت لا محال عن ذلك دونها، آه ملتاعة متبوعة بنحيب شديد انطلقت من فاهه...
آه خافته آنت بها، أخترق صداها مسامعه وقلبه في ان واحد، تعيد أليه بعض من الحياه، صرخ بأعلى صوته مستدعيًا أياه، فلا يشعر بأطرافه، فلا تسعفه على النهوض فورًا، لذا صاح قائلًا:-
- بيجااااد
كان بيجاد فى ذاك الوقت قد اقتحم القصر وعيناه تجول بحثًا عن الجميع، ليصطدم بحور التى هلعت ما ان لمحت تجهم ملامح وجهه، بينما هو تسللا بعضًا من شعور الراحة اليه ما ان طمئن قلبه انها بخير، فضمها أليه بقوه، بينما يقول:-
- الحمد لله انك بخير، كنت هموت من القلق عليكِ
سربلها القلق وهتفت قائلة باستفهام، بعدما تسرب ذعره إليها:-
- في إيه يا بيجاد
هتف قائلًا مسرعًا:-
مش وقته حورية والولاد فين؟
- الولاد كان بيلعبوا وحورية راحت تناديهم
ومن شويه دخلت تقى وقالت ان ادهم ورسيليا
مستخبين بالفيلا وهي بتدور عليهم ..
ما ان كاد ان يسرع الى غرفتهم للاطمئنان عليهم حتي اخترق صوت عاصي مسامعهما ، فأصابه التوتر والقلق، ويسرع كلًا منهما اتجاه مصدر الصوت، ليشعرا بالصدمه ويعتريهما الذعر ويتيبس جسدهما ما أن لمح جسد حورية الشاحب والغارق بدمائه وعاصي الجاثي أمامها، يحتضن رأسها منتحب والعبرات تنساب من مقلتيه، اصابتهم الصدمه لوهله، حينما تسلل الجزع الى قلوبهم، لينتفضا سريعًا متجهين نحوهما، والالم ينخر روحهما ويحرق قلوبهما ، حتي هتف عاصى قائلًا بحده:-
- بسرعه يا بيجاد لازم ننقذها.
انحني بيجاد أليه يعينه على حملها بعدما رفض تركها، وهو لا يزال مشدوهًا مما رأي، صغيرته غارقه بدمائها، قد تموت وتفارقهم، بينما تخشبت حور موضعها تنتحب بشدة، متناسية حقيقة انها طبيبه فالألم كان يذوي بقلبها بشدة، وعبرات تنهمر من مقلتيها، دموع قهر ووجع، حتى صرخ بها بيجاد ان تفعل اي شيء لإنقاذها، اسرعت بمبادرة القيام بعض الاسعافات الأولوية لها، من اهمها كتم الدماء بقطعه من القماش، ثم حملها عاصى وتوجها بها الى السيارة و لحقت بهم بسرعه ، بينما يصيح بيجاد وهو راكضًا بالحراس ان يبحثوا بكل ركن او زاويه بالقصر...
صعد عاصى الى السيارة يضمها الى صدره بينما يديه تضغط على الجرح النازف محاولة كتم الدماء،
وحور بالمقدمة بجانب بيجاد الذي يقود مسرعًا إلى المشفى..
بعد مرور الوقت كان كلًا من بيجاد وحور وعاصي امام غرفة العمليات منتظرين الطبيب، وما هي إلا لحظات وخرج اليهم بملامح وجهه اقلقتهم، ليسرعوا أليه متسائلين، فكان عاصي اول من نطق قائلًا:-
- خير يا دكتور، مراتي كويسه صح عايشه، ارجوك قولى انها عايشه..
تنهد الطبيب ساحبًا بعد الهواء وهتف قائلًا:-
- هي حاليًا بخير، بس للأسف هي نزفت كتير
- وكمان الطعنات كانت مرتكزه بمنطقه وحده وصابت الكبد وللأسف ادمر تمامًا ومحتاجين زراعة كبد بأقصى سرعه...
اسرع عاصى قائلًا دون تردد:-
- أنا جاهز لأى حاجه يا دكتور،
وهتف بيجاد قائلًا:-
- وأنا ابوها وجاهز تماما
وقالت حور ذات الكلام، اومئ لهم الطبيب وقال سريعًا مشيرًا الى المنرضه المصاحبة له:-
- بشروا في عمل التحاليل اللازمة ليهم
بعد مرور الوقت وخضوع الجميع للتحاليل اللازمة
خرج الطبيب لهم قائلًا بعملية:-
وهو يطلع على تقاريرهم واحد تلو الاخر
قائلًا:-
- للأسف استاذ عاصى و مدام حور غير متطابقين
أما حضرتك يا استاذ بيجاد فانت الوحيد القادر على التبرع بما انك Universal Donor
بمعني انك متبرع عام ودا لان فصيلة دم حضرتك (-o) وهي كمان الاقرب لفصيلة الحالة
ليهتف بيجاد قائلًا بسرعة:-
- انا جاهز المهم انكم تنقذوا بنتي
فى ذاك الوقت كانت تسود حالة من الهرج والمرج بالقصر فقد وصل زياد ومنار وعلموا بما حدث لحورية واسرعوا بالذهاب، لكن حال عن ذلك صدوح صوت احدى الخادمات قائلة:-
- احنا مش لايقين رسيليا
ليصاب الجميع بالجزع ويجولون القصر بحثًا عنها دون جدوي، ليصابوا بالهلع خاصة بعدما انتبهوا ل حالة ادهم وتشنجه هاتفًا بأنه رأها تقتل اختيه، لتصاب منار بحالة من الانهيار ويحاول زياد التماسك داعيًا، ان تكون الصغيرة تختبئ في مكان ما، لكن عندما لجئوا الى كاميرا المراقبة اتضح لهم تلك المصيبة أن ما هتف به الصغير صحيحًا وان الصغيرة رسيليا قد قتلت على يد علياء، ليسرع زياد متوجه الى المشفى، مصاب بالصدمة، لا يستعب كيف له ان يخبر اخيه عن ما رأي وعن فقدان صغيرته الأخرى، داعيًا الله ان تكون حورية بخير، ما ان وصلا، حتى كان بيجاد قد تجهز للخضوع للجراحة، بعدما اضطر الطبيب لإعطاء حور حقنه مهدئه بعد نوبة الذعر التي داهمتها، ليدلف زياد الى الغرفه
الماكث بها، ما ان رائه حتي قام بسؤاله:-
- الكل في البيت بخير يا زياد
تردد زياد بأخباره عما علم، لكن لم يستطع سوا ان يخبره بنصف الحقيقة قائلًا:-
- رسيليا مش موجوده بالبيت يا بيجاد
تلك الكلمات ما كانت الا سهام انطلقت تغرز بقلوبهم
وألم يتصاعد بها، شعر بيجاد بروحه تنسحب منه، ف رسيليا هي روحه الكامنة كاد ان ينتفض من على الفراش بذعر، لكن الطبيب منعه عن ذلك، فوجب التحضير للعملية، فالتأخير ليس بصالح المريضة
ليترك بيجاد عالقًا بالمنتصف، فكلا الخيارين مدمر له
لا يستطيع الخضوع للجراحة وصغيرته لا يعلم ما حلا بها خاصة وعلمه بأنها قد تكون بقبضة تلك المجنونة، وليس بإمكانه الذهاب وترك ابنته الاولى فريسه للموت فكلا الأمرين امر من بعضهما..
ليحزم عاصي الأمر قائلًا:-
- ادخل العمليات وانقذ حورية يا بيجاد وانا اوعدك إني هدور على رسيليا، هي بنت بنتي مستحيل اسمح انها تنصب بمكروه، انقذ بنتك الاولى وانا وزياد موجودين نطمأن على رسيليا...
خضع بيجاد للأمر بقلب يحترق، وهو يوصي عاصي وزياد على صغيرته البريئة، لتمر الدقائق ويتم ادخال بيجاد وحورية لأجراء الجراحة، بينما ذهب كل من عاصى وزياد للبحث عن علياء، ليصابوا بخيبة حطمت أمالهم، بعد بحث دام لساعات، عندما تأكد لهم حقيقة مقتل رسيليا
واصابة علياء في حادثة سير وسوء حالتها الصحية...
بينما كان بيجاد في غرفة العمليات، رأى صغيرته في حفرة ما يسودها الظلام، لا يراها ولكن ينصت أليها وهي تصيح باسمه باستنجاد، وهو يجاهد للوصول اليها واخراجها لكن دون جدوي، فهي غارقه بالظلام ولا يراها، وبعد معاناة في محاولة ايجادها، اختفي صوتها تمامًا واختفت في الظلام وهو يناجي هاتفًا باسمها برجاء ان تجيبه لكن دون جدوي، لينتفض جسده ويتشنج عدة مرات، فيصاب الجميع بحاله من الهلع لأدراك سبب ما يحدث له ....
يتبع، قراءة ممتعه
ماتنسوش الفوت والكومنت للتشجيع

حور الشيطان عشق محرم 3 (صغيرة الفهد ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن