بارت 19

29.4K 1K 96
                                    

꧁بسم ﷲالرحمن الرحيم꧂
رواية حور الشيطان
الجزء الثالث  بعنوان صغيرة الفهد
بقلم دينا العدوي
"ملاك"
بارت ١٩
🌺🌺🌺

قلوبنا بالعشق مقيدة بأغلال
موقدة... بنيران متأججة
حتى باتت كالجمر تلهبه
فتدوي آنات وآهات مدويه
لكنها صامته، لم يصل صداها لغيرنا
فصراخ القلوب لا يشعر بها إلا صاحبه
مهما صاحت بأنها متألمة لكن لذة آلام العشق
كأفعى تتلون متنكرة بأنثى مغوية.
  تجذبك بدهائها و تلهب مشاعرك
تحترق تناجي وصالها  ..خاضع لشباكها
تلدغ منها ويتسرب سمها وأنت تتنعت بجمالها...
فأياك والعشق ونيرانه، أياك ان تخدع ببريقه
فهو ما أن جذبك لعالمه أمسيت سبيًا له
******
  بعد مرور شهرين متكاملين كان فيه راحلا،  لا ينتمي الى مكان أو وطن،  بعدما فقد وطنه بفقدها، سافر بعدما فقد الامل بنيل عشقها، غادر ما أن انتهى عقد قرانها،  لن يحتمل رؤيتها بالثوب الابيض تزف عروسًا لغيره،  لذا هرب لأقصى بقاع الأرض بعيدًا عنها،  ليس له من عنوان ، انقطع عن الجميع، لا يتواصل مع أحد، فقد يرحل كما رحلت هي، حيث الاحتياج لمساعدته فى المناطق النامية،  إلى أن استطاعت خالته التواصل معه عن طريق زوجها وأصدقائه العاملين بتلك المناطق معه ، حينها اخبرته انها تشتاق له وان يأتي لرؤيتها،  كون حملها صعب عليها الحركة، ووجب عليه المجيء من أجل أمرًا هام، لذا هو هنا بشوارع لندن الآن متخفي يرتدي كاب ونظرة سوداء ضخمه كما طلبت منه جين ...
ولج احد المطاعم  لمقابلتهم
كان ينتظر مجيء خالته،  لحظات ودخلت بتثاقل يساندها زوجها يظهر عليها انها قد بلغت شهرها الثالثجش
ما ان راته حتى اسرعت بضمه بقوة،  بادلها ضمتها قائلًا:-
  - اشتقت لكِ جين اتعلمين
  ابتسمت قائلة:-
  - وانا جو اشتقت لك كثيرًا،  أم أن علي قول يوسف
  ابعدها عن حضنه يعدل نظاراته قائلًا:-
  - أجل يوسف أفضل جين...
  ابتسمت بسعادة،  بينما هو القي بسلامه على زوجها،  وجلسوا يتناولوا الفطور والتحدث معًا، أجبر على  تناول القليل بلا شهية ،  فقد اعتداد على تناول ما يحيه فقط من خلال عيشه بتلك المناطق، حتى بدى هزل جسده واضح للعيان..
طالعته جين بنظرات حزن قائلة:-
  - لقد علمت بزيارة والدك الى مصر يوسف
  وعلمت أيضًا من أخبره بذاك الحديث..
طالعها هو بنظرات غير عابئة قائلًا:-
  - لم يعد مهمًا جين، انتهى الأمر.
  طالعته بنظرات ضيق وهتفت قائلة:-
  - لما يوسف غير مهتم، هل حقًا تخطيت عشقها ولم تعد تبالي بها، اسمع أن ذاك الحقير سليم هو من استطاع ايصال خبر اسلامك لوالدك، يبدو أنه كان يشك بمشاعرك اتجاهها وأراد أبعادك...
  احتدت ملامح يوسف ما لبست الا ثانية متحولة الى الالم قائلًا:-
  - وها هو نجح في ذلك جين، هو هناك معها وانا هنا..
  امتعضت ملامح جين وهتفت قائلة:-
  - استمع إلي جو تلك الفتاة الأن بخطر
  و تحتاجك وإلا ستدمر ويكون ذنبها معلق بك...
  شحب وجه يوسف وانتابه القلق بدى واضحًا بنبرة صوته:-
  - ماذا تقصدين جين بكونها بخطر،  عن اي خطر تتحدثين وهى وسط عائلتها..
  صمت قليلًا وتابع بنبرة يختلجها الألم:-
  - وزوجها  ...
  تنهدت جين قائلة:-
  - استمع جو تقى لم تتزوج بعد،  اقصد لم يقام زفاف
حاولنا الوصول إليك كثيرًا، لكن بلا فائدة،  فهد وجسور
استطاعوا منع عقد قرانها على ﭢخر لحظه،  عندما بعثت لهم تلك الأوراق التى تحمل معلومات خطيرة عنه.. دهشه هي كل ما اعترته الان،  يطالعها بأعين متسعه وشفاه منفرجه،  ثم تهدج قائلًا:-
  - ماذا تقصدين بأنه لم يتم عقد القران، لقد كنت هناك بالحديقة اتوارى خلف تلك الشجرة،  حينها رأيتها من النافذة  تمسك القلم بيديها وحال بيني وبين رؤيها وقوف عدي، يليها سمعت صيحات عالية فأدركت انه تم القران ، اقسم اني بداخلي استطعت سماع الشيخ يردد مقولته  كيف تقولي انه لم يتم الآن!..
قاطعته قائلة، بينما تربت على يديه بحنان :-
  - اهدئ يوسف، اقسم لك ان القرآن لم يتم، يبدو انه خُيل لك هذا عزيزي، لقد اخبرني رجلنا بالأمر، بالفعل تقى امسكت القلم وما ان همت بخط امضائها حتى
  ****
  فلاش باك
فى الهول الكبير للقصر، تقدم سليم وألتقطها من عاصي بنظرات أعين لامعه مرعبه، تضح فيها جنون غريب، قشعر له بدنها ما ان وقعت عيناها عليه، حتى دق قلبها بعنف يعتريه خوف، دون أدراك جالت بعينيها بحثًا عنه، من يحميها منه ويبعده عنها ويريحها وجوده، يشعرها بالأمان لكن لم تجده، تابعها هو وانتبه على نظراتها،  ضغط على ذراعيها بعنف قائلًا بنبرة هامسه مرعبة:-
  - حتى في اللحظة دي عينيك بتدور عليه!.
  ارتبكت هي مرتعبة، متألمة، ذاعره منه، فتابع قائلًا:-
  - لحظات وهتكوني ملكي ووقتها هعلمك يعني ايه تكوني مرات سليم الزهري..
  تأوهت بألم ونظرة هلع اعتلت ملامحها وتيبست قدمها، لكنه تحكم بها مثل عروس المريونات جذبها حيث المأذون جالس هو ووالدها، وهي بداخلها مشاعر نافرة لما يحدث الآن لها، لكن لم تستطع الاعتراض
شرع الشيخ ببدأ مراسم عقد القران والرعب بداخلها يتضاعف، خفق وجيبها كالمجنون، وهي ترى يد والدها تعانق كفه ويشرع بتسليمها له، ونظرات عينه مثبته عليها بوعيد وشراسه أجفلتها وهى تراه يخط أمضاءه على قسيمة زواجها، التى لم تعد تراه غير بداية عذابها
هدر قلبها بجنون وارتجف جسدها ما ان أعطاها والدها القلم كي تمضي..
قبل ذلك بلحظات كان فهد وجسور، يقفا امام باب القصر
حتى صدح هاتف فهد برقم يعرفه جيدًا، انه رقم ذاك الرجل الذي ارسلته جوليا و كلفه يوسف لتقصي ماضي سليم، يخبره انه بالخارج ومعه معلومات هامة عن سليم، كافيله لإنهاء ذاك الزفاف، اسرع فهد إليه، جذب الملف الذي يحمله والذي صدمه محتواه، كاد جسور ان يجذبه مستفهمًا، حتى هتف فهد باعتراض:-
  - مش دلوقت جسور، لازم نلحق ننهي الجوازة دي قبل ما تتم..
  قال حديثه وهو يسرع الى الداخل، يتبعه جسور، حتى وقعت عينه على بيجاد، توجه نحوه قائلًا:-
  - بيجاد باشا لازم توقف كتب الكتاب دا بسرعة
  رمقه فهد بنظرة استفهام قائلًا:-
  - انت اتجننت اوقف إيه!.
   أشار له فهد بالمغلف الذي بيديه قائلًا  بعدما لمح امضاء سليم والقلم الذي التقطته تقى:-
  - ارجوك ثق فيه جواز تقي من سليم دا غلط وهيأذيها
  جذب منه المغلف وكاد ان يقرأه مستفهم،  لكن وقع نظره هو الاخر على حفيدته التى تكاد تخط اسمها،  وطالع فهد واختار الوثوق به، وأسرع  باتجاهها لكي يحثها على التوقف، فتلك اللحظة تحرك عدي الذي يحمل كاميرا يقوم بتصوير اخته بحماس، ليكون حائل يمنع يوسف من رؤية ما يحدث،  حيث اسرع بيجاد،  وجذب القلم منها قائلًا:-
  -استني ما تمضيش، في كلام بيني وبين سليم لازم يتقال الاول،  لا تدري لما تنفست براحه،  بينما صاح البعض معتقد ان بيجاد يعزز حفيدته ويشاكس سليم
قليلًا...
**
فى الخارج كان يوسف انهار وسجد يدعو الله،  حتى وجد يد تربت علي ظهره قائلًا:-
  - يوسف يلا احنا أتأخرنا،  قوم وقول يا رب،  وصدقني هترتاح،  احنا رايحين نعمل خير،  عسى الله يتقبل منك ويداوي قلبك، يلا باقي الدكاترة منتظرين بالمطار
  - أومئ له ونهض بتثاقل،  يحاول رؤيتها لأخر مره لكن لم يستطع وتوجه خلفه بألم حاد كالسكين ينهش بقلبه وينحر روحه.... 
  - في الداخل ما ان اوقف بيجاد القران، حتى طالعه سليم بنظرات قلق وتوتر يتخللها الوجل، بينما بيجاد كان قد شرع بمطالعة الملف الذي يحمله بتعابير وجه مخيفة، حاول سليم قرأتها، لكنه لم يفعل، نهض عاصي منتفض قائلًا:-
  --في اية يا بيجاد؟، منعت تقى تمضي ليه!.
لم يتحدث فقط أعطاه الملف بنظرات اعين جامدة، جذب عاصي الملف وبدأ فى رؤية محتواه، اصابته الصدمة وشعر بالوجل مما قد اوشك تسليم أبنته له، كاد ان يقضي عليها بذاته، يسلمها إلى مريض نفسي مكث بالمشفى لعام كامل بعد محاولته قتل خطيبته الذي كان مهوس بها بعدما انتابته الشكوك نحوها فكان يقوم بتعنيفها جسديًا ونفسيًا، وما ان حاولت انهاء خطوبتهم وتركه ، حتى عزم على قتلها،  لولا انقاذ والده لها بأخر لحظه، وحينها
استطاع اخفاء الامر وعوض اهلها بالكثير من المال وقام بتهريبها الى خارج البلاد وأوضع ابنه بمصحة نفسيه للعلاج...
ازاح عاصي بصره عن الاوراق بصعوبة، يؤنب ذاته على ما كاد ان يفعله بصغيرته،  كاد ان يضيعها منه ويلقيها بالجحيم بيديه،  يطالعه بنظرات غضب قائلًا:-
- كتب الكتاب دا انتهي ومش هيتم..
ذعر سليم،  وقبض على يديه بغضب وما ان اوشك على النهوض للحديث معه،  حتى ضغط والده على يديه يحثه على الصمت بينما نهض هو قائلًا بنبرة هادئة:-
- خير يا عاصي بيه،  يعني إيه كتب الكتاب أتلغي هي لعبة حضرتك!.
دون حديث أعطاه الملف وعينه ينطلق منها شرارات غضب، أجفل الزهري ما ان رأي محتواها، لا يستعب كيف وصلت إليهم ، فقد احكم اغلاق الامر واخفاءه عن الجميع، لم يستطع النطق من الصدمة ،كاد ان يهم بالنفي ،لكن عاصي اسرع قائلًا:-
  - اعتقد ان كلامي منتهي مفيش كتب كتاب وياريت تاخد ابنك وتتفضلوا بدل ما اقول سبب دا اية!.
توتر الزهري وخشي الفضيحة واقترب من سليم ذو النظرات المرعبة،  والذي بدى عليه الجنون، عيناه مثبته على تقى المنكمشة،  ثم وجها لعاصي بغضب قائلًا:-
  - تقى ليا أنا،  وجوازي منها لازم يتم،  مش هسمح لحد يفرقني عنها..
  أسكته والده وهو يجذبه الى الخارج بقوة لا يرغب بأثارة فضيحة وكشف مرض ابنه للجميع، لذا دفعه 
للخروج، وقف جسور معتذر من الجميع معلن عن انتهاء الحفل، ما ان ذهب الجميع حتى اقتربت حور وحورية للاستفهام، كانت الإيجابة هي اعطاءهم الملف، ما ان قرأته حورية حتى اسرعت اتجاه ابنتها تضمها بقوة تحمد الله على نجاتها من ذاك المجنون، ساد الصمت للحظات والملف ينتقل من يد ل يد، وأخبرهم بيجاد ان فهد من جلبه، اقترب عاصي من فهد قائلًا:-
  - شكرًا يا فهد لثاني مرة انت ترجع بنت من العيلة دي وتحميها، انا كنت هخسر بنتي..
  ابتسم فهد قائلًا:-
  - الحقيقة انا ما عملتش حاجه، يوسف هو اللى عمل كل حاجه، من اول ما شاف سليم وهو حس بعدم راحة اتجاهه وتناقشنا في الموضوع دا وقررنا تعين محقق خاص من اشهرهم في مجاله ودا قدرنا نوصله عن طريق جين، المعلومات دي كان صعب الوصول ليها، لأنه كان خافيها بأحكام،  فالفضل كله ل يوسف ،غير ان رجوعه للجامعة كان عشان يكون حوليها ويحميها منه على ما يتأكد اذا كان أحساسه صح او غلط  ...
  أجفل عاصي ما أن استمع  لأسم يوسف، وحقيقة أنه المنقذ  لأبنته، بينما ذكر اسم يوسف كان له أثر  مبهم ل تقى شعور بالراحة والأمان يظهر مع ذكر اسمه،  علمها انه أنقذها من ذاك المريض، منذ اول علاقتها به، الان ادركت سر تصرفاته الغريبة،  هو كان يخشي عليها،  كان يشعر بالقلق ويحميها منه...
ما أن نطق باسم يوسف، حتى تسأل بيجاد عنه، فى المقابل ولج جسور بوجه يعتليه الحزن والذي تسلل من بينهم يبحث عنه، فلم يجده بغرفته،  اسرع بأتجاه بوابة القصر الخلفية والهاتف بيده، يعلن له اغلاق هاتفه، علم من الحراس انه توجه إلى المطار وغادر، لذا عاد إليهم يستمع لسؤال والده عنه، بينما أجابت جوليا عليهم بحزن يتخلل نبرتها قائلة:-
  - يوسف سافر، قرر ان ينضم لفريق طبي لمساعدة المرضى في المناطق النامية من افريقيا وغيرها وقال انه هيكون التواصل معاه صعب في الفترة دي..
  لا تعرف تقى لما شعرت بالألم يجتاح قلبها، ربما لأنها كانت ترغب بشكره ولم تتمكن، بينما ظهر الحزن على وجوه الجميع لسفره، خاصة عاصي الذي شعر بالامتنان نحوه....
انتهاء الفلاش باك
مشاعر متضاربة أعترته ما ان علم ان تقاه لم تضع منه وتكون لغيرة، طيلة الشهرين الماضين، كان يعاني ويتألم يجافيه النوم ويقضي ليله مسهدًا، شارد بها، وبما يحدث معها، اغلق هاتفه وانعزل عن الجميع، وانشغل بعمله بالمساعدة، يرحل من مكان لأخر، شاعرًا بالموت من الداخل كان جسد بلا روح مهشم القلب وهو يظنها انتسبت لغيره، ارتسمت على محياه بسمة سعادة، وكأن حياته أشرقت وعادت روحه إليه، لكن وهلة وتذكر حديثها خطر اي خطر، لذا تبدلت ملامحه، وطالعها قائلًا:-
  - خطر إيه اللي على تقى "جين"
طالعته  بنظرة وجل:-
  - سليم يا يوسف، طلع مهووس بيها مش اعجاب بس من شهور وكان بيراقبها ولحد الآن بيراقبها واكتشفت بالصدفة انه استعان بوالدك عشان يخطفها ويهرب بيها برا البلد،  وباباك وافق لما عرف انها بنت عاصي وانه هينتقم منه فيها لأنه بعدك عنه، ورأيه ان دا قصاص.
كان يستمع إليه بوجه مصتبغة بحمرة الغضب،  اقتتمت عيناه بلهيب أزرق،  يشد على قبضتيه بقوة،  وبداخله نيران تستعر من شدة الغضب، يقسم انها قد تحرق من يقترب منها تقاه..
رفع بصره اتجاهها قائلًا:-
- وعرفتي اي معلومات عن خططهم او مواعيد دا
ارتبكت جين قائلة:-
-  انا معرفش غير انه هيتم باليومين دول،  يعني حاليًا
هي بخطر، وانت لازم تلحقها، والدك راقب الهاتف ومنعنا من السفر لما عرف اني ساعدتك ووصلتك للمحقق دا، عشان كده طلبت منك توصل متخفي وفي المطعم دا، اللي بتردد عليه دايمًا انا وهاري..
اومئ لها متفهمًا،  بينما ينهض ويرتدي حقيبته قائلًا:-
  - أذًا عليا الاسرع والعودة الى مصر،  لن اسمح له بالاقتراب منها وأذيتها...
  اومئت له قائلة:-
  - استمع إلي لم أرد ان اخبر احد من الشباب بالأمر، لعلمي ان اي احد سوف يتدخل، سيلقي حتفه ولن يتوانوا عن ذلك، لكن أنت أعلم ان والدك سيحميك ولن يسمح بأذى ان يطولك، فأنت وريثه مهما كنت وخططه كلها بك، لولا ذاك الحادث الذي اصابه وجعله غير قادر على الانجاب لم اهتم بك جو، لكن هذا لحظك السيء صغيري ان تكون كل احلامه مبنيه عليك...
  طالعها بنظرة اسف قائلًا:-
  - أعلم جين أعلم ان كل خططه ان اكون وريثه بتلك المنظمة، لكن هذا مستحيل، وخاصة بعد أسلامي، سوف أحاربه لأخر لحظه، لن افعل واكون زعيم مافيا...
ابتسمت قائلة:-
  - حسنًا جو، جيد انك اتيت بتلك الهوية المزيفة التي بعثها إليك هاري، حتي لا يعلم والدك بمجيئك إلي هنا والا لم تركك تغادر، لذا عليك الاسرع بالمغادرة، طائرتك الى المغرب بعد ساعتين وبعدها تأخذ الاخرى الى مصر.
أومئ لها قائلًا:-
  - حسنًا وتقى "جين" كيف أخبارها؟
  ابتسمت له قائلة:-
  - تحتاجك يوسف انها فتاة رقيقه وهشة للغاية.
  تنهد قائلًا:-
  - أعلم ذلك" جين " وأخشى عليها كثيرًا من ضعفها هذا، لذا أخبريني أنكِ قمتِ بتعين حراسة مشددة عليها إلى أن اذهب لها لأطمئن
ابتسمت قائلة:-
  - وهل تظن أني لم أفعل،  قد كنت اعلم انك لن تتخلى عنها، بالمناسبة انها جميلة للغاية يوسف، لقد رأيت العديد من الصور لها، فلن أفوت على ذاتي رؤية تلك التي سلبت قلبك منك.
  ابتسم لها جو قائلًا:-
  - نعم هي جميلة جين، لكن بروحها ونقائها، تقايا نور توهج بحياتي، وطريق هدى اختاره الله لي، وما حدث كان أشاره من الله انها قدري ولن اسمح بغير ذلك، لذا هي  ستكون لي كما أرادتها تمامًا نوري وهدايا وتقايا..
  انهي حديثه وهو يقبلها ويبتعد خارجًا من الباب الخلفي للمطعم متوجه حيث المطار....
****
في صباح اليوم التالي، كانت تقى تجلس على فراشها وقد تغيرت كليًا،  بات سليم يمثل رعبًا لها،  بعد تلك الليلة التى خلصها الله منه بفضل يوسف وعادت للجامعة حتى بدأ هو بمطاردتها، في البداية حاولت اظهار شجاعة واهيه ولم تهتم او تخبر احد، حتى زاد الامر وبات مرعبًا، صارت ترتجف منه، يظهر لها في كل مكان بالجامعة، حتى باتت تراه في كوابيسها أنه قد تمكن من تنفيذ تهديداته لها، مرت الايام عليها برعب يجتاحها، وذعر يعذب روحها وهي تتذكر تهديده بأنها ستكون له، حتي الأمس حينما كاد أن يفلح بخطته وهي عائدة من الجامعة ، قطع سيارتها بسيارته ومعه سيارة اخرى بها بعض الرجال وهجم على رجال الحراسة التى خاصصها لها عاصي، وحينما أنشغل الرجال عنها تقدم منها وجذبها من داخل السيارة بعنف وما ان حاولت الهرب، حتى هبط بكفه على وجهها جرحت شفتيها ونزفت أثره
وما ان اوشكت على فقدان الأمل، حتى أتت سيارة أليهم وهبط منها بعض الرجال الاقوياء، كانت هي هدفهم، استطاعوا انقاذها من براثنه وهرب برجاله وحينما انتابها الذعر منهم أخبرها أحدهم كي يهدئ من روعه أن يوسف من أرسلهم إليها لحمايتها إلى أن يعود
لا تدرك ما الشعور الذي أجتاحها ما ان علمت بأنه  يحميها حتى وهو غائب، هو ملاكها الحارس...
عادت بعدها الى المنزل وأخبرتهم بما حدث عندما رأوا وجهها المجروح، انتاب بيجاد وعاصي الغضب الشديد وقرروا الذهاب إلى الزهري لأنهاء ذاك الامر وتلقين ابنه درسًا، فليس فتيات الحديدي من يتعرضن للضرب
لكن ما ان ذهبوا حتى علموا بمغادرته البلاد ولم يستطيعوا العثور على سليم، لذا هي هنا اليوم بالمنزل، لن تجرأ على الذهاب الى الجامعة، بهذا الوجه المجروح
نهضت من فراشها وتوجهت الى المرأة و حاولت كثيرًا أخفاء اثره بأدوات الميك أب التي لا تفضلها، لكن رغم عنها فعلت... 
***
في الاسفل توقفت سيارة أجرة أمام المنزل، ترجل منها يوسف حاملًا ل حقيبة ظهره، متوجه إلى الداخل، كان الجميع قد ذهب إلى  عمله وتبقت تقى وحدها
حور وحورية وزياد بمشفى الحديدي، الذي انشاءها بيجاد وعاصي خاصة لهم، وبيجاد وعاصي وادهم بالشركة ومعهم يرين، التى قررت التدريب برفقة ادهم هي الاخرى وكانت خطة ل رؤية فهد يوميًا اقترحها عليها جسور، الذي انشغل بتدريبات كلية الشرطة هو وعدي.. 
ولج يوسف ألي القصر الخالي من الجميع، كاد ان يصعد الدرج متوجه إلى غرفته، لكنه ما ان غادر المطار حتى  اشتاق لها، فذهب إلى الجامعة اولًا لكنه علم انها لم تذهب اليوم، وأيضًا علم ان ذاك الحقير لم يظهر، لذا جاء الى هنا  وهو يفكر ترى هل هي بغرفتها أم ذهبت مع عاصي الى الشركة، لما لا يبدل ثيابه ويذهب أليهم
لكن صوت انفراج باب غرفة منار اوقفه، شعرت بالفرحة الشديدة ما ان رأته، فتوجهت نحوه بابتسامة قائلة:-
  - يوسف انت رجعت إمتى ، حقيقي فرحت لرجوعك
  ابتسم لها قائلًا:-
  - لسه واصل من المطار دلوقت، قولت اغير هدومي وأطلع على الشركة اطمن على بابا اكرم، كاد ان يسألها عن تقى ولكن كيف وما المبرر، لذا صمت، لتنهي قلقه وتروي ظمأ قلبه لتقصي اخبارها عندما اردفت قائلة:-
  - شكرًا يا يوسف على كل اللي عملته مع تقى، لولاك كانت ضاعت، حتى امبارح أنقذها الرجالة اللي مكلفهم بحمايتها..
  هاهي جاءته الفرصة لمعرفة حالها، لقد انتابه الغضب والقلق الشديد ما ان علم بمداهمة سليم لها ومحاولته خطفها، وكأنه كان يشعر، يحمد الله كون" جين "عينت تلك الحراسه، لذا انتهز الفرصة واردف قائلًا:-
  - هي عاملة أية دلوقت!.
  ابتسمت قائلة:-
  - والله تقى اتغيرت الشهرين دول، كان صعبين عليها اوي يا يوسف، دا طلع انسان مريض، انا بحمد ربنا انه نجاها منه، النهاردة قررت ما تروحش الجامعة وأكيد نايمة في اوضتها...
  اومئ لها متفهمًا وقلبه يخفق عاليًا من فرط شوقه لها
يكاد لا يصدق كرم الله عليه، لم يخسرها تقاه ما تزال حرة ، لقد اكتفى من العذاب طيلة تلك الفترة ، تأججت النيران بقلبه العاشق لها، كان يحيا كشبح، فقد سرقت منه ابتسامته ورغبته بالحياة، كان يقضي يومه ما بين العمل والابتهال إلى الرحمن، وها هو استجاب له...
اخرجه من شروده قولها:-
  - انت اكيد تعبان، ارتاح شوية، لا لا انت اكيد جعان، واضح عليك انك نزلت جامد ومشتاق للأكل البيتي، تعالى معايا تحت ارتاح وانا هعملك حاجه سريعة.
  لم يستطع الرفض ورضخ لها وذهب خلفها الى اسفل، هبط الدرج سويًا وتوجهت به الى طاولة الطعام ثم أجلسته وذهبت الى المطبخ...
مضى بعض الوقت حتى خفق قلبه بقوة لم يعرفها منذ شهرين مضوا ،  تزامنًا مع هبوطها الدرج كان خفق قلبه عنيف وكأنه يطرق بعظام صدره  ،أغمض عيناه تلقائيًا، يحاول تهدئة كلًا من انفاسه ودقاته السائرة  حتى مرت وهلة واستمع لصوت خطواتها ،  قشعر  جسده و عبق رائحتها يداهمه ، جعله في حالة انتشاء وآسير لماضي تاق له،  وكأن الحنين لها من يفعل هذا به،   فرجت جفونه عن عيناه التواقة لها،  وعيناه تجول بحثًا عنها، لكنها ليست هنا، اذا اين ذهبت، لا يعقل ان يكون يتوهم نهض من موضعه ، راغبًا برؤياها،  عيناه لمحت جسد هزيل يجلس بالقرب من نافذة الغرفة المطلة على الحديقة شارده هائمه، راوده شعور عن هوية صاحبتها،  بل قلبه الذي يعنف بصدره يؤكد له، لن يخدعه ، نهض منتفض وبخطوات مثقله تقدم نحوها  الى ان بات أمامها بلهفة تفحصت عيناه ملامحها،  رغبة التأكد فى حقيقة انها هي الأن امامه،  فكم اشتاقها، دون وعي سمح لذاته تأملها ، جلس أمامها من لوعة صدمته مما يري،  كانت هي لكن يالله ما الذي حدث لها وجهها شاحب بشدة و شفتاها الوردية الان  باهته ومن الجانب هناك كدمه قد اخذت مجهود جبار لأخفاءها الا انها واضحه له، جسدها الذي فقد بعض من وزنه حتى أصابه الهزل، كانت هي وليست هي، شاردة بالخارج لدرجة انها لم تشعر به وهو أمامها تتأملها عيناه بفيض من الالم والحزن قد امتلكه،  نغزه داهمت قلبه لرؤية تقاه بتلك الحالة ،  خرج صوته ضعيفًا هامسًا من شدة صدمته:-
  - تقى
  همسه باسمها اخترق قلبها قبل مسامعها،  صوت حنون تذكرته ،  استدارت بوجهها،  لتراه جالسًا أمامها،  طالعته ودمعة ألم،  عتاب،  خذلان، شوق، لا يعلم ماهيتها انسابت على وجنتيها..
كاد ان يرفع أنامله ويزيلها، لكنه أدرك خطأ ما يفعله،  قبض على يديه بقوة يمنعها من فعلها، وبداخله براكين من غضب اتجاه ذاته واتجاه ذاك الحقير، جاهد  يكبت غضبه الاعمى ووجهه الأخر حتى لا يخيفها وهمس قائلًا بألم ينحر روحه من مرأه لها بتلك المظهر :-
  - يالله!..... قولي لي الحقير دا  اللي عمل فيكِ كدا
  انسابت دمعة اخرى من عينيها، كانت ك الجمر تحرقه
وهتف قائلًا:
  - وحياة كل دمعة نزلت من عيونك لهندمه عليها وعلى اللحظة اللي فكر فيها يقرب لك، اسف يا تقى!، اسف إني خذلتك وسافرت وسيبتك ليه...
  لم تستوعب مقصده، لكن كلامه كان يريحها، نبرة صوته تتخلل بين طيات قلبها وتطمئنه، وجوده يمنحها الأمان، لا تصدق ان ذاك الذي اعدته غريب كان حامي لها دون ان تنتبه، على مدار سنوات عمره، ادركت انه كان الملجأ، ليس أحد أخر...
ظلا للحظات كلًا منهم يحارب أشباح افكاره، وشيطان خبيث اقتحم خلوتهم وأراد دفعه للبوح بعشقه لها، كم أراد ان يخبرها انه يعشقها ويتوق لقربها، لكن من يُكن بمثل ذاك الايمان، محصن بقراءته لأيات الرحمن، لا يمكن لذاك الرجيم أن يخضعه له، لذا قهر شيطانه واستغفر منتفض من موضعه، لن يفعلها ويبوح بعشقه هكذا، اقسم ان يبوح وهي حلاله، حتى يتفنن ببوحه لها، لن يقول عشقه ببضعة كلمات لا تصف ما يعتمر قلبه من مشاعر تخصها،  بينما هي لا تدرك ماهية تلك المشاعر التى اغتلجت قلبها لرؤيته الآن له،  لكن بداخلها لا تزال تنفر وجودها معه وبرفقته،  فما تربت عليه لسنوات لن ينمحي بأيام وشهور، يوسف او جوزيف كان محرم عليها قربه،  كانت تراه غريب عنها وعن عالمها،  تتحاشي التواجد بمحيطه، لذا قلبها محصن أمامه،  رافض لهيمنة غرامه ان تتسلل بين طياته حتى أعماقه...
لذا نهضت هي الاخرى مبتعده بخطوات واسعه حيث مكانها المعتاد،  تحتاج إلى تلك الراحة التى تستكين فيها اثناء تلاوتها لكلمات الله،  فما بداخلها يثير هوجاء
مشاعر متضاربة تقتحمها نافره لعقلها وقلبها..
كان يناظرها ببسمة شجن،  يعلم ان نيل عشقها ليس سهلًا،  بل هو عليه ان يخطو على طريق من جمر حتى يصل إليه وهو على اتم الاستعداد،  تلك المرة لا من تخاذل ولا من فراق،  قد اتخذ القرار بأشارة من الرحمن
هي له وانتهى.....
***   
في مقر شركة R.S والتي هي اندماج شركتي الحديدي
والعمري والاسم تم اختياره على انه الحروف الاولى للأبنة والحبيبة بعدما اتفقوا عليه،  بعدما كاد بيجاد ان يطلق عليه أسمها،  إلا ان فهد اعترض ان يطلق اسم معشوقته ويتداوله الجميع، لذا بعد ناقش حاد مع بيجاد توصلوا الى اختيار الحروف الاولية للاسم وكان هذا بمساعدة حور،  التي باتت هي الدرع الحامي ل فهد ووسيطه لدى الشيطان،  كانت رسيليا تشارك ادهم مكتبه بقسم الحسابات وهذا كان بالاتفاق بين الاب والعاشق،  فكلاهما رفض وجودها برفقة أي من الرجال،  لذا اتُخذ القرار بتحضير غرفة مكتب تجمع بينها وبين أدهم اخبها،  كونهما يعملا بنفس القسم ومعهم موظفه أخرى متمكنة كبيرة بالسن والمكانة كي تقوم بتدريبهما،  كانت رسيليا مشغولة بذاك الملف الذي بين يديها،  فقد طلبت منها تلك المخيفة مراجعته،  كانت منهمكة فهي تنكب عليه منذ ساعتين،  بينما أدهم تركها وذهب لمحادثة عمار والتخطيط  لمفاجأة ما ل تيا التي لا تعيره أي اهتمام مهما فعل طيلة الثلاثة الاشهر الماضية وهو يتفنن في أرضائها وهي لا تبالي به،  حتى بات يخشي ان تنساه حقًا..
لم يكن يدرك أنه جرحها إلى ذاك الحد،  وانه سيتألم في بعدها هكذا،  كم يرغب بالذهاب إليها ،يستجدي عشقها ووصلها،  يعلن لها كم كان غبيًا حينما آلمها،  يقسم لها بالعشق،  باتت أيامه دونها مريرة،  هادئة حد الملل،  بعدما كان يحيطه صخبها، ودلالها عليه،  يحمد الله أنه استطاع استمالة عمار وإلا كان أحترق وبات رماد، على الاقل  يراها ويطمئن قلبه عليه،  فقط لو استطاع أبعاد ذاك الحقير عن محيطها،  يعلم أنه يحاول التودد لها،  لكن حبيبته باتت أكثر تعقلًا وادراكًا ،  تدرك حدودها ولا تسمح لأحد بتخطيها و بالاقتراب منها، وهذا يريحه نوعًا ما، فهو يراقبها كظل لها،  حتى لو كان بينهما مئات الاميال،  يستمع لنصائح رسيليا،  ويتمني ان تكون مچديه،  يحاوطها بالاهتمام والرسائل والهدايا...
**
عاد فهد من تلك السفرة وأخيرًا،  بعدما مضى أسبوعين عليه لم يراها فيهم،  يدرك ان تلك السفرية كانت نفيًا وعقابًا له من بيجاد،  لأنه خالف أوامره بعدم رؤيتها إلا اذا سمح له،  ولكن كيف كان علية الالتزام بقانونه وهو يختار له يومًا واحدًا بالأسبوع،  يمكنه فيه رؤيتها لساعة واحدة أمام الجميع بالمنزل، وهذا الحال سوف يستمر لعامين كاملين،  هو يتفنن حقًا في تعذيبه،  وهو ضعف ولم يحتمل التوق لها،  لذا  استغل ذهابه إلى العمل بعدما أوصلها الى الجامعة وتسلل لرؤيتها،  فهي صغيرته التي لم تكن تفارقه يومًا، الآن  باتت رؤيته لها بتلك الصعوبة، منعها من الولوج الى المحاضرة وأخذها حيث كافتيريا الجامعة وهو لا يعلم ان بيجاد الحديدي لا يخدع فقد رأى سيارته على بعد امتار من الجامعة،  لذا قبض عليه بالجرم المشهود وكان عقابه السفر للخارج من اجل تلك الصفقة والحرمان من رؤيتها لمدة اسبوعين وها هو عاد وقد استبد به التوق،  وسيتوجه لرؤيتها أولًا...
اتجه الى مكتبها بقلب تواق لها وعين تشتاق لتأمل محياها المليح واستنشاق عبيرها الاخذ،. الى ان وصل
كان باب المكتب منفرج وقف على اعتابه يراها جالسة منهمكه بذاك الملف الذي امامها،  ترتدي نظارة للقراءة، تمنحها وقارًا وعمرًا،  كانت جميلة الى حد تعالي خفاقه لرؤيتها هكذا،  ظلا يتأملها لثواني دون ان تنتبه له،  حتى بات الهواء من حولها مشحون بعبق رائحته الرجولية،  والتي تسربت اليها،  وما ان استنشاقتها
حتى اضطرب وجيبها وتعالت انفاسها،  رفعت وجهها،  لتجده امامها بطالته البهية  يستند على الباب مكتف ذراعيه، يراقبها بأعين عاشقة،  ارتسمت بسمه على محياها وانتفضت من مقعدها بسعادة متوجه نحوها
قائلة:-
- أبيه أنت رجعت بالسلامة..
تبدلت ابتسامة الى امتعاض قائلًا:-
-أبيه! يا رسيليا،  فى وحدة تقول لخطيبها يا أبيه
ابتسمت قائلة بسماجة، بينما تشير إلى بنسرها الخالي:-
- لسه مش خطيبي على فكرة،  أيدي فاضيه يا أبيه
قال بتهكم:-
  - وهي فاضية ليه يا حبيبة أبيه،  مش عشان والد حضرتك رافض تتم أي خطوبة إلا بعد سنتين،  انا لو عليا كنت لبستك الخاتم في الايد الشمال من زمان
لكن دا حكم القوي...
قالها مشيرًا الى قلبه، فابتسمت بخبث جديد عليها قائلة:-
  - يعني مش حكم بابي..
  اجابها قائلًا:-
  - لا مش حكم بيجاد باشا، دا حكم قلبي اللي من البداية اختار سعادتك على عذابه، اختار يبعدك رغم عارف انه هيعاني، اختارك انتِ فوق أي اعتبار، سعادتك في عثورك على عيلتك وقربك منها، وقلبي عايز سعادتك
  عشان كده فهد العمري رضخ لسلطة والدك، فهد العمري اللي يستحيل يرضخ لحد، رضخ عشان حبك وسعادتك يرين هانم...
ابتسمت له بحب وقد أدمعت عيناها من حديثه،  الذي يثبت عشق كانت تظنه يومًا مستحيل...
اقترب منها،  ما ان لاحظ تلك الدمعة المنسابة خلف نظارتها، الى ان بات امامها،  رفع يديه ونزع تلك التى تحجب عنه  تلك الغابة الخضراء المتيم بها، رفع انامله يزيل عبراتها قائلًا:-
  - فهد العمري بيعلن سلطتك وهيمنتك على قلبه يا أميرتي.
  ارتسمت بسمه على محياها قائلة:-
  - انت وحبك حقيقيه، اوقات بخاف اكون بحلم
معقول العشق اللي فكرته بيوم مستحيل، انا دلوقت عايشه وان قلبك عنده مشاعر ليا، مشاعر عشق حقيقي
تعرف اني كنت بخاف بيوم اصحى واسمع منك خبر زواجك بجيلان وقتها انا كنت واثقه اني هموت لو سمعته منك..
اعترت ملامحه ونبرته الشجن وهتف قائلًا:-
  - اسف يا حبيبتي على عذابي ليكِ الغير مقصود دا
  انا كمان كنت يستحيل اصدق انك بتحبيني، انا اخترت جيلان علشان اهرب من مشاعري ليكِ
قال هذا ثم تنهد واستطرد:-
  انا حبيتك من قبل ما تحبيني او تعرفي معني العشق
عشان كده سافرت وهربت من مشاعري ليكِ، حبي ليكِ مش وليد يوم وليلة ورسائل عشق، حبي ليك كان بيكبر من سنين جوايا، من اول ما عيني وقعت عليكِ طفلة مرعوبة،  انتِ كنتِ قدري من البداية، رفضي عمره ما كان ليكِ، بالعكس حبيت وجودك وقربك، لكن رفضي كان للهوية اللي هتبقي بيها اخت ليا!، وكأن قلبي كان حاسس انه بيوم من الايام هيعشقك وكانت دي ثورته، وأدي النتيجة سنين أتحرمتِ فيها من اهلك وسنين عشتها وانا بحبك وبعاني ل بعدك وبجرحك غصب عني...
ذاك الحديث كان كثير عليها، لأول مرة يخبرها بهذا
هل كان يعشقها منذ زمن وهي لم تعلم، هل ما شعرت به
شعر به طوال تلك الفترة، هو كان عشق طفولتها ومراهقتها وشبابها، قلبها العذري ادرك معنى العشق به
والأن يخبرها انه لطالما عشقها وهرب من عشقها،  هل يمكن ان تشعر وكأنها تحلق من فرط السعادة الآن
كانت عيناه تتابع تعابير وجهها المصدوم لاعترافه بالعشق  بشغف، صغيرته البريئة صارت انثى جذابة
ومغوية بلا جهدًا منها، تجعل قلبه يثور عشقًا وتوقًا لها
عيناها وشفتاها المنفرجة دهشه مما سمع تدعوه لما لا يجب، لذا تنحنح مبتعد بخطوتين، يدعو الله إلهامه الصبر ليحتمل فترة عذابه على يد والدها وإلا يضعف ويختطفها ويقتنصها منه عنوة، إلا يكفيه تلك السنوات التي كبت فيها عشقه لها وظن انه آن أوان نيل قربها
ليفاجئه القدر بوالدها الشرس وتحديده لفترة عقاب جديدة له، لكن الأمر الآن مختلف مع اعتراف كليهما بالعشق وانعدام ذاك العائق الذي كان يومًا  يضاعف المعاناة وگأن بعاده جلد لذاته بأسواط من جمر مشتعل
كل ذاك كان يتابعه هو وقلبه تسلل الاطمئنان إليه، ابنته يعشقها رجل كما يجب، فهد حقًا مناسب لأبنته، هو يذكره بأحد، بالطبع ليس هو، لكن يذكره بحوره بقوة عشقها ودافعها المستميت عنه لنيله، حور التي لولاه لما كان الآن، لذا فهد هو المناسب لأبنته، متأكد انه سيمنحها السعادة التي عاشها هو مع مجنونته...
ارتسمت بسمه عابثه على محياه لا يدري لما يعشق مضايقته، لما لا يدخل الآن ويفاجئه، ربما يمنحه عقاب أخر، لكنه قرر تركهم قليلًا وابتعد، هو يثق ان فهد لن يتمادى معها، ليستدير مقرر الذهاب، فوجد ادهم مقبلًا
كاد ان يتحدث فأشار له بالصمت وغادر يحدث مجنونته التي اشتاقها، توقف ادهم عندما رائهم وابتسم على والده، وقف مكانه و انتظر لحظه واثنان والصمت هو السائد بينهما وأعين كل منهما معلقه بالأخر، زفر شاعرًا بالملل هل هو يتابع مسلسل هندي الأن،  لذا اقتحم المكان مقلدًا موسيقى تصويرية لأحدى المسلسلات التي كانت تعشقها مدللته لا يتذكر ما كان اسمه، بل تذكر اسم بطلته ربما" كوشي "  ...
انتفض الاثنان وابتعدا ما أن ولج هو مدندنًا ذاك اللحن، قائلًا:-
  - على فكرة جو المسلسلات الهندي دا مستفز، والله اتصدمت فيك يا فهد..
تنحنح فهد حرجًا وأنامله تتخلل خصلاته السمراء ، بينما شعرت رسيليا بالخجل واختضبت وجنتيها بحمرة لذيذة وابتعدت تجلس بمكتبها ،  فأبتسم ادهم وأردف قائلًا بنبرة تكهم:-
  - لحظوا ان في ناس بتعاني هنا ومحرومه، وانتم هنا ولا على بالكم معاناتي، طيب حاولوا تحلوها وتقنعي أبوكِ يسمح لي اسافر لعندها..
  ثم اقترب من فهد ورحب به قائلًا:-
  - حمد الله على السلامة، ليك وحشه يا راجل في ملل كده من غيرك ومواقفك مع بيجاد باشا، ثم ابتسم بخبث قائلًا:-
  - بالمناسبة كان هنا وحضر اللحظة من أولها، والغريب انه مشي، يا ترى ليه..
  طالعته رسيليا بنظرة ارتباك وكذلك فهد الذي ظل يفكر فيما يخطط له تلك المرة، هو لن يحتمل فراق عنها مرة اخرى، لذا هتف قائلًا:-
  - ربنا يستر، اكيد مش هيعديها المرة دي وهتكون نفي لشهر..
  قهقهه ادهم عليه، واستأذن فهد للذهاب لرؤيته، ترك مكتبه وولج بتوتر، كان حينها يحدث حور بالهاتف ويروي لها ما سمع، كان في حالة من الشجن، اغلق هاتفه ونظر له بلا تعابير واضحه، بينما فهد انتظر ان يحدثه بالأمر لكن بيجاد تحدث بتفاصيل العمل وقد انتبه ل توتر فهد، الى ان انتهى وطالعه بنظرة مقتضبه رافعًا حاجبيه لأعلى قائلًا:-
  - هعديها المرة دي من غير عقاب، عشان ما تقولش عليا شرير بس، وبالمناسبة هي معاها حق ايديها لحد دلوقت فاضية، وانت ما فكرتش تجيب لها خاتم،
  بعني انا مش مسؤول لو جالها خاطب ووافقت عليه لو لقيته احسن منك .
طالعه فهد بنظرة مندهشة، دائما ما يفاجئه بردود افعاله، لذا هتف قائلًا بثقه:-
  - مين قال ان الخاتم مش موجود، الخاتم معايا ومن زمان ومستني صاحبته تلبسه..
   نهض بيجاد من موضعه وتوجه الى باب مكتبه، وما  كاد ان يفتحه، حتى استدار قائلًا:-
  - طيب هاته وتعالى يوم الخميس تلبسه لها وما تنساش الورد معاك كأي خطيب جاي يتقدم لخطبته
عشان نقرأ الفتحة وتلبسها الخاتم ما بينا كده واه بلاش تقولها خليها مفاجئة...
قال ما قاله وخرج، تاركًا فهد وقد ألجمته الصدمة والدهشة، حقًا هو لا يفهمه، لكن لا يهم، يكفي انه أعطاه الموافقة، ويوم الخميس سوف يلبسها خاتمه، ويعلن للجميع ملكيته لها...
***
في المساء كان الجميع بالمنزل وتفاجؤوا برجوع يوسف من السفر، فرحت جوليا واكرم كثيرًا بعودته والجميع كذلك وعاتبوا على سفره دون علمهم، وشكروا على ما فعله...
جلس الجميع على الطاولة، وكان هو بانتظار ملكة قلبه
التي اعلنت عدم رغبتها بتناول العشاء، ولا تدري انها حرمته من رؤياها دون وعي هتف قائلًا باعتراض:-
  - بس هي طول اليوم بأوضتها وما أكلتش خالص
  وجه الجميع بصره نحوه باستغراب، فالأول مره يتحدث هكذا،  تنحنح هو بأحراج يعدل من نظارته الطبية، ما ان لكزه جسور الجالس بجانبه وحورية التي انتبهت لأول مرة لكل ما فعله يوسف من اجل تقى انبهتها له تلك الجملة، بينما يوسف وهلة مرت حتى سيطر فيها على أحراجه هذا  وتابع حديثه دون اهتمام، فقد اتخذ القرار، لن يعود إلى ما كان عليه،  تقاه له وانتهى الامر وان تحدى والده ووالدها والعالم أجمع  ،  خسارتها مجددًا عير وارد:-
- ماينفعش اللي بتعمله دا،  موضوع وانتهى ولازم ترجع لحياتها الطبيعية..
ثم وجه نظرة ل حورية قائلًا:-
- بعد أذنك يا طنط ممكن اطلع انزلها تتعشى معانا.
أصاب حورية الذهول من حديثه،  هل هذا يوسف!.
بينما عاصي انتبه لنظراته، قرأ رسالة واضحة تحدي واصرار أعجبه لن ينكر هذا، يوسف إلى الآن يثبت أنه مناسب ك رجل لأبنته، يعشقها ويحميها، لكن والده هو الحاجز الاكبر والمانع الاقوى الذي يجعله يرفضه، لكنه مدان له..
أما حورية اومئت له برأسها، وقلبها يخبرها أنه عاشق
يخطو خطواته بقوة واثقه في دروب العشق..
لم يخفى هذا عن تلك التي كانت لها السابقة الاولى
طالعت زوجها ترمقه بنظرة وبسمه ادرك فحواها جيدًا، وهو ليس بمعترض على ان تحظى حفيدته بشاب مثل يوسف
انقذها من مستقبل كانت ستدمر به..
نظرت يرين لأدهم ومالت علية قائلة:-
  - هو في أية!. هما الكل استغرب ليه!.
  مط شفتيه لها بلا اهتمام وتابع طعامه وهو يفكر فى تلك العنيدة التي لا تغفر له...
صعد يوسف الدرج واتجه الى غرفة تقاه، طرق الباب عدة مرات متنحنح، يخبرها أنها هو...
اصابها الارتباك ما ان استمعت لنبرة صوته الرخيم، لا تستعب أنه أمام غرفتها، بعد كل تلك الاعوام التى عاشوها سويًا، انتفضت من على فراشها حاولت ضبط حجابها، وتنفست بقوة قبل ان تفتح له..
كان هو بالخارج يشعر بتوتر وجيبها، يتنفس بقوة وكأنه يقدم على امر جلٌ، حتى فتحت الباب له، كانت عيناه تنظر أرضًا، رفعها نحوها قائلًا:-
  - ممكن اعرف ما نزلتيش تاكلي ليه تقى هانم
  من الصبح وانتِ حابسه نفسك في الاوضه
  من غير اكل ولا شرب، يلا اتفضلي معايا من غير اعتراض..
قال ما قاله دفعة واحده دون توقف وكأنه خشى أن يتلعثم في الحديث ويعود إلى ما كان عليه سابقًا
بينما هي اصابها الذهول، هل صعد أليها كي يحثها على تناول الطعام، كادت ان تعترض، لكنه استطرد قائلًا بنبرة لا توحي بتقبل الرفض:-
  - يلا  اتفضلي..
  اومئت لها واغلقت الباب وتقدمت، اوقفها قائلًا:-
  - تقى من فضلك خليكِ ورايا، دا الصح..
  تخضبت بوجنتيها بأحراج ما ان فهمت مقصده وتذكرت حينما فعلها مع ذاك المخيف سليم
دقة عنيفة من قلبها اجفلتها لا تعرف ماهيتها وتابعته الى الاسفل، هبط الدرج واعين الجميع مثبته عليهما
وجلسوا وتناولوا العشاء، حتى انتهوا، طالع يوسف عاصى قائلًا:-
  - ممكن اتكلم مع حضرتك شوية لوحدنا بأوضة المكتب..
  - اومئ له عاصي وبداخله متيقن من فحوي الحديث الذي سوف يدور بينهما،  لكن لا يدرك ما هي أجابته!، هل الرفض للمرة الثالثة أم الرضوخ لعشق يوسف
توجهوا الى المكتب واغلقوا الباب،  جلس عاصي على المكتب منتظر حديث يوسف، الذي ثبت موضعه دون ان يجلس وهتف قائلًا بنبرة ثقه:-
  - عمي طبعًا عارف إني بحترم حضرتك جدًا وان أنت بالنسبه لي حد قريب وعزيز جدًا، واننا عمري ما خلفت لك رأي ولما طلبت مني ابعد عن تقى المرة دي أنا نفذت وبعدت ودا كان اكبر غلط عملته في حياتي،  كانت هتضيع من بين ايدي واخسرها لولا كرم ربنا،  واللي حصل دا انا شفته اشارة ان تقى ليا،  عشان كده انا اسف للي بقوله دا،  بس أنا يستحيل ابعد عنها من بعد اللحظة دي وهحارب لأخر نفس عشان تكون ليا حلالي ونوري، واوعدك اني هحميها بدمي وافديها بعمري كله
  ومش هسمح لحد يأذيها حتى لو والدي،  عشان كده ارجوك وافق، لأني مش هرجع عن اللي قالته و بعتذر عن دا،  لكن اللي عشته في فراقها لما فكرت اني خسرتها ما بينحمل...
أنهى حديثه وعيناه تطالعه باستجداء، كان هو جامد الملامح، لا من تعابير على وجهه،  فقط صمت مطبق بث الرعب بأوصاله،  هو يتمنى ان يوافق، ويريح قلبه المتعب،  لذا استطرد قائلًا:-
  - انا هسيب حضرتك تفكر في كلامي،  بس من النهاردة تقى وحمايتها مسئوليتي، انا اللي هجيبها واوديها الجامعة واي مكان تاني،  هتكون ظلي،  طوال ما الحيوان دا لسه ما نعرفش طريقة... 
  - انتظر لدقيقة اخرى منتظر إيجابه منه،  لكن لا من اشارة لذلك،  لذا انهي حديثه قائلًا:-
  -عن اذن حضرتك وبتمني تفكر بكلامي...
خرج ليصطدم ب حورية،  ارتبك للحظه ولم يعرف اذا استمعت لحديثه أو لا،  لكنه حياها وذهب...
ولجت حورية تطالع عاصي الجالس على مكتبه بشرو، هتفت بأسمة:-
  - عاصي
  لم يجيب عليها،  الى ان كررته مرة اخرى،  فأنتبه لها،  واشار لها بالجلوس وهو على وضعه حائر،  يختلجه شعور بالرضى اتجاه يوسف،  لكن عقله يذكره بوالده
تنهد هو بشكل اقلقها،  فهتفت قائلة:-
- يوسف كان عايزك ليه يا عاصي،  اكيد بخصوص تقى
اومئ لها قائلًا:-
- هحكيلك،  لأني محتاج احكيلك واخد رأيك،  لأن رأيي المرة اللي فاتت كان غلط..
ثم سرد لها كل ما حدث من اول عرض يوسف الى الان.
استمعت له إلى ان انهى حديثه وانتفضت واقفة قائلة:-
- مش مصدقه انك حتى ما فكرتش تحكيلي وتاخد رأيي كأمها،  انت ازاي بقيت كده،  دا عاصي اللي اتعذب وعاني في العشق لحد ما وصل لقلبي،  دا عاصي اللي حبيته،  يحرق قلب شاب زي يوسف،  ويخسر بنته فرصة انها تلاقي عشق زي دا،  أنت واعي للي عملته
معقول ما انتبهتش لأي درجة يوسف بيحب بنتك
معقول ما حسيت ان بنتك هتكون سعيدة معاه،  انت كنت بتدمر البنت لما وافقت علي الجوازة دي عشان بس تقفل الباب قدام يوسف،  يوسف اللي لأخر لحظه
كان بيحافظ على بنتك،  يوسف إللي اعترف انه بيحبها طوال السنين دي ومع ذلك ما أتخطى اي حدود،  حقيقي مش مصدقه انك عاصي اللي حبيته....
انهت حديثها وذهبت وتركته،  تهاجمه أشباح افكاره...  
***
  مضت الايام بدون احداث تذكر سوا أن يوسف نفذ ما قاله، بات مسئول عن تقى، يقوم بتوصيلها للجامعة والرجوع بها، باتت تشعر اكثر بالأمان برفقته، لا تخاف
من سليم او وجوده، تثق ان يوسف سوف يحميها، كم يعجبها ما تحولت إليه علاقتهما، لم تعد صامته كالماضي
هو يتناقش معها في معلوماتها الطبية، وبعض حالات المرضى التي لديه، كونه طبيب عظام بارع، كما باتت تعجب بشخصيته التي تتعرف عليه اكثر، حتى ذات يوم  كانت تخرج من محاضرتها، متوجهه نحو سيارتها، تعلم جيدًا انه بانتظارها، لتراه واقفًا مع فتاة لأول مره
يتحدث معها وهو يستند على سيارته، تذكرت حديثه عن تلك الفتاة التي يحبها، وظنت انها هي، كونهُ لا يحدث فتاة أبدًا، لذا من المؤكد انها هي تلك من ابتاع لها تلك الشبكة التي انتقاتها لها ،لا تدرك ما اعتراها من مشاعر لكنها خجلت من الذهاب له الآن، ظلت موضعها لحظات حتى رأت تلك الفتاة تغادر، فتوجهت نحوه بخطوات مثقلة، حتى باتت قريبه منه، رفع عيناه من هاتفه وطالعها ببسمه وفتح الباب الخلفي لها لتصعد، فعلت ذلك دون حديث، صعد هو الآخر وتحرك بالسيارة
ظلت تفكر بتلك الفتاة التى راتها تقف برفقته،  فهي حقًا جميلة وبسيطة كما اخبرها، كانت شاردة، حتى انتبهت لصوت توقف السيارة، نظرت حولها باستغراب، فمن المؤكد انهم لم يصلوا للمنزل بعد، إذا لما توقف، نظرت نحوه باستفهام، ابتسم لها قائلًا:-
  - خمس دقايق مش هتأخر عليكِ، ضغط على قفل السيارة وابتعد يلج مكان، شعرت هي بالارتياب، لم تمر إلا دقائق ووجدته يخرج من ذاك المكان
  ومعه شنطة ما، صعد السيارة واستدار يعطيها لها قائلًا ببسمة:-
  - ايس كريم الشكولا البرازيلي اللي انتِ بتحبيه تقى هانم، عرفت ان المطعم هنا بيقدمه وجيت أجيب لك منه بعد ما وصيت عليه..
اخذته منه بخجل ومشاعر غريبه تداهمها من كل ما يفعله معها...
ابتسم هو واستدار كما كان يشرع في قيادة السيارة قائلًا:-
  - يلا افتحي وكلي تقى هانم قبل ما يسيح
  استجابت له وفتحت الشنطة واخرجت العبوة وبدأت بتناولها باستمتاع فهي لا تستطيع مقاومة تناول نوعها المفضل من الآيس كريم، لكنها هتفت متسائلة:-
  - وأنت مش عايز؟، على فكرة النكهة دي جميلة جدًا..
  ابتسم لها قائلًا:-
  - بألف هنا وشفا ليكِ تقى هانم،  انا بسوق،  غير أن ماليش في الحلو..
  وعاد ينتبه الى الطريق مجددًا لا يريد أن يطالعها مجددًا،  فقلبه يعصف به،  ظلا يقود وعيناه دون عنه ألقت نظرة عليها،  جعلته يستغفر بشدة،  حتى انتهت من تناوله،  ووصلوا الى القصر بسلام،  استدار لها قبل ان يترجل من السيارة وجد جانب فاها تلطخ بالشوكولا،  ابتسم عليها،  حتى قهقهه قائلًا:-
- لسه طفلة زي ما انتِ تقى،  كل ما تأكلي الايس كريم تبهدلي وشك كده...
قال هذا وهو يجذب بعض المحارم ويعطيها إياها،  شعرت هي بالخجل وجذبتها منه،  وشرعت بتنظيف وجهها قبل ان يدخلوا القصر....
**
مضت الايام وآتى يوم الخميس الذي انتظره فهد بلهفه
فاليوم سوف يلبسها خاتمه الذي ابتعه واحتفظ به منذ ادرك عشقها له..
كانت هي ليلة امس جفاها النوم، توجهت الى غرفة حور وبيجاد، للحديث قليلًا معهم،  ما كادت ان تطرق الباب حتى استمعت لما جعل قلبها يحملق في السماء العالية من فرط السعادة،  علمت بمخطط والدها لها ومفاجأته هو وفهد، شعرت بالحماس وذهبت للنوم تتمني أن يأتي الصباح مسرعًا وبالفعل ما ان اشرقت الشمس، حتى وقفت امام خزانة ثيابها، تحاول إنتقاء ثوب مميز، لكن لم يعجبها ايًا منهم، لذا قررت شراء ثوب جديد، لكن مؤكد لن تذهب لوحدها، ولن تخبر أحد بمعرفتها، لذا فكرت بأخذ تقى معها، فهما في الفترة الاخيرة، تقاربوا كثيرًا وصاروا أصدقاء، بحثت عنها، لكنها علمت انها ذهبت باكرًا الى الجامعة اليوم، لذا هاتفتها  ، كانت تقى على وشك دخول المحاضرة،  حينما تلقت الاتصال منها،  لذا انتظرت تحادثها،  طلبت منها رسيليا الذهاب معها الى المول التجاري، واخبرتها بما يُخطط له، فرحت تقى من اجلها ووافقت ، أخبرتها ان تأتي أليها ويذهبا معًا وهي لن تدخل المحاضرة وسوف تنتظرها بكافتيريا الجامعة،  توجهت تقى إلى  الكافتيريا،  لترى يوسف جالس مجددًا مع تلك الفتاة،  ما مرت الا لحظات ووجدتهما ينهضا ويتوجها الى الخارج،  حاولت اللحاق به، رأتهم قد صعدا الى سيارته وانطلقا بها،  شعرت بالضيق وقررت عدم أزعاجه والذهاب مع  رسيليا دون أخباره،  بالنهاية هو ليس واصي عليها ولن يظل بجانبها طوال الوقت،  هو لديه حياته الخاصة،  قالتها بحده ووجه ممتعض دون أن  تدري وهي تستطرد قائلة:- مدعي الفضيلة وأنا اللى فاكره الشيخ يوسف، مهما كان ماينفعش انهم يتقابلوا وتركب معاه كده حتى لو بيحبها....
انهت حديثها وهي ترى سيارته تختفي من مجال رؤيتها وما ان كادت ان تعود للداخل حتى وصلت رسيليا المتحمسة وهاتفتها تخبرها انها تنتظرها بالخارج،  رأت السيارة وتحركت نحوها
ما ان صعدت السيارة بالمقعد الخلفي بجانبها ، حتى خشيت تأنيبه لها، لذا قررت فقط أعلامه بالأمر، قامت  بالاتصال ، لكن هاتفه كان غير متاح، شعرت بالضيق يسربلها، فمن الواضح أنه مشغول ولا يبالي بها، لذا قامت بأرسال رسالة له تخبره عن مكان ذهابها ووضعت هاتفها بحنق .. 
وهي غافلة عن ذاك الجالس بتلك السيارة المراقبة لها منتظر الفرصة المناسبة لاقتناصها

حور الشيطان عشق محرم 3 (صغيرة الفهد ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن